دراسة تكشف أضرار بدائل السكر الصناعية الشائعة

3 دقيقة
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: عبدالله بليد.

يلجأ الملايين من الأشخاص حول العالم إلى استهلاك المُحلّيات الصناعية، مثل السكرالوز والإريثريتول، بديلاً آمناً للسكر في ظل الوعي المتزايد بمخاطر السكر على الصحة وتفاقم انتشار مرض السكري، لكن ما مدى أمان هذه البدائل وتأثيراتها طويلة الأمد في الصحة؟ 

تبين أن هذه المواد قد تخفي خلف حلاوتها أضراراً صحية خطيرة، خاصةً على الدماغ والقلب. إليك آخر الدراسات العلمية حول ذلك وتوصيات الباحثين الصحية لتجنب أضرار هذه المُحلِّيات.

اقرأ أيضاً: ما هو الفرق بين سكر الفاكهة والسكر الأبيض؟ وأيهما أفضل للصحة؟

ما هي أضرار سكر السكرالوز الصناعي الصحية؟

يعد السكرالوز أحد أكثر المحلِّيات الصناعية شيوعاً في الولايات المتحدة الأميركية، ويستخدمه نحو 141 مليون أميركي سنوياً بديلاً لسكر المائدة المكرر، ويتميز بحلاوته العالية التي تفوق حلاوة سكر المائدة بـ 600 مرة، وهو خالٍ من السعرات الحرارية. ما يجعله خياراً شائعاً بين من يتبعون أنظمة غذائية منخفضة السكر. 

لكن عدم احتوائه على سعرات حرارية لا يعني أنه خالٍ من التأثيرات الضارة في الجسم، حيث أظهرت دراسة نُشرت في دورية "نيتشر الاستقلابية" (Nature Metabolism) أن السكرالوز يؤثر مباشرةً في منطقة الوطاء (تحت المهاد) في الدماغ، وهي مسؤولة عن تنظيم الشعور بالجوع عبر إفراز الهرمونات، وشملت الدراسة 75 مشاركاً قُسموا إلى 3 مجموعات كما يلي: 

  • مجموعة شربت ماء فقط.
  • مجموعة تناولت مشروباً محلّى بالسكر المكرر.
  • مجموعة تناولت مشروباً محلّى بالسكرالوز. 

أظهر المشاركون الذين تناولوا المشروب المحلى بالسكرالوز زيادة كبيرة في الشعور بالجوع، وخاصةً الذين يعانون السمنة، ولاحظ الباحثون ارتفاعاً في النشاط الدماغي ضمن المناطق المرتبطة بالشهية، ما يشير إلى أن السكرالوز يُربك آلية تنظيم الجوع في الدماغ، ولا يحفز إفراز الهرمونات التي تعطي إحساس الشبع مثلما يحدث مع السكر، وبالتالي قد يسبب استخدامه زيادة في الوزن.

اقرأ أيضاً: متى يمكن أن يسبب السكر مرض السكري؟

ما هي أضرار سكر الإريثريتول الصناعي؟

يُسوَّق للإريثريتول على أنه بديل طبيعي ومنخفض السعرات لسكر المائدة، لكن يمكن أن يسبب هذا النوع من المُحلِّيات تأثيرات ضارة غير متوقعة في صحة القلب والدماغ. حيث أظهرت دراسة عرضت في مؤتمر القمة الأميركية لعلم وظائف الأعضاء في عام 2025 أن الإريثريتول يزيد الإجهاد التأكسدي الضار في خلايا الأوعية الدموية في الدماغ، ويقلل إنتاج أوكسيد النيتريك، وهو مركب ضروري للحفاظ على مرونة الأوعية الدموية. 

لاختبار أضرار هذا النوع من السكر الصناعي، أضاف الباحثون لخلايا بطانية دماغية دقيقة كميات من الإريثريتول تطابق تلك الموجودة في مشروب واحد، ما تسبب بارتفاع نسبته 100% في مستويات أنواع الأوكسجين التفاعلية، وهي جزيئات ضارة تُسبب تلفاً خلوياً وتسرّع الشيخوخة وتزيد خطر الإصابة بالسرطان وأمراض القلب، وانخفض إنتاج أوكسيد النيتريك، ما جعل الأوعية الدموية أقل قدرة على التمدد، وبالتالي يزيد خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. 

تصنّف إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) الإريثريتول بأنه "معترف به عموماً باعتباره آمناً"، لكن الباحثين في الدراسة يحذرون من استهلاكه، خاصة لدى المعرضين لخطر الإصابة بأمراض القلب.

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة: المشروبات السكرية قد ترتبط بالإصابة بسرطان تجويف الفم لدى النساء

كيف يؤثر كل من السكرالوز والإريثريتول في هرمونات الجسم؟

تؤدي الهرمونات دوراً مهماً في تنظيم الشهية ومعدلات الاستقلاب، حيث يؤدي السكر المكرر إلى تحفيز إفراز هرمونات، مثل الإنسولين والببتيد الشبيه بالغلوكاغون 1(GLP-1)، ترسل إشارات إلى الدماغ بأن الجسم استهلك سعرات حرارية كافية. ما يؤدي إلى الشعور بالشبع، بينما تفشل المحليات الصناعية في تحفيز هذه الهرمونات بالطريقة نفسها، ويسبب ذلك خللاً في نظام تنظيم إشارات الجوع والشبع الدماغية. يجعل هذا الانحراف الدماغ يتوقع وجود سعرات حرارية بسبب إدراكه لوجود مذاق الحلاوة، لكن لا توجد سعرات حرارية في هذه المحليات، فيبدأ الدماغ في تعديل طريقة استجابته للتحفيزات الذوقية، ما يُفاقم الرغبة الشديدة في الطعام الحلو مع مرور الوقت. 

هذا التأثير يُفسر لماذا يشعر بعض الأشخاص بالجوع حتى بعد تناول أطعمة أو مشروبات "خالية من السكر"، ويظهر هذا التأثير على نحو أشد عند النساء مقارنةً بالرجال، وهناك حاجة للمزيد من الأبحاث حول تأثير هذه المحليات على الأطفال والمراهقين الذين تكون أدمغتهم في مرحلة تطور حساسة.

اقرأ أيضاً: العسل أو السكر البني أو السكر الأبيض: أي من هذه الخيارات الأفضل لصحتك؟

انطلاقاً من الدراسة، قد يكون من الأفضل الحد من استخدام هذه المحليات الصناعية، واختيار بدائل طبيعية مثل سكر نبتة الستيفيا أو فاكهة الراهب أو العسل الخام عند الحاجة للتحلية. علماً أن التوجه نحو تقليل الحلاوة في النظام الغذائي العام هو الخيار الأكثر أماناً لتعزيز الصحة الاستقلابية والوعائية على المدى البعيد. تؤكد مدربة الصحة العامة المصرية، ندى حرفوش، أهمية استخدام المحليات الطبيعية البديلة للسكر، وذلك عبر فيديو في قناتها على اليوتيوب.

المحتوى محمي