ملخص: الحجامة هي ممارسة من ممارسات الطب البديل. اكتسبت شعبية مؤخراً بسبب استخدام المشاهير لها، مثل جينيفر أنيستون ومايكل فيلبس، والذين يقولون إنهم يلجؤون إليها لتسكين الآلام واستعادة كتلة العضلات. تتضمن الحجامة استخدام أكواب مصنوعة من الزجاج أو الخيزران أو السيليكون لخلق شفط او ضغط سلبي، ما يترك علامات مؤقتة على الجلد. لها أنواع مختلفة تشمل الحجامة الجافة والحجامة المنزلقة والحجامة الرطبة والشفط الميكانيكي. على الرغم من محدودية الدراسات حولها، فإنها تتفق على أن الحجامة قد تتحكم في الألم عن طريق حجب إشارات الألم، وتشتيت انتباه الدماغ عن الألم، وزيادة إنتاج أوكسيد النيتريك لتحسين الدورة الدموية، وتعزيز الاستجابة المناعية، وإزالة السموم من الجسم. تشمل الفوائد الصحية المحتملة تخفيف الألم، وعلاج مشاكل الجلد، والتعافي الرياضي. ومع ذلك، قد تسبب آثاراً جانبية مثل البثور والحروق والعدوى، ولا يُنصح بها للأفراد الذين يعانون حالات طبية معينة، مثل فقر الدم وجروح الجلد.
الحجامة هي إحدى ممارسات الطب البديل التقليدية، مارستها شعوب حضارات ما بين النهرين ومصر القديمة وشرق البحر الأبيض المتوسط للتخلص من الألم وعلاج بعض الأمراض، وتناقلتها الأجيال إلى يومنا هذا؛ لكنها اكتسبت شعبيتها الواسعة في السنوات الأخيرة، بعد أن استخدمها مشاهير العالم من رياضيين ونجوم هوليوود لفوائدها المحتملة في تخفيف الألم واستعادة كتلة العضلات؛ منهم جينيفر أنيستون وكيم كارداشيان، والسباح الأميركي مايكل فيلبس.
ومع ذلك، وعلى الرغم مما يُشاع من فوائد صحية لاستخدامها، فإنها ما زالت ممارسة مثيرة للجدل، بسبب قلة الأدلة العلمية؛ حيث يعتقد البعض أن تأثيرها وهمي ولا تقدم فوائد حقيقية. فما هي الحجامة؟ وما فوائدها الصحية وأضرارها المحتملة؟
ما هي الحجامة؟
الحجامة هي ممارسة يجري تطبيقها باستخدام أكواب الحجامة التي تتميز بوجود ضغط سلبي (تأثير شفط) داخلها. يمكن صنع هذه الأكواب من مواد مختلفة، بما في ذلك الزجاج أو الخيزران أو السيليكون، ثم إضافة مصدر للحرارة لإحداث تأثير الشفط باستهلاكه الأوكسجين فيها؛ ما يُحدث فرقاً في الضغط بينها وبين الجسم المُطبّقة عليه. تُترك الأكواب في مكانها لمدة 5-10 دقائق، يتسبب الشفط خلالها في ارتفاع الجلد، ما يخلق علامة تشبه الكدمة تُعرف باسم "علامة الحجامة" بسبب تمزق الشعيرات الدموية تحت الجلد. عادة ما تكون هذه العلامات مؤقتة، ويمكن أن يختلف لونها من الأحمر إلى الأرجواني. تختلف هذه العلامات عن كدمات الجلد التي تحدث بسبب تلف الألياف العضلية تحت الجلد، حيث تقتصر علامات الحجامة على سطح الجلد ولا تصل إلى الأنسجة العميقة، وعادةً ما تتلاشى هذه العلامات في غضون أسبوع أو أسبوعين.
ما هي أنواع الحجامة؟
هناك عدة أنواع رئيسية للحجامة، وهي:
- الحجامة الجافة: تتضمن خلق فراغ في الكأس بواسطة الحرارة. عادة ما يتم إشعال كرة قطنية مبللة بالكحول ضمن الكأس، حيث تستهلك النار الأوكسجين الموجود فيه، ما يخلق فراغاً يسحب الجلد نحو داخل الكوب.
- الحجامة المنزلقة: تعمل بأسلوب مماثل للحجامة الجافة، لكن قبل إزالة كوب الحجامة يضع الطبيب كريم أو زيت على الجلد، لتحريكها بسهولة إلى مناطق الجسم المختلفة.
- الحجامة الدامية أو الرطبة: هي عملية مماثلة للحجامة الجافة، لكنها تتضمن إجراء شقوق صغيرة في الجلد لسحب الدم، ما يسمح بإخراج السموم مع الدم إلى الكوب.
- الشفط الميكانيكي: تأتي بعض أنواع الحجامة الحديثة مع مضخة لإزالة الهواء وخلق الفراغ.
اقرأ أيضاً: كيف تعمل تقنية الوخز بالإبر؟ وما هي فوائدها؟
مبدأ عمل الحجامة
على الرغم من قلة الدراسات التي تدعم فوائد الحجامة، فإنه ثمة بعض النظريات حول فوائدها الصحية وآلية عملها، صاغها فريق من الباحثين المصريين والسعوديين في المركز الوطني للطب التكميلي والبديل في السعودية، في دراسة نشرتها مجلة الطب التقليدي والتكميلي (Journal of Traditional and Complementary Medicine) ومنها:
نظرية التحكم في الألم
ترى هذه النظرية أن الحجامة تخفف الألم عن طريق إيقاف إشارات الألم، ومنعها من الوصول إلى المخ. وذلك لأن العلاج بالحجامة يتضمن ممارسة اللمس والضغط، ما يؤدي إلى التحفيز الانتقائي للألياف العصبية الكبيرة، ويحجب إشارات الألم عن الوصول إلى المخ من خلال القرن الظهري للنخاع الشوكي.
نظرية تعديل الألم المشروط
وفقاً لهذه النظرية، يمكن للألم في منطقة واحدة من الجسم أن يطغى على الألم في منطقة أخرى أو يقلله. أي إنّ الإحساس بالحجامة يصرف انتباه المخ عن الألم الأصلي، ما يقلل شدته.
نظرية الاستجابة الانعكاسية
بناء على هذه النظرية، يمكن علاج المشكلات في الأجزاء البعيدة من الجسم؛ مثل العضلات أو الأعضاء البعيدة، عن طريق معالجة انقباضات الأعصاب القريبة، والتركيز على مناطق الأعصاب المركزية.
نظرية إطلاق أوكسيد النيتريك
قد تزيد الحجامة إنتاج أوكسيد النيتريك، ما يساعد على التحكم في تدفق الدم وتوسع الأوعية الدموية، ويحسن الدورة الدموية، وقد يحمي من حالات مثل تصلب الشرايين.
نظرية تنشيط الجهاز المناعي
يمكن أن تعزز الحجامة الاستجابة المناعية للجسم من خلال تعزيز إنتاج الخلايا المناعية وتقليل الالتهاب. كما قد تحفز الغدة الزعترية وتحسن وظيفة المناعة العامة للجسم.
نظرية إزالة السموم من الدم
تخص هذه النظرية الحجامة الرطبة، إذ تشير إلى أن الدم المسحوب في أثناء العملية يحتوي على مستويات عالية من المواد الضارة، ما يساعد على إزالة السموم من الجسم؛ مثل حمض البوليك والكوليسترول وحتى المعادن الثقيلة.
الاستجابات الفيزيولوجية
تسبب الحجامة الرطبة والجافة زيادة تدفق الدم إلى المنطقة المعالجة، ما يجلب العناصر الغذائية والأوكسجين، ويعزز الشفاء. كما يمكن للحجامة الرطبة، بشقوقها الجلدية الصغيرة، أن تطلق مسكنات الألم الطبيعية وتعزز جهاز المناعة.
عموماً، يتفق الباحثون على أن الحجامة أكثر فعالية في المناطق ذات العضلات الوفيرة، مثل الظهر أو الصدر. مع ضرورة تجنب المناطق ذات الشعر الكثيف أو الأنسجة المحدودة ومساحة السطح غير الكافية.
اقرأ أيضاً: العلاجات العشبية والتقليدية: هل هي فعّالة حقاً في علاج الأمراض؟
الفوائد الصحية للحجامة
من الفوائد الصحية للحجامة التي أشار إليها الباحثون:
تخفيف الألم
يمكن أن تفيد الحجامة في تخفيف أنواع الألم التالية:
- الصداع الناتج عن التوتر.
- الصداع النصفي.
- آلام الجهاز العضلي الهيكلي.
- ألم التهاب المفاصل.
أشارت مراجعة نشرتها مجلة الألم (The Journal of Pain) إلى أن الحجامة قد تخفف الألم المزمن على المدى القصير، مقارنة بعدم تلقي العلاج.
علاج مشكلات جلدية
وفقاً لدراسة نشرتها دورية آفاق في علم الأعصاب (Frontiers in Neurology)، يمكن للحجامة أن تساعد على علاج مشكلات جلدية مثل:
- الصدفية القشرية.
- الهربس النطاقي.
- الشرى المزمن.
التعافي الرياضي
توصل الأستاذ في العلاج الطبيعي في جامعة بني سويف المصرية، أيمن محمد، في دراسة أجراها بمشاركة باحثين آخرين، ونشرتها مجلة إعادة تأهيل الظهر والعضلات الهيكلية (Journal of Back and Musculoskeletal Rehabilitation)، إلى أنّ العلاج بالحجامة قد يكون مفيداً لإعادة تأهيل الجهاز العضلي الهيكلي والرياضي، لقدرته على زيادة تدفق الدم وتسكين الألم. ومع ذلك، يوضح المؤلفون أن الأدلة ما زالت متوسطة وضعيفة، وبحاجة إلى مزيد من الدعم العلمي.
وفي دراسة نشرتها مجلة آفاق في الهندسة الحيوية والتكنولوجيا الحيوية (Frontiers in Bioengineering and Biotechnology)، وأُجريت على نحو 12 شخصاً، تبين أن العلاج بالحجامة ساعد على تقليل إجهاد العضلة ذات الرأسين بعد 24 ساعة من تطبيق العلاج، ولم يُبدِ تأثيراً فورياً. حيث أشارت الدراسة إلى أنه قد يساعد على علاج إجهاد العضلات الناجم عن التمارين الرياضية من خلال:
- تحسين تدفق الدم إلى مناطق معينة.
- تخفيف آلام العضلات.
- تقليل تصلب العضلات.
اقرأ أيضاً: ما الإصابات التي تزعج الرياضيين خاصةً لاعبي كرة القدم؟
استخدامات أخرى
بالإضافة إلى ما سبق، تستخدم الحجامة لعلاج مشكلات صحية مثل:
- اضطرابات الدم مثل فقر الدم والهيموفيليا.
- الأمراض الروماتيزمية مثل التهاب المفاصل والألم العضلي الليفي.
- ارتفاع ضغط الدم.
- القلق والاكتئاب.
- احتقان الشعب الهوائية الناتج عن الحساسية والربو.
- شلل الوجه.
- السعال وضيق التنفس.
- انزلاق غضروفي قطني.
- مرض السكري.
- متلازمة النفق الرسغي.
المخاطر المحتملة للحجامة
غالباً ما تُعتبر الحجامة آمنة، لكن قد تسبب بعض الآثار الجانبية الخفيفة والمتوسطة، إما بسبب خطأ استخدام المواد والأدوات، أو بسبب رد فعل تحسسي. عموماً قد تسبب الحجامة ما يلي:
- البثور.
- الحروق.
- الندبات.
- الخراجات.
- العدوى.
- حكة الجلد.
- فقر الدم.
- التهاب الجلد الدهني.
- الصداع.
- الدوار.
- الغثيان.
- التعب.
- الأرق.
- إغماء.
- ظاهرة كوبنر.
اقرأ أيضاً: كيف تفهم الآثار الجانبية للأدوية وكيف تتعامل معها؟
من يجب ألا يخضع للحجامة؟
يحذر الأطباء من استخدام الحجامة في حالات مثل:
- جروح الجلد، أو سيلان الدم منه، أو إصابته بعدوى، لأن هذا قد يزيد فرصة تجلط الدم.
- فقر الدم.
- استخدام جهاز تنظيم ضربات القلب.
- اضطرابات النزيف مثل الهيموفيليا.
- مشكلات تخثر الدم، مثل تجلط الأوردة العميقة (DVT) أو تاريخ من السكتات الدماغية.
- أمراض القلب والأوعية الدموية.
- نوبات الصرع.
كما لا يمكن إجراء الحجامة على:
- الأوردة.
- الشرايين.
- الأعصاب.
- التهاب الجلد أو الآفات.
- فتحات الجسم.
- العيون.
- العقد اللمفاوية.