يتجاهل الكثير من الناس الأعراض الصحية التي تبدو بسيطة بسبب نمط الحياة المليء بالمشاغل، لكن تحمل هذه الأعراض في طياتها إنذارات خطيرة. ففي دراسة من جامعة الطب الجنوبية في قوانغتشو في الصين نُشرت نتائجها مؤخراً، ارتبط ضعف السمع مع زيادة خطر الإصابة بقصور القلب. ما هي تفاصيل الدراسة وكيف يمكن الاستفادة منها؟
اقرأ أيضاً: ما سبب فقدان السمع مع التقدم بالعمر؟ وكيف يمكن تجنبه؟
ضعف السمع كمؤشر محتمل لمشاكل القلب
أظهرت الدراسة الصينية المنشورة في دورية "هارت" بتاريخ 8 أبريل/نيسان 2025، أن ضعف السمع يزيد من خطر الإصابة بقصور القلب بنسبة تصل إلى 28% لدى المصابين به مقارنةً بذوي السمع الطبيعي، واستندت هذه النتائج إلى بيانات من البنك الحيوي البريطاني، والتي شملت أكثر من 164,000 مشارك تم تقسيمهم إلى فئات بناءً على نتائج اختبار الثلاثيات الرقمية (DTT)، الذي يقيِّم قدرتهم على فهم الكلام وتذكر أرقام محددة عند سماعها في ظروف الضوضاء، واختبار العتبة الكلامية، الذي يحتاج الناس به إلى الآخرين لرفع صوتهم عند التحدث من أجل سماعهم.
امتلك 88% من المشاركين في الدراسة سمعاً طبيعياً، بينما تبين أن 10.5% يعانون من ضعف سمعي متوسط، و1.5% فقط لديهم ضعف سمع شديد، وخلال فترة متابعة استمرت نحو 11.7 عاماً، أصيب نحو 4450 شخصاً (2.7% من المشاركين) بقصور القلب. حيث لاحظ الباحثون أن الأشخاص الذين يعانون من ضعف السمع كانوا أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة بنسبة 15% إذا كان ضعف السمع لديهم خفيفاً، و28% إذا كان ضعف السمع شديداً، وظهر بأن الذين يستخدمون أجهزة السمع لديهم نسبة خطر إصابة بقصور القلب قيمتها 26%. هذا يشير إلى أن أجهزة السمع، رغم أنها تحسن الوظيفة السمعية، لا تعالج المشاكل الوعائية الأساسية التي قد تكون مرتبطة بهذا الخطر.
اقرأ أيضاً: البيض المسخن في المايكرويف لا يسبب أذى دائماً في السمع
الأبعاد النفسية للرابط بين السمع والقلب
أشارت الدراسة من جامعة الطب الجنوبية الصينية إلى أن العوامل النفسية تؤدي دوراً محورياً في تفسير هذه العلاقة المعقدة، إذ وجد الباحثون أن الضيق النفسي الناجم عن ضعف السمع يشكل 16.9% من نسبة الارتباط بين فقدان السمع وزيادة خطر الإصابة بقصور القلب، وتبين أن العزلة الاجتماعية كانت لها نسبة أقل، حيث بلغت 3.0%، وفسر الباحثون هذا الارتباط بأن الأشخاص الذين يعانون من ضعف السمع يواجهون صعوبات في التواصل الاجتماعي غالباً، ما يؤدي إلى زيادة مستويات التوتر والاكتئاب.
قد تؤدي هذه العوامل النفسية إلى زيادة نشاط الجهاز العصبي الودي والوطاء والغدة النخامية الكظرية، ما يعزز الإصابة بالالتهاب والإجهاد التأكسدي الضار في الجسم. يمكن لهذا التأثير أن يؤدي إلى تصلب الشرايين وإعادة تشكيل الأوعية الدموية والعضلات في القلب بشكل ضار وبالتالي تطور قصور القلب.
يقترح الباحثون في الدراسة أن تعزيز التدخلات النفسية، مثل تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأشخاص الذين يعانون من ضعف السمع، قد يشكل استراتيجية مهمة لتقليل خطر الإصابة بقصور القلب، علماً بأن التركيز على إدارة صحة الأوعية الدموية قد يسهم في تحسين النتائج الصحية العامة.
اقرأ أيضاً: 8 طرق يؤثّر فيها التلوث الضوضائي في التركيز والسمع
قيود دراسة الربط بين ضعف السمع وقصور القلب
تقدم الدراسة التي تربط بين ضعف السمع وقصور القلب رؤى جديدة حول إمكانية الاستفادة من هذا الارتباط من الناحية السريرية، لكنها تحتوي على مجموعة من القيود مثل جمع البيانات في بداية الدراسة فقط، وعدم تحديثها بشكل دوري، ما يعني أن أي تغييرات تدريجية في قدرة السمع أو الحالة الصحية للمشاركين لم تُسجل، وكانت غالبية المشاركين في الدراسة من أصول أوروبية ويتمتعون بصحة أفضل من عامة سكان بريطانيا والدول المختلفة، ما قد يؤثر على قابلية تعميم النتائج.
لكن بشكل عام، فإن النتائج تشير إلى أهمية النظر في صحة السمع كجزء من تقييم مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية، لأن الأذن الداخلية، التي تعتمد على شبكة غنية من الشعيرات الدموية، قد تعد مؤشراً مبكراً لاضطرابات الأوعية الدموية، ما يجعل فقدان السمع بمثابة علامة تحذيرية لأمراض القلب والأوعية الدموية.
الحاجة لتكامل الرعاية الصحية في معالجة السمع والقلب معاً
تسلط هذه الدراسة الضوء على الحاجة إلى مناهج أكثر شمولية لإدارة فقدان السمع، فأجهزة السمع التي تساعد في تحسين الوظيفة السمعية، لا تعالج المشاكل الوعائية الكامنة التي قد تكون مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بقصور القلب، وهذا يفتح المجال أمام إجراء بحوث جديدة تستكشف طرقاً لدمج العلاجات السمعية التقليدية مع استراتيجيات أخرى أكثر شمولاً، مثل تحسين الدورة الدموية وتقليل الالتهاب.
كما يسهم الفهم الأفضل لهذه العلاقة في تطوير أدوات تشخيصية جديدة تستخدم صحة السمع كمؤشر مبكر لأمراض القلب خصوصاً لمن لديهم استعداد وراثي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
اقرأ أيضاً: باحثون يطورون علاجاً جديداً يعيد السمع لفاقديه خلال ساعتين فقط
يشارك الطبيب خلدون الحوراني، وهو طبيب مصري ينشر محتوى علمي تثقيفي، مقطع فيديو عبر قناته على اليوتيوب لقياس عمر السمع من خلال سماع ترددات أصوات محددة.