ما هي العواقب الخفية لتخطي وجبة الإفطار؟

3 دقيقة
ما هي العواقب الخفية لتخطي وجبة الإفطار؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/pixyeiw

تخيل هذا: يرن المنبه، فتتذمر، وبعد بضع جولات من المفاوضات المرهقة، تنهض أخيراً من سريرك. يكفيك الوقت بصعوبة لتنظيف أسنانك، فضلاً عن تحضير فطور شهي، فتقول لنفسك: "لا ضرر من تفويت الفطور، أليس كذلك؟" إذا بدا هذا مألوفاً، فأنت مثل ملايين غيرك يستيقظون متأخرين ويبدؤون يومهم بمعدة فارغة.

لكن هل تساءلت عما يحدث في جسمك عند تفويت وجبة الإفطار؟ هل هو مجرد توفير للوقت، أم هناك عواقب خفية لا بد من الاطلاع عليها؟ قبل أن تجعل تفويت وجبة الإفطار روتيناً يومياً، دعونا نلقي نظرة معمقة على ما اكتشفه الباحثون حول تأثير تفويت الوجبة الأولى بالغة الأهمية. 

الآثار قصيرة المدى: ماذا يحدث مباشرة بعد تفويت وجبة الإفطار؟

تفويت وجبة الإفطار يمكن أن يؤدي إلى عدة آثار مباشرة في الجسم والدماغ، ومن أهمها:

انخفاض الطاقة وضبابية الدماغ

الدماغ هو أحد الأعضاء الأكثر استهلاكاً للطاقة في الجسم، ويستخدم الغلوكوز مصدراً رئيسياً لها. في أثناء النوم، يعتمد الجسم على استخدام مخازن الطاقة بما فيها الغلوكوز، ولكن بعد الاستيقاظ، يكون مستوى السكر في الدم (الغلوكوز) منخفضاً، يحتاج الدماغ إلى مصدر جديد للطاقة ليعمل بكفاءة، ويستعيد نشاطه الذهني. 

عند تفويت وجبة الإفطار، يبقى مستوى السكر في الدم منخفضاً، ما قد يسبب شعوراً بالخمول وقلة اليقظة، وصعوبة التركيز وتشوش الذهن، بل وحتى الانفعال. يبلغ الكثيرون عن تشوش ذهني وصعوبة في التركيز، خاصة في ساعات الصباح المتأخرة. في الواقع، وجدت دراسة أجريت على الأطفال والبالغين، ونشرت نتائجها في دورية آفاق في طب الأطفال، أن تفويت وجبة الإفطار يمكن أن يضعف الأداء الإدراكي، بما فيه الذاكرة والانتباه ومهارات حل المشكلات.

اقرأ أيضاً: كيف تؤثر نوعية وجبة الإفطار في تركيزك طوال اليوم؟

اختلال التوازن الهرموني

يتبع الكورتيزول (هرمون التوتر)، دورة على مدار 24 ساعة تعرف بالإيقاع اليومي. ينظم هذا الإيقاع النواة فوق التصالبية في الدماغ، وهي الساعة الرئيسية التي تزامن عمليات الجسم مع الإشارات البيئية كالضوء والظلام.

عند الاستيقاظ، ترتفع مستويات الكورتيزول بنسبة 50-156% خلال 30-45 دقيقة من الاستيقاظ، وهي ظاهرة تسمى استجابة الكورتيزول للإيقاظ. تعمل هذه الزيادة المفاجئة منبهاً بيولوجياً للجسم للحصول على الغلوكوز (طاقة)، فإذا تخطيت وجبة الإفطار، يظل الكورتيزول مرتفعاً فترة أطول للحفاظ على مستويات الغلوكوز (من خلال تحليل الغليكوجين المخزن)، ما قد يؤدي إلى انهيار العضلات وزيادة إشارات الجوع وزيادة التوتر والانفعال.

 

زيادة الشعور بالجوع والرغبة الشديدة في تناول الطعام

يخل تخطي وجبة الإفطار بالتوازن الطبيعي لهرموني الجوع والشبع؛ الغريلين (الذي يحفز الشهية) واللبتين (الذي يشير إلى الشبع). يؤدي تفويت هذه الوجبة إلى زيادة مستويات الغريلين وانخفاض حساسية اللبتين، أي الشعور بجوع شديد، وصعوبة مقاومة إغراء الأطعمة عالية السعرات الحرارية أو السكرية أو المصنعة في وقت لاحق من اليوم، والشبع أقل بعد تناول الطعام، ما يزيد احتمالية الإفراط في تناول الطعام في وقت لاحق من اليوم.

أثبتت دراسة نشرتها دورية تقدمات في التغذية إلى أن تناول وجبة الإفطار، وخاصة تلك الغنية بالبروتين، يزيد الشعور بالشبع ويقلل الرغبة في تناول الطعام طوال اليوم.  

الآثار طويلة المدى لتخطي وجبة الإفطار

على المدى الطويل، قد يكون لتكرار تخطي وجبة الإفطار آثار صحية خطيرة في الصحة، بما فيها:

زيادة الوزن ومشكلات التمثيل الغذائي

على الرغم من الاعتقاد الشائع بأن تخطي وجبة الإفطار قد يساعد على إنقاص الوزن، لكن ذلك ليس صحيحاً على الإطلاق، بل قد يكون له تأثير معاكس.

عند تفويت وجبة الإفطار، يعاني الجسم نقصاً حاداً في الطاقة، خاصة بعد استهلاك مخازن الغليكوجين في أثناء النوم، لذا يتحول الجسم إلى وضع الحفاظ على الطاقة، من خلال إبطاء عملية الأيض وتقليل حرق السعرات الحرارية وزيادة تخزين الدهون، باعتباره آلية للبقاء.

بالإضافة إلى ذلك، يؤدي اختلال توازن الهرمونات الناتج عن تفويت وجبة الإفطار إلى زيادة إفراز هرمون الجوع، ما يشجع على تناول الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات، والمصنعة وغير الصحية، مثل الشيبس والحلويات.

 تشير الدراسة المنشورة في دورية المجلة الطبية البريطانية، إلى أن الأشخاص الذين يتخطون وجبة الإفطار يميلون إلى استهلاك سعرات حرارية أكثر في وقت لاحق من اليوم، ما يؤدي إلى زيادة الوزن.

اقرأ أيضاً: هل يجب عليك تناول وجبة الإفطار أم من الممكن تركها؟

ارتفاع خطر الإصابة بالأمراض المزمنة

ينتج عن التغيرات الأيضية لتخطي وجبة الإفطار، وما يرتبط بها من ارتفاع في مستويات سكر الدم، وتناول الطعام غير الصحي، وزيادة الدهون المخزنة، ازدياد خطر الإصابة بمجموعة من الأمراض المزمنة، بما فيها:

  • أمراض القلب والأوعية الدموية: يرتبط تخطي وجبة الإفطار بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب، مثل النوبات القلبية وأمراض القلب التاجية، وارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين. وجدت الدراسة المنشورة في مجلة أمراض القلب والأوعية الدموية أن الأشخاص الذين يتخطون وجبة الإفطار كانوا أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب أو الوفاة بسببها بنسبة 21%، وأكثر عرضة للوفاة لأي سبب بنسبة 32% مقارنة بأولئك الذين تناولوا وجبة الإفطار بانتظام.
  • داء السكري: يساعد الإفطار على تنظيم مستويات السكر في الدم، ويمكن أن يسهم تفويته في تقلبات متكررة في سكر الدم، حيث ترتفع مستوياته بحدة بعد الوجبات التي تلي الإفطار، ما يسرع تدهور وظيفة الخلايا البنكرياسية المنتجة لهرمون الإنسولين المنظم لسكر الدم. بمرور الوقت تتطور مقاومة الإنسولين في الجسم، ويزداد خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
  • متلازمة الأيض: يؤدي تخطي وجبة الإفطار بانتظام إلى سلسلة من الاضطرابات الأيضية، بما فيها ضعف حساسية الإنسولين، وارتفاع ضغط الدم، ومستويات الكوليسترول غير الصحية، وزيادة دهون البطن؛ ما يزيد خطر الإصابة بمتلازمة الأيض.

اقرأ أيضاً: افطر كالملوك: تخطي الإفطار يرفع خطر إصابتك بالنوبات القلبية وإليك الحل

التأثير على الأداء البدني

إذا كنت تمارس الرياضة في الصباح، فإن تخطي وجبة الإفطار قد يؤثر سلباً في قدرتك على التحمل خلال أداء التمارين الرياضية. فمن دون الطاقة المناسبة، قد يواجه جسمك صعوبة في تقديم أفضل أداء، ما يؤدي إلى انخفاض كفاءة التمرين وصعوبة القدرة على التعافي.

المحتوى محمي