ملخص: عمل باحثون من جامعة أمستردام في هولندا منذ بضع سنوات على تطوير علاج جديد لمرض السكري من النمط الثاني، يجمع بين معالجة جراحية للاثني عشر تسمى "ريست" (ReCET)، وهي علاج بالمنظار يستخدم تقنية الكهروإدخال لاستئصال الغشاء المخاطي في الاثني عشر، وإحداث ثقوب صغيرة في الأغشية الخلوية، ما يؤدي إلى موت الخلايا طبيعياً، والتي تُستبدل بها خلايا جديدة وأكثر نشاطاً، يليها التزام المرضى بنظام غذائي سائل متساوي السعرات الحرارية مدة أسبوعين، ثم يبدؤون بتلقي جرعات متزايدة تدريجياً من عقار السيماغلوتيد (أوزمبيك)، ما يلغي الحاجة لتلقي حُقن الإنسولين، وقد أثبتت عدة دراسات متتالية فعالية العلاج وأمانه على عدة مرضى.
يعمل باحثون من جامعة أمستردام في هولندا منذ بضع سنوات على تطوير علاج جديد لمرض السكري من النمط الثاني، يجمع بين معالجة جراحية للاثني عشر تسمى "ريست" (ReCET)، وعقار السيماغلوتيد (أوزمبيك)، ما يلغي الحاجة لتلقي حُقن الإنسولين، وقد أثبت العلاج فعاليته على عدة مرضى.
يُعاني الملايين حول العالم من مرض السكري من النمط الثاني، ومعظمهم يتلقون العلاج بحقن الإنسولين للتحكم بمستويات السكر في الدم، والتي تؤدي إلى آثار جانبية مثل زيادة الوزن وزيادة تعقيد إدارة مرض السكري، ما يدفع الخبراء إلى إيجاد استراتيجيات علاج بديلة.
يُفرَز الإنسولين لدى مرضى السكري من النمط الثاني بصورة طبيعية، لكن خلاياهم مقاومة له، ما يؤدي إلى ارتفاع مستويات سكر الغلوكوز في الدم على نحو مستمر وعدم كفاية امتصاص الطاقة. يؤدي ذلك إلى أعراض مثل التعب والعطش والتبوّل المتكرر وعدم وضوح الرؤية والجوع المستمر.
تقنية علاجية تجمع بين جراحة الاثني عشر والسيماغلوتيد لعلاج السكري من النمط الثاني
يبدأ العلاج الجديد بعمل جراحي تحت التخدير يسمى "ريست" (ReCET)، وهو عبارة عن علاج بالمنظار يستخدم تقنية "الكهروإدخال" لاستئصال الغشاء المخاطي في الاثني عشر، وإحداث ثقوب صغيرة في الأغشية الخلوية، ما يؤدي إلى موت الخلايا بشكل طبيعي، والتي تُستبدل بها خلايا جديدة وأكثر نشاطاً، مع تجنّب إتلاف طبقات الجدار العميقة. يعزز هذا العلاج حساسية الجسم للإنسولين الداخلي، على الرغم من أن الآلية الدقيقة وراء هذا التأثير لا تزال قيد الدراسة. قد يلزم الأمر إعادة العمل الجراحي كل عام أو عامين للحفاظ على التأثيرات، لأن الجراحة لا تسبب تلفاً دائماً للأنسجة أو ندبات.
بعد العمل الجراحي، يلتزم المرضى بنظام غذائي سائل متساوي السعرات الحرارية مدة أسبوعين، ثم يبدؤون بتلقي جرعات متزايدة تدريجياً من السيماغلوتيد لتصل إلى 1 ميليغرام في الأسبوع.
يعتمد هذا العلاج على أن الاثني عشر عضو منظم للنشاط الاستقلابي، وهو عضو يستجيب للمغذيات والمواد الأخرى التي تمر من المعدة، وأن إجبار بطانة الاثني عشر على تجديد نفسها قد يعيد وظيفتها الطبيعية.
يتمتع هذا النهج بمزايا عديدة مقارنة بالعلاج التقليدي لمرض السكري من النمط الثاني، منها عدم إلزام المريض بحقن الإنسولين يومياً، علاوة على فعالية العلاج طويلة الأمد.
اقرأ أيضاً: هل يمكن الشفاء من داء السكري من النوع الأول؟ وما هي أحدث العلاجات المتوفرة؟
نتائج دراسات متتالية تثبت فعالية العلاج
بدأ الدكتور جاك بيرجمان، من المركز الطبي لجامعة أمستردام في هولندا، منذ بضعة أعوام بتطوير علاج للسكري من النمط الثاني، يلغي حاجة المرضى لتلقّي حُقن الإنسولين. ففي عام 2019، قاد دراسة طبِّق فيها العلاج على 46 مريضاً، وأظهرت النتائج تحسناً ملحوظاً في مستويات خضاب الدم الغلوكوزي وانخفاض مقاومة الإنسولين مدة 12 شهراً كاملة من المتابعة. لكنها لم تحقق نجاحاً عند 10 مرضى من هؤلاء بسبب عدم إلمام الباحثين بعمل الجهاز المستخدم في العلاج، كما عانى نصف المرضى الآخرين من آثار جانبية مرتبطة بالاستئصال الحراري.
وفي أسبوع أمراض الجهاز الهضمي (DDW) لعام 2023، أبلغ الدكتور بيرجمان عن تحسن في نسبة سكر الدم، وانخفاض مقاومة الإنسولين، وفقدان الوزن، مع آثار جانبية ضئيلة فقط؛ بعد تطبيق العلاج على 14 مريضاً بالسكري من النمط الثاني. ومع زيادة الخبرة في تطبيق العلاج، أظهر هذه المرة نجاحاً بنسبة 100% دون آثار جانبية، ودون أن يتلقى المرضى حقن الإنسولين عاماً كاملاً، وسجّل أيضاً انخفاضاً في الوزن وخضاب الدم الغلوكوزي والسكر الصيامي وقيم مقاومة الإنسولين.
طبّق الطبيب أدريان سارتوريتو العلاج ذاته في أستراليا أيضاً، وأظهرت النتائج انخفاضاً في الخضاب السكري التراكمي والسكر الصيامي وقيم مقاومة الإنسولين، بالإضافة إلى انخفاض الوزن، مع استمرار المرضى بتناول الأدوية الأساسية مثل الميتفورمين، دون آثار جانبية مرتبطة بالجهاز أو الإجراء.
اقرأ أيضاً: 50 عاماً من التجارب على الخلايا السريرية تقود لأول حالة شفاء من السكري
مؤخراً، أشرف الدكتور بيرجمان أيضاً على دراسة أجرتها الدكتورة سيلين بوش، وجرى فيها تطبيق العلاج على 14 مريضاً بالسكري من النمط الثاني، أبدى 12 منهم تحسّناً في حساسية الإنسولين الطبيعية، وبالتالي عدم الحاجة لتلقي الحُقن مدة عامين. كان العلاج آمناً وجيد التحمل، فقد عانى أحد المرضى من الغثيان فقط، لكن لم يُبلغ عن أي آثار جانبية خطيرة. ومن المقرر إجراء المزيد من التجارب لتأكيد هذه النتائج. قدّمت النتائج في أسبوع الجمعية الأوروبية المتحدة لأمراض الجهاز الهضمي UEG لهذا العام 2024.
علقت الدكتورة بوش على العلاج قائلة: "هذه النتائج مشجعة للغاية، وتشير إلى أن ريست هو إجراء آمن وقابل للتنفيذ، وعندما يقترن مع السيماغلوتيد، يمكن أن يزيل على نحو فعال الحاجة إلى العلاج بالإنسولين. وعلى عكس العلاج الدوائي، الذي يتطلب الالتزام اليومي بالعلاج، فإن ريست لا يفرض أي التزام، ويعالج القضية الحرجة المتمثلة في التزام المريض المستمر بإدارة مرض السكري من النمط 2. بالإضافة إلى ذلك، فإن العلاج يعدل المرض، فهو يحسّن حساسية المريض للإنسولين الطبيعي، ويعالج السبب الجذري للمرض، على عكس العلاجات الدوائية المتاحة حالياً، والتي تعمل في أفضل الأحوال على السيطرة على المرض".