مبتكر “فيف”و”سيري”: سنتمكن قريباً من التحدث إلى أي شيء

مبتكر "فيف" – داغ كيتلاوس – يتحدث عن المساعد الشخصي الافتراضي الجديد في "مهرجان الرواد 2016".
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

شارك “داغ كيتلاوس” بابتكار “سيري” المساعد الشخصي الذكي من آبل، وقد كان يتطلع منذ العام الماضي إلى إحداث هزة جديدة في سوق المساعدات الشخصية الذكية، وهذه المرة من خلال “فيف”.

في حين قد يستجيب “سيري” لأوامر معينة فقط ولا يتذكر آخر شيء طلبته منه، يمكنك أن تطرح على “فيف” طلبات في غاية التحديد، كأن تسأله: “هل ستكون درجات الحرارة أعلى من 21 درجة مئوية بعد الساعة 5 مساءً في سان فرانسيسكو غداً؟”، أو “ادفع لأحمد 20 دولاراً”، كما يمكن لفيف أن يرد على أسئلة متتالية. أجرينا مقابلة مع كيتلاوس في مهرجان الرواد (Pioneers Festival) الذي أقيم العام الماضي في فيينا لنطرح عليه بعض الأسئلة عما يخطط له ليهز سوق المساعدات الشخصية الافتراضية.

بوبيولار ساينس: لقد ساهمت في انطلاقة سيري ولديك فهم واسع عن كيفية عمل معظم المساعدات الشخصية الذكية. كيف يشهد فيف انتعاشاً في الوقت الذي يشهد نظراءه مرحلة من التوقف؟

داغ كيتلاوس: كل منصة مثل فيف، لديها أساساً مدير للإنتاج يتعين عليه أن يعلم ماهي الميزة الجديد التي ينبغي إضافتها.

بعد ذلك يقوم أحد المطورين بتحويل الأمر الجديد إلى تعليمات برمجية – تكون في معظم الحالات تعليمات غير قابلة للتعديل – والذي يتم عادة باتباع الأسلوب: “إن سأل أحدهم عن هذا الأمر، نفذ تلك التعليمات”. تكمن المشكلة في أنه لا يمكنك أن توسع نطاق هذا العمل ليشمل العالم كله. ما يقوم به فيف هو أنه يسمح لمطوري الطرف الثالث أن يشتركوا – حيث يعد بمثابة ويكيبيديا بالنسبة للذكاء الاصطناعي تقريباً – ويستخدموا مجموعة من الأدوات البسيطة جداً لبناء أي شيء يرغبون به.

يسمح ذلك لفيف بتوسيع نطاق قدراته من القيام بعشرات الأشياء، وهو ما يمكن لغيره من المساعدات الذكية أن تفعل، لتصبح بالآلاف، عشرات الآلاف، وصولاً إلى عدد لا يمكن تخيله من الإمكانيات. هذه هي القفزة الكبيرة التي تمكنا من تحقيقها، حيث أن فيف بات يسمح للآلاف من الناس من كافة أنحاء العالم أن يعلموه أشياء جديدة في وقت واحد.

بوبيولار ساينس: لقد ذكرت أن إضافتك السرية تتمثل بقدرة فيف على كتابة الأوامر الخاصة به. في الواقع، إنه برنامج يكتب تعليماته البرمجية بنفسه. كيف يمكن لذلك أن يمثل تجربة أفضل؟

د. ك: في جميع الحالات الأخرى، بالنسبة لأي نظام مشابه، يحتاج المطور الواحد ليلقن الآلة ما عليها فعله خطوة خطوة. تنص القاعدة العامة على أن يتم تعليم الذكاء الاصطناعي أولاً، ومن ثم تدريبه ليتحسن أكثر فأكثر.

لا يمكنك القيام بذلك عند وجود عشرات الآلاف من الخدمات، سيما عندما يعمل العديد منها معاً وفق طرق لم تكن متوقعة على الإطلاق.

تعتبر القدرة على إدراك نية المستخدم من خلال حديث طبيعي، وكتابة الأوامر بشكل ديناميكي رداً على ذلك، واحدة من القفزات الكبيرة التي تمكنا من تحقيقها. هذه القدرة مقترنة مع الكثير من الخدمات التي يمكنها أن تغير الغاية التي تستخدم مساعداً شخصياً ذكياً من أجلها، ووتيرة اعتمادك عليه. هذا هو الأمر الأكثر أهمية.

بوبيولار ساينس: إن كان هذا الأمر هو الميزة الأهم بالنسبة لك، فما هي الناحية السلبية الأبرز لديك؟ وكيف تعتقد أنه يمكنك التغلب عليها؟

د. ك: لدينا نموذج سوقي ذو وجهين، إنه مقترح الدجاجة أو البيضة. فنحن بحاجة إلى قاعدة من المستخدمين، وإلى مطورين لإنشاء الخدمات. كما أننا نتنافص مع الشركات التي تملك مليار مستخدم بشكل فعلي.

لدينا منذ الآن الكثير من الأشخاص الذين اشتركوا حتى قبل أن نطور قاعدة كبيرة من المستخدمين. والأمر عائد إلينا بشأن مواصلة التوزيع واستحداث عامل جذب إضافي للمطورين. فالعديد منهم لديهم الكثير من الأفكار وبإمكانهم رؤية نماذج أعمال محتملة. لدينا في الواقع عدد هائل من الجهات المهتمة.

بوبيولار ساينس: قلت إنك تصنع إصداراً موجهاً للمستهلك. لماذا؟

د. ك: أجل، هذا صحيح. بالرغم من أن فيف سينتشر كما نأمل في أماكن كثيرة، إلا أننا نطور أيضاً تطبيقاً خاصاً بالمستهلك سيتجاوز إلى حد بعيد ميزات معظم الأنظمة الأخرى. هدفنا هو الفائدة للمستهلك منذ اليوم الأول. بعد ذلك، سنحتاج فقط إلى مواصلة التركيز على ابتكار ميزات تشجيعية طويلة الأجل للمطورين، لكي يشاركوا قبل أن يصل عدد المستخدمين المنضمين إلى 100 مليون.

بوبيولار ساينس: كيف تبدو الحياة في عالم يتمحور حول فيف؟

د. ك: سيكون هناك انتشار واسع من التفاعل المبسط مع كل شيء من حولنا. كنت أتحدث إلى شخص في منتصف العقد السادس من عمره الأسبوع الماضي، حيث سألني ما الذي أفعله، وبينما كنت أشرح له، قاطعني قائلاً: “يا إلهي، لا أفهم لماذا كل هذه الأشياء التقنية”. فقلت له: “الفكرة الأساسية من وراء ذلك، هو أنك لست مضطراً لكي تفهم عمله بعد الآن، كل ما عليك فعله هو أن تتحدث إليه”.

فاللغة هي هذا النمط من التفاعل الفطري الطبيعي بالنسبة لنا جميعاً. فكلما ازداد عدد الأشياء التي تتحدث إليها – في حالات وسيناريوهات منطقية – كلما ازدادت بساطة الأشياء التي تعمل أو تتفاعل معها. نحن نتحدث عن عالم حيث ترغب فيه أن تكون قادراً على التحدث إلى كل شيء، وأن تجعل مساعدك الشخصي يقوم بكل شيء.

بوبيولار ساينس: في ذلك العالم المثالي، ما الذي يمكنني أن أتحدث إليه؟

د. ك: حسناً، إلى أي شيء يكون التحدث إليه منطقياً. إلى أي شيء يبدو التفاعل معه معقداً اليوم. ستتحدث إلى سيارتك، وقد بدأ الناس بالفعل يجرون هذا النوع من المحادثات. في الولايات المتحدة، نحن نهدر مليار ساعة من الزمن اللازم للذهاب إلى العمل كل عام.

تخيل أنك تجلس في سيارتك وأنت تتسوق استعداداً لعيد الميلاد، تتحدث إلى مساعدك الشخصي عن الهدايا المختلفة. تخيل أنك تطلب طعاماً بحيث يصل مباشرة بعد عودتك إلى المنزل. كما أنك ستتحدث أيضاً إلى مرآتك في الصباح عندما تستعد للذهاب إلى العمل.

لقد أصبحت شاشات العرض جاهزة للتسويق، لا شك أنها ستصل إلى الأسواق عما قريب. مع وجود فيف ضمن مرآتك، يمكنك الحصول على العناوين الرئيسية الخاصة بالمواضيع التي تهمك. ستتمكن من مشاهدة الصور. كما تعلم؛ ستقول أوامر من مثل: “وجه تلك الصورة نحو الأعلى فوق تلك الصورة قليلاً. كبر الصورة في تلك البقعة”. أعني أنه من يدري؟ هناك تطبيقات طبية أيضاً. إنه مجال مفتوح على كافة الاحتمالات.

بوبيولار ساينس: ما هو أكثر تطبيق جنوني تقدم به أحدهم إليك؟

د. ك: صادفت شخصاً قال لي اليوم إن أول شيء يود القيام به، هو ابتكار تطبيق يتيح لأي كان أن يكتب برامج حاسوبية باستخدام اللغات الطبيعية، حيث ليس من الضروري أن يكتب تعليمات برمجية فعلية. لا يزال هذا الأمر بعيد المنال.

بوبيولار ساينس: هل يمكن لفيف أن يصبح يوماً رفيقاً حقيقياً؟

د. ك: بدون أدنى شك. أعتقد أن المساعدات الذكية – حيث نأمل أن يكون فيف هو الفائز في هذا المجال – ستكون أدوات شائعة للغاية، حتى أن أطفالنا سيطلبون منا أن نفسر لهم عدم انسجامنا معها إلى الآن.

يسألني أطفالي كيف ذهبت إلى الجامعة من دون حاسوب محمول. سيكون لديك ساعد أيمن رقمي، إذا جاز التعبير، وسيكون أمراً شائعاً للغاية أن تفوض له القيام بالمهام العادية في حياتك اليومية، لدرجة أنك لن تستطيع أن تتخيل كيف كانت الحياة قبل وجوده. هذا هو الهدف على المدى الطويل. مع فيف، سنصل إلى نهاية الطريق الذي بدأناه.