شاهد اختبار الدمى الذي تستخدمه ناسا لمحاكاة ودراسة حوادث تحطم الطائرات

لن تكون هناك أي مشروبات في هذه الرحلة القصيرة.!
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يُعرّض مهندسو الطائرات في مركز أبحاث لانغلي التابع لناسا، الطائرات لما يسمونه حوادث اصطدام “خطيرة لكن يمكن النجاة منها”. وفي هذه التجارب يقومون بإسقاط جزء كامل من إحدى الطائرات مباشرة للأسفل، أو اسقاط طائرة صغيرة نحو الأرض، أو تحطيم الجسم الرئيسي لطائرة مروحية، أو اختبار إحدى الكبسولات الفضائية -أحد أجزاء المركبة الفضائية أوريون- بإغراقها في حوض يصل عمقه إلى 20 قدماً. وداخل هذه الطائرات والمركبات المحكوم عليها بالدمار هناك دمى اختبارات التصادم، حيث توضع مع أجهزة استشعار تقيس كيف تتحول قوى الصدمة إلى إصابات بشرية.

تسعى وكالة الفضاء ناسا بقيامها بهذه التجارب، إلى فهم “كيف تتصرف هياكل الطائرات في بيئة اصطدام، وكيف تنهار هذه الهياكل، وما هو الضرر الحاصل، [و] ما هو مقدار القوة التي تنتقل لركابها” كما يقول مارتن أنيت، مهندس ديناميات تأثر الهياكل في مركز الأبحاث. حيث يقوم هؤلاء المهندسون باختبار المركبات بإسقاطها من علو كبير يصل إلى ثمانين قدماً.

في حين نجد أن الركّاب عبارة عن دمى مصنوعة من المطاط والبلاستيك والمعدن على شكل الأجساد البشرية. حيث تحتوي كل دمية منها على أجهزة استشعار لقياس المتغيرات المختلفة مثل قوى ج، (قوى التسارع والتقاصر التي يحس بها الراكب)، وإلى أي مدى يتحرك الرأس والعنق أو يلتويان عند الاصطدام، والضغط المفروض على أسفل الظهر. وتحتوي أجهزة الاستشعار على مقاييس للتسارع، فضلاً عن “خلايا الحِمل” (أجهزة تقيس التأثيرات الكهربائية للحِمل الفيزيائي) لرصد الضغط على العمود الفقري. ومع أن هذه الدمى لديها أذرع وسيقان، إلا أن أقدامها وأرجلها لا تحتوي أي مستشعرات. وبدلاً من ذلك، توجد أدوات القياس في أماكن أخرى مثل الحوض والرقبة. تشبه هذه التجهيزات ما نجده في اختبارات التحطم الخاصة بالسيارات، لكن تأثيرات مختلف القوى في الجو تتطلب بعض التعديلات في هذه المعدات. على سبيل المثال، تتمتع قوى الضغط أسفل الظهر بأهمية أكبر عند دراسة حوادث تحطم الطائرات، وذلك بسبب الضربات الأفقية القوية على الأرض عندما يقع حادث التحطم.

تحدث القوى التي تسبب الإصابات البشرية بسرعة كبيرة. لذلك فإن ما يثير اهتمام المهندس أنيت يتمثل في البيانات الناتجة خلال أجزاء من الثانية بعد الاصطدام، أي الفترة ما بين 0.1 إلى 0.4 ثانية الأولى حيث ينبغي على هذه البيانات أن تنجو وتجد طريقها خارج الطائرة المحطمة ليتم تحليلها.

“لدينا مجموعة من الكابلات التي تخرج من كل دمية من هذه الدمى” يقول أنيت. “وقد حزمنا هذه الكابلات معاً ثم وصلناها جميعاً بنظام لجمع البيانات”. ويقع جهاز جمع البيانات المزود ببطارية والذي يتمتع بهيكل متين صلب قرب الدمى، وهو يرافقها على متن الطائرة الجاهزة للتحطم. بعد ذلك يحمّل المهندسون كل تلك البيانات القيمة من ذلك الجهاز الموجود على متن الطائرة إلى الحاسوب لتحليلها، وذلك بعد مرورها بوقت عصيب في اصطدامها بالأرض.

يتمثل العاملان اللذان يؤثران على احتمالية التعرض للإصابات في مقدار السرعة قبل الاصطدام والوقت الذي يحدث فيه هذا الاصطدام ، وبهذا الصدد يقول أنيت “إن التغير في السرعة هو ما يجعل قوى ج (قوى التسارع والتقاصر) تؤثر عليك”. والهدف من هذه التجارب هو “تجنب قوى ج عالية جداً، وتقليص مدة الحِمل الفيزيائي”. لأن هذان العاملان هما السبب غالباً وراء إصابات الرأس والعنق.

إن اصطدام جسمك بشيء ما داخل المقصورة (في الطائرة) يسبب أذى بالغاً له، وذلك بسبب التقاصر الشديد (تَناقُص السُّرْعَة بالنسبة إلى الزَّمَن) . بهذا الصدد، يتحدث أنيت عن اختبار دمى كان يمثل طياراً وأحد مساعديه. “انفكّ حزام أمان الطيار وأطلقه ليصطدم بلوحة القيادة. فيما أبقى حزام الأمان الدمية الأخرى مشدودة نحو الخلف”. وفي هذه الحالة، كانت قوى ج، وبالتالي ما يسبب الإصابات، أعلى بكثير على الدمية التي انفك حزام أمانها.

وبينما كان المهندسون يسقطون جزءاً عرضياً من طائرة إقليمية، قال أنيت أن المهندسين مهتمين جداً بما سيحدث للقطعة الأكبر منها. ويقول “نود تحطيم الطائرة الكاملة التي لدينا هنا، والتي تمثل تقريباً طائرة ركاب متوسطة الحجم”. ويضيف أنيت: “وإذا ما تم الأمر وفق ما خططنا له، فسنقوم بوضع 30 إلى 40 اختبار دمى فيها، سنضع فيها مجموعة مختلفة من الدمى، من دمى تمثل الأطفال في سن الثالثة والخامسة إلى دمى تمثل الإناث صغار الحجم والرجال ضخام الجثة”. بعبارة أخرى، مجموعة متنوعة من الدمى تمثل ركاب رحلة نموذجية على طائرة تجارية.

ويختتم أنيت بقوله “إننا نحصل على ثروة من المعلومات من اختبار تصادم واحد فقط. ولذلك سنحاول وضع أقصى عدد من الدمى في هذا الاختبار، لأننا لا نملك إلا محاولة واحدة فقط”.