هل يمكن أن يساعد هذا النظام الغذائي الياباني على خفض ضغط الدم؟

4 دقيقة
توليد الصورة بمساعدة "بكسلر" بإشراف محرر مجرة

لطالما حظي النظام الغذائي الياباني، الغني بالأسماك الطازجة والخضراوات ومنتجات الصويا والأرز والأطعمة المُخمّرة، بإشادة واسعة لفوائده الصحية. وغالباً ما يرتبط بطول العمر وانخفاض معدل انتشار العديد من الأمراض المزمنة. ومع ذلك، يتميز النظام الغذائي الياباني أيضاً بارتفاع نسبي في نسبة الصوديوم نتيجة الاستخدام المتكرر لصلصة الصويا والميسو والمخللات. يُعد الصوديوم أحد عوامل خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم، ما دفع باحثين يابانيين إلى التحقق مما إذا كان الالتزام بالنظام الغذائي الياباني التقليدي يزيد من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم على الرغم من فوائده الأخرى، وهذا ما توصلوا إليه.

النظام الغذائي الياباني التقليدي

النظام الغذائي الياباني أو ما يُعرف بـ "واشوكو"، هو نظام غذائي قائم على الأطعمة الكاملة الموسمية، والتي تُطهى بأقل قدر من المعالجة. يعتمد هذا النظام الغذائي على إظهار النكهات الطبيعية لمكوناته، بدلاً من إخفائها بالتوابل والصلصات.

يتكوّن هذا النظام بشكل أساسي من الأرز المطهو على البخار، والمعكرونة، الأسماك والمأكولات البحرية، والتوفو، والفواكه والخضروات المطهوة على البخار أو المسلوقة أو المخللة. وقد يحتوي بكميات أقل على البيض ومنتجات الألبان، أو اللحوم. في المقابل، يتميز بانخفاض محتواه من السكريات والدهون المضافة.

بعبارة أخرى يمكن القول إن النظام الغذائي الياباني التقليدي يتميز بانخفاض محتواه من السعرات الحرارية، ولكنه غني بالعناصر الغذائية والألياف ومضادات الأكسدة، ما قد يكون السبب الرئيسي لارتفاع متوسط ​​العمر في اليابان.

على الرغم من ذلك، يُعتقد أن النظام الغذائي الياباني التقليدي يرتبط بارتفاع ضغط الدم نظراً لمحتواه العالي من الصوديوم.

عندما يرتفع مستوى الصوديوم في الجسم، يحتفظ الدم بالمزيد من الماء للحفاظ على التوازن، فيزداد حجم الدم ما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن التمييز بين أعراض ارتفاع ضغط الدم وانخفاضه منزلياً؟

هل يسبب النظام الغذائي الياباني التقليدي ارتفاع ضغط الدم؟

يمثل هذا السؤال جوهر الدراسة الحديثة التي نشرتها المجلة البريطانية للتغذية، حيث تضمنت الدراسة استطلاع رأي لنحو 12,213 عاملاً يابانياً بمتوسط عمر 42 سنة، ممن شاركوا في "دراسة التعاون الياباني لعلم الأوبئة في مجال الصحة المهنية (J-ECOH)"، التي جُمعت من عام 2018 إلى عام 2020". 

بعد جمع بيانات المشاركين واستبعاد الأفراد الذين لديهم تاريخ من أمراض القلب والأوعية الدموية أو السرطان، سعى الباحثون إلى تحديد ما إذا كان اتباع نظام غذائي ياباني تقليدي أو نظام غذائي مُعدّل وأكثر صحة يرتبط بانتشار ارتفاع ضغط الدم بين العمال اليابانيين.

تضمن الاستبيان معلومات حول العادات الغذائية للمشاركين وأوضاعهم الصحية ومستويات ضغط الدم أثناء الفحوصات، وتناولهم لأدوية خفض ضغط الدم.

قيم الباحثون النظام الغذائي للمشاركين باستخدام استبيان حول تكرار تناول الطعام مكون من 28 عنصراً. بناءً على هذه البيانات، ابتكروا نظامين لتحديد مدى التزام المشاركين بأيٍّ من النمطين الغذائيين:

  • درجة النظام الغذائي الياباني التقليدي: من عناصره الشاي الأخضر والأطعمة المالحة والأسماك والأعشاب البحرية والفطر والخضروات ومنتجات الصويا وحساء ميسو والأرز الأبيض، بحيث تُمنح نقطة واحدة لكل عنصر مُستهلك.
  • درجة النظام الغذائي الياباني المُعدّلة: تتضمن عناصر مثل الخضروات والفواكه النيئة ومنتجات الألبان، واستُبدل الأرز الأبيض بالحبوب الكاملة.

كشف التحليل أن النظام الغذائي الياباني المُعدَّل هو أفضل في ضبط ضغط الدم، لأنه يركز على الأطعمة الغنية بالبوتاسيوم والألياف، مع محتوى أقل من الصوديوم، حيث يُساعد البوتاسيوم الكلى على التخلص من الصوديوم الزائد عبر البول، ما يُقلل من احتباس السوائل ويُخفض ضغط الدم.

مع ذلك، لم تجد الدراسة أي صلة واضحة بين ارتفاع ضغط الدم واتباع النظام الغذائي الياباني التقليدي، وهو ما قد يكون سببه محتوى الغذاء العالي من الأطعمة الخافضة للضغط مثل الخضروات والأعشاب البحرية.

على المستوى العملي، توضح الدراسة أنه قد يكون من الممكن إدارة ارتفاع ضغط الدم أو الوقاية منه من خلال النظام الغذائي، مثل تناول المزيد من الخضراوات والأسماك والأطعمة الغنية بالبوتاسيوم، مع الاعتدال في تناول الصوديوم. بالإضافة إلى ذلك، فإن اتباع ممارسات غذائية واعية وتبني طرق الطهي التقليدية قد يُعزز الصحة العامة للنظام الغذائي.

فوائد صحية أخرى للنظام الغذائي الياباني التقليدي

يتمتع النظام الغذائي الياباني التقليدي بفوائد صحية أخرى، مثل:

تحسين عملية الهضم

يعد النظام الغذائي الياباني التقليدي غنياً بالألياف الذوابة في الماء وغير الذوابة، كما في الأعشاب البحرية وفول الصويا والفواكه والخضروات، ما يدعم صحة الجهاز الهضمي كما يلي:

  • تساعد الألياف غير القابلة للذوبان على تحريك الطعام عبر الأمعاء ما يمنع الإمساك. 
  • تُغذي الألياف القابلة للذوبان  بكتيريا الأمعاء المفيدة وتمنع نمو البكتيريا الضارة. تنتج البكتيريا المفيدة أحماضاً دهنية قصيرة السلسلة، والتي قد تقلل أعراض متلازمة القولون العصبي (IBS) وأمراض الأمعاء الالتهابية. 
  • تُوفر الفواكه والخضروات المخللة في النظام الغذائي الياباني التقليدي البروبيوتيك الذي يُعزز صحة الأمعاء. تُساعد هذه البكتيريا المفيدة على تخفيف مشكلات الجهاز الهضمي مثل الغازات والانتفاخ والإسهال.

إدارة الوزن الصحي

يتميز تركيز النظام الغذائي الياباني التقليدي بخصائص تساعد على التحكم في مدخول السعرات الحرارية وإدارة الوزن، وهي:

  • تركيزه على الخضراوات والبروتينات قليلة الدهون والكميات الغذائية الصغيرة، أي انخفاض نسبة السكر والدهون المضافة، وغناه بالألياف التي تعزز الشعور بالشبع.
  • الحصص الصغيرة الحجم، والتناوب بين الأطباق، ما يقلل من إجمالي كمية الطعام المتناولة في كل وجبة.
  • اتباع قاعدة التوقف عن الأكل عند الشعور بالشبع بنسبة 80%، أي يُشجع هذا النمط الغذائي على تناول الطعام بوعي ويمنع الإفراط في الاستهلاك.

الحماية من الأمراض المزمنة 

يعد النظام الغذائي الياباني التقليدي بعناصره -بما فيها الأسماك والأعشاب البحرية والشاي الأخضر وفول الصويا والفواكه والخضروات-، مصدراً غنياً بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن التي تدعم صحة القلب وتُقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل داء السكري من النوع الثاني. 

على الرغم من تناول كمية أكبر من الملح، يُظهر اليابانيون معدلات أقل للإصابة بالأمراض المزمنة، ويُعزا ذلك إلى تركيز النظام الغذائي على الأطعمة الصحية للقلب وتقليل استهلاك السكريات والدهون المضافة والبروتينات الحيوانية، ما قد يؤدي إلى انخفاض كبير في عوامل خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وغيره من الأمراض المزمنة.

اقرأ أيضاً: 10 طرق قد تساعد على خفض ضغط الدم

إطالة العمر والعيش لفترة أطول

تعتبر اليابان من الدول ذات أعلى معدلات العمر المتوقع في العالم، ويعزو العديد من الخبراء هذا إلى النظام الغذائي الياباني التقليدي. على سبيل المثال، تعد جزيرة أوكيناوا اليابانية، إحدى المناطق الزرقاء وهي المناطق التي تضم أكبر عدد من المعمرين، وتتميز بارتفاع كبير في متوسط أعمار سكانها، حيث يعتمد نظام أوكيناوا الغذائي بشكل رئيسي على البطاطا الحلوة، وبكميات أقل على الأرز والأسماك مقارنة بالنظام الغذائي الياباني التقليدي.

يربط الخبراء هذا العمر الطويل بتركيز النظام الغذائي الياباني التقليدي على الأطعمة الكاملة قليلة المعالجة، بالإضافة إلى محتواه المنخفض من الدهون المضافة والسكر.

المحتوى محمي