دراسة حديثة: المواد المضافة إلى الأغذية قد تفاقم خطر الإصابة بداء السكري

3 دقيقة
السكري
حقوق الصورة: shutterstock.com/Mila_22 79

ربما سمعت أن المواد المضافة للأغذية آمنة عموماً عند استهلاكها ضمن الحدود الموصى بها، لكن تقييمات السلامة الخاصة بهذه الإضافات تُجرى لكلّ مادة على حدة، لذا فإن المعلومات المتوفرة حول آثار التعرض المتكرر لمزيج منها في أطعمة مختلفة لا تزال محدودة. فهل تبقى هذه المواد آمنة عند استهلاك مخاليط منها على مر الزمن؟

حاولت دراسة حديثة منشورة في مجلة بلوس للطب (PLOS Medicine) في أبريل/نيسان عام 2025 الإجابة عن هذا السؤال، وذلك عبر متابعة النظام الغذائي والبيانات الصحية لآلاف الأشخاص في فرنسا على مدى 8 سنوات تقريباً.

توصلت الدراسة إلى أن العديد من الإضافات الغذائية المستخدمة بكثرة في الأطعمة الفائقة المعالجة يرتبط بارتفاع خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني. فما هي تفاصيل هذه الدراسة؟ وما الأطعمة التي تحتوي هذه المواد المضافة؟ وكيف يمكن لهذه الإضافات أن تزيد خطر الإصابة بالسكري؟ 

اقرأ أيضاً: علماء من جامعة هارفارد يحددون 17 عاملاً تسرّع شيخوخة الدماغ

تفاصيل الدراسة 

بدايةً، جديرٌ بالذكر أن الإضافات الغذائية باتت مكونات أساسية في الأنظمة الغذائية الحالية، خصوصاً في الأطعمة الفائقة المعالجة؛ وهي أطعمة تحتوي على مكونات لا تُستخدَم عادة في الطبخ المنزلي؛ مثل المواد الحافظة والملونات والمحليات وغيرها مما يُستخدم لتحسين مظهر الطعام أو مذاقه أو قوامه.

وقد حاول الباحثون في هذه الدراسة فهم آثار التعرض لمخاليط من هذه المواد وخطر الإصابة بداء السكري، فلجؤوا إلى متابعة أكثر من مائة ألف شخص بالغ على مدى 8 سنوات تقريباً، وحددوا 5 خلطات شائعة من الإضافات الغذائية مما يستهلكها الناس بكثرة وبصورة متكررة. 

فوجدوا أن اثنتين من هذه الخلطات ترتبطان بارتفاع خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، وذلك بعد تعديل العديد من العوامل المربكة المحتملة التي قد تؤثّر في حدوث السكري مثل العوامل الصحية ونمط الحياة.

اقرأ أيضاً: هل يمكن أن يؤدي مرض السكري إلى العمى؟ اكتشف اعتلال العين السكري

ما هي المواد المضافة الأكثر ارتباطاً بحدوث السكري؟

تبين أن الخليط الذي يتكون أساساً من مستحلبات (نشويات معدلة، بكتين، صمغ الغوار، كاراجينان، صمغ زانثان)، ومواد حافظة (سوربات البوتاسيوم)، وملونات (الكركمين) -وهي إضافات تستخدم كثيراً في المرَق والحلويات المصنوعة من الحليب والألبان والدهون والصلصات- قد ارتبط، عند تناوله بصورة متكررة، بزيادة خطر الإصابة بالسكري بنسبة 8%.

أما الخليط الثاني فيتكون عموماً من محسّنات الحموضة، ومنظمّات الحموضة (حمض الستريك، سترات الصوديوم، حمض الفوسفوريك)، وملونات، ومحلّيات (أسبارتام، سكرالوز)، ومستحلبات (صمغ عربي، بكتين، صمغ الغوار)؛ وهي إضافات تُستخدَم عادة في المشروبات الغازية والسكرية، وقد ارتبط التعرض العالي لهذا الخليط بزيادة خطر الإصابة بالسكري بنسبة 13%.

عموماً، توجد هذه الإضافات في الأطعمة "الخالية من السكر" و"منخفضة السعرات الحرارية"، وفقاً لمختصة الغدد الصم، ريكا كومار (Rekha Kumar). أما عن سبب إظهار بعض الخلطات مخاطر أكبر من غيرها، فقد افترض الباحثون أنه قد يكون لبعض التركيبات تأثيرات تآزرية؛ أي إن المواد قد تعمل معاً بطريقة تزيد تأثيرها الضار، بينما تظهِر تركيبات أخرى تأثيرات متضادة؛ أي إن أحدها قد يلغي تأثير الآخر أو يُضعفه.

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة: المشروبات السكرية قد ترتبط بالإصابة بسرطان تجويف الفم لدى النساء 

لماذا تزيد المواد المضافة الغذائية خطر الإصابة بالسكري؟

وفقاً للطبيبة كومار، قد تسبب الإضافات الغذائية اضطراباً في ميكروبيوم الأمعاء؛ أي خللاً في توازن البكتيريا النافعة الموجودة في الجهاز الهضمي. يسبب هذا الخلل زيادة نفاذية الأمعاء، ما يسمح للمواد الضارة (مثل السموم الداخلية البكتيرية) بالدخول إلى مجرى الدم وتحفيز الالتهاب؛ الذي يسهم بدوره في تطوّر مقاومة الإنسولين، وهو عامل رئيسي في تطور مرض السكري من النوع 2.

إضافة إلى أن هذه الإضافات قد تحفّز الرغبة الشديدة في تناول الطعام والحلويات وتزيد الشهية، الأمر الذي يسهم في زيادة الوزن؛ وهو عامل خطر آخر للإصابة بداء السكري.

تشير هذه الدراسة إلى أن مراقبة تناول السكر لا تكفي لتحسين نتائج الأيض؛ بل إن مقدار معالجة الأطعمة المصنعة المتناولة وتركيبها، وخاصةً تلك المصنفة على أنها "صحية" نتيجة انخفاض محتواها من السكر أو السعرات الحرارية، يؤدي دوراً حاسماً أيضاً. فالتعرض المزمن للعديد من الإضافات الغذائية قد يُلحق ضرراً طفيفاً ومتراكماً بالصحة الأيضية.

اقرأ أيضاً: متى يمكن أن يسبب السكر مرض السكري

نصائح لتجنب الخطر قدر الإمكان

ذكر الباحثون أن ثمة حاجة إلى إجراء مزيد من الدراسات لتوضيح الآليات الكامنة وتعميق فهم التآزرات والتضاد المحتملة بين هذه المواد. فهذه الدراسة الرصدية وحدها لا تكفي لإثبات وجود علاقة سببية.

مع ذلك، تتوافق هذه النتائج مع أبحاث أُخرى تشير إلى وجود تأثيرات محتملة لمخاليط هذه المواد، وتؤكد أهمية أن تُؤخَذ تفاعلات المواد المضافة بعضها مع بعض في الاعتبار عند تقييم سلامتها، وفقاً لما ذكره الباحثون. عموماً، ينبغي التقيد قدر بالإمكان بالنصائح التالية

  • اتباع نظام غذائي صحي يحتوي على الأطعمة الكاملة مع التركيز على الفواكه والخضروات والبروتينات ومنتجات الألبان.
  • الحد من تناول الأطعمة فائقة المعالجة بغض النظر عن محتواها من السكر، وإعطاء الأولوية للأطعمة قليلة المعالجة لحماية صحة الأمعاء والوقاية من الأمراض الأيضية. مع الأخذ في الاعتبار أنه ليست كل الخيارات "الخالية من السكر" آمنة من الناحية الأيضية، وخاصة على المدى الطويل.

إذاً، على الرغم من أنه لا يمكن الجزم بأن هذه الإضافات الغذائية تسبب داء السكري، فإن النتائج تشير إلى أن التعرض المنتظم لمخاليط معينة من المواد المضافة قد يكون عامل خطر قابلاً للتعديل؛ أي يمكن التقليل من خطر الإصابة بالسكري بتغيير العادات الغذائية والحدّ من الأطعمة الفائقة المعالجة التي تحتوي على هذه المواد بكثرة.

المحتوى محمي