يلجأ العديد من موظفي الشركات مع ازدياد ضغوط العمل اليومية إلى استراحة التدخين باعتبارها وسيلة لتخفيف التوتر والتفاعل الاجتماعي. لكن هذه اللحظات القصيرة ليست بريئة كما تبدو، فهناك آثار لهذه الممارسة اليومية تعرض الجميع، سواء كانوا مدخنين أم غير مدخنين، لمخاطر صحية كبيرة، أبرزها سرطان الرئة.
اقرأ أيضاً: طريقة جديدة تظهر فعاليتها في الإقلاع عن التدخين
التدخين السلبي يشكل خطراً خفياً في بيئات العمل
أصبحت استراحات التدخين جزءاً لا يتجزأ من ثقافة العمل في العديد من الشركات، حيث يجتمع الموظفون في أماكن مخصصة للتدخين لتبادل الأحاديث أو الترويح عن النفس. لكن هذه العادة تحمل في طياتها مخاطر صحية كبيرة، فوفقاً لدراسة من جامعة ميلانو بيكوكا منشورة عام 2024، يزيد التعرض للدخان السلبي في بيئات العمل مخاطر الإصابة بسرطان الرئة بنسبة 24% مقارنة بعدم التعرض له. الأمر الأكثر خطورة هو أن الأفراد الذين يتعرضون للدخان فترات طويلة قد يواجهون مخاطر مضاعفة في بعض الحالات. هذه الإحصائيات تؤكد أن الدخان السلبي لا يفرق بين المدخنين وغير المدخنين، ما يجعل الجميع عرضة للخطر.
تراكم المواد المسرطنة في الجسم
أظهرت دراسة أجرتها إدارة الصحة في مقاطعة مولتنوماه بالتعاون مع دائرة الخدمات الإنسانية في أوريغون أن العاملين غير المدخنين في بيئات تسمح بالتدخين يتعرضون لمستويات مرتفعة من مادة ميثيل نيتروزامينو-1-3-بيريديل-1-بيوتانون، وهي مادة مسرطنة قوية تنتج عن استقلاب النيكوتين في الجسم، وتبين أن كل ساعة يقضيها العامل في بيئة ينتشر فيها التدخين تزيد تركيز هذه المادة في البول بنسبة 6%، وهذا التراكم التدريجي يعزز مخاطر الإصابة بسرطان الرئة، خاصة مع التعرض المزمن. والأمر لا يقتصر على العاملين في بيئات مثل المطاعم أو الحانات، بل يشمل مكاتب الشركات التي تسمح بمناطق تدخين قريبة من أماكن العمل.
اقرأ أيضاً: ما هي أضرار التدخين السلبي وكيف تساعد من يهمك أمرهم على الإقلاع عن التدخين؟
قلة الوعي ودور ثقافة العمل
قلة الوعي بمخاطر التدخين السلبي في بيئات العمل تسهم إلى حد كبير في تفاقم المشكلة، فالعديد من الموظفين لا يدركون الآثار طويلة المدى للتعرض لدخان السجائر، سواء كانوا مدخنين أم غير مدخنين، فبعض بيئات العمل تدعم التدخين على نحو غير مباشر من خلال توفير مناطق مخصصة للتدخين دون توعية كافية بمخاطره. هذه الثقافة تعزز من استمرار العادة دون النظر إلى عواقبها الصحية.
وقد أظهرت دراسة يابانية حول تأثير سياسات حظر التدخين في أماكن العمل، أن الحظر الكامل هو الأكثر فعالية في تقليل تعرض الموظفين للتدخين السلبي، أما أماكن العمل التي تطبق حظراً جزئياً للتدخين وتوفر مناطق محددة للتدخين فيكون احتمال التعرض فيها لدخان السجائر أكثر بـ 5 أضعاف مقارنة بالحظر التام، ما يشير لأهمية رعاية الشركات لبيئات عمل صحية.
اقرأ أيضاً: دراسة حديثة: آثار التدخين السلبية في الجهاز المناعي تستمر سنوات بعد الإقلاع عن التدخين
تأثيرات صحية أخرى للتدخين السلبي
يرتبط التعرض السلبي لدخان السجائر بمجموعة من المشكلات الصحية أهمها زيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة، ويؤدي أيضاً إلى زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 25-30%، حيث يؤثر في الأوعية الدموية ويزيد تراكم البقايا الدهنية التي تعوق جريان الدم. كما يمكن للتعرض المستمر للدخان أن يسبب مشاكل تنفسية مثل الربو أو التهاب الشعب الهوائية المزمن، وخاصة لدى الأفراد الذين يعانون حساسية الجهاز التنفسي.
حلول للوقاية من مخاطر التدخين في العمل
لتجنب المخاطر الصحية الناجمة عن التدخين في أماكن العمل، يمكن اتباع النصائح التالية:
- تبني سياسات صارمة لمنع التدخين في أماكن العمل جميعها، بما في ذلك المناطق الخارجية القريبة من المباني.
- نشر برامج التوعية حول أضرار التدخين السلبي، فهذه البرامج قد تؤدي دوراً أساسياً في تغيير سلوكيات الموظفين، ويمكن أن تزيد إنتاجية الموظفين، فمنع التدخين يقلل أيام الغياب بداعي المرض للموظفين.
- تقديم برامج دعم الإقلاع عن التدخين مثل الاستشارات أو ورش العمل، لمساعدة الموظفين على التخلص من إدمان النيكوتين، وتقديم حوافز مادية مثل مكافآت مادية عند الإقلاع عن التدخين أو العمل من دون تدخين.
- تعزيز ثقافة العمل الصحية على نحو شامل من خلال تأمين التهوية الجيدة، وتأمين فلاتر مياه جيدة، والحفاظ على النظافة في مكان العمل بالإضافة لمنع التدخين.
اقرأ أيضاً: قد تساعدك الروائح اللطيفة على الإقلاع عن التدخين
يشارك رئيس قسم الصيدلية الرئيسية بالمركز القومي لأبحاث الحساسية والصدر في مصر، أحمد رجب، مقطع فيديو توعوياً عبر قناته على اليوتيوب يشرح فيه فوائد الإقلاع عن التدخين.