كشفت دراسة سويدية امتدت على 24 عاماً، أن تناول الحليب غير المخمر والأجبان غير المخمرة بكميات كبيرة يزيد خطر الإصابة بداء السكري من النمط الثاني، وفي المقابل فإن مشتقات الألبان المخمّرة تمتلك تأثيراً وقائياً للإصابة.
العلاقة بين مشتقات الألبان ومرض السكري من النمط الثاني
يُعدّ مرض السكري من النمط الثاني واحداً من أكثر الأمراض انتشاراً في العالم، ويُعدّ النظام الغذائي أحد أهم عوامل الوقاية منه أو الإصابة به، وقد أكدت دراسة حديثة، منشورة في أبريل/ نيسان 2025 في المجلة الأميركية للتغذية السريرية، دور الحليب غير المخمر والجبن غير المخمر في زيادة خطر الإصابة به، على الرغم من أن مشتقات الألبان أساسية لأي نظام غذائي، خاصةً وأن المكونات الغذائية الموجودة فيها ضرورية للنمو ووظيفة المناعة.
أُجريت الدراسة في السويد لأنها إحدى الدول الأكثر استهلاكاً لمشتقات الألبان عالمياً، ولأنها منتجة لأنواع مُختلفة منها، ما يتيح الفرصة لدراسة العلاقة بين مُختلف هذه الأنواع وخطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، مع التركيز على مستوى الاستهلاك.
حللت الدراسة بيانات تناول مشتقات الألبان لأكثر من 26 ألف شخص، بدءاً من عامي 1991 و1996 ومتابعتهم حتى نهاية عام 2020، وتبيّن أن 17% منهم أُصيبوا بالسكري من النمط الثاني، ما يشير إلى أن عملية التخمير قد تؤدي دوراً وقائياً في كيفية تأثير مشتقات الألبان في الصحة، وقد وُجِد أن الإفراط في تناول الحليب المخمر والقشدة والزبدة يسهم بانخفاض كبير في خطر الإصابة بمرض السكري.
وعلى وجه التحديد، وجدت الدراسة أن زيادة قدرها 100 غرام في تناول الحليب غير المخمر يومياً تزيد خطر الإصابة بداء السكري من النمط الثاني بنسبة 4%، بينما يرتبط تناول 100 غرام من الحليب المخمر يومياً بتخفيض خطر الإصابة به بنسبة 3%.
أما مشتقات الألبان التي شملتها الدراسة هي الحليب غير المخمر والحليب المخمر (الزبادي واللبن الرائب) والجبن غير المخمر (مثل الموزاريلا، والجبن القريش، والريكوتا، والجبن الكريمي) والجبن المخمر (جبن الشيدر والبارميزان والجبن السويسري) والقشدة والزبدة.
بالإضافة إلى ذلك، حلل الباحثون بيانات 893 مشاركاً لتحديد نواتج الاستقلاب المرتبطة بتناول مشتقات الألبان، وهي مؤشرات حيوية أساسية لتناول الطعام، تساعد على تقديم رؤى جديدة حول الآليات الجزيئية الكامنة وراء العلاقة بين مشتقات الألبان وداء السكري من النوع الثاني. ووجدوا أن بعض هذه المستقلبات الموجودة في كلٍ من الحليب والجبن غير المخمرين تزيد خطورة الإصابة، وأن المستقلبات الموجودة في الزبادي مثلاً، التي تُسمّى الأرابونات أو زيلونات، تعكس قدرة الميكروبات المعوية على تكسير الألياف النباتية بكفاءة أكبر، ما يربط بين استهلاك الزبادي وتحسين معالجة سكر الغلوكوز.
اقرأ أيضاً: مدمر لكل الأعمار: أسباب مرض السكري الأول والثاني
العوامل المؤثّرة في العلاقة بين استهلاك مشتقات الألبان والسكري من النمط الثاني
لدراسة العوامل المؤثّرة في العلاقة بين تناول الحليب ومشتقات الألبان المختلفة والإصابة بداء السكري من النمط الثاني، ركزت الدراسة على بعض الخصائص الديموغرافية وعوامل نمط الحياة والمدخول الغذائي ومؤشر كتلة الجسم، وخلُصت في النهاية إلى أن الإفراط في تناول الحليب والجبن غير المخمر يمكن أن يزيد بشكل كبير خطر الإصابة بمرض السكري.
من ناحية أخرى، مع دراسة عامل مؤشر كتلة الجسم، وُجِد أن وزن الجسم قد يكون له دور جزئي في التأثيرات الملحوظة. ووجد الباحثون أيضاً أن الإصابة بالسكري من النمط الثاني بسبب الإفراط في تناول الحليب والجبن غير المخمر مستقلّة عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمشاركين.
لم يلحظ الباحثون تأثيراً يُذكر لجنس المشاركين على العلاقة بين تناول الحليب المخمر وغير المخمر والقشطة والزبدة وخطر الإصابة بالسكري، أي أن الذكور والإناث معرضون للإصابة بالنسبة ذاتها. في المقابل، لاحظوا تأثيراً سلبياً لتناول الجبن على خطر الإصابة بالسكري بين الذكور دون الإناث.
اقرأ أيضاً: متى يمكن أن يسبب السكر مرض السكري
ختاماً، نجد أنه على الرغم من أهمية مشتقات الألبان مصدراً للكالسيوم والبروتين وغيرها من العناصر الغذائية الأساسية، فإن جودة مشتقات الألبان ونوعها مهم أيضاً على الصحة على المدى الطويل، وخاصة في الوقاية من السكري من النمط الثاني.