في مراجعة منشورة في دورية علم الأعصاب وجراحة الأعصاب والطب النفسي (Journal of Neurology, Neurosurgery, Psychiatry) في أبريل/نيسان 2025، استطاع باحثون من مستشفى ماساتشوستس العام في بريغهام التابع لجامعة هارفارد (Harvard-affiliated Mass General Brigham)، تحديد 17 عاملَ خطرٍ مشتركاً بين أمراض الدماغ المرتبطة بالشيخوخة، مثل السكتة الدماغية والخرف والاكتئاب.
ووجدوا أن التحكم بعامل واحد فقط من هذه العوامل الـ 17 أو تغييره، يقلّل خطر الإصابة ليس بحالة واحدة فقط من أمراض الدماغ المذكورة، بل بالحالات الثلاث جميعها. فما هي عوامل الخطر هذه؟ وأيّها أشد تأثيراً؟ وما الذي يمكن فعله لتفادي حدوث هذه الأمراض بناءً على هذه النتائج؟
اقرأ أيضاً: كيف يؤثر الإجهاد المزمن في طريقة إدراك الدماغ للصوت العالي؟
تفاصيل الدراسة
بداية، ذكر الباحثون أن 60% من السكتات الدماغية، و40% من حالات الخرف، و35% من حالات الاكتئاب في أواخر العمر تنجم عن عوامل خطر قابلة للتعديل؛ أيّ عوامل يمكن للناس تغييرها مثل النظام الغذائي أو ممارسة الرياضة أو إدارة ضغط الدم المرتفع.
ونتيجة أن هذه الأمراض تتقاسم العديد من الآليات البيولوجية داخل الجسم، فإن الطريقة التي تتطور بها غالباً ما تكون مترابطة. لذلك، سعى الباحثون إلى تحديد عوامل الخطر المشتركة بين هذه الحالات، وقياس تأثيرها النسبي في النتيجة النهائية.
لتحقيق ذلك، حلّلوا بيانات 59 تحليلاً تلوياً عالي الجودة منشوراً بين عامي 2000 و2023 (التحليل التلوي هو نوع من الدراسات البحثية التي تجمع نتائج العديد من الدراسات المختلفة حول موضوع واحد)، فتوصلوا إلى النتائج التالية.
ما هي عوامل الخطر الـ 17 المشتركة بين أمراض شيخوخة الدماغ؟
حدّد الباحثون عوامل الخطر المشتركة بين السكتة الدماغية والخرف والاكتئاب بـ:
- ارتفاع ضغط الدم.
- داء الكلى.
- داء السكري.
- ارتفاع مستوى السكر في الدم.
- ارتفاع مستوى الكوليسترول الكلي.
- إدمان الكحول.
- نظام غذائي سيئ.
- ضعف السمع.
- الألم المزمن.
- الخمول البدني.
- عدم وجود هدف في الحياة.
- قلة النوم.
- التدخين.
- انخفاض المشاركة الاجتماعية.
- التوتر المزمن.
- الاكتئاب غير المعالج.
- السمنة (مؤشر كتلة الجسم).
من بين تلك العوامل، برز ارتفاع ضغط الدم وأمراض الكلى الحادة كأهم عاملين يسهمان في حدوث السكتة الدماغية والخرف والاكتئاب. في المقابل، ارتبط النشاط البدني وممارسة الأنشطة التي تحفّز الدماغ (مثل حل الألغاز) بانخفاض خطر الإصابة بأمراض الدماغ المرتبطة بالشيخوخة.
ومع ذلك، نوّه الباحثون بأن الصلة بين النشاطين البدني والذهني وأمراض شيخوخة الدماغ قد لا تكون بالضرورة سببية (سبب ونتيجة)، بل قد تكون عبارة عن أعراض فقط. بكلمات أُخرى من المحتمل أن تقلّل أمراض الدماغ قدرة الإنسان على الانخراط في الأنشطة الترفيهية والبدنية والمعرفية، بدلاً من أن يؤدي عدم ممارسة هذه الأنشطة إلى هذه الأمراض.
اقرأ أيضاً: دراسة بريطانية: مسكن ألم شائع قد يوقف انتشار السرطان
ما هي أهمية هذه النتائج؟
يقول الباحث الرئيسي في الدراسة، جاسبر سنيف (Jasper Sneff)، "إن الخرف والسكتة الدماغية والاكتئاب في أواخر العمر مترابطة ومتشابكة، فالإصابة بأحدها، تزيد احتمال الإصابة بآخر في المستقبل. لكنْ، ولأن هذه الحالات تشترك بعوامل خطر متداخلة، لذا فإن الجهود الوقائية قد تؤدي إلى انخفاض معدل الإصابة بأكثر من مرض واحد منها".
على سبيل المثال، لا يقلّل الحفاظ على ضغط الدم المرتفع ضمن الحدود الطبيعية خطر الإصابة بالسكتة الدماغية فحسب، بل قد يؤخّر في الوقت نفسه التدهور المعرفي ويحمي من الاكتئاب!
اقرأ أيضاً: ما موجة الموت التي تسبب الدماغ؟ وما فوائد دراستها؟
نصائح لتقليل خطر الإصابة بأمراض شيخوخة الدماغ بناءً على هذه النتائج
من أهم النصائح التي ستساعدك على الوقاية من هذه الحالات بناءً على نتائج هذه الدراسة، هي:
- مراقبة ضغط الدم بانتظام وإدارة الضغط المرتفع في وقتٍ مبكر وبصورة حازمة.
- الحفاظ على وظائف الكلى وإدارة أمراضها فور ظهورها والالتزام بالتعليمات الطبية منعاً لظهور التأثيرات العصبية اللاحقة على الدماغ.
- الحفاظ على مستوى السكر في الدم ضمن الحدود الطبيعية وإجراء التدخلات المبكرة لإدارة ارتفاعه.
- اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن.
- ممارسة الرياضة والأنشطة الذهنية بانتظام.
- معالجة مشكلات السمع في وقت مبكر.
- تجنب التدخين والكحول.
- إعطاء الأولوية لنظافة النوم الجيدة وإدارة التوتر.
- تعزيز الروابط الاجتماعية ذات المغزى والحفاظ على الشعور بالهدف في الحياة.
ختاماً، يقول أستاذ علم الأعصاب في مستشفى ماساتشوستس العام، جوناثان روزاند (Jonathan Rosand)، "تذكّرنا هذه النتائج أن الوقاية من الأمراض قد تكون بسيطة جداً. لماذا؟ لأن العديد من الأمراض الأكثر شيوعاً يشترك في عوامل الخطر نفسها".