أن تكون قائداً، يعني أن جدول أعمالك ممتلئ دائماً، وتتخذ قرارات مصيرية باستمرار، وتحتاج لمستويات عالية من الطاقة على مدار الساعة. ولكن لنكن صريحين، خلال سعيك الدؤوب نحو النجاح، تنسى أحياناً صحتك الشخصية، من حيث التغذية واللياقة البدنية، إلا أن إعطاء الأولوية لهذه الجوانب ليس تشتيتاً عن أهدافك القيادية، بل هو ضرورة استراتيجية لتحقيق نجاح مستدام.
اليوم، مع ظهور تطبيقات التغذية واللياقة البدنية المبتكرة، أصبح بالإمكان خسارة بعض الوزن وزيادة معدل التمرن، بالإضافة إلى إطلاق العنان لمستوى أعلى من الوظائف الإدراكية وتعزيز طاقتك ومرونتك، وجميعها عناصر أساسية للقائد الناجح.
إليك في هذا المقال كيفية استخدام تطبيقات التغذية واللياقة في تعزيز أدائك القيادي.
اقرأ أيضاً: التغذية الذكية: كيف ترفع إنتاجيتك وتركيزك من خلال غذائك اليومي؟
كيف تؤثر التغذية في المهارات القيادية؟
تقول سيدة الأعمال الأميركية، بيثيني فرانكل: "نظامك الغذائي بمثابة حساب مصرفي، واختياراتك الغذائية الجيدة هي استثمارات جيدة". في الحقيقة، يحمل كلامها الكثير من الدقة، إذ إن دماغك، وهو مركز التحكم بوظائفك القيادية جميعها، بما فيها صنع القرار والتفكير الاستراتيجي وتنظيم المشاعر والتواصل، يستهلك نحو 20% من الطاقة المشتقة من الغلوكوز، فكل 100 غرام من أنسجة المخ البشري تحتاج إلى نحو 5.6 ميليغرامات غلوكوز في الدقيقة. بعبارة أخرى، يتأثر أداء المخ مباشرة بأسلوبك في تغذيته.
ومع ذلك، لا يتعلق الأمر بدفعات سريعة من السكر. فالكربوهيدرات المعقدة، مثل الحبوب الكاملة، توفر إمداداً ثابتاً ومستداماً للغلوكوز، ما يمنع "ضبابية الدماغ" وانهيار الطاقة الذي قد يؤثر في تركيزك ووضوح رؤيتك لدى اتخاذ القرارات.
وعلى العكس من ذلك، أظهرت دراسة حديثة من جامعة سيدني، ونشرتها المجلة الدولية للسمنة، أن الأنظمة الغذائية الغنية بالدهون والسكريات المكررة تضعف وظائف الدماغ، وخاصة الحصين، وهو منطقة دماغية أساسية لتكوين الذاكرة والتنقل المكاني، ما قد يؤدي إلى معاناة القائد من صعوبات في التعلم واسترجاع المعلومات واتخاذ القرارات.
علاوة على ذلك، ترتبط الحالة النفسية للقائد، أي قدرته على إدارة التوتر وتنظيم عواطفه، ارتباطاً وثيقاً بحالته الغذائية، فالنواقل العصبية المسؤولة عن الحالة المزاجية للفرد، مثل السيروتونين والدوبامين والنورأدرينالين، تتكون في لبناتها الأساسية من الأحماض الأمينية، لذا فإن نقص هذه الأحماض، كما في الاعتماد على الأنظمة الغذائية التي تفتقر إلى البروتين الكافي، قد يؤدي إلى الشعور بالقلق وضعف التحكم في الانفعالات وتحمل ضغوط القيادة. إضافة إلى أن أحماض أوميغا 3 الدهنية، الموجودة في الأسماك الدهنية والجوز وبذور الكتان، ضرورية أيضاً لبنية خلايا الدماغ والتواصل، ما يؤثر على نحو مباشر في استقرار المزاج والسرعة الإدراكية.
كيف تؤثر اللياقة البدنية في المهارات القيادية؟
كما تؤثر التغذية في الدماغ، تبني اللياقة البدنية القوة والمرونة اللازمتين للقيادة الناجحة. يمتد تأثير النشاط البدني المنتظم إلى ما هو أبعد من مجرد صحة الجسم؛ مثل القدرات المعرفية والتحكم العاطفي.
تزيد التمارين الرياضية تدفق الدم إلى الدماغ، أي المزيد من الأوكسجين والمغذيات الضرورية لوظائف الدماغ، ما يؤدي إلى تحسين الذاكرة وزيادة التركيز والانتباه، وسرعة معالجة المعلومات.
كما يمكن للنشاط البدني المنتظم أن يحفز نمو خلايا دماغية جديدة (تكوين الخلايا العصبية)، وخاصة في المناطق الحيوية للتعلم والذاكرة.
بالإضافة إلى ذلك، إن القيادة بطبيعتها مصحوبة بمستويات عالية من التوتر، لكن النشاط البدني يمكنه خفض مستويات هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، وتعزيز إفراز هرمونات محسنة للمزاج، مثل الإندروفينات والسيروتونين والدوبامين.
اقرأ أيضاً: الغذاء والقيادة: وجبات تعزز التفكير والإبداع حسب علم التغذية
كيف تعزز تطبيقات التغذية واللياقة البدنية مهاراتك القيادية؟
لا تقتصر وظائف تطبيقات التغذية واللياقة البدنية على تتبع السعرات الحرارية فحسب، بل هي أدوات متطورة تساعدك على فهم عاداتك الغذائية، واتخاذ خيارات مدروسة لتحسين طاقتك ووظائفك الإدراكية، ومنها:
- تطبيقات الإرشادات الغذائية: تتيح لك التطبيقات الحديثة، مثل ماي فيتنس بال، وكرونومتر وماي نيت دايري، تسجيل وجباتك، ومسح الباركود للوجبة لتتبع العناصر الغذائية الكبرى (الكربوهيدرات والبروتينات والدهون) وحتى العناصر الغذائية الدقيقة (فيتامينات ومعادن)، بالتالي يمكنك تعديل نظامك الغذائي لتحسين العناصر التي تعزز التركيز والطاقة والمزاج، أو قد تقترح لك هذه التطبيقات خيارات لدعم الصحة الإدراكية، وتكييف التوصيات مع احتياجاتك الفريدة.
- تخطيط وجبات مخصص: يمكن لتطبيقات مثل بليت جوي ولايفسوم، إنشاء خطط وجبات ووصفات مخصصة بناءً على تفضيلاتك الغذائية وأهدافك (مثل زيادة الطاقة وتحسين التركيز)، وحتى قيود الوقت.
- بناء عادات مستدامة: يعتمد تطبيق نووم على مبادئ علم النفس السلوكي، لمساعدتك على فهم عاداتك الغذائية وعادات اللياقة البدنية، وبناء عادات صحية قابلة للتطبيق على المدى الطويل. وبالمثل، يعزز تطبيق "أت فود دايري" الوعي الذاتي حول عادات الأكل، والانتباه لإشارات الجوع وكيف تؤثر الأطعمة المختلفة فيك، من خلال تشجيعك على تسجيل ما تأكله، من حيث الكميات أو السعرات الحرارية، بالإضافة إلى المشاعر والسياقات المحيطة بتناول الطعام.
- تتبع اللياقة البدنية: توفر تطبيقات مثل نايك ترينينغ كلاب، وفيت باد، وبيلتون مكتبة واسعة من تمارين اللياقة البدنية وأهدافها، مثل تمارين عالية الكثافة وتمارين القوة واليوغا والتأمل. كما يمكنها تخطيط تمارين بناء على تقدمك وتفضيلاتك بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي، لتحاكي بذلك مدرباً شخصياً.