كيف يؤثر النوم في أدائك القيادي؟ وكيف تحسن جودته؟

3 دقيقة
كيف يؤثر النوم في أدائك القيادي؟ وكيف تحسن جودته؟
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: عبدالله بليد.

وفقاً لنظرية "الحفاظ على الموارد" التي تشير إلى أن الأفراد يسعون جاهدين لحماية مواردهم والحفاظ عليها، مثل الوقت والطاقة والقدرة العقلية، خاصة عندما يختبرون فقدان الموارد؛ فقد ينظر المدراء إلى النوم باعتباره مورداً منافساً بدلاً من أن يكون مفيداً، لذا فإنهم يضحون بوقت النوم لصالح العمل، معتقدين أن الساعات الإضافية تعزز الإنتاجية. لكن ما لا يدركونه أنهم في الحقيقة يقوضون مهاراتهم القيادية على المدى الطويل، فكيف ذلك؟ وما هي الخطوات لتحسين نومك وصحتك باعتبارك قائداً؟

كيف يقوض الحرمان من النوم القيادة؟

تقوم القيادة الفعالة على أداء وظائف تنفيذية عليا تشمل مهارات معرفية متقدمة مثل حل المشكلات، والتفكير المنطقي، والتخطيط، واتخاذ القرارات، والتي تتولى القشرة الجبهية في الدماغ مسؤوليتها. وعلى الرغم من أن أجزاء أخرى من الدماغ قد تتأثر بالحرمان من النوم، فإن القشرة الجبهية تعد الأكثر تضرراً، حيث تنخفض فيها القدرات الحركية والبصرية الأساسية، إضافة إلى تراجع المهام المعرفية المعقدة مثل التفكير الاستراتيجي واتخاذ القرارات، ما يؤدي إلى زيادة المخاطر وتقليل الإبداع.

وفقاً لمختصة علم النفس الفيزيولوجي كريستين هولمز، مع كل 45 دقيقة حرمان من النوم، يعاني المدراء التنفيذيون من انخفاض في الوظائف التنفيذية بنسبة تتراوح بين 5 و10%، فحتى قلة النوم البسيطة قد تضعف على نحو ملحوظ قدرة المدير على اتخاذ قرارات سليمة، وحل المشكلات المعقدة، والتفكير الإبداعي، وهي مهارات جوهرية في القيادة.

اقرأ أيضاً: علاقة وثيقة تربط بين جودة النوم والأداء القيادي

عموماً، تشير الدراسات إلى أن من أبرز تأثيرات الحرمان من النوم على المدراء ما يلي:

الآثار المعرفية للحرمان من النوم

  • تراجع القدرة على التركيز: أظهرت دراسة منشورة في دورية الطب المهني والبيئي أن الاستيقاظ مدة تتراوح بين 17 و19 ساعة مستمرة، أي النوم بين 4 إلى 7 ساعات فقط، يؤدي إلى تراجع في الانتباه والتركيز يعادل أداء شخص نسبة الكحول في دمه 0.05%. أما النوم مدة 4 ساعات فقط، فيقارب أداء شخص مخمور بنسبة 0.1%.
  • فقدان التفكير الإبداعي: وفقاً لدراسة نشرت في دورية بي إم سي سايكولوجي، فإن النوم الجيد يعيد تنظيم الموارد اللازمة للمهام المعرفية المعقدة، بما في ذلك التفكير الإبداعي، حيث يتيح للأفراد الانخراط بعمق في عمليات توليد الأفكار وربط المعلومات المختلفة. أما ضعف جودة النوم فيؤدي إلى استنزاف هذه الموارد، مع انخفاض في الانتباه والطاقة والمرونة المعرفية.
  • تدهور جودة اتخاذ القرارات: أظهرت دراسة منشورة في دورية آفاق في الطب النفسي أن قلة النوم تؤثر في قدرة المدير على تقييم المعلومات بدقة، ما يسبب ضيق أفق التفكير وزيادة التحيز المعرفي. كما يقلل الحرمان من النوم قدرة الأفراد على تعديل قراراتهم بناءً على معلومات جديدة، ما يزيد احتمالية اتخاذ قرارات محفوفة بالمخاطر.
  • انخفاض الذكاء العاطفي ودعم الفريق: لكي يكون أداء المدير فعالاً، يجب أن يفهم مشاعر أعضاء فريقه ويستطيع تفسير نبراتهم، لكن الحرمان من النوم يقلل هذه القدرة، ويجعل الدماغ أكثر عرضة لسوء تفسير الإشارات العاطفية، ما يؤدي إلى ردود فعل مبالغ فيها وسلبية. علاوة على ذلك، لا تقتصر آثار تراجع جودة نوم المدير عليه فحسب، بل تؤثر أيضاً في السلامة النفسية للفريق.

اقرأ أيضاً: هل تعلم مخاطر إغلاق الفم بالشريط اللاصق قبل النوم؟

الآثار الصحية للحرمان من النوم

يمكن للحرمان من النوم أن يؤثر سلباً في صحة المدراء على المدى الطويل، حيث قد يسبب الأعراض التالية:

  • ارتفاع ضغط الدم.
  • ارتفاع الكوليسترول.
  • داء السكري من النوع الثاني.
  • ضعف الجهاز المناعي.
  • حساسية أعلى للألم أي الشعور بالألم بسهولة، أو يكون الألم أكثر شدة، أو كليهما.
  • السمنة.
  • انقطاع النفس الانسدادي النومي.
  • السكتة الدماغية.
  • النوبة القلبية.
  • الاكتئاب.
  • القلق.
  • الحالات التي تنطوي على الذهان.
  • الارتعاش العيني، أو حركات عين لا يمكن السيطرة عليها.
  • صعوبة التحدث بوضوح.
  • تدلي الجفون.
  • رعشة اليدين.
  • ضعف في الحكم.
  • سلوك اندفاعي أو متهور.

اقرأ أيضاً: النوم والإنتاجية: ماذا تقول الأبحاث عن أفضل عدد ساعات نوم للمدراء؟

خطوات لتحسين نومك وصحة قيادتك

إذاً، إن تحسين جودة نومك ليس ترفاً، بل هو ضرورة استراتيجية؛ لذا، إليك بعض الخطوات العملية القابلة للتنفيذ التي قد تساعدك على النوم بعمق:

  • اتباع جداول نوم منتظمة: احرص على النوم والاستيقاظ في الوقت نفسه يومياً، حتى في عطلات نهاية الأسبوع، لتساعد ساعتك البيولوجية على الاتساق.
  • تهيئة بيئة ملائمة للنوم: اجعل غرفة نومك ملاذاً للراحة، من خلال الحفاظ على:
    • درجة حرارة معتدلة.
    • ظلمة الغرفة من خلال الستائر العاتمة.
    • هدوء محيط الغرفة، أو استخدام الموسيقى البيضاء، وهي أصوات تساعد على الاسترخاء مثل أصوات أمواج البحر أو حفيف أوراق الأشجار.
    • الفراش المريح.
  • الحد من وقت التعرض للشاشات: قلل التعرض للضوء الأزرق المنبعث من الشاشات قبل ساعة على الأقل من موعد النوم، لأن الضوء الأزرق يثبط إنتاج الميلاتونين (هرمون النوم)، ما يعطل دورة نومك الطبيعية.
  • تطوير روتين مريح لوقت النوم: مارس أنشطة مهدئة قبل النوم، مثل القراءة أو التأمل أو تمارين التمدد الخفيفة، وتجنب الأنشطة المحفزة أو مهام العمل المرهقة التي قد تزيد القلق وتؤخر بدء النوم.
  • التحكم في تناول المنبهات: قلل تناول الكافيين والنيكوتين، خاصة في فترة ما بعد الظهر والمساء، لأنهما قد يؤثران في قدرتك على النوم.
  • ممارسة النشاط البدني: تساعد ممارسة التمارين الرياضية بانتظام على تنظيم دورة النوم والاستيقاظ، ولكن حاول تجنب التمارين الشاقة قرب موعد النوم لأنها قد تنشطك.
  • أخذ قيلولة استراتيجية: يمكن للقيلولة القصيرة خلال النهار (20-30 دقيقة) أن تعزز اليقظة والوظائف الإدراكية دون أن تؤثر في النوم الليلي، ولكن تجنب القيلولة الطويلة أو في وقت متأخر من النهار التي قد تعطل جدول نومك.
  • الإفادة من التكنولوجيا بحكمة: فكر في استخدام أجهزة أو تطبيقات تتبع النوم لمراقبة أنماط نومك وتحديد جوانب التحسين. 

 

المحتوى محمي