كيف ستتعلم الروبوتات؟

إيريك هورفيتز (يمين الصورة) المدير المباشر لقسم الأبحاث في مايكروسوفت، آندرو نج (يسار الصورة) عالم رئيسي في بايدو
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إن كانت الثورة الرقمية قد ولدت مع الإنترنت، فإن الذكاء الاصطناعي اليوم هو أولى الخطوات الصغيرة نحو النضج.1 وفي هذا العصر، يقوم باحثو الذكاء الاصطناعي بتزويد خوارزمياتهم بالبيانات، ويساعدونها على التعلم بكل جد.

ولكن للحصول على ذكاء اصطناعي يتمتع بمعرفة كبيرة، مثل تعلم جميع الخواص اللازمة لترجمة أية لغة بشرية، يجب على البرنامج أن يتعلم من تلقاء نفسه، غير أن الباحثين لم يتفقوا بعد على كيفية تحقيق هذا. يعتقد بعضهم بأننا إذا صححنا الخوارزميات عندما تتخذ قرارات خاطئة، ستتعلم كيف تتجنب الخيارات السيئة وتختار الخيارات الصحيحة فقط2، أي أننا يجب أن نشرف بشكل مباشر على الذكاء الاصطناعي حتى يصبح قادراً على التطور بمفرده.

1: إيريك هورفيتز: “يوجد لدى الأطفال قدرة مذهلة ولا تفسير لها على امتصاص المعلومات حول العالم المحيط بهم وتعلم الكثير من الأشياء بدون الحاجة لوجود شخص لمساعدتهم. تسمى هذه القدرة تقنياً بالتعلم بدون إشراف. وهي، باختصار، التعلم بدون الحصول على كل خطوة مرحلية من شخص آخر. نعتقد أن الكثيرين يتعلمون بهذه الطريقة، مثل الأطفال الذي يتعلمون الكلام بمجرد الاستماع إلينا.”

2: آندرو نج: “حالياً، يمكن أن نصنع نظامنا الخاص للتعرف على الكلام بناء على 45,000 ساعة من البيانات الصوتية، أي ما يعادل تقريباً خمس سنوات من التكلم المتواصل. أنا أشعر بالذهول لقدرتنا على بناء حاسوب خارق قادر على معالجة ما يساوي خمس سنوات من البيانات الصوتية في أسبوعين تقريباً. غير أنني أيضاً أشعر بالإحراج بعض الشيء لأن خوارزميتنا تتطلب هذا القدر من البيانات. لا يوجد دماغ بشري بحاجة إلى خمس سنوات من البيانات الصوتية المرفقة بالكلمات المكتوبة لتعلم اللغة الإنكليزية”.

يعتقد البعض الآخر أن التعلم يحتاج إلى الوعي الذاتي، والذي يسمح للبشر باتخاذ القرارات بناء على حدود قدراتهم. ويقولون أن الذكاء الاصطناعي يمكن أيضاً أن يستفيد من التفكير بقراراته3. يمكن للخوارزميات أن تتجنب القرارات السيئة بفهم قدراتها المحدودة، كما برهن البعض4. غير أن الاختلافات في مواضيع الأبحاث لا تترك ضغائن بين الطرفين، حيث يتميز هذا المجال بأنه مثالي التفكير وتعاوني5، وغالباً ما يتشارك المتنافسون الأفكار والتقدم المحرز فيما بينهم عبر الكود البرمجي مفتوح المصدر. ومن الهام أن يتصرفوا بهذه الطريقة، لأن جميع المؤسسات العاملة في هذا المجال بحاجة إلى الإجابة عن الأسئلة الكبيرة حول تأثير البرمجيات ذات الوعي، مثل السؤال حول إمكانية وجود البشر في عالم يديره الذكاء الاصطناعي6.

3: هورفيتز: “مهما كانت الأجزاء ضعيفة، فإن النظام على الأقل سيدرك حدوده إذا وجدت طبقة برمجية جيدة لتحقيق وظيفة التفكير. سيدرك مدى قدراته، وسيرسم المنطق حدوده. وسيكون قادراً على فهم كيفية توظيف نفسه في أوضاع مختلفة، بحيث يكون مفيداً حتى لو لم يكن مثالياً.”

4: هورفيتز: “هذا المساعد الرقمي الذي بنيته والذي يعمل بالذكاء الاصطناعي، ويتمتع بالقدرة على التطور، يجمع ما بين الرؤية، والقدرة على الحوار باللغة الطبيعية، وتوليد التعابير الوجهية التي تجسد عدم التأكد على مستويات مختلفة. إضافة إلى مجموعة من الخدمات التي يمكن أن يتوقعها، بناء على ما يساوي عشر سنوات من البيانات، مثل: أين سيكون إيريك خلال عشر دقائق؟ كم سيبقى في مكتبه قبل أن يغادر؟ ما هي الاجتماعات التي لن يحضرها مع أنها موجودة على جدوله؟”

5: نج: “تسود ثقافة لنخوض هذه التجربة معاً في أوساط الذكاء الاصطناعي، وذلك في محاولتنا لبناء مجتمع أفضل بواسطة الذكاء الاصطناعي، وقد أدى هذا إلى التشارك المفتوح في الأفكار وحتى البرمجيات. نحن نقوم بهذا العمل لأننا نعتقد بشكل أساسي أنه سيجعل من العالم مكاناً أفضل، ما يدفعنا لمشاركة الآخرين اكتشافاتنا بدلاً من الاحتفاظ بها لأنفسنا بسرية”.

6: هورفتيز: “كيف سينعكس هذا على الأشخاص الذين قد يفقدون وظائف تلقوا تدريباً عليها؟ كيف يمكن أن نخطط لمواجهة هذا الأمر؟ هل يمكننا أن نجد حلاً؟ قد نضطر لإيجاد أساليب لإعادة توزيع الثروة لأننا نعرف أن هذه التقنيات ستجلب المزيد من الثروة. يجب أن نبدأ بالتفكير بمواجهة هذا الوضع والتأمل في كل الخيارات المتاحة”.

نشرت هذه المقالة في عدد سبتمبر/أكتوبر 2016 من بوبيولار ساينس تحت نفس العنوان.