للحصول على روبوتات رائعة، عليك أن تتغلب على هذه التحديات أولاً

يجب ألا تكون الروبوتات غبية، كما ينبغي لها ألا تقع في برك النوافير أيضاً.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

نحن نعيش في خضم عصر جديد تقوم فيه التكنولوجيا بعملية إعادة هيكلة جذرية للمجتمع البشري، فقد بدأت الآلات بالانتشار في حياتنا اليومية بعد أن كانت مجرد خيالات تمرح في قصص الخيال العلمي. وإذا لم تكن حالياً تعمل إلى جانب روبوت ما، فقد يحدث هذا في المستقبل القريب. ويمكن أن نرى أن السيارات ذاتية القيادة تعد بتغيير طرقاتنا وأساليبنا في التنقل، إضافة إلى العديد من الروبوتات المتطورة التي بدأت تعمل في المستشفيات ومواقع البناء وحتى متاجر والمارت.

غير أن ثورة الأتمتة هذه تخبئ كومة هائلة من المشاكل، أو يمكنك أن تسميها بالتحديات على سبيل التفاؤل. ولهذا، قررت لجنة من علماء الروبوتات وضع قائمة بأكبر عشر تحديات يواجهها هذا المجال، ونشرها في مجلة Science Robotics، وهي تحديات تشمل طيفاً واسعاً من المجالات التقنية، مثل محركات جديدة من مهندسي الكهرباء، ومواد جديدة من أخصائيي علوم المواد، وحتى ضوابط أخلاقية من أخصائيي علم الاجتماع. لا يمكن أن نحدد بالضبط وجهة هذه الثورة الروبوتية، ولكن لا شك في أنها ستؤثر على الكثير من الاختصاصات العلمية.

يقول الباحث الرئيسي جوانج زونج يانج، وهو مختص الروبوتات في جامعة إمبيريال لندن: “نرغب بأن يكون هذا البحث نقطة انطلاق نحو مجال واسع من البحث، بحيث يجتمع الأخصائيون معاً للتفكير بأسلوب جديد”.

مصدر الصورة: يانج وزملاؤه

العمل المادي

لنبدأ بالأشياء المادية، أي العتاد الصلب. لم تكلف هذه اللجنة نفسها بالتحديات المرتبطة بنوع محدد من الروبوتات، مثل الروبوتات الشبيهة بالبشر أو الروبوتات المتعاونة. يقول يانج: “لقد تعمدنا أن نقوم بهذا. لأننا في بعض الأحيان نركز أكثر من اللازم على التجسيدات (الأمثلة الحية) النهائية بدلاً من التركيز على الاختلافات الجوهرية التي يمكن أن نحدثها، وكيف يمكن أن نتعلم من الطبيعة، وكيف نستخدم المواد الجديدة”.

ما زالت أغلب الروبوتات عبارة عن آلات جامدة وقاسية ومتقطعة الحركة، وهذا يعود بشكل كبير إلى القيود التي تفرضها المواد. ولكن هذا الوضع أخذ يتغير، فعلى سبيل المثال، أصبحت الروبوتات أكثر نعومة، وذلك في الحقل الجديد الذي أطلق عليه اسم الروبوتات اللينة (وهو اسم مستحق عن جدارة)، حيث يعمل المهندسون على تطوير آلات لينة يمكن لها على سبيل المثال أن تغير شكلها عن طريق التحكم بتدفق الزيت. بهذا الأسلوب قد تصبح الروبوتات أكثر أماناً للعمل مع البشر، ولكن على المهندسين أولاً أن يتغلبوا على بعض التحديات، مثل تطوير روبوتات لينة قادرة على أن تصلح نفسها في حال تعرضت للثقب. حالياً، لا يوجد سوى يد روبوتية لينة واحدة مزودة بهذه الميزة، ولكن بشرط أن يطبق شخص ما عليها درجة حرارة عالية لأربعين دقيقة، على حين أنه يتعين على الروبوت أن يصبح قادراً على إصلاح نفسه بنفسه وضمن درجة حرارة الغرفة.

تظهر أهمية هذه الميزة على وجه الخصوص عندما نستوحي التقنيات من الآليات الطبيعية التي أثبتت نجاحها، وهو ما يطلق عليه اسم محاكاة العمليات الحيوية. وعلى سبيل المثال، إذا رغبت بصنع يد آلية مماثلة لليد البشرية، يجب أن تطور مادة لينة لطيفة الملمس بالنسبة للبشر الحقيقيين، ولكن في نفس الوقت قادرة على إصلاح نفسها إذا أصيبت بضرر. وهذا ليس حتى أصعب ما في الموضوع، حيث أن اليد أشبه بأداة شديدة التعقيد مليئة بالعضلات والأربطة والعظام الصغيرة. كيف يمكن لأخصائيي الروبوتات محاكاة هذه التعقيدات للوصول إلى روبوتات قادرة على التحرك بنفس مهارة البشر؟ قد لا يكمن الحل في تقليد كافة التفاصيل. وبالتالي فإن التحدي هو تحقيق مهارة حركية تحاكي ما لدى البشر بدون كل هذا التعقيد.

من الأمثلة الجيدة على محاكاة العمليات الحيوية أيضاً هو الروبوت كاسي، والذي يبدو كزوج متصل من سيقان الطيور. المثير للاهتمام هنا هو أن مصممي كاسي لم يتعمدوا تقليد سيقان الطيور بشكل مباشر، بل توصلوا إلى أن هذا الشكل هو الأكثر فعالية وفقاً للحسابات الرياضية. غير أن التحدي الأكبر للروبوتات التي تحاكي الطبيعة، خصوصاً الروبوتات الشبيهة بالبشر، هو أيضاً محاكاة الكائنات الحية من حيث فعاليتها العالية في استهلاك الطاقة. وإذا رغبت بمحاكاة شيء صغير، مثل النملة، فسوف تحتاج إلى شيء أقرب للمعجزة حتى تحركها بالأسلوب التقليدي، أي عن طريق المحركات الميكانيكية، والتي عادة ما تكون ضخمة للغاية.

قد نستطيع التغلب على هذه المشكلة عن طريق التعامل مع الروبوتات كأجزاء موزعة لكيان واحد، بدلاً من أن نتعامل معها بشكل إفرادي، مثل روبوتات صغيرة تعمل معاً لتركيب بنى معقدة، أو روبوتات زراعية تتعاون على الحصاد. هذا يعني أنه يتعين على المهندسين تصميم آلات لا يتجاوز طولها بضعة ميلليمترات.

سأتعلم المزيد لأثبت ذكائي للبشر

بالطبع، فإن بناء روبوتات صغيرة متصلة فيما بينها يتطلب أيضاً خوارزميات قادرة على التنسيق بين مئات أو آلاف الآلات، وهو ما يوصلنا إلى الجانب البرمجي من التحديات الروبوتية. وعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي حقق الكثير من التقدم في الفضاء الرقمي، فإن استخدامه في العالم المادي أمر مختلف كلياً.

على سبيل المثال، يمكن للخوارزمية أن تُعلّم نفسها مهاراتٍ جديدة، مثل التعرف على الأجسام عن طريق التجربة والخطأ، والمعروفة باسم التعلم بالتعزيز. ولكن إذا جربت أن تجعل روبوتاً يعلم نفسه كيفية حل أحجية مخصصة للأولاد، فقد تستغرق طريقة التجربة والخطأ وقتاً طويلاً للغاية بالمقارنة مع التكرارات السريعة التي يمكن تنفيذها في الفضاء الرقمي البحت. وبالتالي، فإن التحدي يكمن في تعامل الروبوتات مع الأجسام الجديدة في العالم الحقيقي.

أصبحت الروبوتات أكثر براعة في هذا المجال، خصوصاً أن الحساسات، مثل الليدار (الرادار الضوئي)، أصبحت أكثر قوة وأقل تكلفة. وعلى الرغم من ذلك، ما زالت الروبوتات خرقاء بعض الشيء، وتقع في برك النوافير وتصطدم بالكلاب الأليفة على الأرصفة، ما يعني أن هذا الجانب ما زال بحاجة إلى المزيد من التحسين.

أما بالنسبة لانسجام البشر مع الروبوتات وكيفية تعاملهم معها، فقد يكون من أهم التحديات التي تواجه الروبوتات، وهو مجال معروف باسم التفاعل بين البشر والروبوتات. قد يبدو الموضوع بسيطاً: يجب على كل طرف أن يبتعد عن طريق الآخر، يجب مساعدة الروبوت عندما يقع، …إلخ. ولكنه بدأ يأخذ منحى معقداً وبسرعة. ففي السنة الماضية، أثار روبوت حراسة في سان فرانسيسكو المشاكل عندما ادعى البعض أنه يتحرش بالمشردين. من ناحية أخرى، ما هي طبيعة الروابط التي ستتشكل ما بين البشر والآلات، من الناحية المادية والعاطفية؟ ماذا لو استغلت إحدى الشركات المصنّعة هذه الروابط، على سبيل المثال، لاستدراج الأولاد إلى شراء المزيد من الدمى الروبوتية المعقدة؟ هل من الممكن أن تحب روبوتاً لا يمكنه أن يبادلك المشاعر؟ من الناحية الأخلاقية، يبدو مستقبل الروبوتات مشوشاً بعض الشيء. من المؤكد أن الغالبية العظمى من العلاقات ما بين الروبوتات والبشر ستكون أكثر براءة، كما أنها ستصبح المعيار السائد في الكثير من الصناعات. وقد بدأ الجراحون بالعمل مع الروبوتات، مثل روبوت دافنشي، ولكن في المستقبل، يكمن التحدي في تسليم المزيد من المسؤوليات للروبوتات للقيام ببعض المهام الرتيبة مثل رتق الجروح، ما يعني وجود علاقة حساسة ودقيقة ما بين الإنسان والروبوت، حيث يعمل الجراح جنباً إلى جنب مع الآلة من دون أن يعيق أحدهما الآخر.

في المستقبل القريب، ستصبح العلاقة مع الروبوتات أمراً لا مفر منه، حتى في المجالات الاختصاصية. يقول يانج: “إذا نظرت إلى تحدياتنا العشرة، ستجد أنها تشمل المواد من علم المواد، والطاقة من الهندسة الكهربائية، والتحكم بالتوجيه من علم الحاسوب، والأنظمة الحركية من البيولوجيا”. كما سيشمل هذا العمل أخصائيي الأخلاقيات، وعلماء الأعصاب لواجهات التخاطب مع الدماغ، إضافة إلى أخصائيي الأمن لضمان حماية وانضباط روبوتك الخاص. يبدو أن هذا الموضوع سيتحول إلى مسألة عائلية كبيرة فعلاً.

ترجمت هذه المقالة عن موقع وايرد