المسرّعات المستخدمة في تجارب الأسلحة النووية تقود لعلاج جديد للسرطان

3 دقائق
علاج جديد للسرطان
حقوق الصورة: غيتي إيميدجيز.

تعتبر الأمراض السرطانية من الأسباب الرئيسية للوفاة حول العالم، فقد أزهق السرطان أرواح 10 ملايين شخص في عام 2020، حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية. ولتقليص هذه الأعداد، ومحاولة إنقاذ البشر من هذا المرض، يسعى الباحثون حول العالم لإيجاد علاجات فعالة له، بأقل الأضرار الجانبية الممكنة.

في واحدة من التجارب الرامية لتحقيق هذا المسعى، ابتكر باحثون في مختبر «لورانس ليفرمور» الأميركي طريقة جديدة للعلاج الإشعاعي للسرطانات المركّزة في عضو ما (غير المنتشرة)، وذلك باستخدام المسرّعات المستخدمة في تجارب الأسلحة النووية. ونُشرت الدراسة في دورية التقارير العلمية.

أنواع علاجات مرض السرطان

هناك طرق متعددة لعلاج السرطان تعتمد على نوع السرطان، والعضو المصاب، ومدى تقدم الإصابة. يكفي بعض المرضى الخضوع لعلاج واحد فقط، بينما يحتاج بعضهم الآخر علاجَين أو أكثر. يقرر الطبيب نوع العلاج بعد إخضاع المريض لما يُعرف باختبار المؤشرات الحيوية لعلاج السرطان (علامات الورم)، وفيها يتم البحث عن الجينات والبروتينات والمواد الأخرى التي يمكن أن توفر معلومات حول السرطان. ثم يُعالَج المريض بالعلاج المناسب:

  1. العلاج الكيميائي: وفيه تُستخدم العقاقير لقتل الخلايا السرطانية.
  2. العلاج بالهرمونات:هو علاج يبطئ أو يوقف السرطانات التي تحتاج الهرمونات للنمو مثل سرطان الثدي وسرطان البروستاتا. 
  3. العلاج بالحرارة: ويتم فيه تسخين أنسجة الجسم لدرجة تصل إلى 45 مئوية، بغرض قتل الخلايا السرطانية مع حدوث ضرر ضئيل أو معدوم للأنسجة الطبيعية. 
  4. العلاج المناعي: وفيه يساعد جهاز المناعة في محاربة السرطان. 
  5. العلاج الضوئي: يستخدم العلاج الضوئي الديناميكي عقاراً ينشطه الضوء لقتل السرطان والخلايا غير الطبيعية الأخرى. 
  6. عملية زرع الخلايا الجذعية: تُجرى للأشخاص الذين تضررت لديهم الخلايا الجذعية المولّدة لكريات الدم جراء العلاج الكيميائي أو الإشعاعي.
  7. الجراحة: حيث يزيل الجراح الكتل السرطانية من الجسم. 
  8. العلاج الموجه: يستهدف التغييرات في الخلايا السرطانية التي تساعدها على النمو والانقسام والانتشار. 
  9. العلاج الإشعاعي: يستخدم جرعات عالية من الإشعاع لقتل الخلايا السرطانية وتقليص حجم الأورام.

اقرأ أيضاً: قتلت الخلايا السرطانية: تجربة واعدة لفيزياء الكم في علاج السرطان

العلاج الإشعاعي للسرطان

تُستخدم في العلاج الإشعاعي للسرطان جرعات عالية من الإشعاع لقتل الخلايا السرطانية أو إبطاء نموها وتقليص حجم الأورام، عن طريق إتلاف الحمض النووي للخلايا السرطانية يؤدي ذلك إلى إيقاف انقسام الخلايا السرطانية ومن ثم موتها. 

لا يتلف الحمض النووي بسهولة، لذلك يحتاج المريض للتعرض للعلاج الإشعاعي لأسابيع حتى تموت الخلايا السرطانية. عادةً يستخدم العلاج الإشعاعي ضد سرطانات الرأس والرقبة والثدي وعنق الرحم والبروستاتا والعين.

يوجد نوعان رئيسيان من العلاج الإشعاعي:

العلاج الإشعاعي الخارجي

في هذا النوع من العلاج يوجَّه الإشعاع من جهاز خارجي إلى العضو المصاب بالسرطان من عدة اتجاهات. يُعتبر علاجاً موضعيّاً لأن الإشعاع يوجَّه إلى العضو المصاب فقط وليس على الجسم بأكمله.

العلاج الإشعاعي الداخلي

على العكس من النوع السابق، في العلاج الداخلي، يوضَع مصدر الإشعاع داخل الجسم، وقد يكون:

  • صلباً: إذ توضع الكبسولات العلاجية الحاوية على مصدر الإشعاع داخل الورم أو بالقرب منه، ويُطلَق الإشعاع لفترة من الوقت، لذا يُعتبر علاجاً موضعيّاً.
  • سائلاً: وفيه ينتقل العلاج عبر الدم إلى أنسجة الجسم كافة، للبحث عن الخلايا السرطانية وقتلها. تُدخل المادة العلاجية السائلة إلى الجسم عن طريق البلع أو الحقن.

يعتمد نوع العلاج الإشعاعي المستخدم على نوع السرطان، وحجم الورم ومكانه، ومدى قرب الورم من الأنسجة الطبيعية الحساسة للإشعاع، وصحة المريض العامة وعمره، وعلى الأنواع العلاجية الأخرى التي قد يتلقاها المريض.

يمكن أن يترك العلاج الإشعاعي للسرطان آثاراً جانبية، فقد يؤثر على الخلايا السليمة القريبة من الخلايا السرطانية التي يتم علاجها. وقد يسبب صعوبة في تناول الطعام بسبب الغثيان وتقرحات الفم والتهاب المريء. 

اقرأ أيضاً: قفزة في علاج السرطان: باحثون يمررون جسيمات النانو إلى الأورام

المسرعات المستخدمة في تجارب الأسلحة النووية وعلاج السرطان

لمنع حدوث ضرر في الخلايا السليمة، وتقييد وصول الإشعاع إلى الخلايا السرطانية فقط وبسرعة وفعالية أثناء العلاج الإشعاعي، استخدم  الباحثون في مختبر «لورانس ليفرمور» الأميركي للمرة الأولى مسرعات الحث الخطي (LIAs).

يتطلب إيصال جرعة سريعة وعالية الطاقة وموجهة من العلاج الإشعاعي إلى العمق المطلوب وجود آلات كبيرة ومعقدة بحجم صالات الألعاب الرياضية، وأثبتت حتى الآن أنها غير عملية للاستخدام السريري. في الدراسة الجديدة، لاحظ الباحثون أن مسرعات الحث الخطي فعالة بما يكفي لإيصال الجرعة اللازمة من الأشعة للخلايا السرطانية، ويبلغ ارتفاع أجهزتها 3 أمتار فقط.

تُستخدم مسرعات LIAs عالية الطاقة في المختبر منذ الستينيات في تجارب الأسلحة النووية. وتُستخدم الإصدارات الكبيرة منها لتوصيل ومضات من الإشعاع، بعضها متسلسل، لإنتاج ما يشبه الانفجار النووي. إن كلا هذين الاستخدامين في برنامج الأسلحة عزز استخدامه المحتمل في علاج السرطان. 

قال «ستيفن سامبايان»، المؤلف الرئيسي للدراسة: «إنك تجمع بين التقنيات التي تم تطويرها للأسلحة - إما للتشخيص أو لتصميم السلاح نفسه - وتنتج شيئاً يمكن أن يكون ابتكاراً كبيراً في العلاج الإشعاعي للسرطان».

شرح الباحثون في الدراسة تقنية مسرعات الحث الخطي بالتفصيل والجهود التي قدموها من أجل استقرار حزمة الأشعة. وحددوا كمية الإشعاع اللازمة خلال فترة زمنية محددة، كما حددوا أقصى حد يمكن الوصول إليه من كمية الإشعاع مع ضمان الحفاظ على الأنسجة السليمة.

واستطاع الباحثون أيضاً تحديد معدل الجرعة اللحظية المناسب، والذي لم يكن بإمكان الأجهزة التقليدية الوصول إليه. وأثبتت التجربة أن معدل الجرعة اللحظية الأعلى يكون أكثر فاعلية، مع تقليص وقت تعرض المريض للإشعاع لأقل قدر ممكن.

لإنشاء جرعة تكفي لقتل الخلايا السرطانية، ولكن مدتها قصيرة بما يكفي لتجنب إتلاف الخلايا السليمة، طور الفريق نهجاً يتضمن مسرعات تنتج 4 حزم متناظرة حول المريض. 

قد تظهر المزيد من الأبحاث على هذه المسرعات فعاليتها ضد السرطانات المنتشرة مثل سرطان الدم وسرطان الدماغ.

اقرأ أيضا: علاج حبوب القيح في الوجه.