في حين أن معظم الحميات الغذائية تعتمد تقييد المدخول اليومي من السعرات الحرارية، فإن ما يعرف بريجيم الماء أو صيام الماء، يمثل تحولاً جديداً في هذا المجال، حيث يستعاض عن الوجبات الغذائية كافة بالماء أو بدائله الصحية، ولما لا يقل عن 3 أيام.
فهل يمر هذا التوجه الجديد مثل أي صيحة عابرة، أم إنه قد يحدث نقلة نوعية في الصحة؟ إليك أهم ما ينبغي معرفته حول ترند ريجيم الماء الجديد.
ما هو ريجيم الماء؟
يشير مصطلح حمية الماء، أو صيام الماء، إلى نهج غذائي يعتمد على استهلاك الماء فقط طوال اليوم، مع تجنب الأطعمة الصلبة، فترة محدودة غالباً ما تتراوح بين 24 و72 ساعة، يليها فترة سماح بتناول الأطعمة الصلبة، وتكرار هذا النمط.
في أنماط أكثر اعتدالاً، قد يجمع البعض بين شرب الماء مع سوائل منخفضة السعرات الحرارية، بينما قد يختار آخرون الاستمرار في صيام الماء هذا إلى نحو 7 أيام، ومع ذلك فإن مثل هذه الفترات الطويلة محفوفة بالمخاطر، ويجب اتباعها فقط تحت إشراف طبي.
يكمن جوهر هذا النظام في أن شرب كميات كبيرة من الماء يمكن أن يعزز فقدان الوزن عن طريق خلق عجز في السعرات الحرارية، حيث أشارت مختصة التغذية السريرية، لاكشيتا جاين، إلى أنه في اليوم الأول من صيام الماء تبدأ عملية تنظيف الجسم، وفي اليوم التالي قد تشعر ببعض الخفة لأن الجسم يستنزف احتياطي الغليكوجين في الكبد والعضلات. في اليوم الثالث، بعد نفاد مخزون الغليكوجين، يتحول الجسم إلى حرق الدهون للحصول على الطاقة، وهي حالة أيضية تعرف باسم الكيتوزية، فيدخل في حالة تباطؤ في الاستقلاب لتنظيم الحصول على الطاقة، لذا ينبغي قطع الصيام بتناول الطعام الصلب لاستعادة النشاط الأيضي.
اقرأ أيضاً: علمياً: الحمية المتوسطية تحسّن جودة السائل المنوي
فوائد ريجيم الماء
ربطت الأبحاث ريجيم الماء بمجموعة من الفوائد الصحية، بما في ذلك:
- تعزيز الالتهام الذاتي: يحفز صيام الماء نحو 3 أيام عملية الالتهام الذاتي التي تتضمن التخلص من الخلايا أو أجزائها التالفة واستبدال خلايا أكثر صحة بها. قد يساعد الالتهام الذاتي على الحماية من أمراض مثل السرطان وأمراض القلب وآلزهايمر.
- خفض ضغط الدم: وجدت دراسة أجريت على أفراد مصابين بالسمنة، ونشرت في دورية المغذيات، أن صيام الماء (مدة 10 أيام صيام ثم 5 أيام من إعادة التغذية)، تحت إشراف طبي أدى إلى انخفاض ضغط الدم الانبساطي، بالإضافة إلى ضبط مستويات الكوليسترول المنخفض الكثافة الضار.
- السيطرة على نسبة السكر في الدم: حيث يعزز حساسية الجسم لهرمون الإنسولين، ما يعزز كفاءته في خفض نسبة السكر في الدم.
- إدارة الوزن: تزداد حساسية الجسم لهرمون اللبتين (هرمون الجوع) في صيام الماء، ما قد يساعد الجسم على معالجة إشارات الجوع وفهمها بكفاءة أكبر، ويقلل خطر السمنة.
- تقليل عوامل خطر الأمراض المزمنة: يقلل صيام الماء المستويات الإجمالية للالتهاب في الجسم، ويعزز وظيفة جهاز المناعة، ما يقلل خطر الإصابة بـ:
- أمراض القلب: فقد أفادت الدراسة المنشورة في دورية "المغذيات" بأنه يحمي القلب من الأضرار الناجمة عن الجذور الحرة.
- السرطان: حيث وجدت دراسة أجريت على البشر والحيوانات، ونشرتها دورية "نيتشر ريفيوز كانسر"، أنه يمكن لصيام الماء تثبيط الجينات التي تساعد الخلايا السرطانية على النمو.
- مرض السكري ومتلازمة التمثيل الغذائي.
- التهاب المفاصل الروماتويدي.
اقرأ أيضاً: ما هو صيام الماء؟ وما تأثيره في صحتك؟
سلبيات صيام الماء
على الرغم من الفوائد الصحية لريجيم الماء، فقد حذر فريق من الباحثين الدوليين، في دراسة نشرتها مؤخراً مجلة "الاستقلاب الجزيئي" في يونيو/حزيران 2025، من آثاره السلبية الخطيرة، إذ بينما يثير هذا النمط من الصيام استجابة التهابية كآلية تكيفية مؤقتة، فإن له تأثيرات أيضية تؤثر في صحة القلب ووظائفه، وتستمر بعد إعادة التغذية.
في الدراسة، قاس الباحثون مستويات البروتنيات لتحديد آثار صيام الماء في الجسم، فلاحظوا ارتفاعاً كبيراً في نسبة البروتينات المرتبطة بالالتهاب في بلازما دم المشاركين، بما فيها البروتين التفاعلي-سي، والإنترلوكين-8، ما قد يزيد خطر الإصابة بمشكلات صحية، خاصة للذين يعانون حالات قلبية ووعائية.
بالإضافة إلى ذلك، يرتبط صيام الماء بالعديد من المخاطر الصحية، بما فيها:
- اختلال توازن الإلكتروليتات: أشار طبيب الكلى فرهارد موداراي إلى أن شرب الكثير من الماء قد يسبب انخفاضاً في الإلكتروليتات الضرورية لوظائف الأعصاب والعضلات والدماغ، مثل الصوديوم الذي يؤدي انخفاضه إلى نوبات تورم الدماغ وانفتاقه ثم الوفاة في نهاية المطاف إذا لم يشخص ويعالج على وجه السرعة، والبوتاسيوم الذي يرتبط بوظائف الأعصاب والعضلات والقلب، والمغنيزيوم والكالسيوم، ما يؤدي إلى أعراض مثل الدوخة والإغماء والصداع وعدم انتظام ضربات القلب وألم الصدر ومشكلات الجهاز الهضمي مثل الغثيان والقيء.
- انخفاض الكتلة العضلية: قد يسبب هذا العجز في السعرات الحرارية المرافق لريجيم الماء دخول الجسم في حالة طوارئ، فيحاول منع استهلاك الدهون المخزنة، وينتهي به الأمر بالتغذي على العضلات.
- الجفاف: قد يبدو من المثير للدهشة أن صيام الماء يسبب الجفاف، إلا أن 20-30% من كمية الماء اليومية تأتي عادة من الطعام، ومن دون طعام صلب، قد تحتاج إلى شرب كمية من الماء أكبر من المعتاد لتجنب أعراض مثل الدوخة والغثيان والصداع والإمساك وانخفاض ضغط الدم.
- انخفاض ضغط الدم الانتصابي: يمكن أن يسبب الجفاف واختلال توازن الإلكتروليتات انخفاضاً خطيراً في ضغط الدم عند الوقوف، ما يؤدي إلى الدوار أو الإغماء، ويشكل خطراً عند القيادة أو تشغيل الآلات.
اقرأ أيضاً: هل يسبب شرب الماء البارد زيادة في الوزن؟
من ينبغي له عدم اتباع ريجيم الماء؟
ينبغي تجنب ريجيم الماء ما لم يكن تحت إشراف طبي صارم نظراً لمخاطره الصحية الكبيرة على العديد من الفئات، يمن فيهم:
- الذين يعانون نقص الوزن.
- المصابون بأمراض القلب والأوعية الدموية.
- المصابون بالنقرس، لأنه يفاقم نوبات النقرس.
- مرضى السكري (النوعان الأول والثاني).
- مرضى الكلى، لأنه يجهد الكلى.
- المصابون بالصداع النصفي.
- الذين يحتاجون لنقل الدم.
- أولئك الذين يتناولون الأدوية.