خلال سعيك الدؤوب للنجاح المهني، تصبح وجباتك موضوعاً ثانوياً، وغالباً ما تبني خياراتك الغذائية على أكثر الوجبات سرعة، وأغناها بالكافيين والسكر، لكن مع حلول منتصف النهار، تبدأ طاقتك بالانخفاض ويتلاشى تركيزك، وتشعر بثقل مهامك حتى البسيطة منها، فهل كنت تعلم أن السلاح السري لتقدمك المهني لا يتعلق فقط بالتعامل مع الليالي المتأخرة بل بخيارات الطعام التي تتخذها؟ والتي قد تؤثر في إنتاجيتك ومزاجك ونجاحك المهني. هذا لا يتعلق بالوجبات الغذائية المقيدة أو المعقدة، وإنما بالعادات البسيطة والقابلة للتنفيذ. إليك 5 عادات غذائية بسيطة يمكن أن تحسن أداءك المهني.
1- احرص على عدم تخطي وجبة الإفطار
يؤثر تخطي وجبة الإفطار سلباً في حياة الموظف المهنية على المدى الطويل:
- ضبابية الدماغ: بعد الاستيقاظ، يكون مستوى سكر الدم (الغلوكوز) منخفضاً، بينما يحتاج إليه الدماغ ليعمل بكفاءة.عند تفويت الإفطار، لا يحصل الدماغ على وقوده، ما يؤدي إلى الخمول وصعوبة التركيز وضبابية الدماغ وحتى الانفعال.
- التوتر والانفعال: ترتفع مستويات الكورتيزول بنسبة 50-156% خلال 30-45 دقيقة من الاستيقاظ، وهي ظاهرة تسمى استجابة الكورتيزول للإيقاظ لحث الجسم على الحصول على الغلوكوز. فإذا تخطيت وجبة الإفطار، يظل الكورتيزول مرتفعاً فترة أطول ما قد يؤدي إلى انهيار العضلات وزيادة حدة إشارات الجوع والتوتر والانفعال.
- الجوع: تخطي الإفطار يسبب زيادة هرمون الغريلين (المحفز للشهية) ويقلل الحساسية للبتين (هرمون الشبع)، فيشعر الموظف بجوع شديد ورغبة في تناول الأطعمة الدسمة، وبالتالي الإفراط في الأكل لاحقاً.
- الإصابة بالأمراض المزمنة: مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، وداء السكري من النوع الثاني، وذلك بسبب تقلبات السكر وتطور مقاومة الإنسولين.
يمكن القول إن الإفطار وجبة أساسية للموظف للحفاظ على الصحة والطاقة على مدار اليوم وعلى المدى الطويل، لذا احرص على تناول وجبتك قبل البدء بالعمل، سواء في المنزل أو بإحضارها معك إلى العمل، كما ينبغي أن تكون وجبة متوازنة تحتوي على البروتين والدهون الصحية والألياف، مثل البيض مع الأفوكادو وخبز التوست المصنوع من الحبوب الكاملة.
اقرأ أيضاً: ما هي العواقب الخفية لتخطي وجبة الإفطار؟
2- حافظ على رطوبة جسمك طوال اليوم
الماء ليس فقط لتخفيف العطش، إنه ضروري أيضاً لذهنك، إذ حتى الجفاف البسيط يمكنه أن يضعف الأداء الإدراكي والمزاج والتركيز.
علاوة على ذلك، قد يخدعك الجفاف فتعتقد أنك تشعر بالجوع بينما أنت في الواقع عطشان. عند العطش يمكن أن ترتفع مستويات هرمون الغريلين (هرمون الجوع)، فيسيء دماغك تفسير الإشارات، ما يؤدي إلى الشعور بالجوع بدلاً من إدراك حاجة الجسم للماء.
فإذا كنت شخصاً يقضي ساعات طويلة في الاجتماعات أو كتابة التقارير أو تبادل الأفكار، فأنت بحاجة إلى أن تكون في كامل وعيك وتركيزك؛ لذا اجعل شرب الماء عادة ملازمة لك. على سبيل المثال، يمكنك الاحتفاظ بزجاجة ماء على مكتبك، أو ضبط تذكيرات على هاتفك، أو استخدام تطبيقات لتتبع كمية الماء التي تشربها. وإذا كان الماء العادي يبدو مملاً، أضف شريحة من الليمون أو الخيار أو النعناع لإضفاء لمسة منعشة، او اشرب شاي الأعشاب. وفي الأحوال كافة، قلل المشروبات المنبهة، مثل القهوة، بسبب محتواها من الكافيين، الذي يعمل باعتباره مادة مدرة للبول.
3- قلل تناول السكريات المصنعة والمكررة
يعتبر الكسل في الساعة الثالثة ما بعد الظهر قاتلاً للوظائف؛ حيث تنخفض طاقتك ويضعف تركيزك، وفجأة، تبدو آلة بيع الحلويات أو سلة الكعك في المكتب بمثابة وسيلة لاستجماع قواك. ومع ذلك، إن الاستسلام للوجبات الخفيفة السكرية والمصنعة (ذات المؤشر الغلايسيمي المرتفع) يعطي دفعة طاقة عابرة يتبعها انهيار أعمق، ما يجعلك أقل إنتاجية من ذي قبل، للسببين التاليين:
- انهيار السكر: توفر السكريات المكررة دفعة سريعة ومباشرة من الطاقة، محفزة بذلك الجسم على إفراز كميات كبيرة من هرمون الإنسولين (المنظم لمستويات سكر الدم). يمنح هذا الارتفاع السريع في مستويات سكر الدم شعوراً مؤقتاً بالنشوة والراحة، لكن الإنسولين يؤدي دوره فيعمل على إدخال سكر الدم إلى الخلايا، فتنخفض مستوياته بشدة. تعرف هذه الحالة بـ "انهيار السكر"، وتسبب شعوراً بالتعب والخمول.
- تعطيل الأوريكسين: الأوريكسين هو هرمون تفرزه مجموعة صغيرة من الخلايا العصبية في منطقة ما تحت المهاد. ينظم الأوريكسين عدة عمليات حيوية في الجسم، مثل الشعور بالنعاس والجوع. عندما تكون مستويات الأوريكسين منخفضة، لا يتمكن الدماغ من الحفاظ على حالة اليقظة والنشاط بصورة فعالة، ما ينتج عنه الخدر والنعاس المفرط خلال النهار، وصعوبة في الحفاظ على الانتباه والتركيز. أثبتت دراسة منشورة في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم، أن الاستهلاك العالي للسكر يمكن أن يمنع إنتاج الأوريكسين في الدماغ، حيث تثبط مستويات الغلوكوز في الدم نشاط خلايا الأوريكسين في الدماغ، ما يقلل إطلاقه ويؤدي إلى شعور بالهدوء أو النعاس. هذا يفسر لماذا نشعر بالخمول بعد تناول وجبة غنية بالسكريات أو الكربوهيدرات المكررة.
لذا، وبدلاً من ذلك، اختر الأطعمة ذات المؤشر الغلايسيمي المنخفض، لأنها تطلق الطاقة ببطء، ما يحافظ على استقرار مستوى السكر في الدم ومزاجك، مثل:
- الفواكه والخضروات الطازجة.
- الحبوب الكاملة (الأرز البني، الشوفان، الكينوا).
- البروتينات الخالية من الدهون (الدجاج، السمك، الفاصوليا، التوفو).
- المكسرات والبذور.
4- تناول وجبات أصغر حجماً وأكثر تكراراً
تجنب الوجبات الكبيرة والدسمة، إذ يحول جسمك طاقته إلى الهضم، واستعض عنها بوجبات خفيفة وأصغر حجماً ومتوازنة على مدار اليوم. أي عوضاً عن تناول 3 وجبات رئيسية (الإفطار والغداء والعشاء) بالإضافة إلى 1-3 وجبات خفيفة صحية فيما بينها، تناول 4-6 وجبات صغيرة موزعة كل ساعتين إلى أربع ساعات، وذلك للحفاظ على استقرار مستويات سكر الدم والطاقة على مدار اليوم، ما يقلل خطر انخفاض الطاقة والجوع المفرط، ويمنع الخمول الذي قد يحدث بعد تناول وجبات كبيرة وثقيلة، وخاصة في وقت الغداء أو العشاء.
اقرأ أيضاً: ابدأ يومك بنشاط: عادات صباحية لإنتاجية عالية طوال اليوم
5- لا تأكل بينما تعمل
قد يبدو تناول الطعام والعمل في آنٍ واحدٍ موفراً للوقت، ولكن قد تكون له عواقب سلبية عديدة على صحة الموظف وإنتاجيته، مثل:
- اضطرابات الهضم والصحة: عندما ينشغل الموظف بالعمل، فإنه لا ينتبه لإشارات الجوع والشبع في جسمه، ما يؤدي إلى "الأكل دون وعي"، والذي يتضمن استهلاك كمية طعام أكثر من الحاجة، وسوء المضغ، وتناول الطعام بسرعة، ما قد يسبب عسر الهضم والانتفاخ وزيادة الوزن على المدى الطويل.
- سوء الامتصاص: يبقى جسم الموظف خلال العمل تحت تأثير استجابة الكر والفر بسبب الضغط والتوتر، بينما يحتاج إلى أن يكون في وضعية راحة للحصول على هضم أكثر فعالية، إذ ينتج عن تناول الطعام في أثناء التوتر تدفق الدم والطاقة بعيداً عن الجهاز الهضمي، ما يعوق امتصاص العناصر الغذائية.
- انخفاض الإنتاجية والتركيز: تناول الطعام على المكتب يطمس الحدود بين العمل والراحة، ويمنع الدماغ من الانفصال التام عن العمل وإعادة شحن طاقته.