أبطال البقاء: كيف تساعد قصص الناجين العلماء على فهم السرطان من جديد؟

9 دقيقة
مصدر الصورة: فريدا كلوتز / أندارك الورم الأرومي الدبقي، هو نوع من أنواع سرطان الدماغ، جرى تصويره في إطار دراسة تبحث في سبب عيش بعض المرضى المصابين بهذا السرطان فترة أطول من غيرهم بصورة ملحوظة.

النجاة من السرطان لا تعني فقط تجاوز المرض، بل قد تكشف عن أسرار جديدة تفتح الطريق أمام علاجات أكثر فعالية وأملاً لملايين المرضى. دراسة الناجين تمنح العلماء فرصة لفهم أعمق لكيفية مقاومة الجسم للمرض والتغلب عليه:

  • البحث في تجارب الناجين يساعد على تحديد المسارات التي تجعل بع…

كانت آلام المعدة قد استمرت بضعة أشهر عندما انتهى المطاف أخيراً بـمطور الأعمال في مجال البرمجيات، يان بيزيان، الذي كان يبلغ من العمر 35 عاماً في ذلك الوقت، في غرفة الطوارئ في مستشفى في فرساي بفرنسا. كان قد راجع طبيب العائلة الذي وصف له دواء مضاداً للحموضة، لكن التشخيص الحقيقي الذي تلقاه كان مدمراً: سرطان البنكرياس الذي انتشر إلى كبده. وأدرك بيزيان، وهو متزوج وأب لطفل صغير وكان يمارس الرياضة بانتظام ولا يدخن، أن المرض إذا استمر في مساره الطبيعي، فلن يكون أمامه سوى أشهر قليلة ليعيشها.

كان ذلك في عام 2017. شرع بيزيان في العلاج المعتاد لسرطان البنكرياس، وهو برنامج شاق من العلاج الكيميائي على مدى ستة أشهر. وقد استجاب للعلاج بصورة رائعة. حيث قال لمجلة أندارك متحدثاً من منزله الواقع خارج باريس: "قد تقمصت دور المحارب الشجاع. قلت لنفسي: ’حسناً، سأذهب لتلقي العلاج‘، وحتى لو أتيحت لي فرصة واحدة، فسأغتنمها". 

لم تكن رحلة العلاج سهلة -فقد عاوده السرطان في عام 2021، ما استلزم المزيد من العلاج والجراحة- ولكن بالنظر إلى أن معظم مرضى سرطان البنكرياس في المرحلة الرابعة يلقون حتفهم في غضون عام من التشخيص، وأن 1% منهم فقط يعيشون أكثر من خمس سنوات، نجد أن بيزيان ينتمي إلى مجموعة صغيرة للغاية من الناجين من المرض، ويأمل أن تفيد تجربته في العلاجات المستقبلية.

 اقرأ أيضاً: ما هي أبرز العلاجات لمكافحة السرطان؟

أنسجة الناجين من السرطان في خدمة الأبحاث

قدم بيزيان عينات من الأنسجة والبيانات السريرية لصالح المبادرة البحثية المعروفة باسم "دراسة روزاليند"، التي سميت تيمناً بالعالمة روزاليند فرانكلين التي توفيت بسرطان المبيض عن عمر ناهز 37 عاماً. ويوضح استشاري الأورام السريرية في مستشفى أدينبروك في مدينة كامبريدج، الذي يقود التجربة في المملكة المتحدة، ثانكاما أجيثكومار، أن المشروع الذي تموله شركة خاصة للتكنولوجيا الحيوية تدعى "كيور 51"، ويقيم المشاركين على مدى 24 شهراً، يهدف إلى دراسة هؤلاء المرضى النادرين الذين يعيشون فترة أطول من المتوقع إثر الإصابة بأنواع عدوانية من السرطان ذات معدلات الوفيات المرتفعة، والذين لم يشهدوا سوى علاجات ضئيلة في السنوات الأخيرة (بدأ بيزيان عمله بصفة مدير لجنة المرضى في كيور 51 في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2024، بعد أن شارك في الدراسة).

يقول أجيثكومار: "في أي ممارسة، نحرص دائماً على التعلم من إخفاقاتنا. هذه هي طبيعتنا البشرية. لكننا نادراً ما نعود إلى الوراء وننظر إلى النجاحات، ولا سيما النجاحات غير المقصودة".

تاريخياً، سعت أبحاث السرطان إلى استكشاف العوامل المحفزة لتطور المرض. لكن بعض العلماء، مثل أجيثكومار، يوسعون نطاق أبحاثهم لدراسة المرضى الذين نجوا من المرض على الرغم من الصعاب كلها. ويستكشف باحثون آخرون سبل تجنب السرطان لدى الأفراد المعرضين بشدة لخطر الإصابة بالسرطان ولكنهم لم يصابوا به أبداً، أو لدى الحيوانات التي تعيش طويلاً بصورة غير عادية والتي طورت آليات لمكافحة السرطان بصورة طبيعية. وتقدم مجموعة تمويل دولية تدعى "تحديات السرطان الكبرى" ما يصل إلى 25 مليون دولار أميركي للباحثين الذين يدرسون مقاومة السرطان، ومن المتوقع الإعلان عن القائمة المختصرة للمرشحين النهائيين الشهر المقبل.

"في أي ممارسة، نحرص دائماً على التعلم من إخفاقاتنا. هذه هي طبيعتنا البشرية."

التعلم من الفشل في أبحاث السرطان

وكتبت الباحثة في معهد فرانسيس كريك في لندن وعضو المجلس العلمي لتحديات السرطان الكبرى، كارين فوسدن، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى مجلة أندارك: "في عالم أصبحت فيه الوقاية أهم، فإن استكشاف سبب عدم إصابة الناس بالسرطان، وكذلك سبب إصابتهم به، يمكن أن يعزز فهمنا لبداية الإصابة بالسرطان، وقد يؤدي إلى طرق جديدة للتفكير في الوقاية منه".

وأضافت: "لسنا أول من يطرح هذا السؤال بهذه الطريقة، ولكنه لا يخضع للدراسة عادة بالقدر نفسه الذي يخضع له سبب إصابة الأشخاص بهذا المرض".

وقالت اختصاصية طب الأورام الإشعاعي التي تكتب النشرة الإخبارية "ثقافة السرطان"، ستايسي وينتورث، إن هذا يمثل تحولاً في عالم أبحاث السرطان، الذي ركز إلى حد كبير على اكتشاف العلاجات بدلاً من التركيز على الوقاية من المرض والسيطرة عليه. أما السبب الذي يجعل بعض الأشخاص يستجيبون للعلاج أفضل من غيرهم، أو سبب عدم إصابتهم بالسرطان على الرغم من ارتفاع خطر الإصابة به بصورة واضحة، فغالباً ما يبقى دون تفسير. إذا سألها أحد المرضى: "كانت جدتي تدخن ثلاث علب سجائر يومياً وتأكل لحم الخنزير المقدد والبيض المقلي كل يوم من حياتها، وعاشت حتى بلغت 95 عاماً. لماذا يحدث ذلك؟" فستجيب وينتورث: "لا يملك الطب إجابة شافية".

كيف تتجنب بعض الثدييات الإصابة بالسرطان؟

طوال أعوام، عرف العلماء أن بعض الثدييات تظهر قدرة مدهشة على تجنب السرطان. وفي العقود الأخيرة، حاول الباحثون معرفة السبب، والأساليب التي تجعل البشر قادرين على تكييف تلك الآليات. بدأت أستاذة علم الأحياء في جامعة روتشستر، فيرا غوربونوفا، بدراسة علم الأحياء المقارن للشيخوخة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ونشرت ورقة بحثية تتقصى إطالة العمر والشيخوخة لاستكشاف السبب الذي يجعل بعض أنواع الحيوانات أكثر عرضة للإصابة بالسرطان من غيرها. تقول غوربونوفا: "لم يأخذنا الكثير من الناس على محمل الجد في البداية. لكن الأمر تغير الآن إلى حد كبير". وأضافت أن وكالات التمويل الكبرى "ترغب الآن في تمويل مبادرات كبيرة لدراسة مقاومة السرطان"، مثل دعوة تمويل التحديات الكبرى التي تقدمت مجموعتها بطلب للحصول عليها.

حياة طويلة من دون سرطان لبعض الحيوانات

واصلت غوربونوفا تركيزها على الحيوانات، وتعتقد أن بعض المخلوقات، مثل الخفافيش، قد تحمل بعض المفاتيح لتطوير علاجات جديدة للسرطان لدى البشر: إذ يعيش بعض الخفافيش 30 أو 40 عاماً دون أن يصابوا بالسرطان، على حد قولها. وتضيف: "ثمة بعض التقارير عن وجود أورام، لكنها نادرة جداً".

في إحدى الدراسات الحديثة، درست غوربونوفا وزملاؤها أجنحة أربعة من أنواع الخفافيش الأطول عمراً. وقد وجد العلماء أن الخفافيش لديها مستويات عالية من النشاط للبروتين P53، وهو بروتين مثبط للأورام، والذي افترضوا أنه يمكن أن يساعدها على مقاومة السرطان، بالإضافة إلى نشاط مناعي فريد.

وقد درست غوربونوفا أيضاً فئران الخلد العارية وفئران الخلد العمياء والحيتان، ويعمر جميعها طويلاً على وجه الخصوص. وقالت إنه لا توجد آلية واحدة تمكن من تجنب السرطان -فمقاومة المرض تختلف باختلاف الحيوانات- لكنها جميعها توفر سبلاً محتملة لعلاجات جديدة للسرطان لدى البشر: "ما نحاول فعله هو دراسة السلالات المتنوعة كلها من الحيوانات لفهم هذه الاستراتيجيات كلها لأنها غير متطابقة على الدوام". ففئران الخلد العارية، على سبيل المثال، تفرز مادة لزجة تسمى حمض الهيالورونيك، التي تساعد على إبطاء نمو الخلايا السرطانية وغالباً ما تستخدم في مستحضرات التجميل. في هذه الحالة، بات تطبيق هذه الفكرة على البشر وشيكاً. وتقول لمجلة أندارك: "ما يزال الطريق طويلاً حتى الحصول على الموافقة السريرية على الدواء، لكننا نتوقع على الأقل إجراء بعض التجارب المبكرة" لاستخدام هذه المادة في علاج السرطان في الأعوام القليلة المقبلة.

بينما يواصل بعض الباحثين مثل غوربونوفا تحليل النماذج الحيوانية، يركز آخرون على البشر لاستكشاف سؤال معقد آخر: لماذا تنخفض معدلات الإصابة بالسرطان لدى المرضى في الثمانينيات والتسعينيات من العمر، على الرغم من أن السرطان مرتبط بالشيخوخة؟

"لم يأخذنا الكثير من الناس على محمل الجد في البداية. لكن الأمر تغير الآن إلى حد كبير."

اقرأ أيضاً: مزيج من أدوية السرطان يمكن أن يعالج مرض آلزهايمر مستقبلاً

 لماذا يصاب البشر بالسرطان؟

يتفق الأطباء على أن السرطان عموماً هو مرض يصيب كبار السن، ويحدث في أغلب الأحيان عندما يكون الناس في الخمسينات والستينيات والسبعينيات وأوائل الثمانينيات من العمر. وقال عالم أحياء السرطان في مركز ميموريال سلون كيترينغ للسرطان في نيويورك، توماس تاميلا، إن هذا هو الوقت الذي "تصبح فيه الأنسجة المضيفة أكثر ملاءمة لتطور السرطان". وقال تاميلا لمجلة أندارك إن معظم أنواع السرطان تنشأ في الخلايا القادرة على التجدد بسرعة. عندما تحدث الآفات لدى الشباب، فإنها عادة ما تهتاج برفق بضعة عقود قبل أن تنفجر على شكل سرطان في الفئة العمرية من 55 عاماً إلى أوائل الثمانينيات. ولكن بمجرد أن يصل الأشخاص إلى الثمانينيات من العمر، ينخفض عدد الحالات الجديدة.

وأشار تاميلا إلى أن الطفرات التي تبدأ عندما يصبح الأشخاص متقدمين في السن أقل عرضة للتطور لتصبح سرطانية، لأن الأشخاص في العقد التاسع من العمر لديهم عدد أقل من الخلايا المتجددة ذاتياً والتي تعزز نمو الورم.

في دراسة حديثة فحصت أنسجة الرئة لدى فئران شابة ومسنة، سواء المصابة بالسرطان أم غير المصابة به، وطبقت التجربة نفسها على البشر، وجد تاميلا وزملاؤه أن الأورام كانت أقل عرضة للتطور لدى الفئران والأشخاص الأكبر سناً. بالنسبة إلى تاميلا، تمثلت الرسالة الرئيسية لدراسته في مدى أهمية الوقاية من السرطان في مراحل مبكرة من الحياة. يقول تاميلا: "إن الأمر أشبه ما يكون بتربة خصبة لنمو الورم وإنتاج الطفرات عندما نكون صغار السن، بينما في وقت لاحق من العمر، كما تعلمون، قد نكون أكثر مقاومة للسرطان".

ظهرت فكرة أن الطفرات الجينية قد تسبب السرطان في منتصف القرن العشرين. قبل ثلاث سنوات، نشر باحثون في كلية ألبرت أينشتاين للطب ورقة بحثية تشير إلى أن بعض الأشخاص قد يكونون أكثر قدرة على إصلاح هذا الضرر من غيرهم. يقول أستاذ علم الوراثة ورئيس قسم علم الوراثة في الكلية، وأحد مؤلفي الورقة البحثية، جان فيغ، إن هذا الأمر منطقي لأن جزءاً صغيراً فقط من المدخنين ينتهي بهم المطاف بالإصابة بسرطان الرئة.

الاستعداد للسرطان

عمد الفريق إلى مسح المجاري التنفسية لدى 33 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 11 و86 عاماً، ثم وضعوا تسلسلاً لجينومات الخلايا بحثاً عن الطفرات. كان 14 من المشاركين غير مدخنين قط وكان 19 منهم مدخنين. بعد نحو 23 سنة من التدخين (وهو مقياس يستند إلى فكرة تدخين علبة سجائر واحدة في اليوم مدة عام)، توقف معدل الطفرات ثم ظل ثابتاً، ما يشير إلى أن بعض الأشخاص قد يكونون أكثر قدرة على إصلاح الضرر الذي تسببه السجائر من غيرهم.

أشار أحد المتعاونين مع فيغ وأستاذ الطب في كلية ألبرت أينشتاين للطب، سايمون سبيفاك، إلى أن حجم عينة الدراسة كان صغيراً، حيث شملت نحو 7 مدخنين شرهين فقط، وأنه وزملاءه في حاجة إلى استكشاف المسألة بمزيد من التفصيل للتأكد من أن النتيجة لم تكن مجرد صدفة. ولا يزال التدخين الشره ضاراً. في الواقع، قال فيغ إنه على الرغم من بطء حدوث الطفرات، فإن المدخنين الشرهين أصيبوا جميعاً بالسرطان في نهاية المطاف، إذ استغرق الأمر حتى بلوغهم سن الشيخوخة.

اقرأ أيضاً: تجارب سريرية أولية تكشف نجاح لقاح روسي ضد السرطان

دراسة الناجين من السرطان

في حين شهد بعض أنواع السرطان، مثل سرطان الثدي، تقدماً كبيراً في عدد العلاجات المتاحة، يقر الأطباء بتوقف علاج أنواع أخرى من السرطان. قال رجل الأعمال الفرنسي المطور للأعمال، بيزيان، لمجلة أندارك إن نظام العلاج الكيميائي الذي خضع له كان مشابهاً للعلاج الذي كان يتلقاه المرضى قبل ثلاثة عقود. كان التأثير في صحته شديداً جداً، وكانت النتائج في البداية غامضة جداً، لدرجة أن أطباءه سألوه عما إذا كان يرغب في مواصلة العلاج أو التوقف عنه. فرأى أن الأمر يستحق المواصلة.

حاول بيزيان الانضمام إلى تجربة سريرية لاختبار دواء تجريبي لكنه لم يستوف المعايير. وقال إنه لم يتحقق أي تقدم علاجي يذكر، "لم تكن هناك رسالة أمل، أو شيء جديد، أو شيء مثير للاهتمام. لذا كان الأمر صعباً للغاية".

بعد الجراحة والمزيد من جولات العلاج الكيميائي، جرى الإعلان عن تعافيه من المرض في عام 2022. وعندما اقترح عليه طبيب الأورام الخاص به المشاركة في دراسة روزاليند -التي ستحلل البيانات السريرية وعينات أنسجة الورم عند الناجين من المرض على المدى الطويل والأفراد المشابهين الذين ماتوا- كان بيزيان حريصاً على مساعدة الآخرين الذين قد يجدون أنفسهم في الموقف نفسه في المستقبل.

يهدف المشروع إلى فهم التركيب الجيني للناجين من أنواع السرطانات السريعة الانتشار، مع التركيز على ثلاثة أشكال عدوانية: سرطان البنكرياس، وسرطان الرئة النقيلي الصغير الخلايا، وسرطان دماغ نادر يسمى الورم الأرومي الدبقي آي دي آتش من النوع الجامح (glioblastoma IDH wild type). وتركز الدراسة على هذه الأنواع الثلاثة جزئياً بسبب التجربة الشخصية لمؤسسها. فقد فقد الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة كيور 51، وهي شركة التكنولوجيا الحيوية التي تمول الدراسة، نيكولاس ووليكو، والدته بسرطان الرئة الصغير الخلايا قبل ثلاث سنوات، ووالده مصاب حالياً بسرطان الدم، وفقاً لما ذكره لمجلة أندارك.

ينقسم المشاركون إلى مجموعات من أولئك الذين بدا أنهم تعافوا بعد علاج واحد، وأولئك الذين احتاجوا إلى تدخلات متعددة، وأولئك الذين لم ينجحوا في ذلك. بالنسبة إلى بيزيان، كانت المشاركة سهلة نسبياً؛ فقد منح المستشفى الإذن باستخدام عينات الورم والبيانات الخاصة به.

من خلال إنشاء قاعدة بيانات للخصائص البيولوجية للمرضى الذين نجوا من السرطانات العدوانية، يأمل القائمون على الدراسة أن تسهم أبحاثهم في تطوير أهداف للعلاج، والمساعدة على تحسين العلاجات المتاحة بحيث تكون أقل سمية. ووفقاً لووليكو، فقد جرى تحديد أكثر من 10 أهداف حتى الآن، لكنه قال إنه ليس مستعداً لمشاركتها مع وسائل الإعلام.

وبمجرد اكتمال قاعدة البيانات الخاصة بهذه السرطانات الثلاثة، سينتقلون إلى مجموعة أخرى من السرطانات الشديدة الانتشار. قال ووليكو: "لقد بدأنا بالأنواع الثلاثة من السرطانات الأكثر عدوانية، ولكن لسوء الحظ، ثمة الكثير من السرطانات الشديدة العدوانية، مثل سرطان المبيض والمعدة والمثانة وسرطان الثدي الثلاثي السلبي، الكثير منها للأسف".

وصفت اختصاصية علاج الأورام بالإشعاع، وينتورث، هذا النهج بأنه مبتكر، لكنها شككت في الإطار الزمني للمشروع. وأشارت إلى دراستين أخريين عن الورم الأرومي الدبقي واجهتا تحديات، إذ لم يتبق سوى القليل من الناجين بعد 3 إلى 5 سنوات. وكتبت في رسالة بالبريد الإلكتروني أن الإطار الزمني لدراسة روزاليند، الذي تبلغ مدته 24 شهراً لاختيار المرضى، "متفائل جداً بالنظر إلى عدد المرضى الذين يدرسونهم".

قبل نحو عقد من الزمان، أطلقت المعاهد الوطنية للصحة برنامجاً مشابهاً لدراسة الاستجابة الاستثنائية. وكانت استنتاجاتها مؤقتة، إذ ذكرت الدراسة أنه من بين 520 حالة أولية، كان لدى 6 مرضى طفرات يمكن أن تفيد في العلاج. قد تبدو كيفية استجابة المرضى للعلاج غير متوقعة حتى بالنسبة إلى أطبائهم. أشار اختصاصي الأورام في كامبريدج، أجيثكومار، إلى أنه يعالج أولئك الذين يتماثلون للشفاء بالطريقة نفسها التي يعالج بها أولئك الذين لا يتماثلون للشفاء. وقال إنهم عادة ما يكونون ممتنين للغاية. وأضاف: "لكنني أعلم أنني لم أفعل أي شيء استثنائي، حتى بالنسبة لهم. لقد أعطيتهم العلاج الذي أعطيته للـ 95% الآخرين".

بعد فترة وجيزة من تشخيصه، استقال بيزيان من وظيفته وقضى بعض الوقت مع عائلته. ولديه الآن ابنة ثانية، وفي أواخر العام الماضي بدأ عمله الجديد، وانضم إلى لجنة المرضى في كيور 51، وهو يشعر بأنه محظوظ للغاية. وقال: "عندما تحاول حساب معدل النجاة وتجد أنه يبلغ 1.8%، فهذا يعني أنك محظوظ جداً"، وأضاف: "ولمعرفة كم أنا محظوظ، يمكنك مقارنة ذلك بشخص يعبر الطريق أو شخص صعقه البرق".

ومع ذلك، لم يكن لديه أي عوامل خطر، فلماذا أصيب بالسرطان؟ "لقد شعرت بأنني محظوظ جداً وأسأل نفسي أيضاً: لماذا؟"

المحتوى محمي