هل ستمتلك سيارة ذاتية القيادة أم تركبها فقط؟

مركبة في مجموعة أوبر التكنولوجية المتطورة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أصبحت ثورة السيارات ذاتية التحكم على الأبواب، وفي القريب العاجل قد تركب في إحداها إذا كانت جزءاً من أسطول تابع لإحدى الشركات. وقد بدأت أوبر توفر رحلات في سيارات ذاتية القيادة في مدينتي بيتسبيرج وفينيكس، كما أن شركة ليفت بدأت تتعاون مع شركات مثل درايف أي آي وإن يو تونومي للتركيز على السيارات ذاتية التحكم. أيضاً، أعلنت شركة فيات كرايسلر مؤخراً عن تأمين “الآلاف” من الشاحنات الصغيرة لشركة وايمو للسيارات ذاتية القيادة كجزء من خدمة لطلب السيارات.

وقد كشفت كروز، وهي شركة للسيارات ذاتية التحكم استحوذت علها جنرال موتورز، عن سيارة من الجيل الجديد لا تحوي على مقود أو دواسات، وستكون أيضاً جزءاً من أسطول لخدمة طلب السيارات.

في الثاني من فبراير، أعلنت مجموعة من الشركات بشكل رسمي، من بينها ليفت وأوبر وزيبكار، عن توقيعها على مجموعة من النقاط المشتركة مؤلفة من 10 بنود تحت مسمى “مبادئ النقل المشترك ضمن المدن العصرية”، وهي تعبر عن أهداف هذه الصناعة لجعل البنية التحتية للنقل في المدن جيدة ومعقولة التكاليف ونظيفة قدر الإمكان. وعلى الرغم من أن بعض البنود العشرة تحمل طابعاً غير محدد ولكنه إيجابي، مثل “نحن نضع مصالح الناس قبل مصالح السيارات”، فإن البند الأخير يوضح بشكل لا لبس فيه كيف ستبدو طرقات المستقبل: “ينبغي تشغيل المركبات ذاتية القيادة في المناطق الحضرية المزدحمة فقط على شكل أساطيل من السيارات المشتركة”.

يقول جوزيف أوكباكو، نائب المدير للعلاقات الحكومية في شركة ليفت: “نحن نتخيل مستقبلاً للنقل في المدن تكون فيه أغلب الرحلات بالسيارات ذاتية التحكم ضمن شبكة مشتركة. وهي برأينا أفضل طريقة لجني جميع الفوائد التي يمكن أن نحصل عليها من هذه السيارات”.

يقول الخبراء إن هذه المبادئ تخدم الشركات التي تتطلع إلى السيطرة على النقل بالسيارات ذاتية القيادة في المدن الكبيرة. ولكن قد يكون من الذكاء أيضاً محاولة الحد من استهلاك الطاقة والتخفيف من الازدحام الحضري في مستقبل تنتشر فيه السيارات ذاتية القيادة في الطرقات.

فكرة عظيمة، بالنسبة للشركات التي ستستفيد منها

يقول دون ماكينزي، بروفسور مساعد في الهندسة المدنية والبيئية في جامعة واشنطن، إن هذه الفكرة “مناسبة للغاية” بالنسبة للشركات التي تروج لها، ويشرح: “إنها أساساً محاولة لربط نجاح هذه الشركات باستخدام السيارات ذاتية التحكم”. أي أن اعتماد هذه المبادئ يعني أنه “إذا أراد الناس الاستفادة من ميزات السيارات ذاتية القيادة، فإن الوسيلة الوحيدة لذلك هي عن طريق الأساطيل المشتركة”. ومن الجدير بالذكر أن هذه الفكرة تنطبق فقط على المناطق الحضرية المزدحمة.

يتفق مايكل مانفيل مع هذه الفكرة، وهو بروفسور مساعد في التخطيط الحضري في مدرسة لاسكين للشؤون العامة جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، ويقول: “إذا وضعت نفسك موضع أوبر أو ليفت، فمن الطبيعي أن تؤيد هذه المبادئ، أليس كذلك؟ إذا كنت تظن أن سيارة المستقبل قادمة لا محالة، وكنت تعمل في هذا المجال، فليس من المفاجئ أن تعتنق مجموعة من المبادئ التي تقترح أنه يجب استخدام السيارة الجديدة فقط بالطريقة التي تتوافق مع نموذج الأعمال لشركتك”.

يقول ماكينزي أن هذه المبادئ عامة وغامضة أيضاً، كما تثير الكثير من التساؤلات: هل يمكن السماح لسيارة ذاتية القيادة بالدخول إلى منطقة حضرية مزدحمة، ولكن مع إيقاف برنامج القيادة ووجود سائق بشري يقودها؟ ما هي الحدود التي تُمنع عندها حركة السيارات ذاتية التحكم خاصة الملكية؟ هل سيصل الناس إلى هذه الحدود باستخدام سياراتهم الخاصة ذاتية التحكم، ومن ثم يعودون إلى بيوتهم سيراً على الأقدام؟

لديهم وجهة نظر جيدة أيضاً

تتحدث الشركات في هذه المبادئ عن إمكانيات للتحكم الذاتي تتفوق بكثير عما نجده في بعض السيارات التي تحمل برنامج مساعدة ما فيها، بدءاً من الربان الذاتي في سيارات تسلا وصولاً إلى ميزات مثل التحكم المتكيف بالسرعة للمسافات الطويلة، ويمكن أن تجد على الإنترنت بسهولة تفصيلاً بمستويات التحكم الذاتي الخمسة.

يقول الخبراء أنه في حالة ازدياد عدد السيارات القادرة على قيادة نفسها أغلب الوقت (أي المستوى الرابع من الأتمتة) فإن فكرة الأسطول المشترك تحمل بعض الإيجابيات المؤكدة. يقول مانفيل: “تعتمد الكثير من فوائد السيارات ذاتية التحكم على كونها مشتركة الاستخدام. ويقول منطق الاستدامة أن فوائد ثورة أتمتة السيارات ستكون أكبر إذا استخدمت هذه السيارات بشكل مشترك، لا بشكل خاص”.

قد يكون هذا الأسلوب في العمل أقل استهلاكاً للطاقة وأفضل للبيئة. كما يقول ماكينزي: “في حال اعتماد النقل المشترك بالسيارات ذاتية التحكم في المستقبل، سيقل عدد الرحلات”، ذلك لأن امتلاك سيارة خاصة ذاتية التحكم يجعل من القيام برحلة معينة أمراً في غاية السهولة وبتكلفة زهيدة، على حين أن طلب القيام بنفس الرحلة من شركة للنقل سيكون أكثر تكلفة. إضافة إلى أنه من المرجح أن تكون سيارة الشركة مشتركة مع ركاب آخرين.

يمكننا القول بعبارة أخرى، يبدو أننا لن نمتلك المستقبل، بل سنطلب منه أن يأتي إلينا.