الجلوس الطويل في العمل يزيد خطر الإصابة بأعراض الأرق بنسبة 37%

3 دقيقة
حقوق الصورة: shutterstock.com/brizmaker

إذا كنت مثل الغالبية العظمى منا في القرن الحادي والعشرين، فمن المرجح أن وظيفتك تتطلب الجلوس فترات طويلة؛ من المهام المكتبية إلى الساعات الطويلة التي تقضيها أمام الكمبيوتر في الاجتماعات الافتراضية والرد على رسائل البريد الإلكتروني.

لكن في حين أن مزايا التكنولوجيا لا يمكن إنكارها، فإن بحثاً جديداً أجراه باحثون في جامعة جنوب فلوريدا يشير إلى وجود تكلفة صحية جسيمة، فعندما تخلد للنوم أخيراً، يغدو حلماً بعيد المنال مع أعراض تشبه الأرق، فما سبب حدوث ذلك؟ وما الحلول الممكنة؟

نتائج مقلقة: العمل الذي يتطلب الجلوس وزيادة خطر الإصابة بالأرق

كشف البحث الذي نشرته مجلة علم نفس الصحة المهنية، أن قضاء معظم يوم عملك جالساً قد يؤثر في إمكانية حصولك على قسط كافٍ من النوم ليلاً، ما يشير إلى وجود صلة وثيقة بين العمل الذي يتطلب الجلوس وزيادة خطر الإصابة بأعراض تشبه الأرق.  

تابع الباحثون أكثر من 1000 موظف مدة عقد من الزمن، بما في ذلك عادات عملهم وأنماط نومهم، وتوصلوا إلى أن الأفراد الذين يعملون في وظائف تتطلب الكثير من الجلوس أكثر عرضة بنسبة 37% للإصابة بأعراض الأرق، مثل صعوبة النوم والاستيقاظ المتكرر ليلاً.

علاوة على ذلك، كان الموظفون الذين يعملون بجداول عمل غير تقليدية مثل نوبات العمل الليلية أو ساعات العمل غير المنتظمة، أكثر عرضة بنسبة 66% للاعتماد على "تعويض النوم"، والذي يتضمن النوم في عطلات نهاية الأسبوع أو أخذ قيلولة متكررة لتعويض قلة النوم خلال الأسبوع.

وغالباً ما تكون آثار أنماط النوم المضطربة هذه طويلة المدى، فنحو 90% ممن يصنفون على أنهم يعانون الأرق ظلوا يعانون سوء صحة النوم مدة 10 سنوات.

اقرأ أيضاً: القهوة أم الشاي أم العصائر؟ ما هو أفضل مشروب في أثناء ساعات العمل الطويلة؟

لماذا يؤثر العمل الذي يتطلب الجلوس في النوم؟

يمكن أن يؤدي نمط الحياة الخامل إلى الأرق أو سوء جودة النوم لعدة أسباب، إليك أهمها:

  • قلة النشاط البدني: يساعد النشاط البدني على استهلاك الطاقة وتراكم مركب الأدينوزين في الجسم، والذي يعد مادة طبيعية تحفز على النوم. في حالة نمط الحياة الخامل، كما في العمل المستقر، يمارس الفرد نشاطاً بدنياً أقل ويحرق طاقة أقل، وبالتالي تضعف الإشارة إلى الدماغ بأن وقت النوم قد حان.
  • اضطراب الساعة البيولوجية: تكون معظم وظائف الجلوس فترات طويلة في الداخل، وغالباً في إضاءة صناعية، إلا أن إيقاع الجسم اليومي، وهو دورة النوم والاستيقاظ الطبيعية للجسم على مدار 24 ساعة، يخضع للتنظيم بعدة عوامل منها الضوء الطبيعي، لذا فإن قلة التعرض لضوء النهار قد تؤدي إلى تأخير في إنتاج الميلاتونين (هرمون النوم) ليلاً، ما يؤثر في جودة النوم. علاوة على ذلك، يمكن للضوء الأزرق المنبعث من الأجهزة الإلكترونية، مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والكمبيوتر، وخاصة في المساء، أن يثبط إنتاج الميلاتونين. يعد الميلاتونين ضرورياً لإرسال إشارات إلى جسمك بأن وقت النوم قد حان. قد يؤدي تعطيل هذه الإشارة إلى تأخير بدء النوم والتأثير في جودته العامة.
  • اضطرابات الصحة النفسية: يمكن أن يؤدي التوتر المتراكم، بسبب قلة النشاط البدني وضغط العمل، إلى حالة من فرط اليقظة الذهنية، حيث يستمر دماغك في العمل ليلاً، ويصعب عليك الخلود للنوم، أو قد يتطور التوتر إلى قلق واكتئاب يرتبطان عادة باضطرابات النوم بما فيها الأرق.
  • السمنة: يسهم نمط الحياة الخامل في زيادة الوزن والسمنة، التي تعد عامل خطر رئيسياً لاضطرابات النوم مثل انقطاع النفس النومي. يسبب هذا الاضطراب انقطاعات متكررة في التنفس خلال النوم، ما يؤدي إلى نوم متقطع في الليل.
  • الآلام الجسدية: يمكن أن ينتج عن الجلوس فترات طويلة آلاماً في الظهر والرقبة وغيرها من مشكلات الجهاز العضلي الهيكلي التي تعوق الفرد عن إيجاد وضعية نوم مريحة، وتسبب استيقاظاً متكرراً طوال الليل.

اقرأ أيضاً: علاقة وثيقة تربط بين جودة النوم والأداء القيادي

نصائح عملية لنوم أفضل

حتى لو تطلبت وظيفتك الجلوس فترات طويلة، فثمة بعض النصائح العملية التي يمكنك باتباعها تخفيف التأثير السلبي للجلوس في نومك:

  • خذ فترات راحة قصيرة: اضبط المنبه للوقوف والتمدد والتحرك كل 30 دقيقة، إذ حتى بضع دقائق من الحركة يمكنها أن تحدث فرقاً.
  • استخدم مكتباً قائماً: استثمر في مكتب قائم أو محول مكتب، للتبديل بين وضعية الجلوس والوقوف.
  • المشي والتحدث: إذا كانت لديك مكالمات هاتفية أو اجتماعات افتراضية، فحاول إجراءها في أثناء المشي في مكتبك أو منزلك.
  • تنقل بنشاط: استخدم الدراجة الهوائية أو المشي في تنقلاتك، عوضاً عن وسائل النقل.
  • أنشطة وقت الغداء: استغل استراحة الغداء للمشي السريع في الهواء الطلق، والتعرض للضوء الطبيعي خلال النهار، يدعم هذا بدرجة أكبر إيقاعات الساعة البيولوجية الصحية.
  • مارس نشاطاً بدنياً منتظماً: أوصت جمعية القلب الأميركية بممارسة ما لا يقل عن 75 دقيقة أسبوعياً من التمارين الهوائية متوسطة الشدة معظم أيام الأسبوع، مثل المشي السريع أو الركض أو السباحة أو ركوب الدراجات، أو تمارين القوة واليوغا. ومع ذلك، احرص على إنهاء التمارين المكثفة قبل النوم بساعة أو ساعتين على الأقل.
  • اتبع جدول نوم منتظماً: اذهب إلى الفراش واستيقظ في الوقت نفسه تقريباً كل يوم، حتى في عطلات نهاية الأسبوع، للمساعدة على الاتساق وتنظيم دورة النوم والاستيقاظ الطبيعية لجسمك.
  • اعمل على تحسين بيئة نومك: اجعل غرفة نومك ملاذاً للنوم، باستخدام الستائر العاتمة وسدادات الأذن، وضبط درجة حرارة الغرفة بين 15-20 درجة مئوية.
  • قيد وقت الشاشة قبل النوم: توقف عن استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل ساعة على الأقل من موعد النوم، للحد من الأشعة الزرقاء المنبعثة منها والتي تعوق إفراز هرمون النوم. بدلاً من ذلك، اقرأ كتاباً أو استمع إلى موسيقى هادئة أو مارس تقنيات الاسترخاء.
  • احرص على إدارة التوتر: أدرج تقنيات تخفيف التوتر في روتينك اليومي، مثل تمارين التنفس العميق والتأمل واليقظة الذهنية، وتدوين اليوميات.

المحتوى محمي