يعد المشي من أسهل أشكال التمارين الرياضية، ما قد يدفع البعض للتساؤل: إننا نمشي كل يوم دون تخطيط، فما المميز فيه؟ لكن المشي الياباني، أو بالأحرى، الفلسفة والتقنيات المدمجة في ممارسات المشي اليابانية المختلفة، تحول هذا النشاط اليومي إلى تمرين قوي ذي فوائد صحية ملحوظة. لا يتعلق الأمر بتحقيق سرعات أولمبية أو حرق أقصى سعرات حرارية، بل بالقدرة على تحسين الصحة واللياقة البدنية من خلال المشي الواعي والهادف بدلاً من مجرد تغطية المسافة أو السرعة، فما هو المشي الياباني؟ وما أهم فوائده الصحية؟
المشي الياباني: أكثر من مجرد خطوات متتالية
المشي الياباني هو أسلوب تدريب متقطع طوره باحثون يابانيون عام 2007، لتحسين الصحة القلبية الأيضية لكبار السن.
في البحث الذي نشرته مجلة مايو كلينيك بروسيدينغز، قسم الباحثون المشاركين إلى 3 مجموعات:
- مجموعة عدم المشي.
- مجموعة المشي المتواصل متوسط الشدة (8,000 خطوة على الأقل يومياً).
- مجموعة المشي المتقطع عالي الشدة، ويتضمن المشي السريع مدة ثلاث دقائق بجهد يبلغ 70% من مؤشر "السعة الهوائية القصوى"، وهو أقصى قدرة للجسم على استهلاك الأوكسجين في أثناء ممارسة النشاط البدني المكثف، ويعبر عن مدى كفاءة الجهاز القلبي التنفسي في تزويد العضلات بالأوكسجين خلال النشاط البدني، أي تكون السرعة قوية بما يكفي لجعل المحادثة صعبة ولكنها لا تزال ممكنة. يلي ذلك مرحلة المشي البطيء ثلاث دقائق بجهد يبلغ 40%، بما يسمح باسترداد القوة دون التوقف، ويتكرر ذلك مدة 30 دقيقة لكل جلسة، وخمسة أيام في الأسبوع.
أظهرت المجموعة الثالثة تحسناً ملحوظاً في العديد من المؤشرات الصحية، بما في ذلك:
- ضغط الدم.
- نسبة الغلوكوز في الدم.
- مؤشر كتلة الجسم.
- أقصى قدرة للجسم على استهلاك الأوكسجين.
- القوة (القدرة على الاستقرار والتوازن).
لاحقاً أطلق الباحثون علي هذا الأسلوب طريقة المشي الياباني أو "تدريب المشي المتقطع". وعلى الرغم من أنه يمكن اتباع النظام ذاته مع إطالة مدة المشي أكثر من 3 دقائق، فإن الباحثين لاحظوا أن كبار السن يصابون بالإرهاق بعد 3 دقائق.
اقرأ أيضاً: 10 دقائق يومياً: تمارين رياضية سريعة تناسب جدول المدير المشغول
فوائد المشي الياباني
يوفر المشي الياباني العديد من الفوائد الصحية التي قد تتعدى المشي التقليدي:
- زيادة قوة العضلات: في دراسة نشرتها مجلة (FASEB)، راقب الباحثون مشاركين مارسوا المشي الياباني مدة 10 سنوات، وتوصلوا إلى أن المشاركين شهدوا تحسناً بنسبة 20% في قوة أرجلهم، و40% فيما يعرف بأقصى قدرة على استهلاك الأوكسجين خلال التمارين الرياضية، وهي مؤشر يعكس قدرة القلب والرئتين والعضلات على العمل معاً لتحسين الأداء الرياضي، فكلما زادت قيمته كانت قدرة الشخص على التحمل وممارسة الأنشطة الهوائية أفضل.
- فوائده المحتملة لطول العمر: أثبتت الدراسة السابقة أن المشي الياباني حمى المشاركين من تراجع اللياقة البدنية حتى لدى أولئك الذين لم يكملوا عشر سنوات من التدريب، ما قد يكون دليلاً على أن هذه التقنية قد تساعد الناس على العيش فترة أطول
- تحسين الصحة النفسية: وفقاً للمختصة النفسية المتخصصة في العلاج السلوكي المعرفي المستخدم لعلاج مجموعة واسعة من الحالات النفسية والاضطرابات، أناهيتا كاليانيفالا، يعتمد المشي الياباني على تقنية تدعى تنظيم النشاط بناء على الوقت، أي التنقل بين مرحلة النشاط ما قبل انهيار العضلات إلى وضع التعافي، ثم العودة إلى فترة نشاط أخرى، وهو ما يماثل تقنية المشي المتقطع.
اقرأ أيضاً: المشي اليومي ليس ترفاً: إليك أهم فوائده في تحسين المزاج والذاكرة
ما هو الفرق بين التمرين المتقطع عالي الكثافة والمشي الياباني؟
يتضمن التمرين المتقطع عالي الكثافة التناوب بين فترات من التمارين ذات الكثافة العالية، مثل الركض السريع أو القفز أو ركوب الدراجات بأقصى سرعة، بهدف تحقيق 80-95% أو أكثر من أقصى معدل ضربات القلب، وهو معدل ضربات القلب الأقصى الذي يمكن أن يصل إليه الشخص في أثناء ممارسة نشاط بدني شديد. يلي ذلك فترة التمارين ذات الكثافة المنخفضة عدة مرات (الراحة).
الهدف هو دفع جسمك إلى أقصى حدوده، وهو أمر قد يكون مرهقاً وقد لا يكون مناسباً للجميع، وخاصةً للمبتدئين في ممارسة الرياضة أو الذين يعانون حالات صحية معينة.
في المقابل، قد تتشابه تقنية المشي الياباني مع التمرين المتقطع عالي الكثافة، لكنها أقل كثافة، إذ ينبغي المشي السريع للوصول إلى 70-85% من أقصى معدل ضربات القلب، ما يجعلها مناسباً للأشخاص الذين لا يستطيعون تحمل أنشطة مثل الجري أو المشي مسافات طويلة، بسبب الإصابة أو الضعف أو مشكلات التوازن أو التقدم في السن.