وفقاً لدراسة حديثة منشورة في دورية رعاية مرضى السكري (Diabetes Care) في أواخر أبريل/ نيسان عام 2025، فإن الارتفاع المستمر في مستوى سكر الدم في حالة الصيام خلال سن المراهقة يسرّع الإصابة بتلف القلب مع بلوغ سن الرشد، إذ وجدت أنه في غضون 7 سنوات فقط، ارتفع معدل الإصابة بمقدمات السكري من 6% إلى 27% بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و24 عاماً، وكان المراهقون ممن يعانون ارتفاع نسبة السكر في الدم طوال هذه الفترة أكثر عرضة للإصابة بتضخم القلب بنسبة 46%. وإليك تفاصيل الدراسة ونتائجها.
ماذا وجدت الدراسة؟
بداية، يُذكر أن مستوى السكر الطبيعي في الدم في حالة الصيام؛ أي المستوى الذي يُقاس بعد الامتناع عن الطعام والشراب لمدة 8 ساعات تقريباً، أقل من 5.6 ميلي مول/لتر، أما مستواه في مرحلة ما قبل السكري فيتراوح بين 5.6 و 6.9 ميلي مول/لتر، ويصبح في حالة داء السكري 7.0 ميلي مول/لتر أو أعلى.
بالنسبة للدراسة، فقد تابع الباحثون قرابة 1,600 مراهق يتمتعون بصحة جيدة في المملكة المتحدة، من سن 17 إلى 24 عاماً، وتتبعوا مستويات السكر في الدم (عند الصيام)، ومستويات الإنسولين، ووظائف القلب لديهم.
فوجدوا أن استمرار ارتفاع مستويات سكر الدم في أثناء الصيام، حتى لو لم تكن كافية لتشخيص داء السكري، يرتبط بتغيرات ضارة في القلب؛ إذ ارتبطت المستويات المرتفعة التي تساوي أو تزيد على 5.6 ميلي مول/ لتر بزيادة خطر تضخم البطين الأيسر بنسبة 46% في منتصف العشرينيات، في حين يتضاعف الخطر 3 مرات عند استقرار مستوى السكر في الدم عند 6.1 ميلي مول/لتر أو أعلى.
علاوة على ذلك، ارتبطت مقاومة الإنسولين، وهي حالة لا يستجيب فيها الجسم للإنسولين جيداً، بزيادة خطر الإصابة المبكرة بتلف القلب وتفاقم أعراضه بنسبة 10% خلال السنوات السبعة. كما تبين أن ارتفاع سكر الدم قد يلحق ضرراً بالغاً بقلوب الإناث أسرع بـ 5 مرات من الذكور.
يُذكر أن ارتفاع سكر الدم لا يسبب تضخم البطين الأيسر فقط؛ بل يؤثر في استرخاء عضلة القلب؛ أي تصبح أقل مرونة وأضعف قدرة على الامتلاء بالدم وضخه بكفاءة. فضلاً عن إحداث تغيير في وظائف القلب الطبيعية، وزيادة الضغط في الأوردة التي تعيد الدم إلى القلب، وهي حالة قد تجعل القلب يعمل بجهد أكبر من اللازم.
لماذا يحدث هذا؟
يلحق ارتفاع مستوى السكر في الدم المستمر لمدة طويلة الضرر بالجهاز القلبي الوعائي من خلال تحفيز الالتهاب، وارتفاع الإجهاد التأكسدي، وتقليل مرونة الأوعية الدموية. علاوة على ذلك، ذكر الباحثون أن جزءاً كبيراً من هذا التأثير يعزا إلى زيادة كتلة الدهون في الجسم، خصوصاً عندما الإناث، وهو ما يخلق حلقة مفرغة؛ إذ تزيد مقاومة الإنسولين نسبة الدهون، وتفاقم الدهون بدورها مقاومة الإنسولين. لكن حتى دون السمنة، يمكن لمشكلات السكر في الدم أن تبدأ بإتلاف القلب قبل وقت طويل من ظهور الأعراض.
ما الذي يمكن فعله حيال ذلك؟
إذاً، يبدأ تلف القلب الناتج عن ارتفاع سكر الدم مبكراً، وغالباً ما يكون لدى الأشخاص الذين يبدون بصحة جيدة. لذا ينبغي مراعاة النصائح التالية:
- فحص ما قبل السكري: يجب على المراهقين، وخاصة الفتيات، خصوصاً ممن يمتلكون تاريخاً عائلياً من داء السكري، أو يعانون وزناً زائداً، أو يختبرون علامات مقاومة الإنسولين (مثل ظهور بقع داكنة على الجلد في منطقة الرقبة أو الظهر أو الإبط)، مراجعة الطبيب وفحص نسبة الغلوكوز في الصيام بانتظام.
- الحد من تناول السكريات المضافة والأطعمة المصنعة: التركيز على الحبوب الكاملة والفواكه والخضروات والبروتين الخالي من الدهون والدهون الصحية.
- العناية بالصحة الجسدية: ممارسة النشاط البدني اليومي ونيل قسط كاف من النوم وإدارة التوتر، فكلها تؤدي دوراً في عملية التمثيل الغذائي وتوازن الهرمونات.