كتم العطاس: عادة بسيطة قد تسبب أضراراً جسيمة

في 14 ديسمبر/كانون الأول 2023، تعرض رجل بريطاني في الثلاثينيات من عمره لحادث صحي غير متوقع، وذلك حين قرر على الرغم من معاناته حساسية الأنف (حمى القش) كتم العطاس عن طريق إغلاق أنفه وفمه تجنباً للإحراج. لكن النتيجة لم تكن في حسبانه، إذ شعر على الفور بألم شديد في رقبته، تلاه تورم واضح.

بعد نقل الرجل إلى المستشفى، كشفت الفحوصات بالأشعة السينية والتصوير المقطعي المحوسب عن تمزق في القصبة الهوائية استدعى علاجاً استمر لعدة أسابيع. وعلى الرغم من ندرة هذه الحوادث، فإن كتم العطاس قد تكون له عواقب صحية عديدة أخرى. ما هي هذه العواقب؟ ولماذا من الأفضل دائماً أن نسمح لأجسامنا بأداء وظائفها الطبيعية دون عوائق؟

ما أهمية العطاس؟

العطاس هو رد فعل طبيعي ودفاعي يقوم به الجسم؛ حيث يعمل بوصفه آلية تنظيف ذاتية لإخراج الجزيئات الغريبة مثل الغبار أو حبوب اللقاح أو الفيروسات أو البكتيريا من الأنف. يحدث العطاس عندما تتهيج الأغشية المخاطية في الأنف بسبب هذه الجزيئات، ما يحفّز الأعصاب لإرسال إشارات إلى الدماغ. يحلّل الدماغ هذه الإشارات ويرسِل بدوره إشارات تحفِّز عضلات الصدر والحجاب الحاجز على الانقباض بقوة لإخراج الهواء من الأنف والفم وطرد تلك الجزيئات من الممرات الهوائية.

إذاً يمكن القول إن العطاس يؤدي دوراً كبيراً في حماية الجهاز التنفسي من العدوى والمهيجات الخارجية. ودونه، قد تتراكم الجزيئات المضرة في الأنف، ما قد يفاقم خطر الإصابة بالأمراض أو التهابات الجهاز التنفسي.

ما هي عواقب كتم العطاس؟

عندما يعطس الإنسان، يخرج الهواء من الأنف والفم بسرعة وقوة كبيرتين للغاية. هذه السرعة والقوة ناتجتان عن ضغط انقباض عضلات الصدر والحجاب الحاجز، الذي يدفع الهواء للخروج بسرعة كبيرة بهدف تنظيف الممرات الهوائية.

لذلك، يؤدي كتم العطاس إلى زيادة الضغط داخل الجهاز التنفسي بحدود 5-24 ضعفاً مقارنة بالمستوى الذي تسببه العطسة نفسها؛ من ثم يمكن لكتم هذا الضغط الإضافي أن يسبب إصابات مختلفة، مثل:

1. الأذنان

عند حبس الضغط المتراكم في الجهاز التنفسي قبل العطاس، فإن جزءاً منه يندفع إلى الأذنين ماراً عبر قناة استاكيوس (Eustachius canal) التي تربط بين الأذن الوسطى والحلق، وقد يسبب هذا الضغط تمزقاً في غشاء الطبل في أذن واحدة أو اثنتين، الأمر الذي يسبب ألماً في الأذن وضعفاً مؤقتاً في السمع أو فقدانه. تلتئم أغشية الطبل معظمها من تلقاء نفسها بعد أسابيع، لكن بعضها قد يحتاج إلى عمليات جراحية.

فضلاً عن ذلك، قد تسبب إعادة توجيه الهواء المحمل بالبكتيريا والمخاط من الممرات الأنفية إلى الأذن الوسطى حدوث عدوى الأذن الوسطى التي غالباً ما تكون مؤلمة جداً، بعض حالات الالتهابات هذه قد تختفي من تلقاء نفسها، وبعضها قد يحتاج تناول المضادات الحيوية.

2. الأنف

قد يدفع الضغط الزائد الهواء والمخاط إلى الجيوب الأنفية، ويزيد تهيجها، فيسبب بالنتيجة التهاب الجيوب الأنفية، أو تمزق الأوعية الدموية الدقيقة في الأنف، ما يؤدي إلى نزيف الأنف، أو ألم في منطقة الوجه والجبهة.

3. العينان

هذه الحالات نادرة لكنها قد تحدث، إذ قد يسبب الضغط على الأوعية الدموية في العينين إلى انفجارها وحدوث نزيف في العينين يتجلى باحمرار العينين، وألم فيهما.

4. الحلق والقصبة الهوائية

قد يسبب حبس الضغط في الحالات النادرة تمزق الأنسجة الرقيقة في الحلق أو القصبة الهوائية، ما يسبب ألماً شديداً وصعوبة في البلع أو التنفس، كما قد يتسرب الهواء إلى أنسجة الرقبة والصدر، فيسبب ذلك تورماً وألماً.

5. الحجاب الحاجز

مرة أخرى، هي حالة نادرة، وتحدث حين ينتقل الضغط إلى عضلة الحجاب الحاجز مسبباً حدوث ألم في الصدر وصعوبة في التنفس. فضلاً عن أن هذا الهواء عالي الضغط قد يندفع بقوة كبيرة إلى الرئتين، مسبباً كسراً في أحد أضلاع القفص الصدري، خصوصاً عند كبار السن.

6. الدماغ (حالات نادرة)

في حالات نادرة جداً، يمكن أن يسبب الضغط تمزق الأوعية الدموية في الدماغ، يصاحب ذلك نزيفاً دماغياً خطراً على الحياة.

كيف تعطس بأمان دون الإضرار بجسمك وبالآخرين؟

لتجنب الأضرار التي قد تنتج عن كتم العطاس، من المهم أن تسمح للعطاس بالخروج بصورة طبيعية. وإليك بعض النصائح للعطاس على نحو آمن:

لا تكتم العطاس: تجنب سد الأنف أو إغلاق الفم في أثناء العطاس، لأن ذلك يزيد الضغط داخل الجسم كما رأينا وقد يؤدي إلى إصابات محتملة.
استخدم منديلاً أو ذراعك: غطّ أنفك وفمك بمنديل نظيف أو بمرفقك لتجنب انتشار الجراثيم، مع السماح للهواء بالخروج بحرية.
حافظ على مسافة من الآخرين: السبب الرئيسي للعطاس هو إخراج الجزيئات الضارة والفيروسات والبكتيريا من مجرى التنفس، لذلك، إذا كنت في مكان عام، ابتعد قليلاً عن الآخرين لتجنب نقل العدوى إليهم.

ماذا تفعل إذا كتمت العطاس وشعرت بمشكلة؟

إذا كتمت العطاس عن طريق الخطأ وبدأت تشعر بألم أو انزعاج في أي منطقة من جسمك، مثل الأذنين أو الرقبة أو الصدر أو الرأس، فلا تتجاهل هذه الأعراض. وإليك ما يجب فعله:

توقف عن كتم العطاس: إذا شعرت بالحاجة إلى العطاس مرة أخرى، دعها تخرج بشكل طبيعي دون محاولة كتمها.
راقب الأعراض: إذا شعرت بألم شديد أو تورم أو صعوبة في التنفس أو نزيف، فقد تكون هذه علامات على إصابة خطيرة.
استشر طبيباً: لا تتردد في زيارة الطبيب إذا استمرت الأعراض أو ازدادت سوءاً. قد تحتاج إلى إجراء تصوير بالأشعة السينية أو التصوير المقطعي لتقييم الضرر.
تجنب تكرار الكتم: تجنب كتم العطاس في المستقبل، فالضرر قد يكون أكبر في المرة القادمة.