يمكن أن تؤدي ضغوط العمل والمهام اليومية إلى مجموعة واسعة من المشاكل الصحية، والتي تتجاوز مجرد الشعور بالتوتر. فالاستجابة الفيزيولوجية للضغط، والتي تتضمن إطلاق هرمونات مثل الكورتيزول والأدرينالين، يمكن أن تترك آثاراً سلبية على الجسم بمرور الوقت. إليك بعض الأمراض والمشكلات الصحية الأكثر شيوعاً المرتبطة بضغط العمل والتوتر الناجم عنه.
اقرأ أيضاً: أمراض المهن: ما الأمراض التي قد تصيب المبرمجين؟
الأمراض التي تسببها ضغوط العمل والمهام اليومية
يمكن تلخيص أبرز الأمراض والحالات التي تسببها ضغوط العمل والمهام اليومية بما يلي:
أمراض القلب والأوعية الدموية
يرتبط ضغط العمل بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب وحالات التوتر الحاد، حيث يزداد معدل ضربات القلب وتضيق الأوعية الدموية، ما يؤدي إلى ارتفاع مؤقت في ضغط الدم. وعندما يصبح ارتفاع ضغط الدم مزمناً، تتلف الأوعية الدموية والكلى والقلب بمرور الوقت. كما يمكن أن يسهم ارتفاع ضغط الدم المزمن في التهاب عضلة القلب وتراكم الدهون في الشرايين، ما يزيد خطر الإصابة بالنوبات القلبية.
بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما يدفع التوتر الأشخاص إلى تبني عادات غير صحية مثل الإفراط في الأكل والتدخين وتجنب ممارسة الرياضة، وكلها عوامل تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
السمنة
يسهم ضغط العمل في زيادة الوزن، وخاصة في منطقة البطن لأن التوتر يؤدي إلى ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول، الذي يرتبط بتخزين المزيد من الدهون الحشوية في منطقة البطن. إضافة إلى أن الأشخاص الذين يعانون التوتر يلجؤون إلى "الأكل العاطفي"، حيث يتناولون الأطعمة الغنية بالدهون والسكر باعتبار ذلك وسيلة للتعامل مع مشاعرهم، ما يزيد خطر الإصابة بالسمنة.
السكري
يمكن أن يؤثر ضغط العمل سلباً في مرض السكري بعدة طرق؛ مثل دفع الشخص لاتباع سلوكيات غير صحية كالأكل غير الصحي وشرب مشروبات الطاقة ذات التراكيز المرتفعة من السكر المكرر، ويسبب التوتر ارتفاعاً في مستويات الغلوكوز لدى الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني، فالتعرض لضغط نفسي في العمل، يحفز الجسم لإفراز المزيد من الغلوكاغون والأدرينالين والغلوكوز من الكبد بينما تنخفض مستويات الإنسولين الذي يضبط مستوى سكر الدم، ما يجعل الجسم أقل استجابة للإنسولين الموجود، وهذا بدوره يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم.
ويمكن للضغط النفسي الشديد الناتج عن العمل أو غيره أن يزيد خطر الإصابة بالسكري بنسبة 45% عند الرجال على نحو خاص.
اقرأ أيضاً: أمراض المهن: ما الأمراض التي قد تصيب الكتاب؟
الصداع
يعتبر الضغط النفسي أحد أكثر المحفزات شيوعاً للصداع، وليس فقط الصداع التوتري بل الصداع النصفي شديد الألم أيضاً. حيث يمكن أن يسبب الضغط النفسي المزمن في العمل صداعاً توترياً مزمناً، ما يخلق حلقة مفرغة إذ إن الألم بحد ذاته يزيد مستوى الضغط النفسي، ما يشير إلى أهمية توفير وقت للراحة وتجنب التعرض المستمر لمشكلات العمل، والالتزام بمهام تتوافق مع قدرتك النفسية على التحمل.
مشكلات الجهاز الهضمي
لا يسبب التوتر والضغط النفسي في العمل القرحة بصورة مباشرة، لكنه يمكن أن يجعلها أسوأ. إضافة إلى أنه عامل شائع في العديد من حالات الجهاز الهضمي الأخرى، مثل حرقة المعدة المزمنة أو مرض الارتجاع المعدي المريئي ومتلازمة القولون العصبي. فالضغط النفسي قد يزيد حركة الأمعاء وحساسيتها، ويمكن للمثيرات الخارجية، كمشاكل العمل أو خلافاته والإخفاق في إنجاز مهمة معينة، أن تؤدي إلى ظهور أعراض اضطرابات الأمعاء.
الاكتئاب والقلق
يرتبط الضغط النفسي المزمن بمعدلات أعلى من الاكتئاب والقلق، وتؤكد دراسة من جامعة ووتربال الألمانية، منشورة في دورية مراجعات الصحة العامة عام 2024، أن الأشخاص الذين يعانون ضغطاً مرتبطاً بوظائفهم، مثل العمل المتطلب مع مكافآت قليلة، لديهم خطر أعلى للإصابة بالاكتئاب في غضون بضع سنوات مقارنة بالأشخاص الذين يعانون ضغطاً أقل. يمكن أن يؤدي ضغط العمل المفرط إلى اكتئاب كبير لدى الأشخاص المعرضين له، وخاصة عندما يواجهون صعوبة في التعامل مع المواقف الحياتية الصعبة، ويرجع ذلك جزئياً إلى المستويات غير المنتظمة من الهرمونات التي تؤدي دوراً مهماً في الحالة النفسية مثل الكورتيزول والسيروتونين والدوبامين.
مرض آلزهايمر
تشير دراسة تجميعية من جامعة كورتن الأسترالية، منشورة في دورية المراجعات البيولوجية عام 2021، إلى أن التوتر الناجم عن العمل يعد عامل خطر للإصابة بمرض آلزهايمر، ما يتسبب في تشكل لويحات الأميلويد في الدماغ على نحو أسرع. ما يشير لأهمية ابتعاد من لديهم خطر وراثي للإصابة بآلزهايمر عن الأعمال التي تسبب توتراً مستمراً.
الوفاة المبكرة
وجدت دراسة من المعهد الفنلندي للصحة والرعايةK منشورة عام 2020، أن التعرض للتوتر المزمن بسبب العمل أو عوامل الحياة الأخرى قد يقلل متوسط العمر بنحو 3 سنوات، وهذا يشير لأهمية الحصول على قسط من الراحة والإجازات، وعدم الانجراف في دوامة العمل والضغط من دون راحة وشروط مناسبة.
اقرأ أيضاً: أمراض المهن: ما الأمراض التي تصيب رواد الأعمال؟
يشارك المعالج بالطب الوظيفي الذي يحاول علاج الأمراض من خلال تغيير نمط الحياة، الدكتور أمين الموسوي، مجموعة من النصائح والمكملات التي تساعد على تخفيف التوتر والضغط النفسي عبر قناته على يوتيوب.