هل الأرز البني صحيّ أكثر بالفعل؟ أم يحمل مخاطر صحية؟

3 دقيقة
هل الأرز البني صحيّ أكثر بالفعل؟ أم يحمل مخاطر صحية
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: عبدالله بليد.

يُعد الأرز البني من أكثر الحبوب الصحية شهرةً بسبب محتواه الغني بالألياف والفيتامينات، لكن دراسة من جامعة ميشيغان منشورة في فبراير/شباط 2025 تحذر من وجود مستويات مرتفعة من الزرنيخ فيه. فما هي تأثيرات الزرنيخ الصحية، وما ضرره على الأطفال، وكيف يمكن الوقاية منها؟ 

هل يمكن أن تفوق أضرار الأرز البني فوائده؟ 

أثارت دراسة جامعة ولاية ميشيغان المنشورة في دورية "تقييم المخاطر" (Risk Analysis) التابعة لدار نشر وايلي (Wiley)، قلقاً بين الخبراء ومستهلكي الأرز البني حول العالم. إذ كشفت نتائجها أن الأرز البني يحتوي على نسبة أعلى من الزرنيخ غير العضوي مقارنة بالأرز الأبيض، وهو نوع من الزرنيخ السام والمصنّف على أنه مادة مسرطنة. يعود التركيز المرتفع للزرنيخ في الأرز البني إلى طريقة بيعه التي تحتفظ بطبقة النخالة الخارجية لحبة الأرز، حيث يتراكم هذا المعدن السام في هذه الطبقة على نحو رئيسي. علماً أن تراكم الزرنيخ في الأرز يحدث بسبب نموه في الحقول المغمورة بالمياه التي توفر الظروف التي يصبح فيها الزرنيخ متاحاً بدرجة أكبر من الزراعة بالتربة. 

يهدف هذا الاكتشاف إلى حث المستهلكين على إعادة النظر في خياراتهم الغذائية، نظراً لشيوع استخدام الأرز البني في أغذية الرضع والأطفال الصغار. إذ لا تنفي الدراسة الفوائد الغذائية للأرز البني، بل تحاول إبراز ضرورة التوازن بين القيمة الغذائية، ومخاطر التعرض للملوثات مثل الزرنيخ.

اقرأ أيضاً: ما مدى سميّة المعادن الثقيلة في طعام الرضّع وكيف يمكن التخلّص منها؟

كيف توصل الباحثون لأضرار الأرز البني؟

استند الباحثون في الدراسة من الولايات المتحدة الأميركية إلى تحليل شامل لأكثر من 1000 سجل غذائي ضمن قاعدة بيانات "ما نأكله في أميركا" (What we eat in America)، وهي قاعدة بيانات تابعة لوكالة حماية البيئة الأميركية (EPA) والمعهد المشترك لعلوم الأغذية والتغذية التطبيقية. 

جمع الباحثون بيانات استهلاك الأرز من مختلف الفئات العمرية، وخاصة الأطفال دون 5 سنوات، ثم قارنوا مستويات الزرنيخ في عينات من الأرز البني والأبيض من الولايات المتحدة الأميركية ومن دول أخرى، كما قام الفريق بحساب الجرعة اليومية المتوسطة للتعرض للزرنيخ بالاستناد إلى معادلة رياضية شملت تركيز الزرنيخ في كل نوع من الأرز ومتوسط الاستهلاك اليومي ووزن الجسم لكل فئة عمرية، وكانت منهجية الدراسة شاملة لعدة عوامل مثل مصدر الأرز وطريقة زراعته، وخصائص المستهلكين.

اقرأ أيضاً: 13 نوعاً من الحبوب يمكن صناعة الخبز منها غير القمح

ما هو سبب وجود مستويات مرتفعة من الزرنيخ في الأرز البني مقارنةً مع الأرز الأبيض؟

أظهرت نتائج الدراسة بأن الزرنيخ غير العضوي في الأرز البني يمثل نحو 48% من إجمالي الزرنيخ الموجود به، بينما كانت نسبته في الأرز الأبيض 33%، علماً بأن الزرنيخ غير العضوي يعد شكلاً أكثر سمية من الزرنيخ العضوي، ويرتبط مع ذرات عناصر غير عضوية مثل الأوكسجين أو الكبريت، ويمكن أن يسبب التعرض طويل الأمد للزرنيخ غير العضوي الأعراض التالية:

  • تغيرات في لون الجلد.
  • ظهور آفات جلدية وبقع صلبة على راحتي اليدين وباطن القدمين (فرط التقرن).
  • سرطان الجلد.
  • سرطان المثانة.
  • سرطان الرئة. 
  • خلل النمو عند الأطفال.
  • داء السكري.
  • أمراض الرئة.
  • أمراض القلب والأوعية الدموية.
  • احتشاء عضلة القلب الناجم عن الزرنيخ.
  • عدم القدرة على الحمل.
  • وفيات الرضع.
  • فشل الكلى.

كما وجد الباحثون أن نخالة الأرز، وهي الطبقة البنية التي تبقى في الأرز البني فقط، تحتوي على تركيز زرنيخ غير عضوي يزيد بنسبة تصل إلى 92% مقارنة بالجزء الأبيض داخل الحبة، ويعد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 24 شهراً، والذين يستهلكون الأرز البني معرضين لجرعات يومية من الزرنيخ تصل إلى 0.81 ميكروغرام (الميكروغرام 1 على 1,000,000 من الغرام) لكل كيلوغرام من وزن الجسم، أي ما يتجاوز المستوى الآمن الموصى به وهو 0.21 ميكروغرام لكل كيلوغرام من وزن الجسم. مع ذلك، أكدت الدراسة أن البالغين لا يواجهون مستوى الخطر نفسه، إلا إذا كان استهلاكهم للأرز البني كبيراً ويصل إلى ثلاث وجبات باليوم وعلى نحو يومي سنوات طويلة.

اقرأ أيضاً: متى بدأ البشر بزراعة الأرز وحصاده؟

كيف يمكن تفادي الأضرار السلبية للأرز البني؟

انطلاقاً من نتائج الدراسة؛ يمكن اتخاذ خطوات عملية لتقليل التعرض للزرنيخ غير العضوي عند تناول الأرز البني باتباع النصائح التالية:

  • غسل الأرز البني جيداً قبل الطهو واستخدام ماء نظيف مفلتر في ذلك، إذ يمكن أن يحتوي الماء الجوفي الملوث على الزرنيخ غير العضوي. ما يساعد على إزالة بعض الزرنيخ السطحي من الأرز.
  • طبخ الأرز باستخدام كمية كبيرة من الماء المغلي وسلقه جزئياً مدة 5 دقائق، ثم تصفيته والتخلص من ماء الطهو الذي يحتوي على جزء كبير من الزرنيخ، وإعادة طهوه في ماء نقي.
  • تنويع مصادر الحبوب الكاملة في النظام الغذائي، مثل الكينوا والشعير والدخن والفريك، لتجنب الاعتماد المفرط على الأرز البني. 
  • تجنب تقديم الأهل الأرز البني للأطفال، والعمل على تنويع أطعمة الرضع والأطفال الصغار لتشمل بدائل آمنة وغنية بالألياف مثل الشوفان الكامل أو البطاطا الحلوة المهروسة.

اقرأ أيضاً: طريقة علمية لطهو الأرز تزيل السموم الطبيعية الموجودة فيه

يشارك الصيدلي المصري حازم منير عبر قناته على اليوتيوب التي ينشر فيها محتوى صحياً تثقيفياً، مقطع فيديو يوضح به الفرق بين الأرز البني والأبيض والفوائد الصحية لكل منهما.

 

المحتوى محمي