أدوية الحساسية تمثل علاجاً محتملاً لأعراض كوفيد-19 طويلة الأمد

3 دقائق
أدوية الحساسية تمثل علاجاً محتملاً لأعراض كوفيد-19 طويلة الأمد
حقوق الصورة: شترستوك.

في صدفةٍ قادتها لتناول الجبن، الذي تمتلك حساسيةً سابقةً منه، تخلّصت امرأة في منتصف العمر في الولايات المتحدة من أعراض كوفيد-19 طويلة الأمد، والتي ظهرت بعد شهرين من شفائها من الفيروس، على إثر تناولها لمضادات الهيستامين لعلاج ردّ الفعل اَلتَّحَسُّسِيّ لديها. 

كانت هذه واحدةً من الحالات التي أثارت التساؤلات حول الدّور الذي تلعبه مضادات الهيستامين في علاج أعراض كوفيد-19 طويلة الأمد، ما دفع بعلماء التمريض في جامعة كاليفورنيا الأميركية لدراسة حالاتٍ مشابهةٍ، ونشر الدراسة في دورية «الممرضات الممارسات» العلمية للإجابة عن هذا السؤال.

في الحالة السابقة الذكر، عانت المرأة من صداع وإرهاق شديدين وطفحٍ جلديٍّ وكدماتٍ بشكلٍ متواصلٍ. وذلك بعد مرور شهرين على شفائها التّام من إصابتها بفيروس كوفيد-19. وبعد تناولها لـ 50 ملغ من مضادات الهيستامين (ديفينهيدرامين)، لاحظت زوال تلك الأعراض تدريجيّاً. ولكن، حين توقفت عن تناول الدواء لاحظت عودة تلك الأعراض.

استمرّت المرأة في تناول مضادات الهيستامين لمدّة 6 أشهرٍ، زاد طبيبها المعالج الكمية خلالها من 25 ملغ إلى 50 ملغ من عقار (الهيدروكسيزين)، وهو أحد أنواع مضادات الهيستامين. فلاحظت المرأة اختفاء معظم أعراض كوفيد-19 طويلة الأمد.

في حالةٍ أخرى مشابهة، عانت امرأة من أعراض كوفيد-19 طويلة الأمد لأكثر من عامٍ. ولكونها تعاني من الربو والحساسية الموسمية تناولت دواء (فيكسوفينادين) المضاد للهيستامين لعلاج حالتها التحسسية، فلاحظت اختفاء أعراض كوفيد-19 طويلة الأمد، ولكنها عادت للظهور خلال فترة تحوّلها لدواء (ديفينهيدرامين) البديل. منذ ذلك الحين، واظبت المرأة على تناول 25 ملغ (ديفينهيدرامين) ليلاً، و180 ملغ (فيكسوفينادين) صباحاً. فعاد نشاطها الحيوي بنسبة 95% خلال مدّة 60 يومٍ.

اقرأ أيضاً: أين نحن الآن من مراحل جائحة كوفيد-19 الخمس؟

ما هو كوفيد-19 طويل الأمد؟

قبل الخوض في نتائج التقرير الذي أصدره علماء التمريض، لا بدّ من التّعرف على كوفيد-19 طويل الأمد. فمع دخول جائحة فيروس كورونا عامها الثالث في 2021، وإصابة ما يزيد على 200 مليون شخص بفيروس كورونا حول العالم، ظهرت تحدّياتٌ وأعباءٌ صحّيةٌ جديدةٌ، تمثّلت في ظهور أعراضٍ جديدةٍ طويلة الأمد بعد أسابيعٍ أو شهورٍ من الشّفاء، ولدى مختلف الإصابات شدةً؛ سواء كانت من الحالات التي استدعت دخول وحدة العناية المركزة، أو تلك التي اكتفت بالحجر المنزلي، أشار لها العلماء بحالة كوفيد-19 طويل الأمد أو المضاعفات ما بعد العدوى بفيروس كورونا.

يرتبط كوفيد-19 طويل الأمد بطيفٍ واسعٍ من الأمراض؛ لأنّه يصيب وظائف أعضاء متعددةٍ في الجسم. وتتفاوت في أنواعها وحدتها، ومنها:

وبناءً عليه تختلف طرق المعالجة المحتملة والمقترحة.

وعلى الرغم من عدم تحديد المسبب الرئيسي لكوفيد طويل الأمد، إلا أنّه لوحظ من خلال الدراسات أن كبار السن والنساء وأولئك الذين عانوا من أكثر من 6 أعراض لكورونا خلال الأسبوع الأول من الإصابة، هم أكثر الفئات المعرّضة للإصابة بأعراض كوفيد-19 طويلة الأمد.

اقرأ أيضاً: كيف تسبب الإصابة بفيروس كورونا التهاب القلب؟

ماذا استنتج تقرير لجنة علماء التمريض؟

أشار تقرير لجنة علماء التمريض حول الحالتين السابقتين، إلى ما قد توفّره الأدوية المضادة للهيستامين من راحةٍ لملايين الأشخاص الذين يعانون من أعراض كوفيد-19 طويلة الأمد. بالإضافة لكونها لا تحتاج إلى وصفةٍ طبيةٍ، فقد قالت (ميلسا بينتو)، أستاذة التمريض في جامعة كاليفورنيا والمشاركة في الدراسة: "يخبرنا المرضى أنهم يتمنون، أكثر من أي شيء آخر، العمل والقيام بالأنشطة الأساسية التي اعتادوا القيام بها قبل أن يُصابوا بمرض كوفيد -19 طويل الأمد. إنهم يبحثون بتصميمٍ عن شيءٍ لمساعدتهم على الوقوف على أقدامهم".

حاليّاً، تلعب الأدوية المضادة للهيستامين دوراً مساعداً في إدارة أعراض كوفيد طويلة الأمد، وذلك في ظلّ غياب العلاج الدائم لها، وفقاً لتقرير الباحثين.

اقرأ أيضاً: ما زلت متردداً بشأن لقاحات كوفيد-19؟ اقرأ هذا إذاً

نظريات العلماء حول دور مضادات الهيستامين في علاج كوفيد-19 طويل الأمد

صاغ العلماء عدّة نظرياتٍ في محاولة لتوضيح الدور الذي تلعبه الأدوية المضادة للهيستامين، فاعتقد فريق منهم أنّه وعلى الرّغم من النتائج السلبية لتحاليل مرض كوفيد-19 في كلتا الحالتين، إلا أنّ الإصابة السابقة به قد تسببت في اختلال الجهاز المناعيّ ما نتج عنه ظهور أعراض كوفيد-19 طويلة الأمد. ولكون هذه الفئة من الأدوية تؤثّر على تنظيم جهازنا المناعي من عدّة جوانب فكان لها دور في التخفيف من أعراض كوفيد-19 طويلة الأمد.

في حين اعتمد الفريق الآخر من العلماء في نظريته حول أصل أعراض كوفيد-19 طويلة الأمد، فوجدوا أنّه ليس من الضروري أن تلعب مضادات الهيستامين الدّور ذاته لدى جميع المرضى. ففي حين أنها قد تفيد بعضهم، من الممكن ألّا يكون لها مفعول يذكر لدى فئةٍ أخرى من المرضى. وذلك لوجود أكثر من سببٍ محتملٍ للأعراض.

وفقاً لما سبق، أشار تقرير العلماء إلى ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث لاختبار دور مضادات الهيستامين في علاج كوفيد-19 طويل الأمد.

ختاماً، وبعد ما نشره العلماء في تقريرهم حول دور مضادات الهيستامين في علاج كوفيد-19 طويل الأمد، أصبحت هذه الفئة الجديدة من الأدوية واحدةً من الخيارات المطروحة والتي يسهل الوصول إليها، ولا تستلزم وصفةً طبيةً، لعلاج الأعراض، فكما قالت بينتو: "يجب أن توفر الأمل لما يقدر بنحو 54 مليون شخص في جميع أنحاء العالم ممن يعانون من ضائقة منذ شهور أو سنوات".