من جلسات الساونا إلى التمارين الرياضية التي تحفز التعرق، يعتقد العديد من الناس أن التعرق الجيد هو الطريق الأقصر للتخلص من الوزن الزائد. ولكن هل ثمة أساس علمي لهذا الاعتقاد الشائع؟ أم إنه أسطورة أخرى من أساطير فقدان الوزن؟ إليك ما يقوله العلم.
دور التعرّق في الجسم
التعرق هو استجابة فيزيولوجية طبيعية تحدث في الجسم لدى ارتفاع درجة حرارته إلى أكثر من 37 درجة مئوية؛ كما في الإجهاد البدني أو في البيئات الحارة، فالهدف الأساسي له هو تنظيم درجة حرارة الجسم، والحفاظ على درجة حرارته. إذ عندما ترتفع درجة حرارة الجسم، يحاول الدماغ تنظيم درجة حرارة الجسم في الجزء المسمى بالوطاء، ويرسل تعليماته إلى الغدد العرقية المتوزعة في الجلد لتبدأ بالتعرق، فتنتج الغدد العرقية رطوبة على سطح الجلد. عندما تلامس قطرات العرق الهواء، تسحب الحرارة من الجسم وتتبخر في الجو، ما يؤدي إلى تبريد الجلد ويحافظ على درجة حرارة داخلية مستقرة.
يتكون العرق في المقام الأول من الماء، مع نسبة ضئيلة لا تتجاوز 1% من مواد كيميائية كالأمونيا واليوريا والإلكتروليتات مثل الصوديوم والبوتاسيوم والكلوريد والدهون.
اقرأ أيضاً: هل تتعرق في أثناء النوم؟ إليك الأسباب والعلاج
أسباب التعرّق
يحدث تعرق الجسم بصورة يومية وبكميات طبيعية، وينتج عن مجموعة من الأسباب، من ضمنها:
- ارتفاع درجات الحرارة، كما يحدث في فصل الصيف.
- الضغط العاطفي، كمشاعر الغضب والخوف والخجل والقلق.
- بعض أنواع الأغذية التي تحفز إفراز العرق كالأطعمة الحارة، والمشروبات المحتوية على الكافيين (القهوة والشاي والمشروبات الغازية).
- أسباب مرضية كالحمى والسرطان والعدوى وانخفاض مستوى السكر في الدم.
- تقلبات هرمونية كما يحدث في سن اليأس عند النساء.
هل يساعد التعرّق على حرق المزيد من السعرات الحرارية؟
بداية لا بد أن نفهم أنه لكي يحدث فقدان الوزن لا بد من تحقيق ما يسمى بـ "العجز في السعرات الحرارية"، أي حرق سعرات حرارية أكثر مما تتناوله.
وعلى عكس الاعتقاد الشائع، فإن التعرق في حد ذاته باعتباره عملية طبيعية في الجسم لا يحرق عدداً كبيراً من السعرات الحرارية، لكنه يرتبط غالباً بالنشاط البدني الذي يسبب التعرّق الشديد، حيث تؤدي التمارين عالية الكثافة إلى إنتاج المزيد من العرق لأن العمليات الأيضية المشاركة في التمرين تولد الحرارة.
في دراسة نشرت نتائجها المجلة الدولية لعلوم التمارين الرياضية (International Journal of Exercise Science)، قارن الباحثون بين عدد السعرات التي تحرقها تمارين اليوغا في بيئة حارة وأخرى في درجة حرارة الغرفة، وتبين أن معدل حرق السعرات الحرارية كان متماثلاً في كلتا البيئتين، أي أن التعرق الناتج عن البيئة الحارة لم يتسبب في حرق سعرات حرارية أكثر.
بعبارة أخرى، يعد التعرق مؤشراً على الجهد البدني الذي يحرق سعرات حرارية كبيرة، لكنه لا يرتبط على نحو مباشر بعدد السعرات الحرارية التي يحرقها الجسم في أثناء التمرين. في الواقع، يسبب التعرّق فقدان الماء وليس الدهون أو الكتلة العضلية، ما قد يؤدي إلى انخفاض مؤقت في الوزن ولكنه لا يعادل فقدان الدهون أو زيادة الإنفاق الحراري.
علاوة على ذلك، قد يؤدي التعرّق المفرط إلى الإصابة بالجفاف، الذي يؤثر بدوره في العديد من وظائف الجسم، ما يسبب اضطراب ضربات القلب والارتباك والدوار وقلة البول والإغماء.
اقرأ أيضاً: ما أسباب حالة الوجه المتعرق وما علاجه؟
هل يساعد التعرّق في الساونا على فقدان الوزن؟
حمام الساونا عبارة عن غرف صغيرة تُسخَّن إلى نحو 65-90 درجة مئوية، وقد تكون حرارة جافة مثل النمط الفنلندي مع رطوبة نسبية تتراوح بين 10-20%، أو حرارة رطبة مثل النمط التركي.
تتعلق الفوائد الأساسية لاستخدام الساونا بالاسترخاء وتحسين الدورة الدموية وإزالة السموم. في حين أن الجلوس في الساونا يمكن أن يزيد معدل ضربات القلب ويحاكي بعض تأثيرات التمارين المعتدلة، فإن حرق السعرات الحرارية ضئيل مقارنة بالنشاط البدني الفعلي. في دراسة نشرتها دورية البحث الدولي في الطب الحيوي (BioMed Research International)، تبين عدم وجود دليل يثبت أن الساونا تحرق السعرات الحرارية أو تساعد على إنقاص الوزن، وإنما قد يؤدي التعرق في الساونا إلى فقدان الوزن بصورة مؤقتة بسبب فقدان الماء وليس فقدان الدهون. ومع ذلك، يستعاد هذا الوزن بسرعة بمجرد إعادة ترطيب الجسم.
العوامل المؤثرة في التعرق
يتباين الأفراد في تعرقهم بسبب عدة عوامل:
- مستوى اللياقة البدنية: يميل الأفراد الأكثر لياقة إلى البدء بالتعرق بكفاءة أكبر من أولئك الذين هم أقل لياقة.
- كميات الغدد العرقية ونشاطها: تختلف كمية الغدد العرقية ونشاطها في الجسم باختلاف العوامل الوراثية والجنس، حيث يميل الذكور إلى أن يمتلكوا غدداً أكثر نشاطاً في مرحلة المراهقة من الإناث والبالغين عموماً.
- مشكلات الغدد العرقية: بينما قد يصاب البعض بقلة التعرّق أو غيابه تماماً، فإن البعض الآخر قد يصاب بفرط التعرق.
- التكيف مع درجة الحرارة: يبدأ الأفراد بالتعرق عند درجات حرارة مختلفة وفقاً للبيئة التي يتكيف الجسم معها. على سبيل المثال، في الطقس الحار، قد يتعرّق الجسم في بداية تعرضه لهذا الطقس أكثر من تعرّقه لاحقاً.