"تناول اللحوم البيضاء بدلاً من الإكثار من اللحوم الحمراء لتحافظ على صحتك، ولتقلل تعريض نفسك للمخاطر الصحية مثل ارتفاع الكوليسترول والإصابة بالسرطان والالتهابات". تنتشر هذه النصيحة اليوم بين الأطباء وخبراء التغذية، لكن دراسة حديثة، ربطت بين تناول لحم الدجاج الأبيض وزيادة كبيرة في خطر الوفاة بسرطان الجهاز الهضمي، قد تغيّر هذا الاعتقاد السائد.
تناول لحوم الدجاج يرتبط بزيادة خطر الوفاة
نُشرت الدراسة في دورية المغذيات (Nutrients) في أبريل/نيسان 2025، وشملت 4869 شخصاً في جنوب إيطاليا، جرت متابعة نظامهم الغذائي ونمط حياتهم مدة طويلة، امتدت من عام 2006 حتى عام 2024. ركزت الدراسة على استهلاك المشاركين اللحوم الحمراء والبيضاء وأسباب وفاتهم، وتشمل أسباب الوفاة السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية.
وجدت الدراسة أن تناول أكثر من 300 غرام من لحم الدواجن أسبوعياً يرتبط بزيادة خطر الوفاة بنسبة 27% مقارنةً بتناول 100 غرام من لحم الدواجن أسبوعياً. تزداد هذه النسبة مع زيادة كمية لحم الدجاج المتناولة أسبوعياً.
كما أن تناول أكثر من 300 غرام من اللحوم البيضاء أسبوعياً يُضاعف خطر الوفاة بسرطانات الجهاز الهضمي مقارنة بتناول أقل من 100 غرام. تزيد هذه النسبة خطر الإصابة بـ 11 نوعاً مختلفاً من سرطانات الجهاز الهضمي، بما في ذلك السرطانات التي تصيب المعدة والأمعاء والقناة الصفراوية والشرج والمرارة والكبد والبنكرياس والمستقيم والأمعاء الدقيقة والأنسجة الرخوة في البطن. تتعارض هذه النتائج مع الدراسات السابقة التي كانت توصي بتناول اللحوم البيضاء عوضاً عن الحمراء للحماية من سرطانات الجهاز الهضمي.
من الجدير بالذكر أن الدراسة وجدت ارتباطاً بين تناول كمية محددة من لحم الدجاج وزيادة خطر الوفاة، وخاصةً الوفاة بسبب سرطان الجهاز الهضمي، لكن ذلك لا يعني أن تناول اللحوم البيضاء هو سبب مباشر للإصابة بالسرطان. أخذت الدراسة أيضاً عوامل أخرى في الاعتبار مثل التدخين ووزن الجسم وضغط الدم.
اقرأ أيضاً: ما الطريقة الصحيحة لغسل الدجاج النيئ؟
لماذا يرتبط تناول لحوم الدجاج بزيادة خطر الوفاة؟
في المقابل، يمكن تفسير هذه العلاقة بوجود عدة عوامل ترتبط بزيادة خطر الوفاة، ومنها:
- طريقة طهو الدجاج ومعالجته، والتي قد تؤثر سلباً على جودته وفائدته الصحية أو ضرره. على سبيل المثال، الدجاج المطبوخ بدرجات حرارة عالية، كالشواء والقلي يُنتج مركبات كيميائية تزيد خطر الإصابة بالسرطان.
- تناول الدجاج المصنّع، وهو دجاج غني بالصوديوم والمواد الحافظة والدهون المشبعة، والتي تترك أثراً سلبياً على الصحة.
- العلف، بما في ذلك الهرمونات أو الأدوية المقدمة للدواجن في المزارع، قد يزيد خطر الإصابة بالسرطان لدى البشر.
هل علينا الامتناع عن تناول الدجاج؟
في هذا السياق، يُطرح سؤال مهم: "هل علينا الامتناع عن تناول اللحوم البيضاء وبالأخص لحم الدجاج، وإيجاد بديل لها؟" في الواقع، لا. كما ذكر سابقاً، هذه الدراسة وجدت رابطاً بين تناول كميات كبيرة من لحم الدجاج وزيادة الوفيات، لكنها لم تُثبت أنه سبب مباشر للوفاة.
بالإضافة إلى ذلك، في هذا النوع من الدراسات، تُسجَّل بيانات النظام الغذائي التي يُقدمها المشاركون بأنفسهم، لذا قد تكون البيانات التي يقدمونها غير دقيقة، ما قد يؤثر في دقة النتائج التي يستخلصها هذا النوع من الدراسات. علاوة على أن تناول المشاركين للدجاج يشمل تناول البعض للوجبات السريعة، بينما يتناول آخرون وجبات صحية مطبوخة في المنزل.
اقرأ أيضاً: هل اللحم الأبيض أفضل من اللحم الداكن؟
لم توثّق الدراسة أيضاً بعض العوامل المهمة التي تؤثر في الصحة مثل ممارسة الرياضة، والتي تؤدي دوراً كبيراً في الوقاية من أسباب الوفاة جميعها.
يُنصح عموماً بتناول لحم الدجاج مع مراعاة ما يلي:
- تناول لحم الدجاج العضوي أو الدجاج المُربّى في المراعي.
- تناول لحم الدجاج الطازج والابتعاد عن اللحوم المصنّعة أو اللحوم الباردة.
- تناول صدور الدجاج، والتقليل من تناول الأجزاء الأخرى منه كالفخذ والجلد.
- طهو لحم الدجاج على نار هادئة أو تحضيره في وصفات المخبوزات، والابتعاد عن قليه أو تحضيره عن طريق الشواء على نار عالية.
- الاعتدال في استهلاك الدواجن، وتنويع مصادر البروتينات، ومنها المأكولات البحرية، أو اللجوء إلى البروتينات النباتية، والإكثار من تناول الخضروات.