هل من الطبيعي أن تصاب بالمرض بعد أن تتلقى اللقاح الخاص به؟ وفي حال أصبت أنت أو طفلك بالمرض بعد أخذ جرعات اللقاح اللازمة، ما هو سبب هذه الظاهرة؟ وكيف تُقاس فاعلية اللقاحات؟
اقرأ أيضاً: تطوير لقاح جديد يمكن أن يخفض الكوليسترول السيئ
هل يمكن الإصابة بالمرض بعد تلقي اللقاح الخاص به؟
تساعد اللقاحات الجهاز المناعي على تذكّر الكائنات الحية الدقيقة المسببة للأمراض عن طريق تدريب الجهاز المناعي باستخدام نسخة مضعَّفة أو ميتة من البكتيريا أو الفيروسات، حتى يتمكن الجسم من محاربتها عندما يتعرض لها، ولكن اللقاحات لا تعد مضمونة بنسبة 100% وهناك احتمال للإصابة بمرض تلقيت لقاحاً مضاداً له.
يمكن الإصابة بالمرض بعد تلقي اللقاح نتيجة عدة أسباب، أبرزها ما يلي:
- عدم استجابة الجهاز المناعي الخاص بالمضيف للّقاح على نحو كافٍ: أو عدم استجابته على الإطلاق، وقد يحدث ذلك لدى الأشخاص المصابين بأمراض تضعف المناعة، مثل السكري، أو مرضى زراعة الأعضاء الذين يأخذون المثبطات المناعية أو المصابين بعدوى فيروس نقص المناعة البشرية.
- عدم الالتزام بجداول التطعيم: وإهمال تلقي الجرعة الثانية لبعض اللقاحات؛ إذ لا تسمح هذه الحالة بتمكين جهاز المناعة من تصنيع الأضداد اللازمة للقضاء على مسببات الأمراض.
- الخلل في تخزين اللقاح: يمكن للخلل في تخزين اللقاح، كتخزينه في وسط بارد لا يناسبه أو تعرضه للحرارة الشديدة في أثناء النقل، أن يتسبب في تخفيض فاعليته.
- نوعية السلالة المستخدمة في اللقاح: كما حدث في جائحة كوفيد-19، إذ كانت اللقاحات فاعلة على بعض السلالات الشائعة لفيروس كورونا المستجد، بينما أصبحت اللقاحات أقل فاعلية عندما ظهرت سلالات جديدة.
- وجود جينات تسبب عدم الاستجابة: بعض الأفراد لا يستجيبون لبعض اللقاحات على الإطلاق، وقد يكون السبب في هذه الظاهرة هو تركيبهم الجيني الخاص. في هذه الحالة يمتلك هؤلاء الأشخاص مناعة القطيع، وهي ظاهرة تنص بأن اللقاح يُظهر فاعليته على أكبر نسبة من الأشخاص بالمجتمع، وبالتالي لا ينتشر المرض وبالتالي لا يصيب الأشخاص الذين لم يعطِ اللقاح فاعلية لديهم.
- انتهاء فاعلية اللقاح: هناك لقاحات تمنح مناعة مدى الحياة، لكن ثمة لقاحات أخرى تحتاج إلى التطعيم بها كل عام مثل لقاح الإنفلونزا أو لقاح الكزاز الذي يحتاج حقناً دورية (معززة) للحماية المستمرة ضد المرض.
اقرأ أيضاً: تاريخ من عدم الأمان: لماذا يخاف الناس من اللقاحات؟
كيف تُقاس فاعلية اللقاحات؟
عند انتشار جائحة كوفيد-19، تنافست شركات الأدوية على تصنيع لقاحات تقي من الإصابة بكوفيد-19، ووافقت عليها منظمة الصحة العالمية للاستخدام الطارئ بعد إجراء تجارب سريرية عشوائية سريعة لاختبار جودتها وسلامتها وفعاليتها. علماً أنه يتعين على اللقاحات أن تمتلك معدل فاعلية يساوي 50% أو أكثر لاعتبارها مناسبة للاستخدام وإيقاف انتشار المرض، وذلك بعد قياس فاعلية اللقاح.
تقاس فاعلية اللقاح من خلال إجراء تجربة سريرية خاضعة للرقابة، تضم مجموعة من الأشخاص الذين تم تطعيمهم ومع ذلك تطور لديهم المرض، ومقارنة عددهم بالأشخاص الذين حصلوا على اللقاح الوهمي (قد يكون ماء وسكراً) وتطورت لديهم النتيجة المرضية نفسها. بعد هذه التجربة، يقوم الباحثون بحساب الخطر النسبي للإصابة بالمرض اعتماداً على تلقي اللقاح أو عدم تلقيه، وهكذا تظهر فاعلية اللقاح؛ أي مقياس مدى خفض اللقاح لخطر الإصابة بالمرض. إذا كان اللقاح بفاعلية عالية، فإن عدداً أقل بكثير من الأشخاص في المجموعة التي تلقت اللقاح يُصابون بالمرض مقارنةً بالأشخاص في المجموعة التي تلقت الدواء الوهمي.
لتوضيح نسبة الفاعلية يمكن استخدام المثال التالي؛ لدينا لقاح نسبة فاعليته 80%، وهذا يشير أن خطر الإصابة بالمرض لدى الذين أخذوا اللقاح في التجربة وأُصيبوا بالمرض أقل بنسبة 80% من المجموعة التي تلقت الدواء الوهمي وأصيبت بالمرض. ولا تعني فاعلية 80% أن 20% من المجموعة التي تلقت اللقاح سوف تصاب بالمرض.
اقرأ أيضاً: ما هي اللقاحات ثنائية التأثير وما ميزاتها؟
ما هي العوامل التي تدخل في حساب فاعلية اللقاح؟
يحاول الباحثون في التجارب السريرية، الهادفة لاختبار فاعلية اللقاح، اختباره على مجموعة واسعة من الأشخاص أصحاب الأعمار المتفاوتة ومن كلا الجنسين، ومن أعراق مختلفة، وأولئك الذين يعانون حالات طبية معروفة مثل السكري أو أمراض القلب، والذين يتناولون أدوية معينة. لكن التجارب السريرية مهما كانت مخططة جيداً، لا يمكنها أن تمثل المجتمع السكاني على نحو كامل، فوجود 10,000 شخص في تجربة سريرية قد لا يشمل الملايين في بلد معين، والذين يجب أن يأخذوا اللقاح.
بعد قياس فاعلية اللقاح في التجارب السريرية، يوزّعه الخبراء على نطاق أوسع بصورة تجريبية للتأكد من فاعليته في منع انتشار المرض بين أفراد مجتمع محدد، نظراً لعدم القدرة على التنبؤ بدقة بمدى فاعلية التطعيم لعدد أكبر بكثير وأكثر تنوعاً في الظروف الحياتية التي تسمح بانتقال العدوى، مثل وسائل النقل الداخلي المغلقة، والمدارس، وشركات التوظيف، والأماكن العامة.
اقرأ أيضاً: مخاوف بعد سحب لقاح «أسترازينيكا»: كيف نحافظ على ثقتنا باللقاحات الحديثة؟
ما هي اللقاحات التي يحتاجها الأطفال عموماً؟
تشمل أبرز اللقاحات التي يجب تطعيم الطفل بها للوقاية من الأمراض الصحية الخطيرة منذ الولادة إلى عمر 6 سنوات ما يلي:
- الدفتيريا والتيتانوس (الكزاز) والسعال الديكي.
- المكورات الرئوية.
- فيروس شلل الأطفال.
- الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية.
- جدري الماء (الجدري المائي).
- التهاب الكبد "أ" و"ب".
- فيروس الروتا.
وتبعاً لانتشار مرض في منطقة معينة، يجب إجراء التطعيم اللازم للأطفال في سبيل وقايتهم من المرض ومنع انتشاره في المجتمع، فهناك مناعة القطيع التي تنص بأن تطعيم عدد كبير من سكان المجتمع يقي من لم يأخذوا اللقاح أو من لم يُظهر اللقاح فعالية لديهم. ومن المهم الالتزام بمواعيد التطعيمات المقررة للطفل من قبل الهيئات الصحية الرسمية، وإذا فوّت الطفل الجرعة المقررة يمكنه تعويضها لاحقاً، لكن يجب عدم إهمال التطعيم باللقاح.
بالإضافة لما سبق، في حال لم تمنع اللقاحات الإصابة بصورة تامة، فإنها تساعد على تخفيف الأعراض ومنع الوفاة ودخول المشفى في حالة الإصابة بالمرض، ما يؤكد أهمية الالتزام بالتطعيم حتى وإن كان يُظهر فاعلية أقل لدى بعض الأشخاص.
اقرأ أيضاً: لماذا استغرق تطوير لقاح الملاريا 35 عاماً؟
يشارك المختص بطب الأطفال والحساسية لدى الأطفال بالسعودية، الدكتور حجي الزويد، عبر منصة إكس منشوراً يوضح فيه أن الربو عند الأطفال لا يعدّ مانعاً للتطعيم ضد الحصبة والحصبة الألمانية، على عكس ما هو شائع، ما يشير لأهمية نشر التوعية حول فاعلية اللقاحات لدى الأطفال خصوصاً.
هل التطعيم ضد الحصبة والحصبة الألمانية آمن للأطفال الذين لديهم ربو؟
تصلني كثير من الرسائل على الخاص و كذلك كثير من الاستفسارات حول: هل يمكن للأطفال المصابين بالربو أخذ التطعيم ضد الحصبة ضمن الحملة الوطنية؟
الربو في حد ذاته ليس مانعا من أخذ التطعيم ضد الحصبة والحصبة… شاهد على إكس
— Dr. Heji Alzoayed (@DrHeji_AlZoayed) December 7, 2024