أصبح الجلوس فترات طويلة أمام الشاشات جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية، سواء في العمل أم الدراسة أم الترفيه. لكن دراسة من جامعة الصين للتعدين والتكنولوجيا في بكين كشفت عن مخاطر صحية تهدد صحتنا بسبب هذه الممارسة، وتبين الدراسة أن الجلوس مدة 6 ساعات أو أكثر يزيد خطر إحداث أضرار صحية خطيرة بالرقبة. فما هي نتائج الدراسة والنصائح التي تساعدنا على تفادي أضرار هذه الظاهرة وتخفيف آثارها؟
اقرأ أيضاً: 13 تمريناً بسيطاً لممارستها في المكتب لتجنب آلام الرقبة والظهر والكتفين
كيف يسبب الجلوس الطويل أضراراً للرقبة؟
نشرت الدراسة الصينية في مجلة بي إم سي للصحة العامة في فبراير/شباط 2025 بعنوان: "الارتباطات بين السلوك الذي لا يتطلب حركة وآلام الرقبة: مراجعة منهجية وتحليل تلوي"، وكشفت عن وجود علاقة مباشرة بين الجلوس فترات طويلة والإصابة بآلام الرقبة، وشملت الدراسة تحليل بيانات أكثر من 43,000 مشارك من خلال تحليل نتائج 25 دراسة سابقة مختلفة، وخلصت الدراسة الصينية إلى أن كل ساعة إضافية تقضى في النشاطات التي لا تتطلب حركة، مثل استخدام الهاتف أو الحاسوب، تزيد احتمالات الإصابة بألم في الرقبة، وأكد الباحثون أن هذه العلاقة ليست عشوائية، حيث تتزايد احتمالات الإصابة مع زيادة مدة الجلوس، ما يجعلها عامل خطورة مثبت يجب أخذه على محمل الجد والتصرف من الناحية الصحية والمهنية حياله.
من هم الأكثر خطراً للإصابة بآلام الرقبة الناتجة عن الجلوس الطويل؟
أوضحت الدراسة أن النساء أكثر عرضة لخطر آلام الرقبة مقارنة بالرجال، وأن الموظفين العاملين في المكاتب هم أكثر تأثراً من الطلاب بهذه الظاهرة، وسجلت نسب أعلى لدى الأفراد الذين يقضون معظم وقتهم في العمل المكتبي أو الاستخدام المتكرر للأجهزة الإلكترونية. قد يعود هذا التأثير الضار صحياً إلى طبيعة العمل التي تتطلب الجلوس الطويل والثبات في وضعيات غير صحية للجسم، بالإضافة إلى عدم توفر مقاعد طبية مخصصة للجلوس في أماكن العمل المنزلية والمكتبية.
اقرأ أيضاً: علماء من جامعة الشارقة يقترحون المعالجة اليدوية لآلام الرقبة المزمنة
هل تسبب كل الأنشطة التي لا تتطلب حركة الدرجة نفسها من الضرر للرقبة؟
كشفت الدراسة الصينية أن النشاطات الثابتة المختلفة لا تحمل درجة الخطر نفسها للإصابة بآلام الرقبة، فاستخدام الهاتف المحمول كان من أكثر الأنشطة تأثيراً، حيث زاد خطر آلام الرقبة بنسبة 82%، بينما زاد استخدام الحاسوب هذا الخطر بنسبة 23%، أما مشاهدة التلفزيون فلم تكن مرتبطة بزيادة كبيرة في خطر الألم.
يكمن السبب في وضعية الجسم في أثناء استخدام الهاتف، حيث يكون الرأس غالباً منحنياً للأمام للنظر إلى مستوى الهاتف الموضوع بين اليدين، ما يسبب ضغطاً كبيراً على فقرات العنق في العمود الفقري ويؤدي إلى إجهاد العضلات المحيطة به والألم المرافق لهذه الحالة.
ما مدة الجلوس المرتبطة مع الإصابة بآلام الرقبة؟
أشارت الدراسة إلى وجود علاقة تراكمية بين مدة الجلوس وحدوث آلام الرقبة، أي كلما زاد الوقت الذي يمضيه الشخص جالساً على نحو ثابت بوضعية خاطئة صحياً للرقبة، زادت فرص تعرضه للألم، وأوضحت البيانات من الدراسة أن الجلوس أكثر من 4 ساعات يومياً يزيد خطر ألم الرقبة بنسبة 45%، بينما تصل هذه النسبة إلى 88% عند الجلوس أكثر من 6 ساعات يومياً، وهذه المدة هي جزء من عدد ساعات العمل المكتبي الإداري. هذا المؤشر يؤكد أهمية تقليل الوقت الذي نقضيه في وضعية الجلوس المستمر، خاصة إذا كان مصحوباً باستخدام الأجهزة الإلكترونية.
كيف يمكن تقليل خطر الإصابة بآلام الرقبة المزمنة؟
دعا الباحثون في الدراسة إلى اتخاذ تدابير وقائية تستهدف الفئات الأكثر عرضة لخطر ألم الرقبة، مثل النساء والعاملين في المكاتب، وذلك من خلال دعم برامج توعية صحية شاملة، ومن أمثلتها توعية النساء اللواتي يعملن في مهام منزلية تؤذي الرقبة مثل غسيل الصحون والطهو وكي الملابس بالوضعيات الضارة بفقرات الرقبة، وتوفير بيئات عمل داعمة لصحة العمود الفقري في الشركات مثل جدولة أوقات استراحة من العمل المكتبي والقيام بحركات بدنية بسيطة لتنشيط العضلات ومنع تشنجها، وتوفير مكاتب وأثاث يعززان الصحة ويقللان خطر الإصابة بآلام الرقبة.
اعتبر الباحثون أن التحرك المنتظم والتمدد وتعديل وضعية الجلوس، يمكن أن يخفف كثيراً الضغط على الرقبة والظهر، وبالتالي يقلل انتشار آلام الرقبة بين الأفراد.
اقرأ أيضاً: 5 طرق بسيطة للتخلص من تيبس الرقبة وآلامها
يشارك مختص جراحة العظام من مصر، الدكتور شريف أسامة جميل، في مقطع فيديو على اليوتيوب بعض المعلومات العامة حول آلام الرقبة وأهمية تشخيصها وعلاجها المبكر.