كيف تستثمر وقود سيارتك إلى أقصى حد ممكن؟

قُد سيارتك بالشكل الذي يجعلك توفر الوقود؛ حيث إن اختيارك للسيارة وطريقة قيادتك لها يؤثران بشكل كبير على استثمار الوقود.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لن تجد صعوبة في العثور على النصائح السيئة على الإنترنت حول تحسين استهلاك الوقود في السيارة، وتعتمد فعالية استهلاك الوقود بشكل كبير على نوع السيارة التي لديك؛ حيث إن المركبات الأضخم تحرق من الوقود أكثر من المركبات الصغيرة بطبيعة الحال، ولكن الأميركيين يحبون النوع الأول، فوفقاً لبيانات من شركة كيلي بلو بوك نجد أن مبيعات الشاحنات الخفيفة قد تفوقت في 2018 -حتى الآن- على مبيعات السيارات العادية بمقدار الضعف.

وما زال هناك الكثير من الأساليب التي يمكن أن تخفض كثيراً من مقدار الوقود المستهلك في سيارتك، سواء في تنقلاتك اليومية المتكررة أو الذهاب بها في رحلة صيفية، وهو أمر هام على وجه الخصوص في 2018؛ حيث وصلت أسعار البنزين إلى أعلى قيمة لها منذ 2015.

ويتحدد الاستهلاك الاقتصادي للوقود بأربعة عوامل: الكتلة، والانسيابية الهوائية، والاحتكاك، والملحقات؛ فإذا كانت سيارتك ثقيلة، أو بانسيابية قرميدة في مهب الريح، أو ضخمة الإطارات، أو ذات مجموعة حركية (الأجزاء التي تنقل القوة من المحرك إلى الدواليب) معقدة التصميم، أو مزودة بالكثير من التجهيزات الإلكترونية، فسوف يزداد استهلاك الوقود.

يقول ناثان ويلموت (مسؤول الأداء في قسم تكامل الطاقة للمركبات في جنرال موتورز، ومن هواة دحض المعلومات المغلوطة): “إن أهم شيء هو الحفاظ على سرعة معقولة، وتسارع معتدل، فلا تقد بسرعة شديدة، ولا ترفع وتخفض سرعتك بشراسة”.

وليس غريباً أن يطلب جيمي كارتر منا أن نقود بسرعة 88 كيلومتر في الساعة في السبعينيات؛ حيث تبين أن استهلاك الوقود يبلغ أقصى فعاليته بين 40 و 80 كيلومتر في الساعة، وعادة ما تميل السيارات الأكثر ضخامة وقوة وانسيابية إلى الحد الأعلى من هذا المجال، في حين أن السيارات الأصغر والأخف تميل نحو السرعات الأقل. وما إن تصل إلى السرعة المفضلة للسير لمسافات طويلة، فحينئذ قم بتشغيل آلية تثبيت السرعة للمحافظة عليها؛ لأن جميع السائقين -مهما بلغت براعتهم- يغيرون من سرعة السيارة بمقادير صغيرة تؤدي إلى هدر الوقود.

وينصح ويلموت بالقيادة السلسة؛ حيث تدع السيارة تبطئ من سرعتها بشكل تلقائي دون الضغط على المكابح، فكل ضغطة عليها تؤدي إلى تشغيل أضواء المكابح (والتي تستهلك طاقة من المولد)، وتضيِّع الطاقة الحركية؛ مثل الاحتكاك والحرارة.

أما استخدام المكابح في السيارات الهجينة فهي مسألة مختلفة بعض الشيء؛ يقول ويلموت: “هنا يصبح لدينا شكل هجين من الكبح، يجمع ما بين تأثيرات المكابح الاحتكاكية التقليدية مع إمكانية توليد الطاقة للنظام الهجين للسيارة، نعم قد يتغير أسلوب التعامل مع المكابح بعض الشيء، ولكن السلاسة تبقى مطلوبة، ويُفضل الابتعاد عن استخدام المكابح بشكل عنيف، حيث إن السيارة تبقى خاضعة لقوانين الفيزياء، وليس من الممكن دائماً أن تستعد الطاقة المهدورة لتحقيق تسارع معين”.

كما يتعلق مقدار الطاقة اللازمة للتسارع بشكل أساسي بكتلة السيارة، ويعتبر هذا الأمر من أساسيات الفيزياء؛ حيث إن الجسم الساكن يبقى ساكناً، وإذا كان هذا الجسم عبارة عن سيارة كاديلاك إيسكالايد (بوزن 2500 كيلوغرام) فسوف يحتاج إلى قدر من الطاقة لتحريكه أكبر بكثير من سيارة هوندا فيت (بوزن 1100 كيلوغرام). أما عند تزايد السرعة، فإن الانسيابية الهوائية تدخل في اللعبة؛ حيث تزيد مقاومة الهواء مع مربع السرعة (نعم… مزيد من الفيزياء)، ويمكن أن نرى ازدياداً ملحوظاً في فعالية استهلاك الوقود بمجرد تخفيض السرعة، بمقدار ما بين 16 و24 كيلومتراً في الساعة.

التخلص من الأشياء الصغيرة

لقد أصبحت معايير فعالية استهلاك الوقود أكثر صرامة، وبالتالي فإن جميع التفاصيل الصغيرة هامة بالنسبة لمصممي السيارات؛ حيث يسمى احتكاك الإطارات على الطريق بمقاومة التدحرج، ويزداد مع ازدياد حجم الإطار ووزن السيارة، كما أن السيارة رباعية الدفع من الوقود وستحرق وقوداً أكثر من السيارة العادية ثنائية الدفع، وبالنسبة لسيارة مثل فورد إف 50 أو شفيروليه سيلفيرادو -تلك التي ستباع منها أعداد تقدر بالملايين، وستقطع كل منها أكثر من مائة وستين ألف كيلومتر- فإن أية زيادة تافهة على مستوى التصنيع يمكن أن تتحول إلى مكاسب هائلة على مستوى أسطول السيارات بأكمله، ولهذا يدرس المصممون كل غرام في السيارة بدقة هي أقرب للهَوَس.

ربما يبدو أن زيادة نصف كيلوغرام من المعدن في قاعدة سيارة تزن 1.9 طن شيء تافه، ولكنه قد يؤدي إلى استهلاك ملايين اللترات من الوقود الزائد على مستوى الأسطول، ويجب -بالمناسبة- أن تحرص على أن تنقل في السيارة ما تحتاجه فقط، أي أن إفراغ صندوقها من الأشياء التي لا تحتاجها سيشكل فرقاً كبيراً.

وقد كان جدِّي يقول مازحاً إن شاحنته الزراعية القديمة كانت مزودة بمكيفي هواء من طراز 88؛ إذ يكفيك أن تُنزل زجاج النافذتين وتسير بسرعة 88 كيلومتراً في الساعة لتحصل على كل التكييف الذي ترغب فيه. وعلى الرغم من أن هذا لم يكن صحيحاً -خصوصاً في صيف ألاباما الحار- إلا أن الكثيرين يعتقدون أن النوافذ أفضل من التكييف، وهم محقون… إلى حد ما؛ يقول ويلموت: “تعتبر النوافذ رائعة في السرعات المنخفضة؛ حيث إن تأثيرها على الانسيابية يمكن إهماله، ولكن مع زيادة السرعة، فيفضل أن تغلق النوافذ وتشغل التكييف، كما يمكنك أن تعتمد على قاعدة بسيطة، هي أن تغلق النوافذ عند مغادرة المناطق السكنية نحو الطرقات الثانوية أو الخارجية عالية السرعة”.

وبالمناسبة، قم بتشغيل آلية تثبيت السرعة؛ لأن جميع السائقين -مهما بلغت براعتهم- يغيرون من سرعة السيارة بمقادير صغيرة تؤدي إلى هدر الوقود.

احرص على صيانة سيارتك

إن من الأمور الهامة أن يُستخدم الوقود بنسبة الأوكتان التي تنصح بها الشركة المصنّعة، صحيح أن الكثير من المحركات الصغيرة العصرية تستخدم الشواحن التوربينية للحصول على المزيد من الاستطاعة من حجم حركي أصغر (وهو مجموع الحجوم التي تمسحها الأسطوانات في كل دورة)، ولكنها تحتاج إلى وقود بنسبة أعلى من الأوكتان لكي تعمل بفعالية، وإلا فسوف تعرِّض المحرك إلى حدوث الفرقعة أو الاشتعال الخاطئ بسبب مزيج الهواء والوقود فيه؛ يقول ويلموت: “إذا بدأت في تشغيل المحرك بوقود ذي نسبة أوكتان منخفضة، فحينئذ يجب تجنب الفرقعة بإجراء بعض عمليات المعايرة بشكل مباشر، غير أن هذا سيؤدي أيضاً إلى تقليل فعالية المحرك. ويفضَّل -أو يجب- أن تستخدم الوقود الممتاز؛ من أجل زيادة فعالية الاستهلاك والأداء إلى أقصى حد ممكن”، ومع ذلك فإن استخدام نسبة عالية من الأوكتان ليس ذا أثر مهم من ناحية فعالية الاستهلاك بالنسبة إلى المحركات التي لا تتطلب هذا الوقود.

كما أن الحفاظ على جاهزية سيارتك يمكنه أن يشكل فرقاً كبيراً؛ حيث يجب الحفاظ على تراصف القاعدة والدواليب، وضغط الهواء المناسب (تفقَّد الملصق على باب السائق لمعرفة ضغط الدواليب الذي تنصح به الشركة)، كما يجب أن تنتبه إلى ضوء التحذير للمحرك من أجل نظام الانبعاثات؛ يقول ويلموت ناصحاً: “تتعلق الانبعاثات بشكل مباشر باستهلاك الوقود، وإذا اختلف سلوك المحرك بسبب مستشعر معطَّل، فحينئذ يجب أن تعالج الموضوع بأسرع ما يمكن”.

وانتبه إلى أن تفعِّل وظيفة التشغيل والإطفاء التلقائي للمحرك، حيث تقوم بإطفاء المحرك تلقائياً عند التوقف القصير بدلاً من تركه يعمل دون تحريك السيارة؛ يقول ويلموت: “في السيارات العصرية، عند إعادة تشغيل المحرك الذي كان في حالة تحمية، لا توجد مشكلة طالما أن المحرك توقف لفترة 10-20 ثانية، حيث إنك تكون قد (دفعت) ثمن إعادة التشغيل بسهولة”.

فكرة بتجربة القيادة بشكل شامل

توجد بعض السلوكيات غير العادية التي قد تؤثر على استهلاك الوقود.

تجنب الدخول بسيارتك إلى الأماكن المخصصة لطلب الطعام عن طريق النافذة الخارجية، بل اركن السيارة بدلاً من هذا، وادخل -ببساطة- إلى المطعم؛ وذلك لأن توقف السيارة في أثناء طلب الطعام وانتظاره يتطلب تشغيل المحرك دون فائدة، كما أن المشي لهذه المسافة القصيرة لن يضرك على الإطلاق. وفي الواقع، أي وقت تمضيه وأنت تشغل محرك السيارة دون تحريكها -بما في ذلك انتظار أطفالك (أو التهرب منهم لوهلة قصيرة)- يعتبر ببساطة حرقاً للوقود بلا طائل.

توجد أيضاً بعض إكسسوارات الزينة الخارجية التي قد تفضِّل تجنبها، مثل الأعلام الكبيرة التي ترفرف فوق سيارات البيك آب، وقرون وأنوف غزلان بابا نويل في عيد الميلاد، والرايات الرياضية لفريقك المفضل على النوافذ؛ حيث إنها تؤثر بشكل كبير على استهلاك الوقود، خصوصاً تلك الأعلام التي تزيد من مقاومة الهواء.

ومن البديهي أن ينصحك أي موظف في شركة سيارات بشراء سيارة جديدة، ولكن إذا كنت ترغب في زيادة فعالية استهلاك الوقود لديك، فإن هذه النصيحة جيدة في الواقع؛ يقول ويلموت: “إن التكنولوجيا تتطور بسرعة جنونية، وتتطور معها السيارات بشكل مستمر، وإن أفضل وسيلة للتعامل مع الغازات والانبعاثات الدفيئة هي التخلص من السيارات القديمة واستبدالها بسيارات أحدث. وإن وتيرة التطور أصبحت أسرع بكثير من ذي قبل؛ فمنذ عشرين سنة، كان يجب أن تنتظر لعشر سنوات على الأقل بعد شراء سيارة جديدة حتى تشعر بفرق الابتكارات الجديدة في التكنولوجيا، أما اليوم فإن التصاميم تتغير بشكل كامل ثلاث أو أربع مرات في السنة، والتحسينات تظهر بسرعة أكبر بكثير في جميع النواحي”.

قد لا تكون القواعد المنظمة لفعالية استهلاك الوقود في إدارة ترامب صارمة كما اقترحتها وكالة حماية البيئة لدى الرئيس أوباما، ولكن من غير الممكن أن يتوقف التطور، ولا شك أن فعالية استهلاك الوقود ستزداد مع تحسُّن التقنيات والمواد.