يترك النوم والراحة الجيدة أثراً مهما في حياة القيادي، بما في ذلك اتخاذ القرارات الفعّالة والذكاء العاطفي والوظائف الإدراكية، والحرمان منه يُمكن أن يُضعف قدرة القيادي على الحكم على الأمور وإدارة التوتر واتخاذ القرارات، ما قد يُعيق ديناميكية الفريق وفعالية المؤسسة بشكل عام. وبذلك، يتحتّم على الشخصية القيادية تبني استراتيجيات لتحسين جودة النوم.
تأثير النوم على الأداء القيادي
للنوم الجيد أهمية عميقة في حياة القيادي، فهو ضروري لاتخاذ القرارات الفعّالة وتنظيم المشاعر وتحسين الوظيفة الإدراكية. ويترك الحرمان من النوم آثاراً عميقة في أداء القائد، ما يؤثر على القدرات المعرفية والذكاء العاطفي وفعالية اتخاذ القرار بشكل عام.
الوظائف الإدراكية
تعد قشرة الدماغ الجبهية الأمامية المسؤولة عن الحكم واتخاذ القرارات والوظائف الإدراكية عموماً. يزيد النوم الجيد من عملية الاستقلاب في هذه المنطقة الدماغية الحيوية، وهنا تبرز أهمية النوم للقادة المكلفين باتخاذ قرارات حاسمة تحت الضغط. ويُضعف الحرمان المزمن من النوم الوظائف الإدراكية هذه، بما في ذلك الانتباه والتركيز والقدرة على حل المشكلات.
وقد تبيّن أن الأداء المعرفي للأفراد المحرومين من النوم قد يُشبه أداء شخص تركيز الكحول في دمه عال، ما يُؤكد على ضرورة إعطاء القادة الأولوية لعادات نومهم لتحقيق الأداء الأمثل.
اتخاذ القرارات
يمكن أن يؤدي هذا الانحدار في القدرة المعرفية إلى زيادة الاندفاع وسوء تقييم المخاطر، وبالتالي المساس بقدرة القائد على اتخاذ قرارات سليمة. وتؤدي قلة النوم أيضاً إلى زيادة سلوكيات المخاطرة، وفقدان الحساسية للمخاطر المالية، ما يؤثر سلباً على عملية اتخاذ القرارات المالية، واتخاذ خيارات غير مثالية قد تكون لها عواقب وخيمة.
الذكاء العاطفي
يُظهر القائد الذي يحصل على قسط كافٍ من الراحة قدرة أكبر على الذكاء العاطفي والصبر، ما يُعزز بيئة عمل تعاونية وإبداعية. أما الحرمان من النوم فيُضعف قدرة القائد على قراءة الإشارات العاطفية لفريقه والاستجابة لها، ويجعله أكثر انفعالاً، ما قد يؤدي إلى سوء التواصل وحدوث الصراعات، وضعف تماسك الفريق وفقدان الثقة وحتى انخفاض الروح المعنوية العامة للفريق.
الصحة النفسية
بالإضافة إلى ما سبق، يمكن أن يؤدي الحرمان المزمن من النوم إلى زيادة التوتر والقلق، ما يعوق القدرة على اتخاذ القرارات. وفي المقابل، يُعزز النوم الجيد استقرار المزاج والصحة العامة، وهما أمران أساسيان للتعامل مع تعقيدات ديناميكيات الفريق.
النوم أيضاً يُسهّل العديد من العمليات النفسية، بما في ذلك تقوية الذاكرة، وتنظيم الانفعالات، والتخلص من السموم العصبية المتراكمة أثناء ساعات اليقظة. بالنسبة للقادة، يُترجَم هذا إلى تحسين قدراتهم على حل المشكلات، وتحسين استقرار المزاج، وزيادة ملحوظة في الإبداع والابتكار.
اقرأ أيضاً: النوم والانتاجية: ماذا تقول الأبحاث عن أفضل عدد ساعات نوم للمدراء؟
خطوات لتحسين جودة النوم
يؤثر النوم على أداء القائد وأداء فريقه بلا شك، ويمكن تبني استراتيجيات متنوعة لتحقيق هذا الغرض، ومنها:
إنشاء جدول نوم ثابت
إن الحفاظ على مواعيد نوم واستيقاظ منتظمة أمر بالغ الأهمية لتنظيم الساعة البيولوجية للجسم. فجدول النوم المنتظم، حتى أيام عطلة نهاية الأسبوع، يساعد الجسم على فهم متى يجب أن يهدأ ومتى يجب أن يكون متيقظاً.
اتباع نظام مريح قبل النوم
يساعد اتباع نظام نوم يومي على الاسترخاء وتحسين جودة النوم. يبدأ النظام قبل ساعتين من موعد النوم، ويتضمن الابتعاد خلالها عن الشاشات وعن أي نشاط يحفز الجسم وينشطه مثل ممارسة التمارين الرياضية، مع ممارسة أنشطة مُهدئة كالقراءة وتقنيات الاسترخاء مثل التأمل وتمارين التنفس العميق والتخيل، فهي تساعد على تهدئة الدماغ وتحضير الجسم للنوم.
خلق بيئة نوم مناسبة
بيئة النوم المناسبة تعزز الراحة وتزيد من جودة النوم. تشمل بيئة النوم المناسبة غرفة نوم مُظلمة وهادئة ومعتدلة الحرارة. يمكن استخدام ستائر مُعتمة، وأجهزة ضوضاء بيضاء أو سدادات أذن أو عُصابة العينين في حال وجود ضوضاء مُزعجة أو ضوء. ومن المهم أيضاً النوم على مرتبة ووسادة مريحة.
ممارسة التمارين الرياضية
باتت فوائد الرياضة على الصحة والجسم معروفة، يُضاف إليها تحسين جودة النوم، مع مراعاة ممارستها خلال النهار وليس قبل موعد النوم. تساعد الرياضة على استنزاف الطاقة الجسدية، ما يُسهّل الانتقال إلى النوم العميق.
النظام الغذائي
للنظام الغذائي أيضاً دور مهم في تحسين جودة النوم، يشمل ذلك الابتعاد عن شرب المنبهات الحاوية على الكافيين قبل عدة ساعات من النوم، بالإضافة إلى تناول أطعمة غنية بالمغنيزيوم والميلاتونين (هرمون النوم)، مثل اللوز والكرز.
معالجة مشكلات النوم الأساسية
إن المعاناة من صعوبات النوم المستمرة والأرق تدعو إلى استشارة الطبيب لتحديد الأسباب الكامنة وراء قلة النوم ومعالجتها، ما يضمن حصول القائد على الراحة التي يحتاجها لأداء مهامه بطريقة فعّالة.
قيلولة بعد الظهر
تساعد قيلولة بعد الظهر على حل المشكلات بطريقة إبداعية. أما القادة الذين يعملون في مناطق زمنية مختلفة أو جداول عمل غير منتظمة، من المهم أن يأخذوا قيلولة قصيرة تتراوح مدتها بين 20 و30 دقيقة، للتخفيف من آثار الحرمان من النوم.
اقرأ أيضاً: كيف تحصل على نوم عميق ومريح كل ليلة؟
عموماً، على الشخصية القيادية أن تُشدد على أهمية النوم والالتزام بمواعيد نوم صارمة، وتشجيع الفريق على ذلك أيضاً، فذلك ينعكس على تحسن التركيز والإبداع والرضا الوظيفي عموماً.