كيف تحصل الأدوية التي يصفها الأطباء لنا على أسمائها؟

3 دقيقة
إن تسمية دواء لا يصرف إلا بموجب وصفة طبية هي عملية قد تستغرق سنوات.

عندما نحصل على دواء بموجب وصفة طبية، نرى اسمه مطبوعاً على الملصق، كسيدينافيل أو فلوكسيتين أو ألبرازولام أو سيرترالين، على سبيل المثال. ولكن هل تساءلت يوماً كيف يجري اختيار هذه الأسماء؟

كيف يجري اختيار هذه الأسماء؟

إن اختيار اسم الدواء هو عملية دقيقة تمزج بين بروتوكولات التسمية العلمية والاعتبارات التسويقية والتنظيمية.

تخضع الأدوية التي تُصرف بموجب وصفة طبية لعمليتي تسمية: واحدة للنسخة العامة (غير المملوكة) والأخرى للاسم التجاري (ذي الملكية المسجلة).

ثمة مؤسسات دولية تتولى تعيين الأسماء العامة، مثل مجلس الأسماء المعتمدة في الولايات المتحدة (USAN) أو إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) أو منظمة الصحة العالمية (WHO)، لضمان الاتساق والوضوح والسلامة. وتتبع أسماء الأدوية إرشادات صارمة تصف المكون النشط للدواء أو التركيب الكيميائي أو التأثير العلاجي للدواء. تتجنب الشركة المصنعة للدواء هذا الجزء من العملية بحيث يظل الاسم معتمداً فقط على التركيب الكيميائي للدواء ويسمح للأطباء على مستوى العالم بتداول اسم الدواء دون التباس.

خذ على سبيل المثال الأدوية التي تنتهي أسماؤها باللاحقة "ستاتين" (statin)، التي تشير إلى فئة من الأدوية التي تخفض الكوليسترول.

اقرأ أيضاً: 8 أصناف من الأدوية الشائعة تسبب زيادة الوزن

أوضحت الأستاذة المشاركة في السياسات والإدارة الصحية في كلية جونز هوبكنز بلومبرغ للصحة العامة، الدكتورة ماريانا سوكال، قائلة: "إذا جاء مريضك وقال لك: ’في الواقع، أنا أتناول أتورفاستاتين‘، فقد لا تكون على دراية بهذا الدواء بالتحديد، لكن بمجرد معرفة الاسم غير المملوك الذي ينتهي باللاحقة ’ستاتين‘، يمكنك أن تدرك على الفور أنه دواء لخفض الكوليسترول".

وتابعت: "تعبر اللاحقة عن فئة الدواء بوضوح شديد، وأعتقد أن هذا يمثل نجاحاً مذهلاً للغاية بفضل إطارنا التنظيمي".

تتمتع المستحضرات الدوائية الحيوية، وهي أدوية مشتقة من الحياة العضوية وتميل إلى أن تكون معدة للحقن أو التسريب الوريدي، بنظام تسمية مختلف، حيث يجري الجمع بين اسم غير مملوك ولاحقة مميزة لكنها عشوائية، وهو ما يساعد على التمييز بين الأدوية. جرى تطوير هذا الأسلوب في التمييز لمنع الأخطاء في التعامل مع الأدوية والمساعدة على تحديد المنتجات من أجل الآثار الضارة وغيرها من عمليات المراقبة بعد التسويق.

على الرغم من أن تحديد الأسماء العامة عادةً ما يجري بناءً على تركيبها الكيميائي، يجري اختيار الأسماء التجارية لجعل الدواء مميزاً وعالقاً في الأذهان وقابلاً للتسويق ومميزاً من الناحية القانونية عن الأدوية المنافسة. لهذا السبب ربما تكون أكثر دراية بالأسماء التجارية الجذابة للأدوية التي ذكرناها في المقدمة: الفياغرا وبروزاك وزاناكس وزولوفت.

ضرورة ابتكار اسم يسهل معرفة وظيفة الدواء المرتبط به

إن ابتكار اسم العلامة التجارية للدواء عمل شاق بالقدر نفسه ولكنه أكثر إثارة للاهتمام. حيث تبتكر الشركة اسماً جذاباً ومميزاً وسهل النطق. في الولايات المتحدة، تقدم الشركة المصنعة هذا الاسم إلى إدارة الغذاء والدواء الأميركية للتأكد من أنه ليس مشابهاً جداً لأسماء الأدوية الموجودة. إذا كان كذلك، يخضع الاسم للمراجعة بحيث يقل احتمال تسببه في حدوث ارتباك أو مشاكل في التهجئة.

وأوضح أستاذ العلاج الدوائي في جامعة فيرجينيا كومونولث، ديفيد هولدفورد، أن هذه العملية قد تستغرق سنوات لأن "إدارة الغذاء والدواء الأميركية متشددة للغاية. فهم يجرون تحليلاً شاملاً للغاية". ويشمل ذلك إجراء اختبار أ-ب (A/B test) وغيره من الطرق المتبعة في أبحاث المستهلكين بلغات وثقافات مختلفة لتقييم مدى صدى اسم العلامة التجارية للدواء لدى المستهلكين، وكذلك للتأكد من أنه لا يحمل معاني سلبية غير مقصودة.

اقرأ أيضاً: باحثون يطوّرون علاجاً جديداً لبعض أنواع البكتيريا المقاومة للأدوية

تُعد تسمية الدواء بحيث يمكن لمزاولي مهنة الطب معرفة وظيفة الدواء الذي يتناوله المريض بسهولة دون الرجوع إلى دليل ميرك المرجعي (Merck Manual) علامة على نجاح العلامة التجارية. ومع ذلك، في بعض الأحيان، يمكن أن يصبح الاسم ذو الملكية المسجلة منتشراً في كل مكان بحيث يصبح مشكلة تتعلق بالعلامة التجارية للشركة نفسها، وهو سلاح ذو حدين يشار إليه باسم "فقدان حقوق العلامة التجارية" (genericide). يمكنك ملاحظة ذلك في حالات مثل الاسم "كلينيكس" والمناديل الورقية، أو اسم "أسيتامينوفين" (الاسم الشائع لمسكن الألم) والعلامة التجارية تايلينول؛ ففي حين أن هذا يمكن أن يزيد حصة السوق والوعي بالعلامة التجارية، فإنه قد يسبب أيضاً مشكلة للشركة التي تأمل الحفاظ على علامة تجارية قيّمة.

غالباً ما تتعاون شركات الأدوية مع وكالة استشارية للعلامات التجارية مثل إنتربراند (Interbrand) لابتكار اسم مقبول لدى إدارة الغذاء والدواء الأميركية ولتمييز منتجها في السوق، وفي الحالة المثالية، لتجنب أن يصبح الاسم مرادفاً للمشابهات الدوائية العامة.

قالت سوكال: "من مصلحة الشركة المصنعة للدواء أن تجد اسماً يمكن التعرف عليه بسهولة ويمكن تمييزه بسهولة ويمكن تسويقه بطريقة استراتيجية يكون لها صدى لدى المستخدمين، بحيث يمكن أن يسهم الدواء في تحقيق المكاسب على صعيد حجم الطلب والحصة السوقية".

المحتوى محمي