تناول الوجبات السريعة قد يؤثر على البكتيريا المتعايشة في الأمعاء

قم بتناول الأطعمة اللذيذة مثل البيتزا، ولكن أضف إليها بعض الخضار الليفية.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

غالباً ما نسمح لأنفسنا في أوقات الأعياد بالتساهل في تناول الأطعمة اللذيذة الحلوة والمالحة. وهذا الأمر لا بأس به لمدة أسبوع واحد في العام كله. فالاعتدال هو الأساس في اتباع نظام غذائي صحي على مدار السنة. ولكن من المهم عدم إهمال تناول الفواكه والخضروات بشكل كامل، وليس ذلك فقط بسبب الفيتامينات والمواد المغذية الأخرى التي توفرها. نعم، فنحن نتحدث عن الألياف.

يمكن أن تؤثر كمية الألياف الموجودة في النظام الغذائي للشخص على الوزن وسكر الدم وتنظيم الأنسولين وصحة الأمعاء. ولكن العلماء لا يزالون غير مدركين تماماً للآلية التي تقوم فيها الألياف بكل ذلك. وتحاول دراستان جديدتان في دورية “سل” فهم سبب الأهمية الكبيرة للألياف. ففي دراسة على الفئران، وجد الباحثون بأن اتباع نظام غذائي منخفض الألياف لمدة ثلاثة أيام فقط يمكن أن يغير تنوع الميكروبات في الأمعاء، وأن يبدل الطبقة المخاطية الواقية التي تشكل نوعاً من السدّ بين الخلايا المعوية والبكتيريا والأغذية المحيطة.

وفي الواقع، لا يمكن للبشر هضم واستخدام أي من الألياف التي يأكلونها، وهي تمر فقط عبر الجسم. فلماذا تعتبر جيدة جداً بالنسبة لنا؟ تتفكك معظم الأطعمة التي نأكلها بسرعة في الأوساط عالية الحموضة للمعدة، ثم يتم امتصاصها هناك وفي الأمعاء الدقيقة. ولكن الألياف تصمد أمام هذه العملية برمتها وتصل سالمة إلى القولون، حيث يتم التهامها من قبل البكتيريا المستوطنة في الأمعاء الغليظة. وبالتالي، فكلما تناولنا المزيد من الألياف، كلما زادت الطاقة التي يمكن أن نوفرها للميكروبات، وكلما أصبحت أكثر وفرة وتنوعاً. ثم تقوم الميكروبات بدورها بالقيام بكل الأشياء المفيدة لنا مثل مساعدتنا على هضم بعض الأطعمة، وتنظيم التمثيل الغذائي وسكر الدم، والحفاظ على وزن صحي. وتشير الأبحاث إلى أن البكتيريا المتعايشة في الأمعاء الأكثر صحة هي تلك المليئة بالميكروبات المتنوعة، وبالتالي فإن الجرعات العالية من الألياف تساعدنا على البقاء بصحة جيدة.

ولكن ماذا يحدث عند الانقطاع لبضعة أيام – أو حتى أسبوع – عن الألياف مقابل الوجبات السريعة في الأعياد؟ وجد الباحثون بأنه بعد ثلاثة إلى سبعة أيام فقط من اتباع نظام غذائي منخفض الألياف، فقد تغيرت البكتيريا المتعايشة عند الفئران وانخفض عددها وأصبحت أقل تنوعاً، حيث ماتت أنواع مختلفة من البكتيريا. بالإضافة إلى ذلك، بدأت الطبقة الرئيسية المخاطية التي تحمي بطانة الأمعاء بالتفكك. وهذا يسمح للبكتيريا بالوصول إلى بطانة الأمعاء، مما يسبب حدوث التهاب واسع النطاق والذي يمكن أن يسهم في الإصابة بأمراض التمثيل الغذائي مثل مرض السكري والسمنة.

منذ فترة طويلة، ارتبطت الأطعمة التي تسمى بالوجبات الغذائية الغربية – والتي تضم كمية أكبر من الأطعمة المصنّعة وبالتالي كمية أقل من الألياف – مع عدد كبير من المشاكل الصحية مثل السكري والسمنة، والأمراض الالتهابية (مثل داء الأمعاء الالتهابي). وتشير البحوث إلى أن العديد من الناس الذين يعانون من هذه الأمراض يكون التنوع الميكروبي قد تغير لديهم. وتبين الدراسة الجديدة مدى سرعة بدء هذه الميكروبات بالتموّت، حيث يحدث ذلك بعد أسبوع واحد فقط من التحوّل الغذائي.

وعندما قام الباحثون بتبديل النظام الغذائي للفئران إلى الأطعمة الغنية بالألياف والتي تسمى الإينولين، فإن هذا التغيير أدى إلى جعل الأمعاء أكثر تنوعاً وملاءمة للميكروبات. ولسوء الحظ، فإن البكتيريا المتعايشة عند الفئران لم تصل تماماً إلى مستوى التنوع الذي تمت ملاحظته في بداية الدراسة.

ماذا يعني هذا بالنسبة لنا؟

تعدّ الألياف مهمة جداً بالفعل. فعلى الرغم من أنه لا بأس في تناول بعض الأطعمة التي لا تعتبر صحية تماماً، إلا أنه يجب علينا على الأرجح عدم إهمال الألياف. فالقلق من زيادة الوزن قد يجعلك تحسب السعرات الحرارية وتتوقف عن تناول البسكويت، ولكن من الأفضل بكثير تركيز الجهود في الحفاظ على تناول الفواكه والخضار مع الاعتدال في تناول الحلويات.

أثناء قيامك بذلك، حافظ على تناول الأطعمة الغنية بالألياف كل يوم من أيام السنة. وحتى لو استوفيت تلك الكمية الموصى بها، يمكنك أن تفعل ما هو أفضل، إذ وجدت دراسة أجريت هذا العام لتحليل الوجبات الغذائية عند سكان الهادزا – وهي قبيلة تقوم بالصيد وجمع الثمار في أفريقيا – بأنهم يأكلون في المتوسط 100 غرام من الألياف يومياً. وهم يميلون إلى عيش حياة صحية وطويلة، ولديهم بالتأكيد أمعاء أكثر صحة.

وبطبيعة الحال، لا يمكن للعالم بأسره العودة إلى أسلوب حياة الصيد وجمع الثمار. وبدلاً من ذلك، يقوم الباحثون باستكشاف الميكروبات التي تساعد الأمعاء (وكيفية ذلك) حتى نتمكن من تسخيرها لعلاج وإيقاف بعض الأمراض. ولكن في هذه الأثناء، يجب أن تأكل بالتأكيد المزيد من الفواكه والخضروات.