ما هي أضرار المحليات الصناعية؟

الجميع يقوم بتنظيم مجموعات السكر، أليس كذلك؟
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

هناك الكثير من الأساطير حول المحليات الاصطناعية، وأهمها هي أنها في الواقع أفضل من السكر العادي. تتواجد المحليات الاصطناعية منخفضة السعرات الحرارية منذ عدة عقود، وقمنا أخيراً بدراستها بما فيه الكفاية لفهم كيفية عملها تقريباً وتأثيرها على أجسامنا.

وعلى الرغم من تواجد المشروبات الغازية بأشكال مخصصة للحمية منذ فترة طويلة، إلا أن الكثير من الناس لا يزالون غير مطلعين بشأن الحقائق المتعلقة بها. إذ لا يزال الفهم الخاطئ الذي خلّفته الأيام الأولى واسع الانتشار. فمثلاً…

هل أمر السرطان برمّته غير صحيح؟

دعونا نزيح هذا الأمر عن طريقنا. فعلى الرغم من أن بعض الدراسات التي أجريت على القوارض وجدت ارتفاع معدلات الإصابة ببعض أنواع السرطان – مثل اللوكيميا – بعد تناول المحليات الاصطناعية، إلا أن الاختبارات اللاحقة أظهرت أنه لا داعي للقلق بشأن الإصابة بالسرطان جراء تناول الصودا المخصصة للحمية. إذ يجب أن تتناول جرعات كبيرة منها وبانتظام. من ناحية أخرى، فإننا نعلم بأن السمنة هي عامل خطر رئيسي للعديد من أنواع السرطان، فربما علينا التركيز على ذلك بدلاً من المحلي الاصطناعي سكرالوز.

إذن يجب عليّ اختيار الصودا المخصصة للحمية بدلاً من العادية لإنقاص الوزن، أليس كذلك؟

إن الكثير من الأدلة في الواقع تشير إلى أنك ستكون بحال أفضل بمجرد محاولتك الحدّ من تناول الصودا العادية. إذ يبدو أن تناول عدد أقل من السعرات الحرارية قد يساعدك على إنقاص الوزن، ولكن الدراسات تشير إلى أن فقدان الوزن ليس ببساطة إنقاص السعرات الحرارية. فيمكنك خداع شهيتك (نوعًا ما) كي تعتقد بأن المحلي الصناعي أسبارتام أو سكرين هو السكر الذي تتوق إليه، لكن دماغك ليس بهذه البساطة.

تتراكم المزيد من الأدلة التي تشير بأن المشروبات المخصصة للحمية الغذائية مضللة. أو كما أشارت دراسة أجريت في عام 2008 حول السمنة والمُحليات الاصطناعية في استنتاجها: “المحليات الاصطناعية تدعم – بدلاً من أن تواجه – الوباء التي صُممت لمنعه؟”

تشير بعض الدراسات الحديثة إلى أن تناول السكر الوهمي يقوم في الواقع بتحفيز استجابة الأنسولين لتخزين كمية أكبر من الدهون، وليس كمية أقل منها. فعندما تتناول سكراً حقيقياً، فإن البراعم الذوقية ترسل تنبيهاً للبنكرياس مفاده: “هناك سعرات حرارية في الطريق! لذا استعد لإنتاج الأنسولين!” ثم يقوم الأنسولين بعد ذلك بالمساعدة على تفكيك السكريات، والتي توفر الطاقة على الفور أو تذهب إلى الخلايا الدهنية لتخزينها. فإذا قام الجسم بتفسير شيء ما على أنه سكر عندما لا يكون هناك سكر حقيقي، فقد ينتهي الأمر بإنتاج نفس استجابة الأنسولين. لذا فإن الصودا المخصصة للحمية لا تزال تحفز البنكرياس على تخزين الدهون، على الرغم من أنك لا تستمتع بالسكر الحقيقي، إذ يمكن للدماغ معرفة الفرق. ولا تؤدي المحليات الصناعية إلى تحفيز دارات المكافأة بنفس الطريقة، ولذلك فإنك لا تشعر بالرضا عن تناول السكر.

وعلاوة على ذلك، يؤدي استمرار إثارة استجابة الأنسولين في النهاية إلى حدوث خلل. وهذا ما يحدث في الداء السكري من النمط الثاني، ولكن يمكن أن يحدث بدرجة أقل – ولكنها مؤذية أيضاً – عند الأشخاص الأصحاء. وفي نهاية المطاف، يبدأ البنكرياس بإنتاج الكثير من الأنسولين كاستجابة لجميع أنواع الطعام، مما يجعلك تكتسب الوزن.

لا تزال هذه النظرية بالكامل قيد الاختبار، ولكنها تتماشى مع ما نلاحظه عند الأشخاص الذين يشربون المشروبات المخصصة للحمية، فهم يميلون إلى اكتساب الوزن. في الدراسات القائمة على الملاحظة، لا يمكنك معرفة فيما إذا كان ذلك هو السبب أو أن الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن يميلون إلى شرب الصودا المخصصة للحمية بشكل أكثر من الأشخاص الذين يتمتعون بوزن صحي. أحد الأدلة هو أن العلماء يلاحظون ما يعرف باسم استجابة الجرعة. فكلما ازداد تناول المحليات الاصطناعية، كلما ارتفعت زيادة وزنهم. يشير ذلك إلى أن السكريات الوهمية نفسها هي التي قد تحفز زيادة الوزن، وليس مجرد ارتباط.

حسناً. يمكنني أن أتخلى عنها تماماً

هناك بعض الأخبار السيئة هنا، فمن الصعب الإقلاع عن أي نوع من السكر، حتى الأنواع الاصطناعية منه. إذ تقوم السكريات بتنشيط دارات المكافأة، وبالتالي فهي تمنحنا جرعة من المواد الكيميائية العصبية التي تجعلنا نشعر بنحو جيد وتدفعنا إلى الاستمرار في الرغبة إليها. وكلما زاد السكر الذي تتناوله، كلما أصبحت ترغب به بشكل أكبر.

وبما أن المحليات الاصطناعية لا تُرضي دماغك كما يفعل السكر الحقيقي، فإنك لا تشبع تلك الرغبة. ستستمر في التوق إلى الأطعمة الحلوة وربما ينتهي بك الأمر بتناول كمية أكبر من السعرات الحرارية بشكل عام. وينجم عن ذلك زيادة أكبر في الوزن مما كنت ستكسب جراء تناول قطعة حلوى في المقام الأول.

وإذا كنت بحاجة إلى سبب أكثر إلحاحاً، فلنتذكر جميعاً تلك القصة السيئة عن الفئران المدمنة على الكوكايين التي فضلت الحلويات على المخدرات. إذ جعلت دراسة أجريت في عام 2007 مجموعة من الفئران تدمن على الكوكايين والسكرين، ثم تُرك لها حرية الاختيار بين الكوكايين أو السكر الوهمي، واختار معظمها بديل السكر. إذ كانت مدمنة على السكرين لدرجة أن الباحثين كتبوا بأنهم لم يستطيعوا إعطاء الفئران ما يكفي من الكوكايين للتغلب على رغبتها في الحصول على جرعة من السكر. وكان نفس الشيء ينطبق على السكر الحقيقي.

يعدّ هذا الإدمان قوياً، ولا ينبغي الاستهانة به. يمكنك بالطبع الإقلاع عن السكر، سواء كان حقيقاً أو وهمياً، تماماً كما يمكن للناس أن يقلعوا عن تناول الكوكايين. يجب عليك أن تأخذ الأمر على أنه إدمان على محمل الجد. ولا تعتقد بأنه سيكون سهلاً.

ماذا لو كنت أستخدمه فقط لسد الفجوة عندما أقوم بالإقلاع عند السكر بالكامل؟

يتحول الكثير من الناس إلى شرب الصودا المخصصة للحمية عندما يحاولون إنقاص الوزن، على أمل أن يكون السكر الوهمي بديلاً مُرضياً عن السكر الحقيقي. كما ذكرنا من قبل، فإنه ليس مرضياً بالفعل، والأكثر من ذلك أن الأمر ربما ينتهي بك بإعاقة نفسك من خلال محاولة خداع دماغك.

وكالأشخاص الذين يبدؤون بممارسة الرياضة، يبدأ الأشخاص الذين يشربون المشروبات المخصصة للحمية بالتفكير في مدى انخفاض السعرات الحرارية لديهم، وما إذا كانوا يستعيضون عن ذلك شعورياً أو لا شعورياً عن طريق تناول المزيد من الطعام بشكل عام. يمكن أن تؤدي زيادة السعرات الحرارية في المتوسط إلى الإضرار بأهدافك في فقدان الوزن بشكل أكثر مما يمكن لتناول قطعة من الحلوى بشكل متقطع.

ومن المحتمل أيضاً أن تفقد قدرتك على تقدير النكهات الأكثر تعقيداً. وقال ذلك ديفيد لودفيج – اختصاصي إنقاص الوزن في مستشفى بوسطن للأطفال – في حديثه إلى هارفارد هيلث حول كيف يمكن للذوق أن يتغير: “المحليات غير الغذائية هي أقوى بكثير من سكر المائدة وشراب الذرة عالي الفركتوز. إذ تنتج كمية ضئيلة طعماً حلواً مشابهاً لذلك الذي ينتجه السكر، ولكن دون سعرات حرارية مماثلة. إن الإفراط في تحفيز مستقبلات السكر بسبب الاستخدام المتكرر لهذه المحليات شديدة القوة قد يحدّ من تحمّل الأطعمة الأكثر تعقيداً”. وهذا يعني أن الأطعمة الحلوة الطبيعية مثل الخوخ لن يكون مذاقها بنفس القدر من الجودة، وقد يصبح أي شيء بدون هذه الجرعة من الحلاوة غير محبذ أبداً.

يلاحظ لودفيج أيضاً بأن المصادر الطبيعية للسكر – مثل الفاكهة – لا يكون لها في الغالب التأثير نفسه على استجابات الأنسولين التي يحدثها تناول الحلوى والكعك. إذ تساعد الألياف والمغذيات الأخرى الموجودة في الفاكهة على خفض مستويات السكر في الدم بدلاً من الارتفاع المفاجئ، وبالتالي تمنع جسمك من تخزين كل هذه السعرات الحرارية على شكل دهون.

إذن ما الذي يفترض أن أفعله عندما أشعر بالرغبة إلى الحلويات؟

إليك الأخبار الجيدة، إذ يمكنك تناول السكر الحقيقي! يجب أن تأكل السكر الحقيقي، ولكن يجب أن تتناوله باعتدال. قم بإشباع رغبتك بقطعة حلوى صغيرة (أو حتى قطعة كاملة من الكعك). ما عليك سوى أن تحاول أن تجعل عاداتك الغذائية العامة صحية قدر الإمكان. فالتناول المتقطع للسكر لن يجعلك تكتسب الوزن. بل ما يجعلك كذلك هو ارتفاع الأنسولين بشكل مستمر والمُحليات الصناعية المضللة. احصل على كعكتك وتناولها أيضاً، ولكن لا تقم بذلك كل يوم.