دراسة جديدة تتوصل إلى نظام غذائي يحاكي فوائد الصيام المتقطع

4 دقيقة
كيف تتجنب آثار التحول السريع إلى نظام غذائي صحي؟ 5 نصائح فعالة
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: إيناس غانم.

تخيّل نظاماً غذائياً يُتيح لك الاستمتاع بوجبات غنية مع الاستفادة من فوائد الصيام! يبدو الأمر رائعاً، وقد تعتقد أنه لا يتعدى حدود الخيال لكنه في الواقع قد يكون ممكناً.

كشفت دراسة جديدة أجرتها جامعة سري البريطانية (University of Surrey) أن الحميات الغذائية منخفضة الكربوهيدرات تُقدّم المزايا الأيضية نفسها التي يقدّمها الصيام، أي دون أن تضطر للمعاناة من آلام الجوع.

تأثير الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات في المؤشرات الأيضية

في الدراسة الحديثة المنشورة في المجلة الأوروبية للتغذية (European Journal of Nutrition)، حاول الباحثون تقييم كيفية تأثير الأنظمة الغذائية المنخفضة الكربوهيدرات، والأنظمة الغذائية المنخفضة السعرات الحرارية (المقيدة) على المؤشرات الأيضية في الجسم، والتي غالباً ما تشمل تحسينات في عمليات مثل استهلاك الطاقة، وحرق الدهون، وتنظيم سكر الدم ونشاط الهرمونات المرتبطة بالجوع وتوازن الطاقة.

شارك في الدراسة بالغون تتراوح أعمارهم بين 20 و65 عاماً، صُنفوا على أنهم يعانون زيادة الوزن أو السمنة، حيث اتبعوا ثلاثة أنظمة غذائية مختلفة على مدار يوم واحد:

  • نظام غذائي قياسيّ يتضمن مستويات نموذجية من الكربوهيدرات.
  • نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات مع عدد سعرات حرارية طبيعي، أي قلل المشاركون تناول الكربوهيدرات مع الحفاظ على استهلاكهم المعتاد من السعرات الحرارية.
  • نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات مع تقييد كبير للسعرات الحرارية، أي قلل المشاركون تناول الكربوهيدرات وإجمالي السعرات الحرارية المستهلكة.

توصلت الدراسة إلى أن كلا النظامين الغذائيين منخفضَي الكربوهيدرات، بغض النظر عن محتواهما من السعرات الحرارية، أديا إلى تحسينات ملحوظة في المؤشرات الأيضية للمشاركين. وعلى وجه التحديد، لاحظ الباحثون انخفاض مستويات الدهون الثلاثية إلى مستوى دهون صحي. 

الدهون الثلاثية هي نوع من الدهون الموجودة في الدم ويحصل عليها الجسم من الأطعمة التي نتناولها، إذ عندما تستهلك سعرات حرارية أكثر مما يحتاجه الجسم، يخزن الفائض على شكل دهون ثلاثية في الجسم، إلا أن ارتفاع مستويات الدهون الثلاثية في الدم يمكن أن يكون مرتبطاً بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، خاصة إذا كانت مصحوبة بعوامل أخرى مثل ارتفاع الكوليسترول أو ارتفاع ضغط الدم.

اقرأ أيضاً: ما زالت الحمية منخفضة الكربوهيدرات تمثِّل لغزاً في علم التغذية

استجابة الشهية والالتزام طويل المدى

كان أحد الجوانب المثيرة للاهتمام في البحث هو استجابة المشاركين للشهية. فبينما أبلغ أولئك الذين اتبعوا أياماً منخفضة الكربوهيدرات عن زيادة في الجوع، فإنهم لم يعبروا عن ذلك الجوع بزيادة في تناول الطعام خلال اليومين التاليين. تشير هذه النتيجة إلى أن الجسم قد يتكيف مع تناول كميات أقل من الكربوهيدرات بمرور الوقت، ما قد يُسهّل على الأفراد الالتزام بنظام غذائي منخفض الكربوهيدرات على المدى الطويل. 

يقول المؤلف المشارك في الدراسة والأستاذ في التغذية بجامعة سري، آدم كولينز: "يقدم هذا البحث منظوراً جديداً واعداً للتدخلات الغذائية لصحة التمثيل الغذائي، ويمكن أن يكون له تأثير على إدارة حالات مثل مرض السكري من النوع 2 وأمراض القلب والسمنة".

خطة نموذجية لاتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات من دون جوع

يعد التوازن بين الأغذية شرطاً أساسياً لنجاح النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات، بمعنى أن نحقق انخفاضاً في كمية الكربوهيدرات المتناولة، دون خسارة العناصر الغذائية الضرورية في الوقت ذاته. على سبيل المثال، تعد الفواكه غنية بالكربوهيدرات البسيطة، إلا أنها أيضاً مصدر مهم للفيتامينات والألياف، لذا لا بد من تعويض محتواها من العناصر الضرورية في النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات. 

لاتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات، يمكن اتباع الخطة التالية:

وجبة الإفطار: يجب أن تحتوي وجبة الإفطار على 14 غراماً من الكربوهيدرات، و201 سعرة حرارية، ويمكن الحصول عليها من تناول الأغذية التالية:

  • كوب أو ما يعادل 240 غراماً من الزبادي خالي الدسم.
  • 80 غراماً من التوت الأسود.
  • ملعقة طعام كبيرة من الجوز المفروم.

وجبة صباحية خفيفة: عبارة عن حبتي كليمنتين، أي ما يعادل 18 غراماً من الكربوهيدرات، و70 سعرة حرارية.

وجبة الغداء: سلطة الفاصولياء البيضاء مع الخضروات، وتحتوي على 30 غراماً من الكربوهيدرات، و360 سعرة حرارية.

وجبة مسائية خفيفة: عبارة عن نصف كوب من التوت، وتحتوي على 7 غرامات من الكربوهيدرات، و32 سعرة حرارية.

وجبة العشاء: حصة واحدة من سمك السلمون مع الخضروات، وتعادل 555 سعرة حرارية، وتحتوي على 37 غراماً من الكربوهيدرات.

وبذلك يصل مجمل السعرات الحرارية في اليوم النموذجي من خطة النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات إلى 1218 سعرة حرارية، بما في ذلك 75 غراماً من البروتين، و106 غرامات من الكربوهيدرات، و30 غراماً من الألياف، و61 غراماً من الدهون.

يمكن زيادة إجمالي السعرات الحرارية إلى 1500 بإضافة 80 غراماً من اللوز المحمص وغير المملح إلى وجبة الصباح. وللوصول إلى 2000 سعرة حرارية، يمكن إضافة برتقالة واحدة مع شريحتين من خبز القمح الكامل إلى وجبة الغداء، و3 ملاعق زبدة الفول السوداني إلى الوجبة المسائية الخفيفة.

اقرأ أيضاً: 10 من الأطعمة ينبغي تجنبها أو الحد منها في الحمية القليلة الكربوهيدرات

فوائد الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات

بالإضافة إلى الفوائد التي توصلت لها هذه الدراسة، يوفر النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات الفوائد التالية:

تقليل الشهية وإدارة الوزن

لدى تناول الكربوهيدرات بكميات كبيرة، أو لدى تناول السكريات المكررة السريعة الهضم، كما في الحلويات والفواكه والدقيق، ترتفع مستويات سكر الدم بسرعة، فيستجيب الجسم بزيادة إفراز هرمون الإنسولين، وهو الهرمون الذي ينظم دخول سكر الدم إلى الخلايا. بدوره يخفّض الإنسولين سكر الدم على نحو سريع؛ ما يجعلنا أمام حالة من نقص السكر التي تعزز الشعور بالجوع والرغبة في تناول المزيد من الطعام، وهذا يسبب بالتالي الإصابة بالسمنة.

إدارة أعراض مرض السكري

بالنسبة لمرضى داء السكري، يمثل تنظيم مستويات سكر الدم مشكلة أساسية ينبغي متابعتها باستمرار من خلال مراقبة استهلاك الفرد من السكريات. يساعد اتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات على التحكم في مستويات الغلوكوز في الدم، وتقليل مقاومة الإنسولين، والوقاية من المضاعفات والأعراض المرتبطة بارتفاعه.

كشفت الدراسة المنشورة في المجلة الطبية البريطانية للتغذية والوقاية والصحة (BMJ Nutrition, Prevention & Health) أن 51% من المشاركين الذين اتبعوا نظاماً غذائياً منخفض الكربوهيدرات على مدار 33 شهراً توقفوا عن تناول أدوية السكري، ما أدى إلى عكس مسار داء السكري من النوع الثاني لديهم بفعالية. كما شهد المشاركون خسارة كبيرة في الوزن، بمتوسط ​​انخفاض قدره 8.9 كيلوغرامات.

صحة القلب

ربطت الدراسة السابقة الحميات منخفضة الكربوهيدرات بانخفاض مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، وهو الكوليسترول الضار، والدهون الثلاثية، وضغط الدم الانقباضي. تعد هذه العوامل رئيسية لأمراض القلب والأوعية الدموية، أي إن اتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات قد يكون خطوة استباقية نحو تحسين صحة القلب.

اقرأ أيضاً: إليك أفضل الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات

الآثار الجانبية للأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات

بينما يتكيف الجسم مع انخفاض مدخوله من الكربوهيدرات قد يتعرض لبعض الأعراض والآثار الجانبية، أهمها الإنفلونزا، وهي شعور عام بالضيق والتعب عند البدء بنظام غذائي منخفض الكربوهيدرات قد يستمر حتى بضعة أيام، وقد يصل إلى أسبوع، ومن أهم أعراضها:

  • الصداع.
  • الإرهاق.
  • الغثيان.
  • الدوار.
  • صعوبة في التركيز (ضباب الدماغ).

بالإضافة إلى الإنفلونزا، قد يسبب النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات:

  • تشنجات في الساق.
  • الإمساك.
  • رائحة الفم الكريهة.
  • انخفاض النشاط البدني.
  • خفقان القلب.
  • تساقط الشعر المؤقت.

المحتوى محمي