الرجاء تفعيل الجافاسكربت في متصفحك ليعمل الموقع بشكل صحيح.

الحليب الأشبه بحليب الأمهات: تعرف إلى خصائص حليب الحمير وفوائده

5 دقيقة
الحليب الأشبه بحليب الأمهات: تعرف إلى خصائص حليب الحمير وفوائده
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: عبدالله بليد.

حليب الحمير؛ كلمتان قد تسببان استهجان البعض أو إثارة ضحكهم أو الشك بوجود خدعة غذائية تجارية تستغل قلة المعلومات المنتشرة عن الموضوع؛ لكنه فعلاً الحليب الأكثر شبهاً بحليب الأمهات من ناحية التركيب الكيميائي، مقارنة بحليب الثدييات الأخرى بما فيها الأبقار. وقد رأينا، خصوصاً بعد انتشار بعض المقاطع عن مزارع الحمير والترويج لحليبها على أنه غذاء علاجي، أنه لا بُد من استعراض نتائج الأبحاث العلمية عن هذا الحليب وفوائده المزعومة، وإليك ما توصلت إليه الدراسات.

اقرأ أيضاً: فوائد لا تتوقعها لإضافة الحليب إلى فنجان قهوتك اليومي

خصائص حليب الحمير الغذائية وفوائده 

يتمتع حليب الحمير بخصائص غذائية فريدة تجعله بديلاً مثيراً للاهتمام مقارنة بحليب الحيوانات الأخرى، وخاصة بالنسبة للأفراد الذين يعانون احتياجات صحية محددة. وفيما يلي خصائصه الغذائية الرئيسية:

التركيب الكيميائي والقيمة الغذائية

وفقاً لدراسة منشورة في مجلة علوم الطب البيطري للخيول (Journal of Equine Veterinary Science) عام 2023، فإن حليب الحمير يمثّل غذاءً شبه مثالي بفضل تركيبته الكيميائية؛ إذ يتكون من الماء والكربوهيدرات والدهون والبروتينات ومكونات أُخرى؛ مثل الفيتامينات والمعادن والإنزيمات والهرمونات والمكونات المضادة للميكروبات. ومن ناحية غذائية، يتمتع حليب الحمير بخصائص مماثلة لحليب البشر، ما يجعله بديلاً غذائياً محتملاً للرضع غير القادرين على الرضاعة الطبيعية لسبب أو لآخر.

عموماً، تحتوي 100 غراماً (تقريباً 100 ميليليتراً) من حليب الحمير وفقاً لدراسة منشورة في دورية العناصر الغذائية (Nutritions) عام 2021، على:

  • رطوبة: 90.4 غراماً.
  • بروتين: 1.74 غراماً.
  • دهون: 1.21 غراماً.
  • لاكتوز: 5.9 غراماً.
  • فيتامين D: نحو 2.23 ميكروغراماً، علماً أن المدخول اليومي الموصى به للبالغين يقدر بـ 10 ميكروغراماً. .
  • فيتامين النياسين (B3): نحو 18.75 ميكروغراماً، علماً أن المدخول اليومي الموصى به للرجال والنساء البالغين هو 16 و14 ميليغراماً على التوالي.

إذاً، يحتوي حليب الحمير على مستويات منخفضة من الدهون والكوليسترول مقارنة بحليب البقر والبشر (نسبة الدهون في حليب الأبقار هو 3.46% في حين أن نسبتها في حليب البشر هو 3.38%)، ما يجعله خياراً صحياً للأفراد الذين يتبعون نظاماً غذائياً منخفض الدهون أو منخفض الكوليسترول. إضافة إلى أنه أعلى محتوى باللاكتوز من حليب الأبقار (4.6%)، وهو ما يساعد على امتصاص الكالسيوم وتقوية العظام.

اقرأ أيضاً: لا تحب حليب البقر؟ إليك طريقة إعداد حليب الشوفان بسهولة 

سهولة الهضم

يحتوي حليب الحمير على العديد من السكريات القليلة التعدد (Oligosaccharides) التي تؤدي دوراً محورياً في تغذية البكتيريا المفيدة في الأمعاء الغليظة؛ فهذه السكريات لا تتحلل بوساطة إنزيمات الأمعاء الدقيقة، علاوة على أنها تساعد على نضوج الخلايا الظهارية المعوية والحفاظ على توازنها، ما يحسّن الهضم وصحة الأمعاء.

تعزيز المناعة 

ذكرت الدراسة الآنفة الذكر المنشورة في مجلة علوم الطب البيطري للخيول أن حليب الحمير غنيٌّ بالببتيدات النشطة بيولوجياً؛ مثل ألفا لاكتالبومين، والليزوزيم، واللاكتوفيرين، واللاكتوبروكسيديز، والغلوبيولينات المناعية، وهي مركبات تساعد على تقليل الالتهابات المعدية المعوية في الجهاز الهضمي.

وعلى وجه التحديد، ذكرت مراجعة منشورة في التطورات في كيمياء الأغذية (Food Chemistry Advances) عام 2024، أن حليب الحمير يحتوي على (1.5 غراماً في الليتر) من الليزوزيم، مقارنة بـ (0.0013 غرام/ليتر) في حليب الأبقار و(0.42 غراماً/ليتر) في حليب الإنسان، ما يكسبه خصائص قوية مضادة للميكروبات، فالليزوزيم يعزز البكتيريا المعوية المفيدة، ويعوق نمو البكتيريا الموجبة الغرام، كما يتمتع بخصائص مضادة للالتهاب.

كما تبين أنه عالي المحتوى من اللاكتوفيرين الذي يمنع نمو بعض البكتيريا المعتمدة على الحديد الموجودة في الجهاز الهضمي، ويحمي من الأمراض الفيروسية، بما في ذلك تلك التي يسببها فيروس كورونا. باختصار، يُظهِر حليب الحمير نشاطاً قوياً مضاداً للأكسدة والبكتيريا والفيروسات والفطريات وخافضاً لسكر الدم ومضاداً للطفيليات والأورام.

اقرأ أيضاً: من الحليب إلى الجبن: ما هي منتجات الألبان التي تسهم في تنظيم نسبة السكر في الدم؟ 

الوقاية من أمراض القلب

وفقاً لدراسة منشورة في دورية التصميم الصيدلاني الحالي (Current Pharmaceutical design)، فإن حليب الحمير يحفِّز خلايا الجسم على إنتاج أوكسيد النيتريك؛ وهو مركب يساعد على توسيع الأوعية الدموية ويتمتع بخصائص مضادة لتصلب الشرايين.

كما أشارت دراسة منشورة في دورية العناصر الغذائية (Nutritions) عام 2022، إلى أن تناول حليب الحمير بانتظام يقي من أمراض القلب والأوعية الدموية، ويمنع تكوين اللويحات التصلبية؛ وذلك بسبب محتواه من أحماض أوميغا 3 الدهنية.

غذاء محتمل للرضع والأشخاص الذين يعانون حساسية بروتين حليب الأبقار

كما ذكرنا آنفاً، يتمتع حليب الحمير بتركيب كيميائي قريب من حليب الأم، ما يجعله بديلاً محتملاً لتغذية الرضع غير القادرين على الرضاعة الطبيعية، فهو يحتوي على كمية أقل من البروتين الكلي والكازئين مقارنة بحليب البقر، الأمر الذي يقلل خطر حدوث مشكلات الجهاز الهضمي، مع توفير اللاكتوز مصدراً للطاقة سهل الهضم.

كما يحتوي نسبة عالية من الأحماض الأمينية الأساسية والأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة، التي تعد ضرورية لنمو الرضع وتطور الدماغ. فضلاً عن وجود المركبات النشطة بيولوجياً التي تعمل على تعزيز المناعة، ودعم صحة الأمعاء، والحماية من العدوى. لكن محتواه الكلي من الدهون منخفض؛ لذا لا بُد من دعمه بالدهون الأخرى من أجل توفير السعرات الحرارية الكافية للأطفال.

وقد توصلّت دراسة منشورة في المجلة الإيطالية لطب الأطفال (Italian Journal of Pediatrics)، التي شملت 78 طفلاً مصاباً بحساسية بروتين حليب البقر، إلى أن حليب الحمير ممتاز الطعم وآمن ومناسب من الناحية التغذوية، ولم يؤثّر سلباً في النمو؛ بل يمكن تقديمه بأمان في الأشهر الستة الأولى من العمر عند استكماله على نحو صحيح.

أما بالنسبة للأشخاص البالغين الذين يعانون حساسية بروتين حليب الأبقار، فإن حساسيتهم تنتج أساساً عن التفاعل مع بروتين الكازئين؛ لكن حليب الحمير يتميز بمحتوى منخفض من بروتين الكازئين إلى بروتين المصل؛ إذ تبلغ نسبة الكازئين نحو 40-45% من إجمالي البروتين، وهي نسبة قريبة جداً من نسبته في حليب الإنسان، ما يقلل احتمالات تسببه للحساسية. في المقابل، يحتوي حليب الأبقار على كمية كبيرة من الكازئين من إجمالي البروتين.

خصائص تجميلية للبشرة

تقول القصص الشعبية إن ملكة مصر القديمة، كليوباترا، كانت تغمر نفسها في حليب الحمير للحفاظ على جمالها ونضارة بشرتها، وإنها كانت تحتاج إلى 700 حمار لتزويدها بالكمية اللازمة من الحليب يومياً. وعلى الرغم من هذه القصص قد تبقى مجرد حكايات  لا يمكن إثباتها ولا نفيها؛ فإن الدراسات الحديثة أثبتت بالفعل أن حليب الحمير مفيد لصحة البشرة.

على سبيل المثال، سلطت دراسة منشورة في الآفاق في التغذية (Frontiers in nutrition) عام 2023 الضوء على الخصائص التجميلية لحليب الحمير؛ إذ تبين، وفقاً للتجارب المخبرية، أنه يحمي البشرة من التلف الناجم عن الأشعة فوق البنفسجية، ويقلل إنتاج الميلانين المسؤول عن التصبغات، كما يسهم في استعادة وظيفة حاجز الجلد؛ عن طريق تحفيز إفراز الفيلاغرين المسؤول عن تجميع البروتينات البنيوية في خلايا الجلد الخارجية وإنشاء حاجز قوي.

تشير هذه النتائج إلى أن حليب الحمير يمكن أن يكون مكوناً قيّماً في منتجات العناية بالبشرة، وخاصة في تفتيح لون البشرة ومكافحة الشيخوخة الناتجة عن أشعة الشمس والتحكم في التصبغ.

كما توصلت دراسة منشورة في دورية العلاج الجلدي (Dermatologic therapy) عام 2020، إلى أن الكريمات التي يدخل في تركيبها حليب الحمير  تسهم في ترطيب البشرة بسرعة عالية بعد الاستخدام، وتحسِّن وظيفة الجلد الوقائية وتغذّيه تغذية عميقة، كما تحافظ على درجة الحموضة الطبيعية للبشرة، وقد تسهم في التأثيرات المضادة للشيخوخة.

اقرأ أيضاً: ما مخاطر شرب الحليب غير المبستر؟

الخلاصة

على الرغم من أن حليب الحمير يبدو صيحة غذائية جديدة؛ لكن استهلاكه تم بالفعل منذ العصور القديمة بوصفه مشروباً يدعم الصحة ويعالج الأمراض. ويمكن القول إنه غذاء وظيفي ذو تركيبة مشابهة لحليب الإنسان، ما يجعله خياراً واعداً لتأمين احتياجات غذائية محددة ودعم المناعة والتطبيقات العلاجية، لكن ثمة حاجة إلى إجراء المزيد من التجارب السريرية البشرية من أجل الحصول على دلائل أقوى عن خصائصه العلاجية.

وجدير بالذكر أنه غني باللاكتوز، ما قد يجعله غير مناسب للأشخاص الذين يعانون عدم تحمّل اللاكتوز. علاوة على ذلك، فإن كمياته محدودة بسبب انخفاض إنتاج الحمير من الحليب (نحو 1.5 كيلو من الحليب يومياً) مقارنة بالأبقار، ما يجعله خياراً مكلفاً وقليل التوافر.

المحتوى محمي