كيف تتجاوز مرحلة الإقلاع عن التدخين بأقل أعراض صحية ممكنة؟

كيف تتجاوز مرحلة الإقلاع عن التدخين بأقل أعراض صحية ممكنة؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Kenishirotie

لقد فعلتها! ها أنت في أسبوعك الثاني بعد أن أقلعت عن التدخين. أصبحت مستعداً للاستمتاع بحياة أكثر صحة وسعادة. لكن مهلاً، ما هذا؟ أنت تشعر بالغضب والقلق، وربما حتى بالمرض بعض الشيء. هل هذا طبيعي؟

في الواقع، إن هذا هو الثمن الذي ينبغي دفعه مقابل الإقلاع عن هذه العادة. يمر العديد من المقلعين عن التدخين بمرحلة انسحاب النيكوتين ما بعد الإقلاع، حيث يشعرون ببعض الضيق والألم الجسدي والنفسي. لكن لا تدع ذلك يثبط عزيمتك، يمكن لبعض الطرق المساعِدة التغلب على مرحلة ما بعد الإقلاع عن التدخين، وبأقل إزعاج صحي ممكن.

انسحاب النيكوتين

النيكوتين هو المادة الكيميائية التي توجد في التبغ ومنتجاته وتسبب الإدمان. يؤدي غيابه بعد الإدمان إلى ما يُعرف بتأثير انسحاب النيكوتين، والذي يترافق بآثار جسدية ونفسية تجعل من عملية الإقلاع عن التدخين عملية صعبة، مثل:

  • اضطراب الأكل.
  • الدوار والتعب.
  • الصعوبة في التركيز.    
  • اضطرابات النوم.
  • الشعور بالقلق، أو الانزعاج، أو الغضب.
  • الشعور بالإحباط أو الحزن أو الاكتئاب.
  • السعال وجفاف الفم والتهاب الحلق وسيلان الأنف.

يحدث تأثير انسحاب النيكوتين بعدة طرق بما في ذلك:

  • يدخل النيكوتين الجسم من خلال بطانة الأنف والفم والرئتين إلى مجرى الدم، ومن ثَمَّ إلى الدماغ، حيث يؤّثر مباشرة في دارة المكافأة، ويحفّز إفراز الجسم للناقل العصبي الدوبامين، المسؤول عن الشعور بالتفاؤل والحماس والراحة. لدى التوقف عن التدخين، تقل كمية الدوبامين التي يفرزها الجسم، فيتأثر المزاج والسلوك.
  • يتغير التوازن الكيميائي بين النواقل العصبية في الدماغ مع الاستخدام الطويل للنيكوتين، لذا عندما يتوقف الفرد عن استخدام النيكوتين غالباً ما سيختل هذا التوازن، ويتعرض الجسم لآثار جانبية جسدية ونفسية.

يؤثّر النيكوتين أيضاً في مناطق من الدماغ مسؤولة عن بعض المهام، مثل التنفس والذاكرة والشهية، ومعدل ضربات القلب، لذا ستضطرب هذه المهام بغياب النيكوتين.

اقرأ أيضاً: أضرار وأسباب التدخين: كيف تُتلف رئتك وتمرض بأموالك؟!

إدارة الإقلاع عن التدخين

 يمكن لعدة استراتيجيات أن تساعدك على تجاوز مرحلة الإقلاع عن التدخين بأقل إزعاج صحي ممكن، مثل:

1. استخدام بدائل النيكوتين

يوفّر العلاج ببدائل النيكوتين مصدراً خاضعاً للرقابة للنيكوتين، بدون القطران وأول أوكسيد الكربون والمواد الكيميائية السامة الأخرى الموجودة في دخان التبغ، ما قد يقلل من الآثار المزعجة للانسحاب بعد التوقف عن التدخين؛ مثل الحالة المزاجية السيئة والرغبة الشديدة في التدخين. من بدائل النيكوتين المتوفرة:

  • لصاقات الجلد.
  • العلكة.
  • أجهزة الاستنشاق.
  • رذاذ الأنف والفم.

باستخدام بدائل النيكوتين، يحصل الجسم على كمية صغيرة يمكن التحكم فيها من النيكوتين، ما يساعد على تقليل أعراض انسحاب النيكوتين والرغبة الشديدة في التدخين بعد التوقف عنه.

عادة ما يستمر العلاج ببدائل النيكوتين ما بين 8-12 أسبوعاً، تقلل الجرعة خلالها تدريجياً حتى تتوقف في النهاية.

2. الأدوية الخالية من النيكوتين

يمكن لبعض الأدوية التي لا تحتوي على النيكوتين أن تساعد على تقليل الرغبة الشديدة في التدخين وأعراض الانسحاب، مثل:

  • البوبروبيون (Bupropion): يقلل من الرغبة الشديدة بالتدخين، وأعراض انسحاب النيكوتين الأخرى.
  • الفارينكلين (Varenicline): يحاكي بعض تأثيرات النيكوتين على أجزاء من الدماغ، كما أنه يقلل من الاستمتاع الذي تحصل عليه من النيكوتين الموجود في السجائر، ما يسهّل عملية الإقلاع عن التدخين، ويخفف من آثارها المزعجة.

اقرأ أيضاً: حتى بعد الإقلاع: قد يترك التدخين تلفاً وفشلاً تنفسياً في الرئة

3. إبقاء اليدين والفم مشغولين

لا تقتصر آثار التوقف عن التدخين على الآثار العضوية والنفسية، بل قد يترك شعوراً ملموساً بفقدان شيء ما، فالسيجارة غالباً ما كانت تشغل مكاناً في الفم أو اليد، وبفقدان مكانها ستشعر بغيابها والضيق لفقدانها، لذا عليك ملء هذا الفراغ لتشتيت انتباه الدماغ وشغل اليدين والفم. بالإضافة إلى ذلك، يمكنك بشغل يديك وفمك محاكاة فعل التدخين دون التدخين فعلياً، ويقلل من الرغبة بالنيكوتين.

على سبيل المثال، استخدم كرة الضغط ليديك، وعود المسواك أو القرفة، أو قشة لتحل محل الإحساس المادي بوجود شيء يلمس شفتيك وفمك.

4. ممارسة التمارين الرياضية

في دراسة نُشرت في دورية علم النفس الدوائي (Psychopharmacology)، تبين أن ممارسة التمارين الرياضية المعتدلة لنحو 10 دقائق يومياً يمكن أن تقلل من الرغبة الشديدة في التبغ، بينما أشارت دراسة أخرى نُشرت نتائجها في مجلة الوقاية من التبغ والإقلاع عنه (Tobacco Prevention & Cessation Journal)، إلى أن ممارسة التمارين الرياضية تنظّم نوعاً محدداً من مستقبلات الأسيتيل كولين النيكوتينية في الحصين في الدماغ، ما يقلل من الأثر المزعج لانسحاب النيكوتين من الجسم.

أضف إلى ذلك تحفّز ممارسة التمارين الرياضية إنتاج الإندورفين، وهو ناقل عصبي يعمل مسكناً طبيعياً للألم ويحسّن المزاج، ما يخفف من مشاعر التوتر التي قد ترافق مرحلة الإقلاع عن التدخين وانسحاب النيكوتين.

اقرأ أيضاً: 9 طرق للتخلص من اصفرار الأسنان الناجم عن التدخين

5. نصائح لتخفيف آثار انسحاب النيكوتين

بالإضافة إلى ما سبق، يمكنك اتباع النصائح التالية للتخفيف من آثار انسحاب النيكوتين وأعراضه:

  • التنفس العميق: وهو للسيطرة على المشاعر والأفكار السلبية ومنع خروجها عن السيطرة، لذا قد يساعد تمرين التنفس العميق على كبح الرغبة الشديدة في التدخين.
  • شرب الماء: إذ يساعد الماء على طرد النيكوتين المتبقي من الجسم، بالإضافة إلى أنه يخفف من مضايقات انسحاب النيكوتين، مثل الإمساك والسعال والجوع والرغبة بالتدخين.
  • الانشغال ببعض الأنشطة أو الهوايات؛ فهي تجعلك تشعر بالارتياح مثل البستنة أو الحياكة أو الرسم.
  • ممارسة اليقظة الذهنية: إ يمكنها المساعدة على إدارة الرغبة الشديدة في النيكوتين أو مشاعر الانسحاب عند الإقلاع عن التدخين.
  • الحمام الدافئ: يساعد على التخلص من التوتر وتشتيت الانتباه عن الحاجة للتدخين.
  • تجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين مثل القهوة والشاي.
  • إبقاء الدماغ مشغولاً: على سبيل المثال يمكنك تجربة السودوكو أو الكلمات المتقاطعة.
  • الابتعاد عن الأجهزة الإلكترونية: إذا كنت تعاني اضطراب النوم، يمكنك تجربة إيقاف تشغيل الأجهزة الإلكترونية قبل ساعة أو ساعتين من وقت النوم، أو يمكنك صنع طقوس ما قبل النوم، بما في ذلك الاستحمام بالماء الدافئ والاستماع للموسيقى الهادئة، أو شرب شاي الأعشاب أو القراءة.
  • البحث عن الدعم: سواء كان ذلك من خلال الأصدقاء أو العائلة أو مجموعة دعم. في المقابل، قلل تواصلك مع المدخنين.
  • التواصل مع مقدم الرعاية الصحية.

تذكر أن الإقلاع عن التدخين رحلة وليس وجهة، فمع العقلية الصحيحة والكثير من الإصرار والإرادة، يمكنك تجاوز صعوبات ومضايقات الإقلاع عن التدخين بسهولة. بوجودك هنا لقد اتخذت بالفعل خطوة كبيرة، والآن فقط استمر.