ملخص: يمكن كبح الشهية وتحقيق أهداف الصحة من خلال استراتيجيات غذائية وتغييرات في نمط الحياة. تُعدّ الأطعمة الغنية بالألياف، خاصة القابلة للذوبان، مثل الشوفان والبقوليات والخضروات وبذور الشيا والحلبة، مثبطات شهية طبيعية فعّالة لقدرتها على امتصاص الماء وإبطاء الهضم، كذلك يعزز البروتين الشعور بالشبع ويزيد هرمونات الشبع، ويُنصح بتناول البيض والدجاج والزبادي والتوفو إلى جانب شرب الماء والأطعمة الغنية بالماء ما يُقلل كمية الطعام المتناولة. وتشمل المشروبات المثبطة للشهية الشاي الأخضر والقهوة الخضراء والمتة والزنجبيل. تُفيد إضافات غذائية كالفلفل الحار وخل التفاح في كبح الشهية، وتساعد تعديلات نمط الحياة والنوم الكافي والتحكم في التوتر والأكل بوعي وممارسة الرياضة على تحقيق الأهداف الصحية. ويمكن تناول مكملات غذائية كـ "الكارالوما فمبرياتا" و"5-هيدروكسي تريبتوفان"، لكن مع ضرورة استشارة الطبيب. ويُنصح باستشارة متخصص إذا استمر الشعور بالجوع المفرط.
الشعور بالجوع والشهية تجاه الطعام أمر طبيعي، وهو إشارة إلى أن جسمك يحتاج إلى طاقة ومن ثَمَّ يجب تناول الطعام. لكن إذا كنت تشعر بالجوع أكثر من المعتاد، فيمكن أن يُعدّ الأمر تحدياً كبيراً، خاصة إذا كنت تسعى إلى إنقاص وزنك أو الحفاظ على وزن صحي. لكن، هناك العديد من مثبطات الشهية الطبيعية التي يمكن أن تعزز الشعور بالشبع فترة أطول.
نستكشف في هذه المقالة مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات المدعومة علمياً، وتشمل الخيارات الغذائية وتغييرات نمط الحياة، لمساعدتك على كبح شهيتك وتحقيق أهدافك الصحية.
الأطعمة الغنية بالألياف: مثبطات شهية طبيعية
تُعدّ الألياف الغذائية، خاصة الألياف القابلة للذوبان، من أقوى مثبطات الشهية الطبيعية. تمتصُّ الألياف القابلة للذوبان الماء في المعدة، وتشكّل مادة هلامية تزيد حجم الطعام، وتبطئ عملية الهضم، ما يزيد الشعور بالامتلاء فترة أطول ويقلل الرغبة في تناول المزيد من الطعام. يُعزى هذا التأثير إلى قدرة الألياف على زيادة لزوجة الطعام في المعدة، ما يُبطئ عملية تفريغ المعدة، ويُطيل الشعور بالشبع. بالإضافة إلى ذلك، تسهم الألياف في إطلاق هرمونات الشبع في الأمعاء، مثل (ببتيد YY) و"الببتيد شبيه بالغلوكاغون-1" (GLP-1)، التي تعزز الشعور بالامتلاء.
تشمل المصادر الغنية بالألياف القابلة للذوبان:
- الحبوب الكاملة: يحتوي الشوفان على نوعٍ من الألياف يُسمَّى بيتا غلوكان (Beta-Glucan)، الذي يزيد الشعور بالشبع ويقلل استهلاك السعرات الحرارية. يمكن تناول الشوفان كوجبة فطور مُشبعة أو إضافته إلى العصائر والزبادي لزيادة محتوى الألياف.
- البقوليات: تُعدّ البقوليات مثل العدس والفاصولياء من المصادر الممتازة للألياف والبروتين، ويُمكن تناولها وإضافتها إلى العديد من الأطباق، مثل الشوربات واليخنات والسلطات.
- الخضروات: تحتوي معظم الخضروات مثل البروكلي والجزر على كميات جيدة من الألياف، بالإضافة إلى الفيتامينات والمعادن الأساسية. يُفضّل تناولها طازجة أو مطبوخة على البخار للحفاظ على قيمتها الغذائية.
- البذور: مثل بذور الشيا فهي غنية بالألياف والبروتين، ما يجعلها مثالية لقمع الشهية. يُمكن إضافتها إلى العصائر أو الزبادي أو تناولها كبودينغ (Pudding). كذلك قد تقلل الألياف في بذور الحلبة الشهية وتساعد على التحكم في مستويات السكر في الدم، ما يُقلل الرغبة في تناول الطعام، ويمكن تناولها كمشروب أو إضافتها إلى الأطعمة.
الأطعمة الغنية بالبروتين وتثبيط الشهية
يُعرف البروتين، سواء كان نباتياً أو حيوانياً، بأنه أكثر أنواع المغذيات إشباعاً. إذ يزيد تناوله إنتاج هرمونات الشبع، ويقلل مستويات هرمون الغريلين (ghrelin)، الذي يُحفّز الشعور بالجوع، ما يسهم في تنظيم الشهية والتحكم في كمية الطعام المتناولة.
تشمل مصادر البروتين الصحية، البيض، فهو مصدر ممتاز للبروتين عالي الجودة، وسهل الإعداد. وتُعدّ صدور الدجاج مصدراً للبروتين قليل الدسم. ويمكن تناول الزبادي اليوناني كوجبة خفيفة مُشبعة أو إضافته إلى العصائر، فهو غني بالبروتين وقليل الدسم. ويمكن تناول التوفو كمصدر نباتي للبروتين.
اقرأ أيضاً: 7 أغذية مشبعة للغاية لتقلل الشعور بالجوع بين الوجبات
شرب الماء وتناول الأطعمة الغنية بالماء لتثبيط الشهية
قد يخلط بعض الأشخاص بين شعوري العطش والجوع، ما قد يؤثّر في اختيار المرء للطعام. لذا، شرب الماء قبل الوجبات يمكن أن يملأ المعدة، ما يقلل كمية الطعام التي تتناولها. ويمكنك شرب كوب من الماء قبل تناول الطعام أو أخذ بضع رشفات في أثناء تناول الوجبات. فضلاً عن أن الأطعمة الغنية بالماء، مثل الحساء والسلطات والفاكهة والخضروات، تملأ المعدة وتعزز الشعور بالشبع وتحتوي على سعرات حرارية أقل.
مشروبات تساعد على تثبيط الشهية
- الشاي الأخضر والقهوة الخضراء: يحتوي الشاي الأخضر على الكاتيكين (catechins) والكافيين (caffeine)، الذي يزيد الشعور بالامتلاء ويساعد على حرق الدهون. كذلك تحتوي حبوب القهوة الخضراء على مستويات عالية من حمض الكلوروجينيك (chlorogenic acid)، الذي قد يمنع تراكم الدهون، إلى جانب الكافيين الذي يثبط الشهية.
- شاي المتة: مشروب تقليدي يُحضَّر من أوراق نبات المتة ( Yerba mate) في أميركا الجنوبية. يحتوي على الكافيين ومُركّبات أخرى قد تساعد على الشعور بالشبع والامتلاء.
- الزنجبيل: يمكن أن يقلل تناول الزنجبيل الشعور بالجوع ويزيد الشعور بالشبع. يمكن إضافته إلى الأطعمة أو تناوله كشاي.
تُضيف أخصائية التغذية، سما أسامة في تصريحها إلى منصة بوبيولار ساينس، أن الشاي الأخضر وشاي الماتشا كذلك يحتويان على مضادات الأكسدة، وتفيد بأنه يمكن أن يحسّن تناول مشروب البقدونس والكرفس عملية إخراج الماء من الجسم. لذا، قد يعتقد الكثيرون خطأً أن هذه المواد تساعد على إنقاص الوزن. فتناولها يشعرهم أحياناً بأنهم فقدوا بعض الوزن، وهذا بدوره يشجّعهم على المواظبة والاستمرار، ما قد يؤدي إلى خسارة الوزن في النهاية. تفسّر أسامة ذلك بأنه ربما يبحث بعض الأشخاص عن هذا الشعور النفسي، أو لنقل إنهم يجدون فيه دافعاً للاستمرار، إذ قد يشعرون بالرضا عند تناول هذه المشروبات، وتوضّح أسامة أنه على الرغم من فوائد هذه المشروبات، فإنه يجب تناولها بكميات معتدلة. فمشروبا الماتشا والشاي الأخضر يحتويان على الكافيين، يجب ألّا تُكثِر منهما، بينما يكفي تناول كوب من البقدونس والكرفس مرة واحدة يومياً.
إضافات غذائية تساعد على تثبيط الشهية
هذه الأطعمة والمشروبات تحتوي على مركبات نباتية قد تساعد على قمع الشهية:
- الفلفل الحار: يحتوي الفلفل الحار على الكابسيسين (capsaicin)، وهو مُركّب قد يساعد على تثبيط الشهية وزيادة حرق الدهون. يمكن إضافته إلى الوجبات حسب الرغبة.
- خل التفاح: قد يزيد خل التفاح الشعور بالشبع ويقلل استهلاك السعرات الحرارية، يُعتقد أن هذا التأثير يعود إلى محتواه من حمض الأسيتيك الذي يبطئ إفراغ المعدة. يمكن تخفيفه بالماء وتناوله قبل الوجبات.
اقرأ أيضاً:هل يؤثّر تفريش الأسنان في شهيتك للطعام؟
تعديلات في نمط الحياة تساعد على تثبيط الشهية
لتحقيق أقصى استفادة قد يساعدك اتباع نمط حياة صحي على تحقيق أهدافك الصحية والتغذوية، وتشمل هذه التعديلات:
- النوم الكافي: تؤدي قلة النوم إلى اضطراب هرمونات الجوع، حيث تزيد إفراز هرمون الغريلين وتقلل هرمون اللبتين leptin المسؤول عن الشعور بالشبع، ما قد يزيد الشعور بالجوع ويؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام. لذا، فإن الحصول على قسط كافٍ من النوم نحو 7-9 ساعات للبالغين ضروري لتنظيم الشهية والتحكم في الوزن. ويُنصح باتباع روتين نوم منتظم وتجنب الكافيين والنيكوتين قبل النوم.
- التحكم في التوتر: يمكن أن يزيد الإجهاد المزمن إفراز هرمون الكورتيزول، حيث تؤدي مستويات الكورتيزول المرتفعة إلى زيادة الرغبة في تناول الطعام، خاصة الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون. لذلك جرّب ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل واليوغا والتنفس العميق لمساعدتك على التحكم في التوتر وتقليل الرغبة في الأكل العاطفي. كما يُنصح بممارسة الهوايات والأنشطة الممتعة للتقليل من التوتر، ويمكن تناول مكمل غذائي مثل الأشواغاندا، لتعزيز الشعور بالاسترخاء.
- تناول الطعام بوعي: أو ما يُعرف بالأكل اليقظ ويعني التركيز على اللحظة الحالية في أثناء تناول الطعام، مع الانتباه إلى مذاق الطعام ورائحته وملمسه. تساعد هذه الطريقة على إدراك إشارات الشبع وتجنب الإفراط في تناول الطعام، أو الأكل العاطفي. مضغ الطعام جيداً والتركيز على تجربة الأكل والابتعاد عن المُشتتات مثل التلفاز أو الهاتف يمكن أن يعزز الشعور بالشبع ويقلل كمية الطعام المتناولة.
- ممارسة الرياضة بانتظام: تساعد التمارين الرياضية على تنظيم هرمونات الجوع، وزيادة معدل الأيض، وحرق السعرات الحرارية، وتزيد الشعور بالشبع. يُنصح بممارسة التمارين الرياضية معتدلة الشدة مدة 30 دقيقة على الأقل معظم أيام الأسبوع.
- تجنب تناول الطعام في وقتٍ متأخر من الليل: يساعد تناول العشاء في وقتٍ مبكر وتجنب الوجبات الخفيفة في المساء على كبح الشهية ومنع تراكم الدهون. يُنصح بتحديد وقت مُعين لتناول العشاء والالتزام به.
- اختيار أواني طعام أصغر: تناول الطعام في صحون أصغر يمكن أن يساعدك على تقليل كمية الطعام التي تتناولها دون الشعور بالحرمان، حيث يخلق خداعاً بصرياً للدماغ بأن الكمية أكبر.
اقرأ أيضاً: إدارة الشهية ليلاً: نصائح للتعامل مع الجوع الليلي
دور المكملات الغذائية في تثبيط الشهية
إليك بعض المكملات الغذائية التي أظهرت نتائج أولية إيجابية في بعض الدراسات، لكنها تتطلب مزيداً من البحث العلمي لتأكيد فاعليتها وسلامتها على المدى الطويل:
- كارالوما فيمبرياتا (Caralluma Fimbriata): نبات يشبه الصبار يُستخدم تقليدياً في الهند لقمع الشعور بالجوع؛ إذ قد يساعد على تقليل استهلاك السعرات الحرارية ويقلل محيط الخصر.
- 5-هيدروكسي تريبتوفان (5-HTP): مركب يستخدمه الجسم لإنتاج السيروتونين، وهو ناقل عصبي يسهم في تنظيم المزاج والشهية. قد يساعد 5-HTP على زيادة الشعور بالشبع، لكن يجب استخدامه بحذر وتحت إشراف طبي، حيث يمكن أن يتسبب في آثار جانبية، خاصة عند استخدامه مع أدوية أخرى.
- قشور السيلليوم (Psyllium Husk): نوع من الألياف القابلة للذوبان، تتمدد قشور السيلليوم في المعدة عند مزجها بالماء، وتُستخدم عادة لعلاج الإمساك، وقد تساعد أيضاً على تنظيم مستويات السكر في الدم، وتقليل الشهية وخفض الوزن عند تناولها قبل الوجبات.
- غلوكومانان (Glucomannan): نوع آخر من الألياف القابلة للذوبان تُستخرج من جذر نبات الكونجاك. يتمدد الغلوكومانان في المعدة، ويستطيع امتصاص ما يصل إلى 50 ضعف وزنه من الماء، ما يعزز الشعور بالامتلاء ويقلل الشهية.
- مستخلص الزعفران: مستخلص يُحضَّر من زهور الزعفران، قد يقلل الرغبة في تناول الوجبات الخفيفة وزيادة الشعور بالشبع عن طريق تحسين الحالة المزاجية.
- غارسينيا كامبوغيا: فاكهة استوائية تحتوي على حمض الهيدروكسي سيتريك (HCA). يُعتقد أن هذه الحمض يُثبّط إنزيماً يُدعى سيترات لياز (citrate lyase)، الذي يشارك في إنتاج الدهون في الجسم، لذلك قد تساعد الغارسينيا ومستخلصاتها على تقليل الشهية.
- جيمنيما أو جورمار (Gymnema Sylvestre): عشبة تُستخدم في الطب الهندي التقليدي لخصائصها المضادة لمرض السكري؛ إذ قد تقلل الرغبة الشديدة في تناول السكر وتساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم.
- أجار: مادة هلامية تُستخرج من الأعشاب البحرية. تتمدد الأجار في المعدة، ما يعزز الشعور بالشبع.
- ألياف السنط (Acacia Fiber) أو الصمغ العربي: نوع من الألياف غير قابلة للهضم تقلل الشهية عن طريق إبطاء عملية الهضم ومنع امتصاص الغلوكوز في الأمعاء، ما يطيل الشعور بالشبع ويسهم في إدارة الوزن.
- بيكولينات الكروم (Chromium Picolinate): يشيع استخدام الكروم من أجل التحكم في مستويات السكر في الدم، وتقليل الشعور بالجوع وتثبيط الشهية. إذ تؤثّر بيكولينات الكروم في النواقل العصبية التي تسهم في تنظيم الحالة المزاجية، والسلوكيات المرتبطة بالطعام.
توضّح أسامة أن معظم هذه المكملات والمستخلصات حديثة، خاصة الطحالب، فهي غنية بالعناصر الغذائية، لكن يُعدّ تناولها صعباً نظراً إلى طعمها غير المستساغ، حتى كمكمل غذائي. ترى أسامة أن بعض هذه المواد مبالغ في تقدير فوائدها مقارنة بتأثيرها الفعلي، لكن إذا اختار البعض تناولها فيجب الالتزام بالجرعات الموصى بها، لأن بعض هذه المواد،لم تُجرَ عليها دراسات كافية. ولا يُنصح بالإكثار منها أو تناول الكثير من هذه المواد في الوقت نفسه، لأنها بمجرد أن تصبح مكملات غذائية، لم تعد طبيعية تماماً. حتى المواد الطبيعية يجب ألّا تتناولها بكميات كبيرة، لأن لها تأثيرات جانبية مهما كانت، مثلما تؤكد أسامة.
اقرأ أيضاً: هل تساعد مكملات الغارسينيا كامبوجيا على خسارة الوزن ودهون البطن؟
يمكن أن تختلف الاستجابات الفردية عند تناول مكمل غذائي جديد بغرض تقليل الرغبة الشديدة في تناول الطعام، خاصة إذا كنت تتناول أدوية أخرى أو تعاني أي حالة صحية. وقد تتفاعل بعض المكملات مع الأدوية أو تُسبب آثاراً جانبية. لكن هناك العديد من الطرق الأكثر فاعلية والمثبتة علمياً للتحكم في الشهية، وتقليل الرغبة في تناول الوجبات الخفيفة وفقدان الوزن دون الاعتماد على المكملات الغذائية. لذلك، يجب ألّا تعتبر هذه المكملات بديلاً عن اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن وممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
إذا استمر الشعور بالجوع أكثر من المعتاد، فقد تكون علامة على عدم تناول ما يكفي من الطعام أو عدم اتباع نظام غذائي متوازن. لذلك، من المهم استشارة مختص الرعاية الصحية للحصول على دعم إضافي لتنظيم شهيتك.