جرثومة المعدة: المتهم الأول في سرطان المعدة

4 دقائق
shutterstock.com/Maxx-Studio.

جرثومة المعدة من الجراثيم الحلزونية، وتسمى «الملوية البوابية Helicobacter pylori»، واكتُشفت عام 1982. تصل إلى المعدة في سن الطفولة، وهي موجودة عند حوالي نصف سكان العالم، لكن لا تظهر أعراضها إلا عند 10% منهم، وتعد السبب الشائع للقرحة الهضمية، المعوية والمعدية، وسرطان المعدة.

أعراض جرثومة المعدة

لعقود من الزمان، اعتقد الأطباء أن الناس يعانون من القرحة بسبب الإجهاد أو الأطعمة الغنية بالتوابل أو التدخين أو غيرها من العادات غير الصحية، ولكن عند اكتشاف جرثومة الملوية البوابية، وجدوا أن الجراثيم هي سبب معظم قرحات المعدة.

لا تظهر الأعراض عند معظم المصابين بالعدوى، لكن عندما تظهر علامات أو أعراض الإصابة بجرثومة المعدة، تتمثل بألم حارق في البطن؛ يزداد سوءاً عندما تكون المعدة فارغةً بين الوجبات أو في منتصف الليل، يمكن أن يستمر لبضع دقائق أو لساعات، ويخف الألم بعد تناول الطعام أو شرب الحليب أو تناول مضادات الحموضة، ومن الأعراض أيضاً؛ الغثيان، وفقدان الشهية، وكثرة التجشؤ، والانتفاخ، والتقيؤ، وفقدان الوزن بدون سبب واضح.

قد تنزف القرحة في المعدة أو الأمعاء؛ مما قد يشكل خطورة على الصحة، وتجب مراجعة الطبيب فوراً عند ظهور أي من هذه الأعراض: براز دموي أو أحمر غامق أو أسود، صعوبة في التنفس، دوار أو إغماء، الشعور بالتعب الشديد بدون سبب، شحوب لون البشرة، صعوبة في البلع، قيء دموي أو أسود أو يشبه القهوة المطحونة، آلام شديدة وحادة في المعدة.

اقرأ أيضاً: منازل الجراثيم الخفية: 6 أماكن تتعامل معها يومياً

عدوى بجرثومة المعدة

تختلف طرق العدوى بجرثومة المعدة؛ فقد تنتقل من شخص لآخر من خلال الاتصال المباشر بلعاب أو قيء أو براز المريض، وقد تنتقل أيضاً عن طريق الطعام أو الماء الملوث. يصاب الكثير من الناس بجرثومة المعدة في مرحلة الطفولة، ولكن يمكن أن يصاب بها البالغون أيضاً. تعيش الجراثيم في الجسم لسنوات قبل أن تظهر الأعراض، لكن معظم الأشخاص لا يصابون بالقرحة أبداً، وسبب ذلك غير معروف.

ترتبط العدوى بها بالظروف المعيشية في الطفولة؛ مثل العيش في بيئة مزدحمة؛ كالعيش في منزل فيه عدد كبير من السكان، أو بسبب شرب الماء من مصدر غير موثوق وملوث، كما أن العيش في البلدان النامية؛ حيث ظروف المعيشة غير الصحية والمزدحمة، يزيد من خطر تلقّي العدوى، وأخيراً، العيش مع شخص مصاب بعدوى الملوية البوابية، غالباً ما سينقل لك العدوى.

اقرأ أيضاً: هل الإفراط في الأكل يسبب انفجار المعدة؟

خطورة جرثومة المعدة

جرثومة المعدة

shutterstock.com/jeffy11390

بعد دخول جرثومة المعدة إلى الجسم، تهاجم بطانة المعدة؛ التي تحمي المعدة عادةً من الحمض الذي تفرزه لهضم الطعام. بمجرد أن تُحدث الجراثيم ضرراً كافياً، يمكن أن يخترق الحمض البطانة؛ مما يؤدي إلى القرحة؛ التي تصيب 10% من المصابين، وقد تنزف هذه القرحة عند البعض.

يمكن لجرثومة المعدة أن تهييج المعدة وتسبب التهابها أيضاً، أو تمنع الطعام من الحركة عبر الجهاز الهضمي بشكل طبيعي، كما أثبتت الدراسات أن جرثومة المعدة من عوامل الخطر القوية لأنواع معينة من سرطان المعدة.

تشخيص جرثومة المعدة

لا يفحص الأطباء المرضى عادةً للكشف عن جرثومة المعدة إذا لم تظهر أعراض القرحة، لكن عند ظهورها من الأفضل إجراء الاختبارات اللازمة لمعرفة إن كان سبب القرحة هو الإصابة بجرثومة المعدة أم أن هناك سبباً آخر؛ مثل تناول مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية؛ التي يمكن أن تُلحق الضرر ببطانة المعدة؛ لذلك من المهم معرفة سبب الأعراض للحصول على العلاج المناسب.

بدايةً، يستفسر الطبيب عن التاريخ الطبي للمريض، والأعراض، وعن أية أدوية يتناولها، ثم يجري فحصاً جسدياً؛ بما في ذلك الضغط على البطن للتحقق من وجود تورم أو ألم، بالإضافة إلى إجراء بعض التحاليل المخبرية والصور الشعاعية واختبارات الكشف عن سرطان المعدة.

التحاليل المخبرية للكشف عن جرثومة المعدة

قد يطلب الطبيب إجراء بعض التحاليل المخبرية؛ مثل اختبارات الدم والبراز؛ التي يمكن أن تساعد في اكتشاف العدوى، كما يتم إجراء اختبار «تنفس اليوريا»، وفيه يشرب المريض سائلاً خاصاً يحتوي على مادة تسمى اليوريا، ومن ثم يتنفس في كيس يرسله الطبيب إلى المختبر، وفي حال الإصابة بجرثومة المعدة، تتحول اليوريا في الجسم إلى ثاني أكسيد الكربون، ويُظهر التحليل المخبري أن نسبة هذا الغاز أصبحت أعلى من المستويات الطبيعية؛ ما يدل على وجود الإصابة.

اختبارات التصوير والأشعة

يمكن أيضاً أن يتم تصوير القرحة عبر إجراء تنظير الجهاز الهضمي العلوي في المستشفى، يستخدم الطبيب أنبوباً مزوداً بكاميرا صغيرة؛ يسمى المنظار الداخلي، ليتمكن من النظر إلى المعدة والجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة. يمكن أيضاً استخدام هذا الإجراء لجمع عينة «خزعة» يتم فحصها للتأكد من وجود الجرثومة.

كما يتم إجراء اختبارات الجهاز الهضمي العلوي في المستشفى، ويتم ذلك بشرب المريض سائل يحتوي على مادة تسمى «الباريوم»، ويجري الطبيب فحصاً بالأشعة السينية. يكسو السائل الحلق والمعدة، ويجعلهما يبرزان بوضوح في الصورة. في النهاية، يمكن إجراء التصوير المقطعي المحوسب «CT»؛ وهو عبارة عن أشعة سينية قوية تزود الطبيب بصور مفصلة لداخل الجسم.

الكشف عن سرطان المعدة

في حال ثبوت الإصابة بجرثومة المعدة، قد يجري الطبيب فحوصاً إضافيةً للكشف عن سرطان المعدة، تشمل هذه الفحوصات اختباراً بدنياً، واختبارات الدم للتحقق من فقر الدم؛ الذي يدل على وجود ورم ينزف، واختبار الدم الخفي في البراز؛ ويتم فيه فحص البراز بحثاً عن الدم غير المرئي بالعين المجردة، كما يمكن أن يأخذ الطبيب خزعةً؛ وهي قطعة صغيرة من نسيج المعدة للبحث عن علامات تدل على وجود السرطان، وقد يطلب الطبيب صوراً بالأشعة المقطعية، أو التصوير بالرنين المغناطيسي لعمل صور مفصلة لأجزاء الجسم الداخلية.

اقرأ أيضاً: كيف تتجنب حرقة المعدة المزعجة؟

علاج جرثومة المعدة

علاج القرحة التي تسببها جرثومة المعدة يحتاج إلى مضاد حيوي لقتل الجراثيم ودواء يساعد في شفاء بطانة المعدة ومنع ظهور القرحة مرة أخرى. عادةً ما تكون مدة علاج جرثومة المعدة من أسبوع إلى أسبوعين، ومن المحتمل أن يتناول المريض خلالها عدة أنواع مختلفة من الأدوية؛ وتشمل:

  • المضادات الحيوية لقتل الجرثومة، مثل «أموكسيسيلين أو كلاريثروميسين أو ميترونيدازول أو تتراسيكلين أو تينيدازول»، ومن المرجح تناول اثنين منها على الأقل.
  • الأدوية التي تقلل كمية الحمض التي تفرزها المعدة، وتشمل «ديكسلانزوبرازول أو إيسوميبرازول أو لانزوبرازول أو أوميبرازول أو بانتوبرازول أو الرابيبرازول».
  • «البزموت سبساليسيلات»؛ والذي قد يساعد أيضاً في قتل الجرثومة جنباً إلى جنب مع المضادات الحيوية.
  • الأدوية التي تمنع الهيستامين الكيميائي؛ الذي يدفع المعدة إلى إنتاج المزيد من الأحماض، وهذه الادوية هي «سيميتيدين أو فاموتيدين أو بيبسيد أو نيزاتيدين أو رانيتيدين».

قد يكون علاج جرثومة المعدة متعباً؛ لأن هذا يعني تناول 14 حبة أو أكثر يومياً لبضعة أسابيع، لكن من المهم تناولها واتباع تعليمات الطبيب بدقة؛ فعدم تناول المضادات الحيوية بالطريقة الصحيحة، يمكن أن يؤدي إلى جراثيم مقاومة لها؛ مما يجعل العلاج أكثر صعوبةً، وبعد حوالي أسبوع إلى أسبوعين من انتهاء العلاج، قد يفحص الطبيب أنفاس المريض أو برازه مرةً أخرى للتأكد من زوال العدوى. تلتئم معظم القرحات التي تسببها جرثومة المعدة بعد أسابيع قليلة من العلاج، وفي حال عودة الإصابة مرة أخرى يفضَّل مراجعة الطبيب.

الوقاية من الإصابة بجرثومة المعدة

طريقة الوقاية من الإصابة بجرثومة المعدة مماثلة لطريقة الوقاية من الجراثيم والفيروسات الأخرى؛ وذلك عن طريق غسل اليدين بعد استخدام الحمام وقبل تحضير الطعام أو تناوله، تعليم الأطفال قواعد النظافة العامة، تجنب تناول الطعام أو شرب الماء الملوث أو غير معروف المصدر، طهي الطعام جيداً، تجنب تناول الطعام من الأشخاص الذين لم يغسلوا أيديهم.

اقرأ أيضاً: هل نحتاج حقاً للقضاء على 99.9 % من الجراثيم؟