منظمة الصحة العالمية قد تعترف بـ”إدمان ألعاب الفيديو” قريباً

احذر من سلوكك في اللعب أمام الصغار
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يدرك معظمنا كيف يمكن لبعض الأمراض مثل إدمان الكحول وإدمان المخدرات أن تسبب الألم والمعاناة. وتختلف الرغبة بالسجائر أو المشروبات في بعض الأحيان عن الإدمان الذي يجبر الفرد على التصرف بطرق غير عادية، وغالباً ما تكون مدمرة بانتظار العثور على حل بديل. ولكن يمكنك أيضاً أن تصبح مدمناً على بعض السلوكيات كلعب القمار. وبدأ المتخصصون في الطب يدركون بأن الإدمان السلوكي يمكنه في العصر الحديث أن يحوّل العادات غير الضارة – مثل ألعاب الفيديو – إلى عادات خطرة جداً.

في الواقع، هناك سبب للاعتقاد بأن منظمة الصحة العالمية قد تصنف قريباً اضطراب الألعاب – أي الإدمان على لعب ألعاب الفيديو – كمرض صحي عقلي حقيقي.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه المعلومات تأتي من مسودة بيتا التي أصدرها التصنيف الدولي للأمراض التابع لمنظمة الصحة العالمية. ويعدّ التصنيف الدولي للأمراض أداة مرجعية قياسية بشأن الأمراض، ولكن المسودة تنص صراحة على أن قوائمها الجديدة لم توافق عليها منظمة الصحة العالمية بعد. ولا يوافق العديد من المتخصصين في مجال الصحة النفسية على هذه الإضافة المقترحة. وسوف نتمكن في العام الجديد من معرفة فيما إذا كان اضطراب الألعاب قد دخل التصنيف بكل تأكيد.

ولكن فكرة قضاء عدة ساعات في لعب ألعاب الفيديو قد يكون علامة على شيء أسوأ وليس جديداً على الإطلاق. وفي الوقت الحالي فإن هذه الحالة ليست مدرجة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، ولكن الطبعة الأحدث منه عرّفت اضطراب ألعاب الإنترنت على أنه “حالة تتطلب المزيد من الخبرة والأبحاث السريرية قبل أن يتم النظر في إدراجها في الكتاب الرئيسي كاضطراب رسمي”.

كيف يمكن للألعاب أن تكون إدماناً؟

ليس بالضرورة أن ينحصر الإدمان على المخدرات. فالإدمان هو مرض مزمن يرتبط بتحفيز الدماغ والدوافع والذاكرة والدارات ذات الصلة. في الأساس، فإن أي مادة أو أنشطة يمكنها أن تثير تحفيز مراكز المكافأة في الدماغ – الأجزاء التي تفرز الهرمونات التي تجعلنا نشعر بحالة جيدة – بطريقة تجعلك تطلب الراحة بشكل مرضي تعتبر إدماناً. فعندما تمنحك ألعاب الفيديو بعض الإثارة من خلال السماح لك بهزيمة الخصم أو تحقيق درجة عالية جديدة، فإنها تسيطر على نفس دارات الدماغ التي تسيطر عليها المشروبات الكحولية. وحتى الألعاب التي تبدو غير ضارة مثل “كاندي كراش” يمكن أن تجعل المستخدمين يبحثون عن ألوانها وأصواتها المميزة، والتي اعتادوا على ربطها بتحرير الدوبامين.

تقود هذه الدورة الناس إلى اتخاذ الخيارات السيئة بشكل موضوعي بالنسبة لهم – مثل تدخين السجائر المسرطنة – أو لعب ألعاب الفيديو طوال اليوم بالرغم من أنك تعرف بأنه يجب أن تعمل أو تتواصل مع الأصدقاء والعائلة أو تقوم برعاية نفسك أو الأشخاص الذين تعيلهم. قد تكون أكثر إدراكاً لإدمان المقامرة، والذي يوجد بالفعل كتشخيص. ولكن أصبح من الواضح بأن الألعاب يمكنها أن تؤذيك حتى وإن لم يكن لها علاقة بالمال.

في الواقع، فإن الحجج المضادة لتضمين اضطراب الألعاب كإدمان رسمي لا تميل إلى الإشارة بأن الدافع لا يمكن أن يكون خطراً ومستمراً. ببساطة، يشعر بعض الخبراء بأن “الإدمان” هو مصطلح ثقيل جداً، بالنظر إلى حقيقة أن العديد من “مدمني” الألعاب هم من الأطفال والمراهقين. إذ أن هناك قلق من أن تصنيف هذه الألعاب على أنها إدمان يمكن أن يودي بالآباء والأطباء إلى تصنيف الاستخدام العادي لألعاب الفيديو كسلوك مرضي عندما يحلو لهم، بل وربما يجعل الأطفال يبحثون عن مواد أكثر خطورة عندما يتم منعهم من الألعاب.

في الوقت الراهن، فإن الإدمان السلوكي الوحيد في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية هو إدمان القمار. ولكن البعض يقولون بأنه ينبغي أيضاً إدراج الإدمان على الأكل والتسوق واستخدام الإنترنت والجنس وغيرها من الأنشطة.

كيف يبدو إدمان الألعاب؟ وهل أعاني منه؟

من المهم أن نلاحظ بأن وجود اضطراب الألعاب لا يعني بأن الأطباء يقولون بأن الألعاب بحد ذاتها سيئة أو خطيرة. إذ يمكن لألعاب الفيديو أن تكون أداة تعليمية فعالة، ويمكنها أيضاً أن تكون للتسلية فقط. فالمرح أمر مهم، ولا أحد يريد أن يسلبك تلك المتعة.

وفيما يلي السلوكيات التي ستصنفها منظمة الصحة العالمية على أنها من سمات اضطراب الألعاب:

  1. السيطرة الضعيفة على البدء باللعب أو تواتره أو شدته أو مدته أو نهايته أو سياقه
  2. إعطاء أولوية متزايدة للألعاب لدرجة أن تصبح للألعاب أولوية على الاهتمامات الأخرى في الحياة والأنشطة اليومية
  3. استمرار أو تزايد اللعب على الرغم من حدوث عواقب سلبية

ويعدّ البند الأخير هو الأساس حقاً. فالبشر معرضون لاتخاذ خيارات سيئة تحت ذريعة قضاء وقت ممتع، ولكن قضاء ساعة أو اثنتين في اللعب يومياً لا يجعلك مدمناً. ولكن إذا كانت هذه الساعة المخطط لها تميل إلى جعلك تسهر في كثير من الأحيان بشكل أكثر مما ترغب به على حساب أدائك في العمل والمدرسة، فإن ذلك يشير إلى وجود مشكلة.

في بعض البلدان التي تكون فيها لعبة الفيديو “ماراثون” أكثر قبولاً من الناحية الاجتماعية، فإن بعض الأشخاص يتعرضون للموت بالفعل بسبب مزيج من الإرهاق والإجهاد وسوء التغذية والجفاف أثناء جلوسهم وهم يلعبون لعدة أيام دفعة واحدة. ولكن تصنيف منظمة الصحة العالمية لا يشير بالضرورة إلى هذه الحالات المبالغ فيها فقط.

فمن الممكن أن يكون لديك سلوك قهري يؤثر سلباً على حياتك دون أن ينهيها بالمطلق. وقد تستمر في لعب الألعاب على الرغم من أن زوجتك قد أوضحت بأن علاقتكما ينقصها الاهتمام، أو على الرغم من معرفتك بأن لديك عرضاً تقديمياً مهماً للعمل أو امتحاناً مدرسياً في صباح اليوم التالي. وقد تمتنع عن الأكل الصحي والنظافة وعادات ممارسة الرياضة لأنك لا تستطيع إبعاد نفسك عن اللعبة. إذا كنت تشعر باستمرار بأنك لا تستطيع السيطرة على الألعاب (وخاصة إذا كنت تشعر بالحاجة إلى محاولة التوقف، أو الكذب حول ذلك) فربما قد تكون تعاني من الإدمان.

ماذا علي أن أفعل إذا كنت أعاني من مشكلة إدمان الألعاب؟

الخبر السار هو أن التوقف السريع عن ألعاب الفيديو هو أسهل بكثير على جسمك من محاولة التوقف عن المخدرات أو الكحول دون مساعدة الطبيب. قد تصبح سريع التهيج والانفعال، كما ستواجه بالتأكيد مشكلة في تجنب لعبتك المفضلة، ولكنك لن تمضي أياماً وأنت تشعر بالمرض الجسدي. ويمكن للبحث عن مصدر صحي للدوبامين – مثل ممارسة الرياضة – أن يساعدك على اجتياز الفترة الأصعب. ولكن يجب عليك الحرص على عدم استبدال الألعاب بإدمان آخر غير صحي مثل شرب الكحول.

من الناحية المثالية، لن تقوم بذلك لوحدك. فقد لا يتم إدراج إدمان الألعاب غير المرتبطة بالقمار في التصنيف الدولي للأمراض، ولكن إذا كان دافع اللعب يكلفك صحتك وسعادتك، فيمكن لأخصائي الصحة العقلية أن يساعدك، ويجب عليك أن تبحث عن معالج نفسي إذا كنت تستطيع ذلك. وفي حال عدم وجود احتمال آخر، فابدأ بالحديث عن مخاوفك إلى شخص يدعمك من الأصدقاء أو أفراد العائلة.