النوم أمام التلفاز قد يضر صحتك

قد تكون هناك مخاطر على صحتك الصورة: Pixabay
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أصبحت تجهيزات غرف النوم الحديثة مصدراً للإضاءة المتوهجة والضوضاء على مدار الساعة، سواءً كانت شاشات التلفاز أو الكمبيوتر أو حتى أجهزة الراديو والهواتف المحمولة وغيرها. وتشير الأبحاث مؤخراً إلى أن التعرض المزمن للضوء والأصوات قبل وأثناء النوم يؤدي إلى العديد من المشاكل الصحية التي تتطور مع الوقت. لذا إليكم كل ما تحتاجون إلى معرفته حول آراء الخبراء في هذا الأمر.

تبث المحطات التلفزيونية العديد من البرامج التي تستحق المتابعة والمشاهدة، لكن بالرغم من عدم امتلاك الوقت الكافي، إلا أننا نتابع هذه البرامج على حساب ساعات النوم التي يحتاجها الجسم، مما قد يصيبنا باضطرابات في عادات نومنا. فنحن نصرّ على متابعة جميع البرامج والأفلام والمسلسلات الممتعة والمفيدة حرصاً على عدم تفويت أيٍّ منها، وأعتقد مع إطلاق ديزني وآبل لخدمات البث المباشر للمحتوى الأصلي تحت الطلب قريباً، ستتفاقم هذه المشكلة أكثر.

تكمن المشكلة في أن النوم سيداهمنا فجأةً في نهاية المطاف أثناء متابعة تلك البرامج. ويعتقد البعض أن الأصوات الصادرة عن إعادة المسلسل أو الفيلم المفضّل لنا قد يساعدنا على النوم نوعاً ما، إلا أنه تبين مؤخراً أن الضجيج الذي يصدره التلفاز أثناء نومنا مؤذٍ لدماغنا على عكس ما كنّا نعتقد تماماً.

تقول “راشيل سالاس”، أستاذة علم الأعصاب ومتخصصة في طب واضطرابات النوم بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية في هذا الشأن: “هناك مشكلتان كبيرتان في ترك التلفاز أو الكمبيوتر المحمول يعمل أثناء عرض مسلسلٍ نحبه مثلاً بعد أن نغرق في النوم، وهما الضوء والضوضاء اللتان تصدران منهما، وسنكون عرضة لتأثيرهما في هذه الحالة”.

مشكلة الصوت

المشكلة الرئيسية هي في الأصوات المختلفة التي تصدر من التلفاز أثناء نومنا، والتي لا يمكن توقّع مستوى ضجيجها وتواترها، بينما توفر الأدوات المساعدة للنوم الشائعة التجارية أصواتاً خفيفة هادئة مختلفة ذات تواترٍ ومستوى ثابتين نسبياً.

لكن ذلك لا ينطبق على الأصوات الصادرة من التلفاز مثلاً، فلا يمكن التحكم بها عملياً. تقول “سالاس”: “قد يقوم شخصٌ ما بإطلاق النار من مدفعٍ رشاش أو يشغل محرك سيارة، تخيل هذا الصوت كم هو صاخب. يمكن لهذه الأصوات أن تنبّه دماغك أثناء النوم وتؤدي لخلل في دورته وقد توقظك أيضاً، وحتى لو لم تستيقظ حينها -أو قد تتذكر أنك استيقظت وعدت للنوم مجدداً- فإن الأثر السلبي لتلك الأصوات يتراكم شيئاً فشيئاً ويؤذي دماغك دون أن تشعر”.

وتوضح “سالاس” ماقد ينجم عن تعرضنا لمثل هذه العوامل أثناء نومنا قائلةً: “تتمثل الآثار السلبية التي قد تحدث في اضطرابات النوم، حتى لو لم يتم تشخيصك بها، فقد تكون مصاباً بها دون علمك. فمثلاً، حتى أقل تنبيهٍ للدماغ كفيلٌ بإدخالك في حالةٍ من الأرق المزمن”. وتتابع قائلة: “يمر الإنسان بأربع مراحل من النوم عملياً، فلو تعرض الدماغ لتنبيهٍ أثناء انتقاله من مرحلة إلى أخرى من النوم الأعمق- مثل مرحلة “REM” أو رمش العيون السريع- فقد يعرقل ذلك دخول الدماغ في هذه المرحلة، مما يضطر الدماغ للبدء مجدداً في محاولة النوم”.

تقترح “سالاس” على الأشخاص الذين لا يستطيعون النوم دون الإنصات لصوت ضجيجٍ ما، استخدام آلةٍ الكترونية بسيطة مثل الآلات التجارية المُستخدمة منذ عقود والتي تصدر صوتاً منتظماً كصوت غسالة أو موج البحر، أو تشغيل مروحة بسيطة تؤدي الغرض.

مشكلة الضوء

تكثر الأجهزة التي يصدر الضوء منها في غرف النوم، مثل أجهزة الشحن والشاشات (الضوء الصغير في زاوية الشاشة والذي يشير إلى أنه موصولٌ بالتيار الكهربائي في حالة عدم العمل) وغيرها، إلا أن مقدار الإضاءة التي تُصدرها لا يقارن إطلاقاً بمقدار الضوء المنبعث عن التلفاز مثلاً عند تركه يعمل أثناء النوم. فجسمنا أثناء النوم، ومع أن أعيننا مغلقة، ما يزل قادراً على تحسس الضوء الساقط عليه مما قد ينبه دماغنا، وما تزال الأبحاث جاريةً لتقييم الآثار المترتبة عن التعرض لللضوء الأزرق قبل وأثناء النوم.

تقدم “نتفلكس” وغيرها من خدمات البث المباشر  ميزة عرض رسائل التأكد من عدم النوم أثناء العرض، حيث تظهر شاشة تقول: “هل ماتزال تشاهد ..؟” لتتأكد من وجود المشاهد وعدم نومه بالفعل، حتى لا تفوته أحداث المسلسل أو البرنامج الذي يتابعه. إذا لم يردّ المشاهد على تلك الرسالة، تظهر شاشة سوداء مؤقتاً حتى يعود للمشاهدة مرة أخرى. لكن حتى مع ظهور تلك الشاشات السوداء، سيظل هناك ضوء منبعث من التلفاز ما لم يكن لديك تلفاز حديث من نوع “OLED” الذي يقوم تلقائياً بإيقاف عمل الشاشة كلياً عندما تكون سوداء.

مراقبة العوامل المؤثرة على النوم

من الصعب مراقبة ما قد يؤثر على نومنا، لأننا قد لا نتذكرها أو نلاحظها حتى. كما أن محفزّات النوم التجارية قد لا تكون نافعةً أحياناً نظراً لأنها غير مصممة بما يتناسب مع مراحل النوم، ويعتقد بعض الباحثين أن مراقبة عادات نومنا المستمرة قد تؤدي لعاداتٍ واضطراباتٍ جديدة قد تكون سيئةً عموماً.

تقول “سالاس” في الختام: “يمكن لجسمك أن يتأقلم ويعوّض اضطراب النوم التي قد تحدث أحياناً عندما تكون شاباً، لذلك لا تلاحظ الآثار المرضية حينها وقد تعتقد أنك بصحةٍ جيدة، إلا أنك ستلاحظ الآثار السلبية مع تقدمك في السن. لذا حاول قدر الإمكان الحد من هذه العادات السيئة، حتى لو كنت تعتقد أن مشاهدتك لمسلسلك المفضل قد تساعدك على النوم ولن تتسبب بأي ضرر. حاول قد الإمكان أن تحافظ على صحة دماغك ونومك، فحتى الآن لم تتوصل الأبحاث لتحديد الأضرار التي قد تنتج عن هذه العادات السيئة.