كيف يساعد تتبع السعرات الحرارية في المحافظة على اللياقة البدنية؟

كيف يساعد تتبع النظام الغذائي في المحافظة على اللياقة البدنية؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Ground Picture
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

من المنطقي أن تشهد بعض التحولات الملحوظة في جسمك عندما تبدأ بممارسة التمارين الرياضية بانتظام، تليها مرحلة يبدو فيها أنك لا تحقق أي تقدم عملياً. وذلك نموذجي تماماً، ولكن إن رغبت في تجاوز هذه المرحلة المحبطة، فإن تتبع مدخول السعرات الحرارية والمغذيات قد يكون مفيداً في هذا الصدد.

عندما وصلت إلى مرحلةٍ لم أحقق فيها أي تقدم، قضيت أسبوعاً أتتبع فيه كمية الطعام التي أتناولها، واكتشفت أنه، وعلى الرغم من أن نظامي الغذائي كان صحياً، إلا أنني كنت أستهلك ما يكفي من الطعام لشخصين. لقد ساعدني تتبع نظامي الغذائي في جمع المعلومات الضرورية لاتخاذ خيارات مستنيرة وفي النهاية إحراز تقدم ثابت.

بغض النظر عن هدف لياقتك البدنية، سواء كان فقدان الدهون أو اكتساب العضلات، فإن تتبع تغذيتك أمر سهل ومباشر، وهناك العديد من الأدوات المتاحة لمساعدتك في التقدم بشكل أفضل نحو تحقيق أهدافك.

كيف يحرق الجسم الدهون ويكتسب العضلات؟

يحتاج الجسم إلى عدد محدد من السعرات الحرارية كي يقوم بوظائفه على أكمل وجه، وإذا تناولت هذا القدر كل يوم، لن تكتسب العضلات أو تخسر الدهون، وسيبقى جسمك كما هو. يُعرف هذا الرقم بـ “مدخول السعرات الحرارية للصيانة”، ويعتمد على معايير محددة مثل طولك ووزنك وجيناتك ومستوى نشاطك اليومي. ووفقاً لوزارة الزراعة الأميركية، يحتاج الرجل البالغ عادةً ما بين ألفين إلى 3 آلاف سعرة حرارية يومياً، بينما تحتاج المرأة ما بين 1600 و2400 سعرة حرارية.

اقرأ أيضاً: ما هو النظام الغذائي الصحي والجيد بالنسبة للرياضيين؟

لبناء العضلات عند البدء بممارسة الرياضة بانتظام وقوة، يجب أن تزود جسمك بما يكفي من الطاقة الإضافية. بعبارة أخرى، يجب استهلاك قدر أكبر من السعرات الحرارية يتجاوز معدل الصيانة الأساسي، ما يؤدي إلى حصول الجسم على فائض من السعرات الحرارية. (إذا كنت مهتماً بمعرفة المزيد عن بناء العضلات، يمكنك الاطلاع على دليلنا الشامل للمبتدئين حول بناء العضلات). بينما يجب أن تفعل العكس تماماً لحرق الدهون، أي يجب أن تهدف لخلق عجز في السعرات الحرارية عن طريق استهلاك سعرات حرارية من معدل الصيانة الأساسي. ولتحقيق تقدم آمن ومتسق بشكل عام، يوصي الخبراء باستهداف عجز بحدود 500 سعرة حرارية.

إن الفهم الواضح لأهدافك وطريقة تحقيقها سيجعل استخدام تتبع التغذية أداة أكثر فاعلية.

كيفية تتبع السعرات الحرارية بدقة

اعتاد الناس سابقاً استخدام الورقة والقلم لحساب السعرات الحرارية، ولكن توجد الآن تطبيقات تسهل هذه العملية أكثر. تعتمد منصات حساب السعرات الحرارية على الإنترنت، مثل موقع “كالكوليتر دوت نت” (Calculator.net)، على عوامل مثل العمر والوزن ومستوى النشاط اليومي لحساب معدل الصيانة الأساسي بالإضافة إلى بعض المعايير العامة لاكتساب العضلات أو فقدان الوزن.

بمجرد تحديد عدد السعرات الحرارية التي يحتويها الطعام الذي تتناوله، يمكنك تتبع إجمالي المدخول اليومي وإجراء تعديلات على نظامك الغذائي وفقاً لأهداف لياقتك. هناك أيضاً تطبيقات مفيدة في هذا الصدد ومتوفرة للهاتف الذكي، مثل تطبيق “ماي بليت” (MyPlate) المتاح لنظام أندرويد وآي أو إس، وتطبيق “ماي فيتنيس بال” (MyFitnessPal) المتاح لنظام أندرويد وآي أو إس أيضاً. باستخدام هذه الأدوات، ستتمكن من حساب معدل الصيانة التقريبي وإنشاء ميزانية للسعرات الحرارية ملائمة لك.

تذكر أن الأرقام التي يقدمها أي تطبيق أو أداة تستخدمها هي مجرد أرقام تقريبية فقط، فالمعادلات التي تستخدمها هذه المنصات لحساب الأرقام، مثل معدل الصيانة اليومي، تعتمد على إحصاءات عامة وقد لا تأخذ في الاعتبار الخصائص الفريدة التي تجعل جسمك مختلفاً. وينطبق ذلك أيضاً على قاعدة البيانات الضخمة للأطعمة التي يحتويها التطبيق، حيث يمكن أن يختلف مقدار السعرات الحرارية الذي يظهر على ملصقات الأغذية عن الواقع بنسبة تصل إلى 20% وفقاً لإدارة الغذاء والدواء، لذلك لا تركز كثيراً على تلك الأرقام.

علاوة على ذلك، لا يستطيع الجسم امتصاص سوى جزء بسيط من السعرات الحرارية المتاحة، ما بين 20 إلى 90% فقط، وفقاً لخبير التغذية واللياقة البدنية المعتمد ومؤسس موقع خدمات اللياقة البدنية “فورج فيتنس” (Forge Fitness)، مايكل باركر، ويقول إن ذلك يعود إلى أن أجسامنا لا تهضم بعض الأطعمة بسهولة، ما يؤدي إلى امتصاص عدد أقل من السعرات الحرارية منها.

بدلاً من محاولة الالتزام بهذه الأرقام بدقة، يوصي باركر بتتبع السعرات الحرارية كمرجع تقريبي لمعرفة كمية الطاقة التي تحتويها مختلف الأطعمة ومقدار ما تتناوله منها بالفعل. ثم يمكنك التوقف عن تتبع السعرات الحرارية واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن ما تختاره من أطعمة عندما تشعر بالجوع.

اقرأ أيضاً: اقرأ ملصقات الطعام وابحث عمّا هو آمن وصحي لك

تجاوز السعرات الحرارية

في الواقع، لا يحتاج المستجد الذي يتطلع إلى تحسين لياقته البدنية أكثر من معرفة مفاهيم فائض السعرات الحرارية وعجزها ومعدل الصيانة. ولكن مع البدء في الالتزام بالتمارين بجدية أكثر، قد يكون من المفيد تتبع المغذيات الكبيرة (Macronutrients)، والتي يُشار إليها عادةً بـ “وحدات الماكرو” (macros)، والتي تضم الفئات الثلاث الأكبر من المغذيات، وحسب باركر، فإن لكل منها دوراً محدداً: البروتين ضروري لبناء العضلات، وتدعم الكربوهيدرات الأداء الرياضي، بينما تساعد الدهون في تنظيم الهرمونات ووظائف الجسم الحيوية الأخرى.

يعتمد مقدار كل عنصر مغذٍّ يجب تناوله على عدة عوامل، مثل معدل الأيض الأساسي والجنس والعمر والوزن. ولكن لدعم بناء العضلات، توصي الجمعية الدولية للتغذية الرياضية (International Society of Sports Nutrition) بتناول ما يعادل 1.4 إلى 2 غرام من البروتين لكل كيلوغرام من وزن الجسم يومياً، كما توصي رياضيي رفع الأثقال بتناول 4 إلى 7 غرامات من الكربوهيدرات لكل كيلوغرام من وزن الجسم لتحسين الأداء وبناء العضلات، بينما يجب أن يأتي ما يتبقى من ميزانية السعرات الحرارية اليومية من الدهون الغذائية.

يمكن لتطبيقات تتبع التغذية مراقبة وحدات الماكرو التي تتناولها والقيام بجميع العمليات الحسابية نيابة عنك حتى تتمكن من تحقيق عدة أهداف في نفس الوقت. على سبيل المثال، يمكنك إعطاء الأولوية للبروتين للحفاظ على كتلة العضلات مع خلق عجز كافٍ في ميزانيتك من السعرات الحرارية للمساعدة في حرق الدهون.

الصحة والسلامة أهم من أي هدف للياقة البدنية

يجب تجنب الإفراط في استخدام عجز السعرات الحرارية في محاولة لفقدان الوزن بشكل أسرع. الطريقة الأكثر أماناً وفاعلية لخسارة الدهون والحفاظ على فقدان الوزن هي القيام بذلك تدريجياً. يؤدي العجز اليومي بنحو 500 سعرة حرارية إلى حرق الدهون بمعدل يصل إلى نصف كيلوغرام أسبوعياً، وقد أثبتت الأبحاث أن هذه الوتيرة آمنة ومستدامة.

لكن التركيز المفرط على حساب السعرات الحرارية يمكن أن يتحول إلى مشكلة وقد يؤدي إلى تطور اضطرابات الأكل لدى البعض.

تقول أخصائية التغذية المسجلة، كاثرين ميتزيلار، والتي أسست مؤسسة بريفسبيس نيوتريشن (Bravespace Nutrition) التي تساعد المرضى على التعافي من اضطرابات الأكل والمشكلات المتعلقة بصورة الجسم: “يمكن أن يتحول تتبع التغذية إلى مشكلة صحية، لذلك لا أنصح أي شخص بتتبع غذائه إذا ما كان قد عانى في السابق من مشكلات غذائية أو يعاني من سلوكيات الأكل غير الطبيعية أو اضطراب الأكل”.

وتضيف موضحة إن التركيز المفرط على تتبع الغذاء أمر ينذر بالخطر، لا سيما إذا ما كان يمنعك من المشاركة في المناسبات الاجتماعية مثل تناول الطعام في الخارج أو مع العائلة أو الأصدقاء. وتشمل العلامات التحذيرية الأخرى الشعور بالقلق عند عدم القدرة على تتبع الطعام، والشعور بالذنب بشأن ما تناولته، وتقييد طعامك لأنك استهلكت ميزانية السعرات الحرارية اليومية، وعدم المرونة في اختيارك للوجبات.

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة: تقييد السعرات الحرارية جينياً يطيل عمر الإنسان

ولكن عند القيام بذلك بأمان، يمكن أن يوفر تتبع الطعام نظرة ثاقبة قيمة عن تغذية جسمك ستساعدك على المضي قدماً نحو تحقيق أهداف لياقتك البدنية. لذلك تشدد ميتزيلار على مقاربة هذه الطريقة بحذر وتتبع طعامك لمدة لا تزيد على 3 أيام في المرة الواحدة.

وتضيف: “ستوفر ثلاثة أيام من التتبع معلومات كافية لمعرفة الأطعمة التي قد تحتاجها وإن كان هناك حاجة للتعديل في بعض المجالات”.

بعد جمع المعلومات الضرورية، استخدمها لتحسين عاداتك الغذائية لتنسجم مع أهداف لياقتك. فإذا لاحظت أي سلوكيات أكل غير صحية، يجب أن تهتم بنفسك أولاً وتطلب المساعدة إذا لزم الأمر.

تذكر أنك لن ترى تغييراً مهماً بين عشية وضحاها في رحلتك نحو تحقيق أهدافك، فبناء العضلات وخسارة الدهون يتطلب دمج عادات الأكل الصحي وممارسة الرياضة في نمط حياتك بشكلٍ مستدام. إن تتبع نظامك الغذائي ليس حلاً سحرياً بالتأكيد، ولكنه يمكن أن يساعدك في تطوير عادات مستدامة على المدى الطويل.