ما هي الكلفة الصحية للبقاء يقظاً وتناول القهوة والمشروبات الغنية بالكافيين؟

هل فكرت يوماً لماذا تشعر بالقلق أو الأرق بعد تناول فنجان القهوة؟ غالباً ما يكون السبب في هذه الظاهرة مادة الكافيين الموجودة في القهوة وعدة مشروبات منشطة كالشاي ومشروبات الطاقة، والتي يعتمد عليها الكثير من الناس للبقاء يقظين ونشطين خلال دوامهم في الصباح الباكر. لكن ما هي الكلفة الصحية للكافيين الذي يدخل جسمنا يومياً، وما آلية تأثيره على الجسم والحالة النفسية؟

تأثير الكافيين في الجهاز العصبي

يعمل الكافيين منبهاً للجهاز العصبي المركزي، حيث يمنع إشارات مادة الأدينوزين العصبية المحفزة للنوم والتعب عن طريق إعاقة عمل مستقبلات الأدينوزين في الدماغ، لكن الإفراط في تناوله يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات عكسية، مثل القلق والاهتزازات العضلية (الرجفة) وتسارع نبضات القلب.

قد تسبب الجرعات العالية من الكافيين زيادة في مستويات هرمون التوتر "الكورتيزول". ما يزيد مشاعر القلق والإجهاد، ويمكن أن يسبب الاستهلاك المفرط للكافيين اضطرابات النوم ويؤدي إلى صعوبة في التركيز خلال اليوم التالي، ووفقاً لدراسة من الجامعة الكاثوليكية الأسترالية منشورة عام 2023، يمكن لاستهلاك الكافيين أن يقلل إجمالي وقت النوم بمقدار 45 دقيقة، علماً أن بعض الأشخاص لديهم حساسية وراثية أعلى للكافيين نتيجة وجود متغيرات في جين "سي واي بي 1 أيه 2" (CYP1A2) وجين "أيه آتش آر" (AHR) تسهم في تغيير معدل تكسير الكافيين بالجسم، ما يجعلهم أكثر أو أقل عرضة لهذه الآثار الجانبية للكافيين.

الكافيين وتأثيراته في الجهاز الهضمي

تحفز القهوة حركة الأمعاء لدى الكثيرين، لكن هذه الخاصية لا تعد مفيدة صحياً لأن شرب القهوة على معدة فارغة قد يزيد إنتاج حمض المعدة، ما يسبب حرقة المعدة أو الارتجاع المعدي، ويمكن لتأثير الكافيين المدر للبول أن يؤدي إلى الجفاف عند تعويض السوائل.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسبب المشروبات الأخرى الغنية بالكافيين مثل الشاي الأسود اضطرابات في الجهاز الهضمي عند الاستهلاك المفرط لها، وتتفاوت شدة الأعراض من الغثيان إلى الإسهال، خصوصاً لدى الأشخاص غير المعتادين على هذا المشروب.

اقرأ أيضاً: هل يمكن أن يقتلنا الكافيين؟

مقارنة محتوى الكافيين في المشروبات المختلفة وآثاره الضارة

يختلف محتوى الكافيين على نحو كبير بين المشروبات، ويحدد هذا الاختلاف مدى خطورة كل منها على الصحة، علماً أن الكمية المقبولة من الكافيين باليوم تصل إلى 400 ميليغرام باليوم للشخص البالغ، ويحتوي فنجان القهوة المفلترة بحجم 236 ميليلتراً على نحو 95 ميليغراماً من الكافيين، بينما يحتوي كوب الشاي الأسود بالحجم نفسه على نحو 47 ميليغراماً فقط.

أما مشروبات الطاقة بحجم 473 ميليلتراً، فتحتوي كل منها على نحو 160 ميليغراماً من الكافيين، بينما تحتوي بعض العلامات التجارية من المشروبات الطاقية على 300 ميليغرام من الكافيين في الحجم نفسه.

تباع أيضاً جرعات صغيرة من مشروبات الطاقة الغنية بالكافيين، تحتوي على 200 ميليغرام من الكافيين بحجم أقل من 59 ميليلتراً، وتزيد هذه الكميات المرتفعة من الكافيين خطر حدوث اضطرابات في نبض القلب وارتفاع ضغط الدم، وخاصةً عند الجمع بين عدة مصادر للكافيين أو استهلاكه قبل التمرين.

أثر الكافيين في النوم والصحة النفسية

يعد تعطيل جودة النوم أخطر آثار الكافيين، حتى عند تناوله قبل عدة ساعات من النوم، ويمكن أن يسبب تناول 400 ميليغرام من الكافيين (نحو 4 فناجين من القهوة) قبل النوم بـ 6 ساعات اضطراباً في النوم وتقليل مدته ساعة عن المتوسط، ويقلل هذا التأثير عدد ساعات النوم العميق ويؤدي إلى الاستيقاظ المتكرر في أثناء الليل.

يمكن أن تسبب هذه الظاهرة مع مرور الوقت تعباً مزمناً وانخفاضاً في التركيز والذاكرة، كما يرتبط الاستهلاك المفرط للكافيين مع الإصابة بالاكتئاب واضطرابات المزاج، حيث يسهم في تفاقم مشاعر القلق والتوتر.

اقرأ أيضاً: كيف يهدد الكافيين جودة نومك؟

كيف يمكن تخفيف أضرار الكافيين؟

يمكن الحد من أضرار الكافيين الصحية من خلال اتباع النصائح التالية:

الالتزام بالجرعة الموصى بها من الكافيين يومياً، وهي 400 ميليغرام يومياً للبالغين، أي ما يعادل 4 فناجين من القهوة.
تجنب تناول الكافيين بعد الساعة 2 ظهراً لتجنب الأرق.
اختيار بدائل منخفضة الكافيين مثل الشاي الأخضر أو القهوة المنزوعة الكافيين لتخفيف الأضرار الصحية المرتبطة به.
الانتباه إلى مصادر الكافيين الخفية مثل الأدوية المسكنة والمكملات الغذائية من خلال قراءة نشرة محتويات الأدوية.
استشارة الطبيب في حال الشعور بأعراض جانبية مثل تسارع نبضات القلب أو الأرق المستمر، لتقييم الحاجة إلى تقليل الكافيين أو إيقافه تماماً.

يشارك الأستاذ المساعد بطب الدماغ والأعصاب بكلية الطب في جامعة عين شمس بمصر، الدكتور حسام شكري، مقطع فيديو عبر قناته على اليوتيوب، يتحدث به عن آثار الكافيين المختلفة في صحة الجسم لدى مرضى الدماغ والأعصاب.