تبين الدراسات أن التعبير عن التعاطف له آثار عميقة في حياتنا العاطفية والمهنية. تشير الدلائل إلى أن العديدين يعتقدون أن التعاطف ضروري أيضاً، وبالأخص عندما يتعلق بالصحة العقلية.على خلفية الجائحة العالمية والمناخ السياسي المنقسم في الولايات المتحدة وربما دول العالم أيضاً، فإن الدعوات للتعاطف أصبحت أكثر وضوحاً وإلحاحاً. نحن نشجّع على التعاطف مع هؤلاء الذين تأثروا بمرض كوفيد-19، والموظفون العاملون عن بعد، وهؤلاء الذين يواجهون مشكلة البطالة.

هل نريد أن يُظهر الناس التعاطف دائماً؟

ليس كما يبدو، وفقاً لما تفيد به مجموعة من الباحثين في دراسة نُشرت مؤخراً في دورية «بيرسوناليتي آند سوشال سايكولوجي»؛ فعلى الرغم من أن التعاطف يُصوّر عادة كفضلية، إلا أن الأشخاص الذين يُظهرونه لا يُنظر إليهم بشكلٍ إيجابي بالضرورة. يقول «واي آندريه وانج»، المؤلف الرئيسي للدراسة: «أصبح التعاطف نوعاً من المفاهيم الشاملة المتعلقة بالصفات الشخصية، لكن أفكار الناس حول التعاطف أعقد بقليل».

في سلسلة من 7 دراسات، وظّف الباحثون أكثر من 3000 مشارك عبر الولايات المتحدة، وعرضوا عليهم سيناريوهات مختلفة تتضمن شخصاً يشارك تجربة شخصية مع شخصٍ آخر. في بعض الدراسات، كانت التجربة الشخصية سلبية، مثل الإجهاد أو مشاكل متعلقة بالعمل، وفي دراسات أخرى، كانت التجارب إيجابية، مثل ترقية حديثة في العمل. تجاوب الفرد مع هذه التجارب الشخصية إما بالتعاطف أو بشكل محايد. قيّم بعد ذلك المشاركون انطباعاتهم عن المتجاوبين، مثل تقييم لأي مدى أحبّوهم، ولأي مدى وجدوهم ودودين.

من يتلقى التعاطف؟

 

يقول وانج: «وجدنا أن نظرة الناس إلى المُتعاطفين تعتمد على من يتلقّى تعاطفهم. الأشخاص لا يحبون أو يحترمون بالضرورة هؤلاء المتعاطفين مع الأفراد المشكوك بأخلاقياتهم». صُور الأشخاص الذين يشاركون تجاربهم الشخصية إما بشكلٍ إيجابي أو بشكلٍ سلبي. على سبيل المثال، في إحدى الدراسات، قيل لبعض المشاركين أن الشخصية تعمل لمنظمة قومية للبيض، بينما قيل لمشاركين آخرين أنها تعمل في مستشفى أطفال. في دراسة أخرى، الشخصية التي شاركت تجربتها الشخصية لم تكن داعمة أو معارضة للتلقيح. (هذه الدراسة بالتحديد أُنجزت في بداية جائحة كوفيد-19.)

وجد الباحثون أن الطريقة التي يُصور فيها الأشخاص مهمة. أحب المشاركون واحترموا المتعاطفين، لكن فقط عندما كانت الشخصية التي تتلقى التعاطف محبوبة أيضاً. وعندما لم تكن كذلك (مثل قومي أبيض أو معارض للتلقيح)، لم يحب المشاركون أو يحترموا المتعاطِف بنفس الدرجة. في بعض الدراسات، فضّل المشاركون حتى أن يدين المستجيب الشخص الآخر بدلاً من أن يتعاطف معه. وخلص الباحثون إلى أن «الناس عادة محفّزون لأن يتعاطفوا مع الأفراد غير المحبوبين، لكن مكتشفاتنا تشير إلى أنهم قد لا يُنظر إليهم بإيجابية نتيجة لفعل ذلك».

هل التعاطف أمر نسبي؟

على الرغم من أن التعاطف مدروس بشكلٍ معمق، إلا أن القليل فقط معروف عن تقييم الناس للمتعاطفين عندما لا يكونوا هم في موقع المتلقّي. المكتشفات الجديدة لها تبعات على آلية عمل التعاطف في الفترة الحالية في أميركا، حيث يُروّج له عادة كحلٍ للانقسام والصراعات ولزيادة التكاتف. يقول وانج: «هل المزيد من التعاطف أفضل دائماً؟ ليس وفقاً للمشاركين في بحثنا. مكتشفاتنا تشير إلى أن الأشخاص ينظرون إلى التعاطف كإشارة اجتماعية. من تختار أن تتعاطف معه يظهر من تهتم به وما هي قيمك».

السر وراء خلق علاقات قوية وصحية هو التواصل الجيد. تشير نتائج الدراسة الجديدة إلى أن الشركات والمعالجين وأفراد العائلة والأصدقاء الذين ينادون بالتعاطف ينتبهون لمن يتلقّى التعاطف. هدف التعاطف ليس الترويج للشخصيات أو السلوكيات السيئة، لكن كما تبين الدراسة، فالنظرة التقليدية للتعاطف تتسبب في ذلك. التعاطف يمكن أن يكون مفيداً أكثر عندما يؤكد المتعاطفون أنه لا يُنظر إليه كمكافئة للأفعال السيئة أو غير الأخلاقية.

هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً