أدوية وأغذية يومية قد تؤدي إلى نتائج إيجابية في تحليل المخدرات

4 دقيقة
قد تؤدي بعض المواد الغذائية والأدوية إلى ظهور نتائج غير مرغوب فيها في اختبارات المخدرات.

ملخص: هناك الكثير من المواد التي يمكن أن تؤدي إلى ظهور النتائج الإيجابية الكاذبة في الاختبارات السريعة للكشف عن المخدرات، مثل المواد الغنية بفيتامين ب 7 كالكبدة والجزر والقرنبيط بعد استهلاك كميات كبيرة منها، والأدوية التي يمكن بيعها دون وصفة طبية، وتمثّل هذه الظاهرة مشكلة في مجال الرعاية الصحية. النوع الأكثر استخداماً من اختبارات المخدرات السريعة هو اختبارات المقايسة المناعية، لكنها ليست مصممة بطريقة تجعلها تكشف فقط المواد المستهدفة، إضافة إلى أن تحقيق التوازن بين تعزيز نوعية الاختبارات وضمان أنها حساسة للمخدرات صعب. تظهر النتائج الإيجابية الكاذبة بسبب سعي الشركات المصنعة لتعزيز شمولية اختباراتها، وبسبب بعض القيود الكيميائية المتعلقة بمستقلَبات بعض الأدوية؛ إذ إن هناك الكثير من الأدوية التي تتسبب بظهور النتائج الإيجابية الكاذبة التي تشير إلى وجود الأمفيتامين والمواد الأفيونية والأفيونات وغيرها، فضلاً عن أن زيادة حساسية الاختبارات تجعلها تكشف المواد غير الموجودة بالفعل أحياناً. يقول الخبراء إنه يجب إجراء اختبارات التأكيد المخبرية الأدق للتحقق من نتائج الاختبارات السريعة، لكن هذه الاختبارات مكلفة وبطيئة، ما يجعلها غير مستخدمة على نطاق واسع.

ربما سمعت أن المستويات العالية من فيتامين ب 7 أو مكملات البيوتين، وهو فيتامين موجود بتراكيز عالية في الجزر والقرنبيط والسلمون والكبدة، قد تفسد اختبارات المخدرات، أي إنها تولّد نتائج إيجابية تشير إلى وجود الأفيونات في الجسم. مع ذلك، هذه الأغذية ليست الوحيدة التي يمكن أن تسبب إفساد نتائج الاختبارات السريعة للمخدرات. تقول عالمة السموم وأستاذة علم الأمراض السريري في جامعة يوتا، غوين ماكميلِن: "هناك العديد من المواد التي يمكن أن تؤدي إلى ظهور النتائج الإيجابية الكاذبة".

اقرأ أيضاً: التكنولوجيا الحديثة تساعد العلماء على حل ألغاز سموم الأفاعي وتصميم أدوية فعّالة

لماذا لا تكشف الاختبارات المواد المستهدفة فقط؟

يحمل النوع الأكثر استخداماً من اختبارات المخدرات السريعة اسم "اختبارات المقايسة المناعية". تختلف هذه الاختبارات كثيراً وتصنعها شركات عديدة. تكشف الأنواع المختلفة من هذه الاختبارات عن وجود الأمفيتامينات والبنزوديازيبينات والفينسيكليدين والأفيونات والمواد الأفيونية الاصطناعية وبعض النباتات المخدرة وغيرها من المواد الخاضعة للتنظيم. تتفاعل الأجسام المضادة في الاختبارات مع المركبات المختارة التي يمثّل وجودها دليلاً على التعاطي المرجّح للمخدرات، وهي المستقلَبات التي يطرحها الجسم مع البول. مع ذلك، هذه الاختبارات ليست مصممة بطريقة تجعلها تكشف فقط المواد المستهدفة التي يستخدم الخبراء هذه الاختبارات لكشفها. تقارن ماكميلِن الاختبارات السريعة بلوح ألعاب خشبي يحتوي على فتحات للكرات الزجاجية؛ إذ يمكن أن تمر الكرات الزجاجية ذات الأحجام والأشكال المتشابهة عبر الفتحات نفسها.

وفقاً لماكميلِن، شباك صيد الأسماك هي تشبيه آخر مناسب؛ إذ تقول لبوبيولار ساينس: "الشباك مصممة لالتقاط الأسماك، وليس لالتقاط نوع محدد من الأسماك. اختبارات المقايسة المناعية ممتازة من ناحية أنها تكشف العديد من المواد التي تشبه المواد المستهدفة. إذا كان الهدف هو إجراء تحرٍّ، فهذه الميزة مهمة، لكن النتائج الإيجابية الكاذبة هي من التبعات الحتمية".

الأجسام المضادة هي المكون الأهم في تصميم اختبارات المقايسة المناعية، وقد يكون من الصعب تحقيق التوازن بين السعي لجعل الاختبارات نوعية وضمان أنها حساسة لفئة كاملة من المواد ذات الصلة والخاضعة للرقابة، خصوصاً بالنظر إلى أن هذه الاختبارات من المفترض أنها أولى إجراءات الكشف عن هذه المواد. سعيُ الشركات المصنّعة لتعزيز شمولية الاختبارات هو سبب ظهور النتائج الإيجابية الكاذبة غالباً. يقول المتخصص في السموم الطبية وطبيب الطوارئ في مستشفى الصحة الجامعي وجامعة ميزوري في مدينة كانساس، آدم ألغرن، إن هذه النتائج تظهر أيضاً بسبب بعض القيود الكيميائية الأساسية؛ إذ يستقلب جسم الإنسان مجموعات معينة من الأدوية، خاصة الأمفيتامينات، ويركّب منها جزيئات غامضة تشبه الكثير من المواد.

أدوية كثيرة تسبب ظهور نتائج إيجابية كاذبة في اختبارات الكشف عن المواد المخدرة

هناك الكثير من الأدوية التي تتسبب بظهور النتائج الإيجابية الكاذبة التي تشير إلى وجود الأمفيتامين، ومنها أدوية نزلات البرد ومضادات الهستامين ومضادات الاحتقان ومضادات الاكتئاب وأدوية ضغط الدم وأدوية السكري. قد تظهر أدوية نزلات البرد التي يمكن بيعها دون الوصفات الطبية على أنها فينسيكليدين في الاختبارات. الكودين وبعض المضادات الحيوية المستخدمة عادة لعلاج التهابات المجاري البولية وأدوية ارتفاع ضغط الدم والأدوية المضادة للغثيان جميعها من الأدوية التي قد تؤدي إلى نتائج إيجابية كاذبة تشير إلى وجود المواد الأفيونية والأفيونات. يمكن أيضاً أن يؤدي الكينين، المركب المضاد للملاريا المستخدم لتنكيه ماء التونيك، إلى تحفيز آلية بعض هذه الاختبارات. يمكن أن تظهر منتجات الكانابيديول وحتى أنواع معينة من غسول الأطفال على أنها نتائج إيجابية في فحوص الكشف عن القنّب أو رباعي هيدرو كانابينول (THC). يكتشف الباحثون باستمرار أمثلة جديدة عن المركبات التصالبيّة التفاعلية.

حساسية الاختبارات هي عامل آخر يجب أخذه في الاعتبار. تسعى الشركات المصنعة إلى تطوير اختبارات تكشف المخدرات الموجودة في الجسم فعلاً، لكن الاختبارات السريعة ستشير إلى وجود مواد غير موجودة بالفعل وإلى حالات التعرض العرضية للمواد أو حتى التعرض السلبي (غير المباشر) إذا صممتها الشركات بعتبات منخفضة بما يكفي.

على الرغم من أن أغلب علماء السموم يعون نقاط الضعف هذه، وأن اختبارات المقايسة المناعية تكون مرفقة بنشرات تورد حالات التفاعلية التصالبية المحتملة مع المخدرات غير المستهدفة، فإن الأطباء الذين يُخضعون المرضى لهذه الاختبارات في المستشفيات أو أجنحة المخاض والولادة قد لا يكونون على دراية بالطرق القانونية والرائجة العديدة التي تجعل تحرّيات المخدرات في البول تولد نتائج إيجابية. قد يؤدي ذلك إلى المشكلات في الحالات التي تتطلب السرعة والتي لا يُجري فيها الخبراء اختبارات التأكيد. تقول ماكميلِن إن رعاية المرضى أيضاً قد تصبح أقل كفاءة عند استخدام اختبارات المخدرات السريعة وحدها على أنها أساس للموافقة على إجراء العمليات الجراحية وتطبيق العلاجات الأخرى.

اقرأ أيضاً: ما هي أبرز التحاليل التي تكشف سلامة الكلى في الجسم؟

النتائج السلبية الكاذبة رائجة أيضاً

بالإضافة إلى ذلك، النتائج السلبية الكاذبة رائجة أيضاً. لا يتمتع بعض الاختبارات بحساسية كافية لكشف تركيز مادة مخدّرة ما منتشرة في الجسم. هناك أيضاً مواد أحدث قد لا تظهر في الاختبارات التي تهدف نظرياً إلى الكشف عن وجودها. على سبيل المثال، لا تكشف اختبارات المخدرات الأفيونية جميعها المواد الأفيونية الاصطناعية وشبه الاصطناعية مثل الفنتانيل والأوكسيكودون؛ إذ إن مستقلَبات هذه المواد ومكوناتها الكيميائية مختلفة. يقول ألغرِن إن هذا يمكن أن يتسبب للمرضى بالمشكلات، وقد يؤدي حتى إلى طرد الأشخاص ظلماً من برامج إدارة الألم المزمن؛ إذ قد تدفع النتائج السلبية الكاذبة مقدمي الخدمة للاعتقاد خطأً بأن المرضى لا يتناولون أدويتهم وفقاً للوصفة.

يقول كل من ألغرن وماكميلِن إنه في الوضع المثالي، يمكن التحقق من أي نتيجة غريبة لاختبارات المقايسة المناعية من خلال إجراء اختبارات المتابعة المخبرية الأدق والأكثر تحديداً. مع ذلك، لا يستخدم الخبراء هذه الاختبارات التأكيدية الأبطأ والأكثر تكلفة في أنظمة المستشفيات جميعها أو مراكز الرعاية كلها. يقول ألغرِن: "أعتقد أن الكثير من الأطباء يسارع إلى اعتبار نتائج المقايسة المناعية نهائية، ثم يتخذ القرارات بناءً عليها دون تأكيدها أو الأخذ في الاعتبار وجود عوامل أخرى مؤثرة".

تقول ماكميلِن: "لم ألاحظ شخصياً أن الخبراء يعيرون اهتماماً كافياً لاختبارات التأكيد". ويقول الخبيران إنهما يرغبان في أن يشهدا ذلك يتغيّر.