سلطت دراسة جديدة الضوء على المشاعر المعقدة والمعضلات الأخلاقية لمعرفة خطر الإصابة بمرض آلزهايمر في المستقبل. من بين 274 مشاركاً سليماً في البحث من الولايات المتحدة الأميركية ممن تبلغ أعمارهم 65 عاماً فأكثر، رفض 40% منهم الحصول على تقديرات المخاطر الشخصية التي تحيق بصحتهم، على الرغم من أنهم أعربوا في البداية عن رغبتهم في ذلك.
وقد استندت تقديرات المخاطر هذه إلى البيانات الديموغرافية وتصوير الدماغ والمؤشرات الحيوية للدم، ما يوفر دقة تتراوح بين 82 إلى 84% في التنبؤ باحتمالية الإصابة بمرض آلزهايمر في غضون 5 سنوات. وبالمقارنة، يمكن لعمر الشخص وحده التنبؤ بهذا الخطر بدقة 79%.
لذا فإن قيمة هذه الاختبارات متواضعة لدى الأشخاص الذين لا يعانون أي أعراض إدراكية، وهناك مخاطر محتملة للكشف عنها. بالنسبة إلى الأشخاص الذين أبلغوا بأنهم معرضون لخطر متزايد للإصابة بالخرف، فإنهم يصفون إعلامهم بهذه المعلومات بأنه يجعلهم يشعرون وكأنهم مصابون بمرض فعلي -أو كأنهم عالقون في حالة بين الصحة والمرض- ما يسبب لهم ضيقاً نفسياً.
اقرأ أيضاً: اكتشاف علمي جديد يُسلط الضوء على السبب المحتمل للإصابة بآلزهايمر
عدم اليقين بشأن النتيجة
أشار المشاركون الذين لم يرغبوا في إجراء الاختبار إلى عدم اليقين بشأن النتيجة، والأعباء الناجمة عن معرفتها، وتجاربهم السلبية في مشاهدة مرض آلزهايمر لدى الآخرين. أما أولئك الذين لديهم تاريخ عائلي مع مرض آلزهايمر، فكانوا أقل رغبة في معرفة نتائجهم، ربما بسبب تعرضهم لهذه التجارب السلبية بصورة أكبر.
وكان المشاركون الداكنو البشرة أقل رغبة في معرفة النتائج أيضاً، وهو ما يشير الباحثون إلى أنه قد يكون مرتبطاً بتجارب أكبر من التوتر والوصم والتمييز، ما يجعل احتمال الحصول على نتيجة إيجابية للاختبار أكثر تهديداً.
لعل السؤال هنا لا يدور حول الأسباب التي تجعل عدداً أكبر من الأشخاص غير راغبين في معرفة النتيجة، بل يدور حول إن كان ينبغي للباحثين تقديم اختبارات روتينية لهم على الإطلاق، بالنظر إلى عدم التأكد من النتائج واحتمال شعورهم بالضيق.
ما الفائدة من معرفة احتمالية الإصابة بآلزهايمر؟
ثمة مشكلة أخرى تتمثل في محدودية فائدتها بالنسبة إلى الأشخاص الذين لا يعانون أي أعراض. يمكن لمعالجة عوامل الخطر المرتبطة بأسلوب الحياة، مثل اتباع نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، أن يقلل التدهور المعرفي، وهي رسالة يدركها الجمهور بصورة متزايدة. لكن معرفة المخاطر لا تغير النصيحة.
وعلى النقيض من مجالات مثل سرطان الثدي، حيث يمكن تقديم تدابير وقائية للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بالمرض مثل الأدوية أو الجراحة أو الفحص المعزز، لا توجد تدخلات مماثلة للحد من خطر الإصابة بالخرف لدى الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أي أعراض.
ويوضح مؤلفو الدراسة الجديدة أن الباحثين كانوا في السابق حذرين بشأن عدم إطلاع المشاركين في دراسات آلزهايمر على نتائج الاختبارات. ولكن الآن هناك توقعات متزايدة بأن يحصل الأشخاص على نتائجهم. يتضمن "ميثاق الحقوق" المقترح أن للمشاركين في أبحاث الخرف الحق في الحصول على نتائجهم وشرحها بوضوح.
من الصعب شرح مدى عدم اليقين في هذه النتائج. غالباً ما يقلق الناس من الإصابة بالخرف عموماً، وليس فقط بمرض آلزهايمر، الذي يشكل نحو ثلثي الحالات كلها. بعض الأشخاص الذين يُقال لهم إن خطر إصابتهم بآلزهايمر منخفض، قد يصابون بنوع آخر من الخرف، مثل الخرف الوعائي.
وقد ساعدت العلوم الأوسع نطاقاً التي أنتجت تقديرات المخاطر المستقبلية هذه على تطوير تقنيات تشخيصية جديدة كان من الصعب تصورها قبل عشر سنوات. يمكن لاختبارات الدم المماثلة أن تكشف عن مرض آلزهايمر لدى الأشخاص الذين يعانون أعراضاً إدراكية بدقة تزيد على 90%، ما قد يتيح تشخيص الخرف بدقة أكبر وفي الوقت المناسب.
اختبارات الدم
يجري برنامجان بحثيان رئيسيان في المملكة المتحدة التجارب على اختبارات الدم هذه في هيئة الخدمات الصحية الوطنية لدعم عمليات التشخيص الأدق لبعض أشكال الخرف، بما في ذلك مرض آلزهايمر. ويتطلب الأمر تحسين الكشف عن المرض وتعزيز القدرة على جعله مبكراً، إذ إن ثلث الأشخاص المصابين بالخرف في إنجلترا وأيرلندا الشمالية لا يجري تشخيصهم أبداً.
إن فوائد الأدوية الأولى لإبطاء تطور مرض آلزهايمر متواضعة. في المملكة المتحدة، لم يقتنع المعهد الوطني للتميز في الصحة والرعاية حتى الآن بأن هذه الأدوية تستحق التكلفة التي تتحملها هيئة الخدمات الصحية الوطنية.
قد يشكك البعض في التركيز على تحديد المخاطر المستقبلية للخرف قبل أن يكون لدينا علاجات جيدة. لكن تطوير علاجات أفضل يعتمد على الاكتشافات العلمية الجديدة التي تساعدنا على اكتشاف مرض آلزهايمر في وقت مبكر. يتطلب إيجاد علاج لمرض ما فهماً مفصلاً لكيفية تطور هذا المرض.
اقرأ أيضاً: إليك 6 نصائح للتعامل مع مريض ألزهايمر
نحن أقرب إلى تقديم كشف دقيق لمرض آلزهايمر منه إلى العلاج الشافي، ويثير هذا الأمر معضلة تتعلق بمدى معرفة المخاطر الشخصية. ويسند النهج القائم على الحقوق هذه المعضلة إلى المشارك، ليقرر إن كان يجب أن يعرف أم لا بدلاً من أن يقرر الباحثون إن كان يجب أن يخبروه أم لا.
بالنسبة إلى الباحثين، من الصعب الإفصاح عن النتائج بشفافية ووضوح، وبالنسبة إلى البعض، فإن المعرفة ستسبب الشعور بالضيق مهما كانت طريقة نقلها. يجب أن يكون خيار الحصول على النتائج مصحوباً بالتحذيرات.