في الحقيقة، لا أحب العصائر مطلقاً. أرجو ألّا تسيؤوا فهمي، فقد شربت سابقاً بعض عصائر الخضار والزنجبيل والليمون والكركم، لكنّ استبدال وجبة الإفطار بعصير؛ هو في الأساس مشروب سكري يكلّف 10 دولارات، لا أعتبره منطقياً أبداً. لا أفهم سبب فعل الناس لذلك، وأنا شخصياً لا أنتقد من يستمتع باحتساء شراب عصير الجزر البارد، ولكن لا تَقُل لي أنّ العصير مفيد لك.لقد درس  الباحثون ما يُشاع من خرافاتٍ منتشرةٍ حول الفوائد الصحية المرتبطة بالعصائر في دراسةٍ نُشرت عام 2017 في مجلة الكلّيّة الأميركية لأمراض القلب؛ حيث راجعوا العديد من الحميات الغذائية التي تعتمد على العصائر، في محاولةٍ منهم لتبيان الحقيقة حول إذا ما كانت تنطوي على أيّة فائدةٍ فعلية.تستند بعض هذه الحميات الغذائية على بعض الأدلة من دراسة واحدة أو اثنتين فقط، أي أنها جديدة كلّيّاً، ولم تتكرر في تجارب أخرى بما فيه الكفاية لاعتبار هذه الأدلة موثوقة. بينما تعتمد بعض الحميات الأخرى على دراساتٍ ممولة من شركات صناعة العصائر، وبالتالي من المحتمل أن تكون نتائجها متحيزة، أو تستند إلى أبحاثٍ اعتمدت على الاستطلاعات المُبلَّغ عنها ذاتياً، حيث تفتقر هذه الاستبيانات إلى المصداقية نظراً لأن الأفراد يميلون غالباً إلى الكذب حول عاداتهم الغذائية، أو قد لا يتذكرونها ببساطة.

من غير المستغرب أنّ أطباء القلب ركّزوا في دراستهم على أثر الحميات المبتذلة على صحة القلب. لنكن واقعيين؛ إذا كان نظامك الغذائي سيئًا لقلبك ، فهل يمكنك حتى الادّعاء بأنه «صحي»؟ طبعاً لا.

لماذا حميات العصائر؟

في الواقع، استُخدمت العصائر بسبب ميلها لاحتواء كمياتٍ أقل من السكريات والسعرات الحرارية، لكن عندما تقوم بعصر الفواكه، فإنك تزيل منها الألياف الصحية المفيدة لنظامك الغذائي؛ أنت في الأساس لن تشرب في هذه الحالة سوى ماء سكريّ مع بعض الفيتامينات، فمن الأفضل في هذه الحالة تناوُل القليل من الجزر والتفاح بدلاً من عصر سلّة كاملةٍ منها؛ لا تُعادل قيمتها الغذائية أكثر من قيمة القليل منها في حالتها الصلبة.

يقول «كيث أيوب» من كلّيّة ألبرت أينشتاين للطب -والذي لم يشارك في الدراسة الجديدة- في حديثه إلى شبكة إي بي سي: «إذا شربت العصائر، فإنك ستفقد بعض العناصر الغذائية التي كنت ستحصل عليها لو كنت تناولت الفاكهة كما هي. تذكّر أنّ معدتك تعمل مثل عصّارة رائعة، لكنها تعمل ببطء بعض الشيء، لذلك دع أسنانك وجهازك الهضمي يقومان بما يفترض بهما القيام به، فالألياف الموجودة في الخضار والفواكه ضروريةٌ لاتّباع نظامٍ غذائي صحي».

وهذا يقودنا إلى نقطة أخرى مهمة؛ وهي الادّعاء بأنّ العصائر تساعد على إزالة السموم من الجسم. إذا كنت تشرب عصير الفاكهة بدلاً من تناول الفاكهة بحالتها الصلبة، فقد ينتهي الأمر بطبيبك إلى تحذيرك بشأن السكريات والسعرات الحرارية، فأنت في النهاية ستستهلك سعراتٍ حراريةٍ أقل بشكلٍ عام إذا كنت تعتمد في حميتك الغذائية على شرب ما يعادل 50 جزرة يومياً مما لو كنت تتناول طعاماً حقيقياً على الفطور والغداء والعشاء. لكن الجسم قادر تماماً على التخلّص من السموم في كل الحالات دون الحاجة إلى العصائر، وقد تبطّئ العصائر من عملية تخلص الجسم من السموم، بينما ستجعل مستويات السكر العالية في العصائر من الصعب على جسمك خسارة الوزن على المدى الطويل.

ربما ستقول أنّ أحد مؤلفي الدراسة؛ والذي يَظهر اسمه -الدكتور ميلر- في كشف الدراسة عن تضارب المصالح، يعمل مستشاراً علمياً في شركة إنتاج العصائر «بريسد جوس»، ولكن من الواضح أنّ الدكتور لا يروّج للشركة التي يعمل بها ويقول رأيه بمنتهى الأمانة العلمية.

حميات العصائر ليست الشيء الوحيد الذي درسه الباحثون.

تناولت الدراسة أيضاً زيت جوز الهند، والذي يُشاع أنه من الدهون الصحية. في الواقع، يحتوي هذا الزيت على دهونٍ مشبعة أكثر من الزبدة أو حتى من الدهن الحيواني، لكنّ استخدامه على نطاقٍ واسع ازداد في السنوات الأخيرة بسبب العديد من التقارير حول فوائده الصحية.

ولكن وفقاً للدراسة الجديدة، فإنّ «المَزاعم حول الفوائد الصحية الموثَّقة للزيوت الاستوائية غير مدعومةٍ بالأدلة، ويجب عدم التشجيع على استخدام هذه الزيوت».

كما تناولت الدراسة المزاعم حول الآثار الضارة للغلوتين؛ حيث خلصت الدراسة إلى أنك ما لم تكن مصاباً بمرض حساسية القمح، أو كنت واحداً من الذين يعانون من نوعٍ آخر من الحساسية تجاه بروتين القمح (تبلغ نسبتهم 6% فقط)، فلا يوجد دليل يدعم المَزاعم التي تقول أنّ استبعاد الغلوتين من نظامك الغذائي له فائدة صحية. ولكن خلافاً للعصائر، لا ضرر من تجنب الغلوتين إذا كنت تريد ذلك حقاً، طالما أنك لا تلجأ لتعويضه بالأطعمة عالية السعرات الحرارية أو الكولسترول.

خلاصة القول؛ من المرجّح أن يكون أي نظامٍ غذائي يُستبدل الطعام بالعصائر غير صحي أو مضلل. وفي حين أنّ احتياجاتك الغذائية اليومية قد تكون متنوعة، فعليك معرفة النظام الغذائي الملائم لصحة القلب، وهي الخضار الورقية والفواكه الطازجة، وخفّف عليك فيما يتعلّق بالسعرات الحرارية.

في النهاية، عليك تَذكُّر مدى اللغط والارتباك الذي يمكن أن يحصل في مجال البحوث الغذائية. تذكَّر فقط أنه لا يمكن البناء على دراسةٍ واحدةٍ فقط، إذ أنّ العلماء يحتاجون لإعادة تجاربهم لرؤية نفس النتائج مراراً وتكراراً، وفي ظروف وبيئاتٍ مختلفة، للجزم في النهاية بدرجة صحة شيءٍ ما. لذا توقف عن القلق بشأن الأبحاث الجديدة التي تروّج للفوائد الصحية لأيّة منتجات، أو تُشوِّه صورة منتجات أخرى. وبدلاً من ذلك، التزم بالعادات الغذائية التي تعرف أنها صحية، واستمتع بباقي المأكولات باعتدال.

هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً